الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مهمة صغيرة في بلاد كبيرة (3-10) بقلم: مهند طلال الاخرس

تاريخ النشر : 2019-11-14
@مهمة صغيرة في بلاد كبيرة
ج ٣ بقلم مهند طلال الاخرس
في الجزائر وما ان تطأ اقدامك ترابها تصبح جزءً منها ومن حكايتها، ففي الجزائر لا يمهلك ذلك الحُب الجارف كثيرا من الوقت ليظهر لك اجمل ما فيه، وليحتضنك في ثنايا القلب ويحفظك بين رموش العين، لتبدأ واياه بمهمة صغيرة في بلاد كبيرة؛ فالاخت الفاضلة نبيلة عياد مستضيفتنا في اول يوم عاد وتكرر وجودها، لكن بصيغ ووجوه متعددة، ليس هذا وحسب؛ بل كان قادم الايام محملا لنا بالكثير من الفرح ومن حكايا وتاريخ الجزائر وليبدا بوح العاشقين وليكتمل المشهد، والذي كشف لنا مع قادم الايام سبب تسمية الجزائر بالقارة؛ فمن اول ليلة لنا بعد عودتي من المسجد لمكان اقامتي وجدنا سامر جزائري"سهرة" يرحب بنا قاده بلعيد ونذير صاحبا السكن حيث نقطن.

ابتدأ السامر بأن عرفنا بلعيد بمعنى اسمه قائلا: نحن في الجزائر معظم من يُولد يوم العيد يطلق عليه اسم بلعيد، فهذا الاسم يعني لدينا بأن صاحبه ولد يوم العيد، انتهينا من بلعيد وتابعنا مع نذير، ونذير صاحب المسكن وجارنا لايام استبق الامور واجاب لوحده عن سبب حمله لاسمه فأجاب: انا مواليد الاول من نوفمبر 1954، جئت الى هذه الدنيا مع بزوغ فجر الثورة الجزائرية وما ان تأكد والدي بأن المولود ذكر ، توجه لامي قائلا: اما وقد جائك من تستندين عليه في هذه الدنيا فإني قد نذرت نفسي للثورة، وترك امي وصعد الى الجبل والتحق بصفوف الثورة حتى دون ان يسميني! فأسمتني امي نذير...

لم نستهلك كثيرا من الوقت مع نذير، ولا هو بطبيعة الحال لنغوص في اصل الصراع مع الصهيونية وطبيعة الثورات واحوال واوضاع الوطن العربي حتى انهكنا بحبه لفلسطين، ورغم الاطالة سألته عن سبب هذا الحب بالنسبة له، قال بلهجته الجزائرية كلاما طويلا لم افهم منه الكثير: لكني كنت قادرا على تلمس كل ذلك الحب في كل تلك اللغة المركبة والمكسرة والاهم لغة تلك العيون عند كل ذكر لاسم فلسطين.

ورغم ان آذاني لم تعتد بعد على ايقاع اللهجة الجزائرية ومفرداتها إلا ان آذاني إلتقطت منه جملة بقيت تجول معي في كل تجوالي في الجزائر، كانت كلماته تقول:"إحنا اصحاب ثورة نعرف ونقدر كل من يديرو ثورة". واضاف موضحا الوطن العربي كله لم تقم اقطاره بثورة مسلحة بالمعنى الحقيقي للثورة لتتخلص من نير الاستعمار وتنجز الاستقلال، فاقطار الوطن العربي كلها وقعت تحت الانتداب الفرنسي والانكليزي وتدرجت بإستقلالها نتيجة تدرجها وتخلصها من الاستعمار بموجب تطور اتفاقيات الانتداب، والتي طبعا لم تخلو من التحركات الجماهيرية وبعض النضالات المسلحة واعمال المقاومة التي رافقت مرحلة التحرر من الاستعمار والتي افضت بالنهاية الى الاستقلال.

غادرنا بلعيد واحضر لنا نذير الشاي وانتهز الفرصة ليكمل حديثه من حيث انتهى واضاف: الثوار دوماً يلتقون على الحق فهم يقفون مع بعضهم البعض ولا يتركوا الميدان ولو بالكلمة، ويقدرون بعضهم وهذا ما يلمسه الكثيرون خلال فترات متقطعة على مدار الأيام بحوادث ومشاهد تعبر عن مدى تعلق الشعب الجزائري بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، فمن النشيد المعروف ب “ فلسطين فلسطين …. فلسطين الشهداء، فلسطين الشهداء” إلى “ يا دولة يا دولة واش ديرو بينا، صيفطونا لفلسطين نحاربوا الصهاينة “ وهي شعارات واهازيج تزدحم في تجمعات الجزائرين ومظاهراتهم وحتى في مبارياتهم، هذا علاوة على ما تحمله الاغاني من دعوة صريحة للدولة الجزائرية لارسال الشباب لفلسطين لمحاربة الصهاينة والتي تعبر عن مشاعر حقيقة وفياضة من الشعب الجزائري تجاه القضية الفلسطينية.

في تلك الليلة هززت براسي كثيرا لكلام لم افهم منه الكثير، لكني نجحت بإلتقاط اهم مافيه؛ تلك الجملة التي نجحت في إلتقاطها كان نذير عندما يصرح بها يعيدها ثلاثا حتى يتأكد انني فهمتها: "احنا اصحاب ثورة، نعرف ونقدر كل من يديرو ثورة" كانت هذه الجملة بمثابة كلمة السر لتفسير كل ذلك الكم من الحب الهائل الذي يجمع فلسطين والجزائر، كانت تلك الجملة بمثابة المفتاح الذي فتح لي الباب على (الجزائر القارة، الجزائر الارض والانسان) لاكتشف سريعا اسباب كل ذلك الحب الكامن في اعماقنا للجزائر.... ولاتعرف عن قرب عن اسباب كل ذلك الحب الجزائري لفلسطين...

وطوال مدة اقامتي ومنذ ان جمعني القدر الملازم للاجئين الفلسطينيين في حلهم وترحالهم وطبعا في شتاتهم بالدكتور الفاضل علي شكشك وهو رئيس اتحاد الاطباء الفلسطينيين في الجزائر، والذي منذ التقيته في دعوة كريمة على فنجان من القهوة في معرض الكتاب الدولي تسبب فيها الصديق شريف الصباغ ومن خلفه الصديق الودود اياد خليفة.

لم تعد ايام اقامتي في الجزائر بعد معرفتي بالدكتور علي شكشك كما كانت قبلها؛ فمعه تعمقت اكثر في معرفة الجزائر وسبر اغوارها في احاديث لا تنتهي ولا تنقطع، ولا يقطع عذوبتها ودفئها الا جرس الساعة الخامسة، حيث يغادرني صاحب ذلك القلب الطيب واللسان الدافيء ليتابع دراسته في اللغة والادب الاسباني.

عدت والتقطت تلك الجملة من نذير" احنا صحاب ثورة نعرف ونقدر كل من يديرو ثورة" وطرحتها في معظم حوارتي وعرضتها على الجميع وجعلت منها محور حديثي مع كل من التقيته، كما اصبحت هي ورغما عني دالتي وطريقي في سبر اغوار الجزائر وقد اسهم الدكتور علي شكشك في تحديد كثير من معالم تلك الطريق.

كانت تلك الكلمات من نذير وتلك الايام مع الدكتور علي بمثابة سبب جديد اضيف الى قائمة كل اسباب ذلك الحب للجزائر....

يتبع....
بقلم مهند طلال الاخرس
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف