الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ديوان أبجديات أولى خليل إبراهيم حسونة بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-11-19
ديوان أبجديات أولى خليل إبراهيم حسونة بقلم: رائد الحواري
ديوان أبجديات أولى
خليل إبراهيم حسونة
المؤنث والمذكر
يميل الرجل نحو الأنثى/المرأة في كافة الحالات، الحزن، الفرح، العادية/الطبيعة، لكنه يلتجأ إليها بحميمية عندما تزاد الضغوط عليه، يشده جمالها، عاطفتها، جسدها، فهي الملجأ الأهم بالنسبة للرجل، يؤكد الشاعر على هذا الأمر فق قصيدة "طروادة":
"(5)
المرايا على اتساع بياضها
تعوي في الدم .. قطرة، قطرة
على شفير يقظة في المقطع الأخير،
وحلم معتكف حزنه،
يعاقر أنثى مفضضة..،
تعسل بما الورد
تبني مدينة، أعشاشها بين الجدائل والأوسمة
في وردة يغفو على شواطئها (مارس)
تحدق في أسوراها
عينه الواحدة.
فيغفو على هسيس الفاء
رؤية بائدة.." ص13،
المقطع مكون من ثلاثة مشاهد:
"المرايا على اتساع بياضها
تعوي في الدم .. قطرة، قطرة
على شفير يقظة في المقطع الأخير،
وحلم معتكف حزنه،
يعاقر أنثى مفضضة..،"
الأولى جاء قاسي بألفاظه ومضمونه: "تعوي، الدم، شفير، حزنه، الأخير، يعاقر" لكننا نجد لفظ التأنيث "مرايا" تبعه ألفاظ بيضاء: "اتساع، بياضها" وكأن الأنثى تفرض ذاتها على الشاعر بحيث (يخضع) لها متجاهلا حالة الألم/السواد، فيستخدم ألفاظ تليق بها، وهنا نمسك الأثر الأول للأنثى/للمرأة على الشاعر، ويستوقفنا: "تعوي في الدم .. قطرة، قطرة" فهي مشكلة من فعل مؤنث، "تعوي" لكنه قاسي، و"الدم" مذكر قاسي، ثم جاءت المؤنث "قطرة، قطرة" فالشاعر ربط فعل التأنيث "تعوي" بالمذكر "الدم" لكنه جعل نقاط/مساحة فارغة عندما استخدم "قطرة، قطرة" وكأنه اريد بها ان يبعد/يبرئ الأنثى من فعل "تعوي"، وما تكراره ل"قطرة" إلا تأكيدا علي ميله نحو الأنثى.
يتضح المشهد أكثر بعد لفظ" أنثى":
""يعاقر أنثى مفضضة..،
تغسل بماء الورد
تبني مدينة، أعشاشها بين الجدائل والأوسمة
في وردة يغفو على شواطئها (مارس)"
لنجده يستخدم ألفاظ بيضاء: "تغسل، بماء، الورد، تبني، أعشاشها، جدائل، الأوسمة، ورود، يغفو، شواطئها" وإذا أخذنا مضمون المقطع السابق نجده يشير إلى الفرح والهناء، وهذا ما يجعل المقطع مطلق البياض، حيث تتماثل فيه الألفاظ مع المضمون، ولهذا البياض المطلق صلة بفعل "تغسل" الذي يعني التحول من حالة إلى أخرى أكثر تقدما، والدخول إلى عالم جديد يتجاوز القديم في التفكير والسلوك، أليس الاغتسال شرط للدخول إلى الإسلام؟، أليس التعمد شرط لدخول المسيحة؟، ألم يتحول "انكيدو" المتوحش إلى إنسان بعد أن اغتسل؟.
لكن الشاعر عندما يذكر المذكر "مارس":
"في وردة يغفو على شواطئها (مارس)
تحدق في أسوراها
عينه الواحدة.
فيغفو على هسيس الفاء
رؤية بائدة.."
نجده يتحول مباشرة إلى الألفاظ السوداء: "تحدق، أسوارها، الواحدة، بائدة" إذن الشاعر يميل نحو الأنثى/المرأة حيث يجد فيها وعندها الهدوء والسكينة.
ويقول في قصيدة "مدارات ساطعة":
"(5)
...
ويغفو سياج الحدائق..
على كتفيك..
ساعة المعترك
كأس هوى..
يراوح بين زهرتين.. وزهرة..
يشعل اللذة .. لطقوس الحجر،
للورد فضائحه اللذيذة .. وثقوب هواه..
تعبر أقحوانة صغيرة،
لها لثغ تفاحة..
ترتب أشواقها على سطح الجدار
إذا ابتدأ طيف النهار..
وهب المطر
يعرج على مزناته سادرا..
على جناح قوس قزح..،
وقد الشرار، على عجل..،
يزن المسافات على ضفاف المشترى
وأزقة زحل..
عشقنا المشترك" ص57-59، في هذا المقطع يستخدم الشاعر حالة المؤنث والمذكر بطريقة طبيعية/عادية، فهما يتماثلان مع الطبيعة التي يلغي كل فصل جديد ما سبقه، لكنه في ذات الوقت خارج منه، منبثق عنه، وما وجوده إلا مؤقت، وسيتبعه وجود فصل جديد بعد أن يموت/ينتهي، فعملة الصراع بين الطبيعة/الفصول حالة منطقية/عادية، وهذا ما اكشفه السوري قديما، فكتب ملاحم "في العلا عندما، عشتار ومأساة تموز، البعل" كتأكيد على هذه الطبيعية/العادية، الشاعر يركز على فترات المخاض/الولاد الجديدة، فنجد يتبع المؤنث الناعم فعل مذكر قاسي، أو العكس، وهذه بعض الشواهد:
"مذكر قاسي "سياج" مؤنث ناعم "الحدائق" مؤنث ناعم "ساعة" مذكر قاسي "المعترك"، مذكر ناعم ـ وهذا تداخل مع صفات الأنثى ـ بمعنى أن هناك تلاحم/توحد/تماهي حدث بين المذكر القاسي والمؤنث الناعم ـ "كأس الهوى"، "يراوح" فعل مذكر، زهرتين .. وزهرة" مؤنث ناعم، ويستوقفنا هذا الايحاء بوجود علاقة جسدية، خاصة بعد ان وجدنا تبدل وانقلاب في صفات وخصائص المذكر المؤنث، فعل المذكر قاسي "يشعل"، "اللذة" مؤنث ناعم، "لطقوس، "الحجر" مذكر قاسي، "للوردة" مؤنث ناعم، "فضائحه اللذيذة" مؤنث ناعم، "وتقوب هواه" مذكر قاسي ومذكر ناعم، ليتحول الشاعر إلى البياض المطلق عندما يتم الحديث عن المؤنث فقط:
"تعبر أقحوانة صغيرة،
لها لثغ تفاحة..
ترتب أشواقها على سطح الجدار" فكافة الألفاظ مؤنثة وبيضاء ـ إذا ما استثنينا "الجدار" المذكر القاسي، الذي شوش الهدوء والسكينة السابقة، وأحدث اضطراب في المشهد من خلال:
"إذا ابتدأ طيف النهار..
وهب المطر
يعرج على مزناته سادرا.."
فكل الافعال والمشاهد السابقة كانت واضحة ولا تحتاج إلى أداة شرط "إذا" وهذا ما (لخبط) المشهد برمته، فجاءت المذكر "طيف، النهار" ناعم، وتختلط فيه النعومة مع القسوة "وهب المطر" وهذا الامر يتماثل مع العلاقة الجسدية بين المذكر المؤنث، ومع الطبيعية، التي يمكن ان يتداخل حالات بعض الفصول.
المرأة
في حالة المرأة يتماهي الشاعر معها، بحيث يتخلى عن صيغة المتكلم من الخارج (العائب) ويشرك نفسه في المشهد من خلال ياء المتكلم، وهذا ما يشير إلى قوة وحضور المرأة، يقول في قصيدة "دعيني أطل عليك..!":
"(1)
هاتي يديك..
دعيني أطل عليك،
فأنا لم أزل أراوح بين ليل وشمس
وأود أن أجيء إليك
أرفرف كلما شدني (عوليس) لموجاته،
فأدور مرفرفا بين همس الماء والماء،
أحدق بشوق يعدو سريعا،
ينساب شهدا على شفتيك
فدعيني أحاول الاقتراب منك،
وأكسر تلك الحدود..
رغم الاغتراب اللدود
أقف أمامك..
أشرب نخب هوانا الليلكي،
ليرشقني باللظى، لظى عينيك.." ص34و35،
حاجة الشاعر للمرأة ملحة، هو يعاني من حالة اضطراب، لهذا نجده يكثر في طلبها: "هاتي، دعيني، وأود، فدعيني" فهو يستجديها، من خلال شرح حالته القاسية: "أراوح، أرفرف، فأدور، أحدق، أحاول، وأكسر، أقف،
أشرب، ليرشفني" هذا على صعيد الألفاظ والمضمون، لكننا نجد حاجته إليها من خلال عقله الباطن، فعندما قال "بين ليل وشمس" كان من المفترض أن يقول بين ليل ونهار، لأن الليل نظيره النهار، وليس الشمس، لكن حالة الاضطراب جعلته يستخدم "شمس" وهنا يوصل حاجته الملحة للمرأة، بطريقة غير مباشرة، فيكون أثره عليها أقوى من استجداءها المباشر، ومن بداء رغبته وحاجته إليها، ورغم استجدائه المباشر، إلا أن هناك صيغة ترعيب قدمها للمرأة من خلال :
"فأدور مرفرفا بين همس الماء والماء،
أحدق بشوق يعدو سريعا،
ينساب شهدا على شفتيك"
فهو يوحي لها بأنه ممتلأ بالماء، "همس الماء والماء" وهذا ما يثيرها، فهي ترغب بالرجل الخصيب، الرجل القادر على تلبية رغباتها الجسدية والعاطفية، والجميل في صورة "همس الماء" تحويل ال"خرير" إلى همس، وبهذا يكون الشاعر قد أنسن الماء، ليعطي اللقاء بعدا عاطفيا حميميا، فهو لا يريده لقاء جسدين فحسب، من هنا أدخل "شوق، ينساب، شهدا، شفتيك" فهذه الألفاظ الرومنسية بالتأكيد تثير الرغبة وتقرب الحبيبة أكثر من الشاعر.
ويقول في قصيدة "شارات يليق بها بوحها"
"
(3)
يقوم الوجد..
كلما هب وجد..
بروم هواك..
إذا نادى امتداد الخافقين
يريدك سرمدا ..
فلا أجمل أن تلتقي بضدك..،
إذا ما رحيلك شدك" ص43،
الملفت للنظر أن الشاعر عندما يبتعد عن ياء المتكلم يبدو متزنا، فيقدم مشاعره/أفكاره بعقلانية، لهذا تصلنا كاملة وواضحة، وهذه دلالة إلى أن الشاعر عندما يتحرر من الانفعال يكون (عادي) لكن في حالة الاضطراب تكون القصيدة اكثر خصوبة، مقطع طبيعي يكاد أن يكون مطلق البياض لولا وجود "ضدك، رحيلك، شدك" ولهذا المقطع اهمية في توضيح رؤية الشاعر لعلافته بالمرأة، حيث يؤكد على حالة الصراع، التلاقي بين النظائر، الرجل والمرأة، فهنا الفكرة كانت واضحة وصريحة، ولم تقدم بالإيحاء أو من وراء الكلمات، لهذا كانت جماليتها وفنيتها أقل.
لكن الشاعر يأخذنا إلى عوالم الملاحم والاساطير بحيث تتداخل الافكار والأحداث الأسطورية والملحمية لتخرج بشكل جديد، يقول في قصيدة "اضاءات..!":
"..وأنا أرى ..،
ما لا يراه المبصرون..
أرتدي ثوب المياه الراعشة..،
أوشوش عذراء المساء..،
أمتد في كل العيون
فلا أجدني في سواك
ألقي عصاي على كراس ذاكرة..،
تعود لنوم طويل لا يضاهي.."ص45، هناك اكثر من قصيدة يستحضر فيها الشاعر الاسطورة والملاحم، كما هو الحال في قصيدة "قصائد مسكونة بالشمس" لكنه هنا يتألق في طريقة الاستخدام، فهو (يغرب) الأحداث والشخصيات، ويدخل نفسه فيها، فعندما قال:
"وأنا أرى، ما لا يراه المبصرون" تتماثل تمام مع ملحمة جلجامش التي تبدأ "هو الذي رأى/رأى كل شيء، رأى تخوم الدنيا" فالشاعر يستبدل الكلام عن الغائب "جلجامش" بالكلام عن "أنا" الشاعر.
