الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في ذكرى خليل حاوي وتيسير السبول بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2019-11-16
في ذكرى خليل حاوي وتيسير السبول
د. محمد عبدالله القواسمة
من اللافت أن الشاعر اللبناني خليل حاوي (1919-1982) والشاعر الأردني تيسير السبول(1939- 1973) يلتقيان في أمور كثيرة إن على مستوى الإبداع، أو مستوى الحياة التي عايشاها في القرن الماضي. فكلاهما شاعر من شعراء الحداثة، التي انطلقت مع صدور مجلة "شعر"، التي أسسها الشاعر يوسف الخال عام 1957م؛ إذ أبدع خليل حاوي خمس مجموعات شعرية، هي: "نهر الرماد" 1957، "الناي والريح" 1961 ، "بيادر الجوع" 1965 ، "الرعد الجريح" 1979، "جحيم الكوميديا" 1979. وأبدع تيسير السبول قصائد جمعت في ديوانه الوحيد "أحزان صحراوية"، كان قد نشرها في مجلات: "الثقافة"، و"الآداب"، و"الأديب"، خلال دراسته الجامعية (1958 -1962)، كما ترك كلاهما مؤلفات أخرى ومقالات نشرت في الصحف والمجلات العربية، ومن أبرز مؤلفات حاوي أطروحته للدكتوراه "العقل والإيمان" بين الغزالي وابن رشد"، وكتابه "جبران خليل جبران: إطاره الحضاري وشخصيته وآثاره". أما تيسير السبول فمن مؤلفاته غير الشعرية روايته "أنت منذ اليوم " التي نالت جائزة جريدة النهار اللبنانية عام 1968م مع رواية "الكابوس" لأمين شنار.
تجلت في أعمال خليل حاوي وتيسير السبول سواء الإبداعية أم الفكرية، وكذلك في ممارساتهما العملية نزعتان: نزعة قومية واضحة، ونزعة فلسفية وجودية. بدت الأولى بانتماء حاوي إلى الحزب القومي السوري وانتماء السبول إلى حزب البعث؛ وهما حزبان يناديان بنهضة الأمة العربية ووحدتها، والثانية تجلت عند الاثنين في إعلاء شأن الحرية والكرامة الإنسانية، والإعلاء من شأن الذات في مواجهة أثقال الحياة.
لقد واجه الاثنان وضعًا عربيًا غريبًا منذ منتصف القرن الماضي؛ فحدثت نكبة فلسطين عام 1948، ثم تلتها هزيمة حزيران عام 1967، ثم حرب عام 1973 التي انتهت بما يشبه الهزيمة عندما دخلت مصر في مفاوضات مع إسرائيل لوقف الحرب، فيما عرف بمحادثات الكيلو 101. لقد فجع تيسير سبول بنتيجة الحرب، وأعلن رفضه لها بإطلاق الرصاص على نفسه في 15/11/1973. أما خليل حاوي فاستطاع أن يتحمل أثقال تلك الهزائم والانتهاكات لأمته، لكنه في 5 حزيران عام 1982، عندما شاهد اجتياح الدبابات الإسرائيلية لبيروت أطلق على نفسه الرصاص رفضًا لما يحدث أمام عينيه.
لا غرابة، أن نجد فيما أبدعه كل من خليل حاوي وتيسير السبول التعبير عن الظروف التي انتجت هذا الهم القومي الذي عانى منه كل منهما؛ فهذا خليل حاوي يأسى لما يتصف به قومه من جمود، وينعى هذا الخواء الذي يخيم عليهم، ويرى في الطفولة الأمل في إنقاذ أمته وبعثها من مرقدها ومما هي فيه من ذل، وهوان، وتخلف حضاري عن الأمم الأخرى؛ كما ظهر في قصيدته " الجسر" التي يغنيها مارسيل خليفة؛ فهو لا يتوانى عن أن يمد أضلعه للأطفال لتكون جسرًا يعبرون عليه ليصنعوا الحياة الجديدة:
يعبرون الجسر في الصبح خفافًا
أضلعي امتدت لهم جسرًا وطيد
من كهوف الشرق، من مستنقع الشرق
إلى الشرق الجديد
أضلعي امتدت لهم جسرًا وطيد.
أما القلق الوجودي عند حاوي والتفكير في الموت، فنلمحه كثيرًا في قصائده، فقد بدا الشاعر وكأنه ينتحر في كل ديوان من دواوينه. يقول:
خلِّني .. ماتت بعيني
منارات الطريق
خلّني أمضِ إلى ما لستُ أدري
أما تيسير السبول فقد تجلت في شعره مثل هذه الرؤية لما يحدث لأمته، وفي روايته الوحيدة "أنت منذ اليوم" يحلم كما كان يحلم زميله خليل حاوي بوطن عربي قوي، وأن يكون قوة عالمية يحسب لها حساب. أما عن القلق الوجودي فخير ما تعبر عنه تلك الابيات من ديوانه "أحزان صحراوية"، يقول:
أنا يا صديقي
أسير مع الوهم، أدري
أيمم نحو تخوم النهاية
نبيًا غريب الملامح أمضي إلى غير نهاية
سأسقط لا بد، يملأ جوفي الظلام
نبيًا ثقيلًا، و ما تاه بعد بآية
هذا التشابه في الاحتجاج بالانتحار لم يكن عند الاثنين نتيجة ما جرى لأمتهما على أرض الواقع، وما يتميزان به من إحساس قوي فقط، بل كان أيضًا نتيجة الظروف التي مر بها كل منهما؛ فخليل حاوي عاش حياة بائسة إذ اضطر إلى ترك الدراسة مدة ليعمل في مهن شتى؛ فعمل إسكافيًا وعامل بناء. كما جرب الفقد وهو صغير عندما توفيت شقيقته التي كان يحبها حبًا جمًا، وما فتئ يتذكرها حتى في مرحلة متقدمة من عمره بل وينتظر رجوعها، كما كان يحلم وهو طفل. يقول في قصيدته "الرعد الجريح"
فرحة الأم التي تحتضن الطفل الطري
وتباهي بالفتى المنحوت من زهو الصفاء المرمري
ما ترى لو تتحدى مبردًا أعمى خفيًا يشتهي التشويه
يجتاح صحاح الجوهري
ذلك الطفل الطري
يضاف إلى هذا الهم ما نجم عن علاقاته العاطفية المضطربة مع النساء، وخاصة فشل زواجه من الأديبة العراقية ديزي الأمير، خطيبته السابقة.
أما تيسير السبول فاقتربت حياته من العذاب وهو يرى شقيقه شوكت، الذي كان يعيش معه في مدينة الزرقاء في المرحلة الإعدادية قابعًا في السجن؛ إثر الظروف السياسية التي كانت تعصف في المنطقة بعد منتصف خمسينيات القرن الماضي.
إن ما تميز به الشاعران: خليل حاوي، وتيسير السبول من إحساس عميق بما جرى لهما في الحياة، وما مرت به أمتهما من ظروف بائسة أدى بهما إلى هذا المصير. لقد التقى الهم الذاتي بالهم العام، فوصلت المأساة إلى ذروتها، ولم يكن عند كل منهما غير الرصاص وسيلة للخلاص. وليس لنا مع حزننا العميق على تلك النهاية إلا أن نقابل اختيار الشاعرين لها بالاحترام.
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف