البياض المطلق في قصيدة
يوم المولد النبوي
غازي المهر
تستوقفنا النصوص الجميلة، فعندما تكون اللغة جميلة وسلسة وناعمة، بالتأكيد ستجذب القارئ إليها، رغم كثرة ما نشر عن المولد النبوي إلا أن قصيدة "غازي المهر" تميزت بمجموعة عناصر، لغتها بيضاء، إذا ما استثنيا البيت الأخير نكون أمام قصيدة مطلقة البياض، يجتمع فيها اللفظ والمعنى في تقديم فكرة جميلة "مولد الرسول".
أما عن تفاصيل الأبيات فنجدها كالتالي:
"في سيرة الهدى مواده تحيا القوافي في هدى رشده"
فاتحة القصيدة تحث القارئ على التقدم منها، من خلال حرف الجر "في" والذي يحمل معنى (في هناك) ، وتم تأخير الفعل "تحيا" كنتيجة طبيعة لتشويق المتلقي لمعرفة المزيد عن "سيرة الهدى" وإذا ما قرنا بين صدر البيت وعجزه نجدهما متوازيين، "في/تحيا، سيرة/القوافي، الهدى/هدى، مولده/رشده" فهناك لقاء بين تحيا وفي، والهدى وهدى، ومولده ورشده، لكن يبدو للوهلة الأولى أن هناك تباين بين "سيرة والقوافي"، فكيف حيث هذا؟.
التراث العربي الاسلامي اهتم بالكلمة والخط أكثر من اهتمامه برسم الأشكال المجسدة، وهذا له علاقة بالعقيدة الإسلامية، لهذا التجأ الفنان/الخطاط العربي إلا الكلمة يرسم بها ومن خلالها، فالخط/الكلمة هو (رمز) الفن والابداع العربي الإسلامي، من هنا جاء التلاقي بين "سيرة وقوافي"، فسيرة الرسول هي (رمز) للحضارة والثقافية العربية الإسلامية، تتماثل تماما مع الكلمة التي رسم بها الفنان وابداعه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كلنا يعرف علاقة الكاتب/الشاعر بالكلمة/بالقافية، فهي الأداة التي يعبر فيها وبها عما فيه، وهو بدونها إنسان عادي، فهي الوسيلة التي تجعله شاعر، متألق ومتميز، فعندما ساوى بين القافية والسيرة كان منسجما ومنطقيا.
"والكون يزهو في مسرته يحيا الرضا في منتهى سعده"
أيضا نجد التلاقي بين الصدر والعجز: "والكون/يحيا، يزهو/الرضا، مسرته/سعده" لكن الشاعر هنا يتجه نحو الطبيعة، وليس نحو الكلمة/الكتابة، لماذا حدث هذا؟، أيضا يعود هذا الأمر إلى الثقافة العربية الإسلامية، التي سمحت برسم الطبيعة وما فيها، الأشجار، فعندما استخدم الشاعر "الكون، يزهو" أكد وأصل ثقافته العربية الإسلامية، وإذا توقفنا عند الفعلين "يزهو، يحيا" نجدهما أكثر بمرتين مما جاء من أفعال في البيت السابق، حيث استخدم الشاعر فعل واحد "تحيا" فقط، فلماذا استخدم فعلين "يزهو يحيا"؟، اعتقد أن سعة وضخامة الكون أوعزت للشاعر ـ في العقل الباطن ـ استخدام فعلين، حيث لا يكفي الكون فعل واحد، بل يحتاج إلى أكثر من فعل ليتناسب مع سعة حجم الكون.
"هو النبي المصطفى كم له فاح البيان في شذا ورده"
التلاقي بين العجز والصدر: "هو/فاح، النبي المصطفى/ البيان، كم/شذا، له وورده" ونجد الطبيعة "شذا" والكلمة "البيان" حاضرة في البيت، كتأكيد على عمق الثقافية العربية الإسلامية التي يتمتع بها الشاعر.