ويتقمص دور "أنكيدو" في قوله: "أرتدي ثوب المياه الراعشة..،" والتي يوازيها/يماثلها في الملحمة "يرتاد الماء مع القطيع" ص13، فراس السواح، ملاحم واساطير، جمالية توظيف الملحمة جاءت من خلال تقديم علاقة "انكيدو" بالمرأة بصورة ايحاء "المياه الراعشة" ومختزلة، بينما في النص الملحمي جاءت واضحة و(طويلة):
" "أخلعي ردائك أيهتا البغي
اكشفي عن صدرك لتبن مفاتنك
اغويه إسحريه شان المرأة بالرجل" فريحة ص 14
"ها هو ذا أيتها المرأة
عري نهديك
أسفري عن مفاتنك
حتى ينال كفايته منك
لا تحجمي
حركي فيه الرغبة، علميه وظيفة المرأة
وافتحي ثوبك حتى يرقد عليك
وسيلتصق صدره بصدرك" بول فريشاور، الجنس في العالم القديم، ص74"
" فتاة البهجة حررت ثديها، عرت صدرها
فقطف ثمارها
لم تخجل، أخذت إليها دفأه
طرحت ثوبها انحنى عليها
علمت الرجل الوحش وظيفة المرأة
وها هو واقع في حبها" السواح، ملاحمة جلجامش، ص99"
والتغريب الثاني في القصيدة تحويل البغي إلى عذراء:
"أوشوش عذراء المساء..،"
وبعد الالتحام تتوافق القصيدة مع الملحمة، في انتشار صيتهما، صيت الشاعر ":
"أمتد في كل العيون"
وصيت "أنكيدو":
" "تعالي فخذيني أيتها المرأة
إلى المعبد المقدس مسكن آنو وعشتار
حيث عظيم البأس جلجامش الظاهر فوق جميع الرجال كثور حشي
سأناديه وأكلمه بجرأة
سيجلجل صوتي في أوراك أنا الأقوى
نعم أنا من سيغير نظام الأشياء
من ولد في البراري هو الأقوى وعنده البأس العظيم" السواح ص100و101"


ويتوافقا في الانصياع والخضوع الكلي للمرأة، الشاعر:
" فلا أجدني في سواك"
وأنكيدو":
" وكما تقود الأم طفلها
قادته بيده إلى مائدة الرعاة" فريحة ص21،
فالشاعر و"أنديكو" يخضعان للمرأة ويستسلمان لها، وتتوافق خاتمة العلاقة في قصيدة الشاعر والملحمة، في القصيدة القصيدة:
" ألقي عصاي على كراس ذاكرة..،"
ونهاية انكيدو كانت بعد أن قررت الآلهة موته، فبدا تعيسا ومضطربا يخاطب النجار والباب وبغضب:
"عجبت لخشبك... صنعك نجار مهار، ليتني عرفت ما تخبئه، ليتني عرفت أن جمالك سيجر علي ما جره، لو عرفت كل هذا لرفعت فأسا وحطمتك" فريحة ص44، ويخاطب الصياد قائلا:
" "أزل ملكه، أضعفه
لا ترضى عن أفعاله
إجعل كل طريدة تفر منه
لا تحقق له مبتغى، أماني قلبه لا تمنحه" فريحة ص44 و45"
ويخاطب البغي بعين لغة الغضب :
" ليكن الشارع مأواك، ظل الجدران مستراحك
السكران يلطم وجهك العابث يعبث بك" فريحةص45"
وفي قصيدة العنوان "أبجديات أولى" يأخذنا إلى البياض المطلق، حيث يمتزج بياض المعنى مع بياض الألفاظ:
"
(1)
قبلة:
..كلما احتك بك أتساءل:
كيف لأجراس نهديك أن تسرح،
في العراء..
والنهار الوضيء..
لا تنقصه سوى قبلة واحدة،
عند كل مساء"ص65، الإثارة لا تمكن في معنى/مضمون المشهد فحسب، بل نجدها في السؤال: "كيف" كما (صوت) النهدين قدمهما بطريقة مذهلة "أجرس نهديك" وعندما انتقل إلى تفاصيل اللقاء: "في العراء، والنهار الوضيء" أكد لنا حميمية ورومنسية الجلسة، حتى أنه أضفت هدوء وسكينة على المكان/الأجواء.
البياض المطلق
كحال الطبيعة، حال الشاعر، فأحيانا نجده (مضطرب)/تختلط مشاعره وأحاسيسه بين الفرح والألم، وأحيانا نجده صافي كحال الربيع، في قصيدة "اهزوجة.."، يقدم لنا قصيدة مطلقة البياض، خالية من أية شوائب أو نتوءات:
"
(1)

تبتسم العين..،
للأصابع التي
تمد أوترتها الدانية..،
لمباسم الأولاد
زهم يهزجون (الميجانا)
ويطلقون حكاياهم الحانية..
خلف تلك الرابية
وتعانقهم العصافير ..، والفراشات..،
تمشط ألوانها خلف الرابية" ص16،
الأفعال بمجملها جاءت ناصعة: "تبتسم، تمتد، يهزجون، يطلقون، تعانقهم، تمشط" وإذا ما تأملنا هذه الأفعال بمعناها المجرد نجدها متعلقة بالحالة الفرح/زفاف، وقد جاءت بصيغة المضارع الذي ـ غالبا ـ ما يشير إلى الفرح، ونجد الشاعر يوالف بين المذكر والمؤنث ليخرج لنا طبيعة نابضة بالحياة: "العين والأصابع، الأولاد وحكاياهم، العصافير والفراشات" وأيضا نجد هذا التوليف من خلال ربط فعل مذكر بأنثى، أو العكس، "تبتسم العين للأصابع، تمتد أوتراها الدانية، الأولاد يهزجون الميجانا، يطلقون حكاياهم، تمشط ألوانها" فالشاعر يتماهى مع الربيع والفرح بحث لم يعد يرى إلا ما هو أخضر ونضير.
المرأة والشاعر
يوضح "خليل إبراهيم حسونة" علاقته بالمرأة في قصيدة "غياب" والتي يكشف فيها دون مواربة أهمية وضرورة وجود/حضور المرأة في حياته:
"إن غبت عني..،
يغيب الضوء عن عيني..
ويأسرني الشقاء،" ص90، استخدام "غبت، يغيب" يمثل استجداء للمرأة لتبقى حاضرة مع الشاعر، فغيابها/حضورها يتوازى مع الضوء، وهذا ما سينعكس سلبا على الشاعر "يأسرني الشقاء"، ورغم البداية المباشرة والحديث عن الألم إلا أن الشاعر يتقدم بطريقة ناعمة منها:
"أناديك بهمس..،
وأهفو لطيفك أن يجيء.."
ص90، فهو يتحرر من ألمه يتقدم بطريقة تتماثل مع طبيعة المرأة الهادئة والناعمة: "بهمس، أهفو" عندما يكون طرح الشاعر مباشر فهذا يدل على أنه فقد السيطرة على القصيدة، وعلى أنه أسير للحالة التي يشعر بها، بحيث لم يعد يقدر على ضبط مشاعر ولا على شكل تقديم القصيدة، لهذا نجده يتقدم بقوة نحو الوضوح:
"فلا تبتعدي عني
لأني غارق في التمني..
أحوم بين الغيوم، كطائر في السماء" ص90، إذا ما توقفنا عند بداية المقطع نجده خالي من الصور الشعرية ويفتقد لأي جمالية، لكن إذا ربطنا "غارق" مع "أحوم" يمكننا أن نجد مكانة وقوة حضور المرأة عند الشاعر، وهنا تأخذ القصيدة منحى جديد، يشع بالضوء والفرح:
"فغدا نها جديد..
يستيقظ فينا.
خارجا من وردة..
لا تخاف الظلام، ص91، مقطع أبيض، لكت الشاعر أفسده ب "لا تخاف الظلام" فبدا وكأنه دخيل مزعج، وهذا ناتج عن ارتباط الشاعر بعنوان القصيدة "غياب" لهذا نجده كلما تقدم من الضياء سرعان ما يتقهقر إلى الغياب والظلام.
الديوان من منشورات فنون للطباعة وللنشر والتوزيع، الجزية، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى 2019.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف