الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لابس السترة البنية ترجمة : حماد صبح

تاريخ النشر : 2019-11-17
قصة قصيرة / لابس السترة البنية ترجمة : حماد صبح
أحترف كتابة تاريخ ما يفعله الناس ، وكتبت حتى الآن ثلاثة من هذه التواريخ مع أنني ما فتئت في فجر شبابي . كتبت ما عدده ثلاثة ، أربعة آلاف كلمة اليوم . زوجتى موجودة في موضع ما من هذا البيت الذي انقضى على جلوسي فيه وانصرافي للكتابة عدة ساعات . وزوجتي امرأة طويلة ، لها شعر أسود وخطه بعض الشيب . أصخ سمعا ! إنها ترتقي الآن الدرج برقة ، ولبثت طول النهار تلوب في البيت لينة الحركات وهي تؤدي أعماله الواجبة . وعني ، فإنني قدمت إلى هذه المدينة من مدينة أخرى في ولاية إيوا حيث كان والدي يعمل دهان بيوت ، وبداهةً لم يقدر له أن يرتقي في هذه الدنيا ارتقائي ، أنا الذي درست في الكلية ، وصرت مؤرخا . وتملك أسرتي البيت الذي أجلس فيه ، والحجرة التي أكتب فيها الآن حجرتي الخاصة ، وسلف لي أن كتبت تواريخ ثلاثة شعوب أوضحت فيها كيف أسست الدول ، وكيف أديرت المعارك ، وفي وسعكم أن تروا كتبي منتصبة على رفوف المكتبات انتصاب الحراس . وأنا طويل مثل زوجتي ، وكتفاي مائلتان قليلا ، كما أنني شخص خجول مع أنني جريء في كتابتي ، وأميل إلى أن أكتب وحيدا في هذه الحجرة والباب موصد ، وفي الحجرة كتب كثيرة ، وفي هذه الكتب تذهب الشعوب وتجيء ، وجو الحجرة هادىء بينما يوالي الرعد العظيم قصفه في هذه الكتب . ولزوجتي سحنة جادة ، بل قل صارمة ، وأحيانا تروعني الخواطر التي تساورها . ومن عادتها أن تبارح البيت عصرا للتنزه ، فتقصد المحلات ، أو تزور إحدى الجارات . وهناك بيت أصفر الطلاء قبالة بيتنا ، وتخرج زوجتي من باب جانبي ، وتمضي في الشارع الذي يفصل بيتنا عن البيت الأصفر . وأسمع الآن دقا على الباب الجانبي لبيتنا ، وتعبر لحظة ترقب ، وينساب وجه زوجتي في الخلفية الصفراء للصورة . الأشياء الصغيرة تصير كبيرة في ذهني ، والنافذة المواجهة لمكتبي تمثل مكانا صغيرا مؤطرا يشبه الصورة . أجلس يوميا على هذا المكتب أبحلق خلال هذه النافذة ، وأنتظر بشعور غريب وقوع تهديد وشيك لي . يدي ترتجف . الوجه المنساب في الصورة يفعل ما لا أفهمه . إنه ينساب ، ثم يتوقف . يذهب من اليمين إلى اليسار ، ثم يقطع حركته . يلج ذهني ويبارحه . ينساب فيه . سقط القلم من يدي . البيت ساكن . تنأى عني عينا الوجه المنساب . وقد جاءت زوجتي إلى هذه المدينة من مدينة أخرى في ولاية أوهايو ، ولدينا خادم إلا أن زوجتي غالبا ما تكنس أرضية البيت ، وتهيء الفراش الذي نرقد فيه نحن الاثنان . وعادة نجلس معا مساء إلا أنني أجهل كنه شخصيتها كما أنني لا أقدر على الخروج من ذاتي ، وألبس سترة بنية لا يمكنني خلعها . لا يمكنني الخروج من ذاتي . وزوجتي رقيقة جدا ، وكلامها لين ، ولكنها مثلي لا يمكنها الخروج من ذاتها . وقد خرجت الآن من البيت ، وهي تجهل أنني أعلم كل خاطرة من خواطرها . أعلم في ما فكرت حين كانت طفلة تمشي في شوارع أوهايو . سمعت أصوات عقلها هناك . سمعت أصواته الصغيرة . سمعت صوتها بكائها خوفا حين اجتاحها الانفعال أول مرة وهي تنسل بين ذراعي ، وسمعت أصوات خوفها ثانية حين نبست شفتاها كلمات جريئة أول مساء بعد زواجنا وانتقالنا إلى هذا البيت . وستكون قدرتي على الجلوس هنا ، مثلما أجلس الآن ، غريبة في الوقت الذي ينساب فيه وجهي في الصورة التي يرسمها البيت الأصفر والنافذة ، سيكون غريبا وجميلا إذا لقيت زوجتي وجها لوجه . إن المرأة التي ينساب وجهها في صورتي لا تعلم عني شيئا الآن ، ولا أعلم عنها شيئا . ابتعدت في شارع . أصوات عقلها تتكلم . وأنا وحيد في هذه الحجرة وحدة لا شبيه لها . سيكون غريبا وجميلا إذا جعلت وجهي ينساب في صورتي ، وإذا صار وجهي المنساب مع زوجتي منسابا أيضا مع أي رجل وأي امرأة آخرين . حدوث هذا سيكون غريبا وجميلا . وأخبركم أن حياة هذا العالم كله تنساب أحيانا في ذهني في صورة وجه بشري . وجه العالم ذو السمات الدالة على غياب الوعي يتوقف وينتصب ساكنا أمامي . لماذا لا أقول كلمة للآخرين ؟! لماذا لا أستطيع طول حياتي مع زوجتي اختراق الجدار الفاصل بيننا ؟! كتبت من قبل ثلاثة ، أربعة آلاف كلمة . أليس من كلمات أخرى تقود إلى الحياة ؟! يوما سأكلم نفسي ، يوما سأجعل بيني وبينها عهدا بأن يكون ولائي ووفائي لها وحدها .
*الكاتب الأميركي شير وود أندرسون ( 1876 _ 1941 ) .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف