سينفونيةُ المقبرة.
الليلةُ الأولى مِن الشهرِ الأخيرِ في أشهُرِ العَد، أسيرُ مع رِياحِ الخريفِ وأتمايلُ مَع كُلِ هبَةِ ريحٍ تأتي، لا أقصدُ مكانًا مُعينًا، أضعُ سماعاتِ أذني التي صارَت رفيقَ دربيَّ الوحيد، لكن هذهِ الليلة كانت غيرَ عادية، رُغمَ موسيقايَ الصاخبة سمِعتُ سيمفونيةً ترتَلُ في المقبرةِ التي بقربي، لَم أهتم وأكملتُ طريقي فَكُلُ ما أصابني جعلَ مني شخصًا بلا مشاعر أو أحاسيس، عادَت
الأصواتُ تعلوا رويدًا رويدا، لأولِ مرةٍ أشعرُ بشيءٍ مُريب، أضواءٌ كثيرةٌ بدأت تَخرجُ من تلكَ المقبرة، أصابني الذهول فخلعتُ سماعاتي لأنسجمَ مع تلكَ المعزوفةِ الجميلة، كانت تُريحُ القلوبَ وكأنها تَدعوكَ لِ الرقصِ على أنغامها، رُحتُ أمشي صوبها دونَ أن أعي، صرتُ قريبًا منها، وقفتُ منبهرًا بما
تَراهُ عيناي، عِظامٌ تسيرُ في كُلِ مكان وَأرواحٌ تطوفُ فوقي، إنهم يحتفِلونَ بِزواجِ حبيبانِ فرقتهم الدُنيا، أهازيجُ غزلٍ وتراتيلُ الحبِ في كُلِ مكان، تقتربُ تلكَ الفتاةُ المسيحيةُ التي رفضها أهلُ ذلكَ الشابِ المُسلم، وهوَ كذلكَ يمشي صوبها، كلاهما عظامٌ لكنني كِدتُ أرى دمعةَ الفرحِ في عيونهما، أُتمتَ تقوسُ الزفافِ كاملةً فإذ بجميعِ الأرواحِ والهياكلِ العظميةَ ترقصُ فرحًا، وحينَ دُقت أجراسُ الثانيةَ عشرَ عند منتصفِ الليل فتِحت القبورُ لتعلنَ إنتهاءَ الحفلة، فأخذَ بيدها صوبَ قبره وجلسا هناكَ سويًا فأغلقَت
القبورُ وعادَ الهدوءُ يعمُ أرجاءَ المكان، لكِن إلى هذه اللحظة لا يزالُ صدى تلكَ السيمونيةُ يدندنُ في أذني فأنا لم أسمع إلى اليومِ أعظمَ أو أجملَ منها.
الليلةُ الأولى مِن الشهرِ الأخيرِ في أشهُرِ العَد، أسيرُ مع رِياحِ الخريفِ وأتمايلُ مَع كُلِ هبَةِ ريحٍ تأتي، لا أقصدُ مكانًا مُعينًا، أضعُ سماعاتِ أذني التي صارَت رفيقَ دربيَّ الوحيد، لكن هذهِ الليلة كانت غيرَ عادية، رُغمَ موسيقايَ الصاخبة سمِعتُ سيمفونيةً ترتَلُ في المقبرةِ التي بقربي، لَم أهتم وأكملتُ طريقي فَكُلُ ما أصابني جعلَ مني شخصًا بلا مشاعر أو أحاسيس، عادَت
الأصواتُ تعلوا رويدًا رويدا، لأولِ مرةٍ أشعرُ بشيءٍ مُريب، أضواءٌ كثيرةٌ بدأت تَخرجُ من تلكَ المقبرة، أصابني الذهول فخلعتُ سماعاتي لأنسجمَ مع تلكَ المعزوفةِ الجميلة، كانت تُريحُ القلوبَ وكأنها تَدعوكَ لِ الرقصِ على أنغامها، رُحتُ أمشي صوبها دونَ أن أعي، صرتُ قريبًا منها، وقفتُ منبهرًا بما
تَراهُ عيناي، عِظامٌ تسيرُ في كُلِ مكان وَأرواحٌ تطوفُ فوقي، إنهم يحتفِلونَ بِزواجِ حبيبانِ فرقتهم الدُنيا، أهازيجُ غزلٍ وتراتيلُ الحبِ في كُلِ مكان، تقتربُ تلكَ الفتاةُ المسيحيةُ التي رفضها أهلُ ذلكَ الشابِ المُسلم، وهوَ كذلكَ يمشي صوبها، كلاهما عظامٌ لكنني كِدتُ أرى دمعةَ الفرحِ في عيونهما، أُتمتَ تقوسُ الزفافِ كاملةً فإذ بجميعِ الأرواحِ والهياكلِ العظميةَ ترقصُ فرحًا، وحينَ دُقت أجراسُ الثانيةَ عشرَ عند منتصفِ الليل فتِحت القبورُ لتعلنَ إنتهاءَ الحفلة، فأخذَ بيدها صوبَ قبره وجلسا هناكَ سويًا فأغلقَت
القبورُ وعادَ الهدوءُ يعمُ أرجاءَ المكان، لكِن إلى هذه اللحظة لا يزالُ صدى تلكَ السيمونيةُ يدندنُ في أذني فأنا لم أسمع إلى اليومِ أعظمَ أو أجملَ منها.