"تزهو به الأشعار ما أقبلت نسائم الأشواق في وجده"
التلاقي بين العجز والصدر في "تزهو/نسائم" كلاهما يتماثل مع الطبيعة، الأشعار/الأشواق" أفعال إنسانية، "ما/في" حروف، أقبلت/ وجده" المؤنث والمذكر، وهناك فعلين "تزهو" متعلق بالنبي، و"أقبلت" متعلق بالأشعار، وهذا (الكثرة) في استخدام الأفعال تعود إلى أن الشاعر استحضر "النبي العظيم" والكلمة/الأداة التي يعبر فيها وبها عن ابداعه، ويخبرنا عن الحدث العظيم "مولد الرسول".
"هو القريب من مدى فكرنا تحيا به العقول في ورده"
هناك انسجام وتلاقي بين "هو القريب/تحيا"، "من/به" "فكرنا/العقول" وتبقى "ورده" أضافة جميلة ل"هو القريب"/الرسول.
"محمد خير الورى سيد لكوننا من مبتدا مهده"
يأخذ الشاعر في الانتقال إلى المباشرة والوضوح، منفعلا بما يكتبه، لكنه يبقى محافظا على الانسجام بين الصدر والعجز: "محمد خير/ لكوننا، الورى/مبتدا، سيد/مهده"
"إلى غروب الكون في منتهى أيامنا وفي دجى لحده"
البيت الأخير جاء بمثابة خروج/تمرد على الأبيات السابقة، فهناك ألفاظ قاسية: "غروب، دجى، لحده" ولكن، رغم السواد إلا أن هناك جمالية له، فغياب "المصطفى" عنا الآن، جعل الشاعر يخرج من البياض إلى السواد، وهذا يمثل انعكاس طبيعي لحالة الحنين الذي يحمله الشاعر "للمصطفى" وبما أن البيت القاسي جاء في خاتمة القصيدة، فإنه يتماثلا تماما مع فكرة النهاية الغياب" الذي يؤلمنا.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.
يوم المولد النبوي
غازي المهر
تستوقفنا النصوص الجميلة، فعندما تكون اللغة جميلة وسلسة وناعمة، بالتأكيد ستجذب القارئ إليها، رغم كثرة ما نشر عن المولد النبوي إلا أن قصيدة "غازي المهر" تميزت بمجموعة عناصر، لغتها بيضاء، إذا ما استثنيا البيت الأخير نكون أمام قصيدة مطلقة البياض، يجتمع فيها اللفظ والمعنى في تقديم فكرة جميلة "مولد الرسول".
أما عن تفاصيل الأبيات فنجدها كالتالي:
"في سيرة الهدى مواده تحيا القوافي في هدى رشده"
فاتحة القصيدة تحث القارئ على التقدم منها، من خلال حرف الجر "في" والذي يحمل معنى (في هناك) ، وتم تأخير الفعل "تحيا" كنتيجة طبيعة لتشويق المتلقي لمعرفة المزيد عن "سيرة الهدى" وإذا ما قرنا بين صدر البيت وعجزه نجدهما متوازيين، "في/تحيا، سيرة/القوافي، الهدى/هدى، مولده/رشده" فهناك لقاء بين تحيا وفي، والهدى وهدى، ومولده ورشده، لكن يبدو للوهلة الأولى أن هناك تباين بين "سيرة والقوافي"، فكيف حيث هذا؟.
التراث العربي الاسلامي اهتم بالكلمة والخط أكثر من اهتمامه برسم الأشكال المجسدة، وهذا له علاقة بالعقيدة الإسلامية، لهذا التجأ الفنان/الخطاط العربي إلا الكلمة يرسم بها ومن خلالها، فالخط/الكلمة هو (رمز) الفن والابداع العربي الإسلامي، من هنا جاء التلاقي بين "سيرة وقوافي"، فسيرة الرسول هي (رمز) للحضارة والثقافية العربية الإسلامية، تتماثل تماما مع الكلمة التي رسم بها الفنان وابداعه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كلنا يعرف علاقة الكاتب/الشاعر بالكلمة/بالقافية، فهي الأداة التي يعبر فيها وبها عما فيه، وهو بدونها إنسان عادي، فهي الوسيلة التي تجعله شاعر، متألق ومتميز، فعندما ساوى بين القافية والسيرة كان منسجما ومنطقيا.
"والكون يزهو في مسرته يحيا الرضا في منتهى سعده"
أيضا نجد التلاقي بين الصدر والعجز: "والكون/يحيا، يزهو/الرضا، مسرته/سعده" لكن الشاعر هنا يتجه نحو الطبيعة، وليس نحو الكلمة/الكتابة، لماذا حدث هذا؟، أيضا يعود هذا الأمر إلى الثقافة العربية الإسلامية، التي سمحت برسم الطبيعة وما فيها، الأشجار، فعندما استخدم الشاعر "الكون، يزهو" أكد وأصل ثقافته العربية الإسلامية، وإذا توقفنا عند الفعلين "يزهو، يحيا" نجدهما أكثر بمرتين مما جاء من أفعال في البيت السابق، حيث استخدم الشاعر فعل واحد "تحيا" فقط، فلماذا استخدم فعلين "يزهو يحيا"؟، اعتقد أن سعة وضخامة الكون أوعزت للشاعر ـ في العقل الباطن ـ استخدام فعلين، حيث لا يكفي الكون فعل واحد، بل يحتاج إلى أكثر من فعل ليتناسب مع سعة حجم الكون.
"هو النبي المصطفى كم له فاح البيان في شذا ورده"
التلاقي بين العجز والصدر: "هو/فاح، النبي المصطفى/ البيان، كم/شذا، له وورده" ونجد الطبيعة "شذا" والكلمة "البيان" حاضرة في البيت، كتأكيد على عمق الثقافية العربية الإسلامية التي يتمتع بها الشاعر.
"تزهو به الأشعار ما أقبلت نسائم الأشواق في وجده"
التلاقي بين العجز والصدر في "تزهو/نسائم" كلاهما يتماثل مع الطبيعة، الأشعار/الأشواق" أفعال إنسانية، "ما/في" حروف، أقبلت/ وجده" المؤنث والمذكر، وهناك فعلين "تزهو" متعلق بالنبي، و"أقبلت" متعلق بالأشعار، وهذا (الكثرة) في استخدام الأفعال تعود إلى أن الشاعر استحضر "النبي العظيم" والكلمة/الأداة التي يعبر فيها وبها عن ابداعه، ويخبرنا عن الحدث العظيم "مولد الرسول".
"هو القريب من مدى فكرنا تحيا به العقول في ورده"
هناك انسجام وتلاقي بين "هو القريب/تحيا"، "من/به" "فكرنا/العقول" وتبقى "ورده" أضافة جميلة ل"هو القريب"/الرسول.
"محمد خير الورى سيد لكوننا من مبتدا مهده"
يأخذ الشاعر في الانتقال إلى المباشرة والوضوح، منفعلا بما يكتبه، لكنه يبقى محافظا على الانسجام بين الصدر والعجز: "محمد خير/ لكوننا، الورى/مبتدا، سيد/مهده"
"إلى غروب الكون في منتهى أيامنا وفي دجى لحده"
البيت الأخير جاء بمثابة خروج/تمرد على الأبيات السابقة، فهناك ألفاظ قاسية: "غروب، دجى، لحده" ولكن، رغم السواد إلا أن هناك جمالية له، فغياب "المصطفى" عنا الآن، جعل الشاعر يخرج من البياض إلى السواد، وهذا يمثل انعكاس طبيعي لحالة الحنين الذي يحمله الشاعر "للمصطفى" وبما أن البيت القاسي جاء في خاتمة القصيدة، فإنه يتماثلا تماما مع فكرة النهاية الغياب" الذي يؤلمنا.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.