الحكومة الجديدة في تونس.. سعيّد أم الغنوشي.. من ستكون كفته أرجح؟
فيصل علوش
فور تقلدّه الحكم، شرع الرئيس التونسي قيس سعيّد في إجراء محادثات مع قيادات سياسية تتصل بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في ظل انسداد أفق المشاورات التي أجراها زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي مع الأحزاب المعنية بالمشاركة في الحكم، وبالتزامن مع طرح مبادرة تكوين «حكومة الرئيس» التي تمنحه تفويضاً لاختيار رئيس الحكومة عوضاً عن حركة النهضة الإسلامية.
وفي سبيل ذلك، التقى سعيّد عدداً هاماً من قادة الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، ومن بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، والأمين العام لحركة تحيا تونس سليم العزابي، وقادة أحزاب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة المحافظ.
ودعا سعيّد ممثلي الأحزاب الذين التقاهم إلى الإسراع بصياغة برنامج للحكومة القادمة مبني على الكفاءة لا المحاصصة الحزبية، وفي إطار الالتزام الكامل بمقتضيات الدستور. وحسب مصادر إعلامية، سيعمل سعيّد على إقناع زعماء الأحزاب بضرورة «تشكيل فريق حكومي يجمع جميع الأحزاب السياسية التي تحصّلت على مقاعد في البرلمان، لتضمن الحكومة حزاماً سياسيا قوياً، يدفعها إلى القيام بمهامها في مناخ سياسي غير متوتر».
مبادرة «حكومة الرئيس»
وبدت لقاءات سعيّد بممثلي الأحزاب وتفاوضه معهم بخصوص سبل تشكيل الحكومة الجديدة، بمثابة خطوة أولى لتنفيذ مبادرة «حكومة الرئيس» التي اقترحتها «حركة الشعب»، طبقاً للمادة 89 من الدستور التونسي، وذلك بعد رفض الأحزاب المدعوة إلى المشاركة في الائتلاف الحاكم التفاوض مع «النهضة» في ما يخص تشكيلة الحكومة الجديدة.
وتنصّ مبادرة «حكومة الرئيس» على أن يقوم الرئيس باختيار شخصية مستقلة لتولي رئاسة الحكومة، وتشكيل فريقها الحكومي بالتشاور مع الأحزاب المعنية بالحكم. علماً أنّ الدستور يمنح رئيس الجمهورية «حق التدخل في تشكيل الحكومة في حال فشل الحزب الفائز في الاستحقاق الانتخابي التشريعي خلال شهرين على أقصى تقدير، ويخوّل له إجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر».
وإذا مرّت أربعة أشهر على موعد النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، ولم يمنح أعضاء البرلمان الثقة للحكومة، يمكن لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.
مأزق النهضة!
ووضع الفوز المنقوص للنهضة في الانتخابات التشريعية (52 مقعداً)، هذا الحزب الإسلامي أمام مأزق سياسي بعد امتناع عدة أحزاب مشاركته في حكومة تترأسها شخصيات من صفوفه، مما دفعه إلى طلب الاستعانة من الرئيس سعيّد، نظراً إلى حجم التأييد الشعبي والسياسي الواسع الذي يحظى به.
وأمام هذا المأزق، وعلى رغم تشبثها حتى الآن بأن يكون رئيس الحكومة من صفوفها، فإنّ حركة النهضة ستذعن، كما يُرجّح كثيرون، لتدخل الرئيس التونسي والقبول بتكليفه لشخصية سياسية بتشكيل الحكومة، تجنّباً لفشل محتمل قد تقع فيه في حال كلّفها بتشكيل الحكومة وعجزت عن ذلك. وكان زعيمها الغنوشي من أول الشخصيات التي التقت الرئيس.
يُذكر أنّ معظم المراقبين يرون أن «النهضة» ستجد صعوبة كبرى في تشكيل ائتلاف حكومي يحظى بثقة البرلمان الجديد، خصوصاً بعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن خسارتها لمقعد برلماني في دائرة ألمانيا الانتخابية، وهو ما يجعل عدد نوابها يتقلص من 52 إلى 51 نائباً فقط. وتتخوّف النهضة من الفشل في تشكيل الحكومة في الآجال الدستورية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قد تزيد من تقلّص شعبيتها ومن تمثيليتها في البرلمان.
ويبدو أن سعيّد يطمح لخلق نموذج حكم جديد يخلو فيه المشهد السياسي من المعارضة ويتميز بتوسيع تمثيلية الأحزاب فيها، حيث شملت مشاوراته حزب قلب تونس الذي قررت النهضة إقصاءه من مشاورات تشكيل الحكومة، وكذلك حزب تحيا تونس الذي أعلن اصطفافه في شق المعارضة.
ولا تتعارض تحرّكات سعيّد مع توجهات النهضة التي أعلنت مؤخراً تعويلها عليه في إنجاح مسار مفاوضات تشكيل الحكومة، وذلك في ظل رفض معظم الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية دعمها ومشاركتها في حكومة تترأسها شخصية من صفوفها.
واعتبر محللون أن تخلي حركة النهضة عن شرط ترؤسها للحكومة، قد يكون بمثابة «طوق نجاة لها كي لا تتحمل مسؤولية الفشل وما ستؤول إليه الأوضاع بعد ذلك». وتميل معظم التقديرات السياسية إلى أنّ غاية حركة النهضة في نهاية المطاف هو «إيجاد مُرتكزات جديدة لسياق الترتيبات الجارية لتشكيل الحكومة، بعيداً من الخطاب الثوري الذي أدخلها في عزلة سياسية»!.
فيصل علوش
فور تقلدّه الحكم، شرع الرئيس التونسي قيس سعيّد في إجراء محادثات مع قيادات سياسية تتصل بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في ظل انسداد أفق المشاورات التي أجراها زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي مع الأحزاب المعنية بالمشاركة في الحكم، وبالتزامن مع طرح مبادرة تكوين «حكومة الرئيس» التي تمنحه تفويضاً لاختيار رئيس الحكومة عوضاً عن حركة النهضة الإسلامية.
وفي سبيل ذلك، التقى سعيّد عدداً هاماً من قادة الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، ومن بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، والأمين العام لحركة تحيا تونس سليم العزابي، وقادة أحزاب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة المحافظ.
ودعا سعيّد ممثلي الأحزاب الذين التقاهم إلى الإسراع بصياغة برنامج للحكومة القادمة مبني على الكفاءة لا المحاصصة الحزبية، وفي إطار الالتزام الكامل بمقتضيات الدستور. وحسب مصادر إعلامية، سيعمل سعيّد على إقناع زعماء الأحزاب بضرورة «تشكيل فريق حكومي يجمع جميع الأحزاب السياسية التي تحصّلت على مقاعد في البرلمان، لتضمن الحكومة حزاماً سياسيا قوياً، يدفعها إلى القيام بمهامها في مناخ سياسي غير متوتر».
مبادرة «حكومة الرئيس»
وبدت لقاءات سعيّد بممثلي الأحزاب وتفاوضه معهم بخصوص سبل تشكيل الحكومة الجديدة، بمثابة خطوة أولى لتنفيذ مبادرة «حكومة الرئيس» التي اقترحتها «حركة الشعب»، طبقاً للمادة 89 من الدستور التونسي، وذلك بعد رفض الأحزاب المدعوة إلى المشاركة في الائتلاف الحاكم التفاوض مع «النهضة» في ما يخص تشكيلة الحكومة الجديدة.
وتنصّ مبادرة «حكومة الرئيس» على أن يقوم الرئيس باختيار شخصية مستقلة لتولي رئاسة الحكومة، وتشكيل فريقها الحكومي بالتشاور مع الأحزاب المعنية بالحكم. علماً أنّ الدستور يمنح رئيس الجمهورية «حق التدخل في تشكيل الحكومة في حال فشل الحزب الفائز في الاستحقاق الانتخابي التشريعي خلال شهرين على أقصى تقدير، ويخوّل له إجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر».
وإذا مرّت أربعة أشهر على موعد النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، ولم يمنح أعضاء البرلمان الثقة للحكومة، يمكن لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.
مأزق النهضة!
ووضع الفوز المنقوص للنهضة في الانتخابات التشريعية (52 مقعداً)، هذا الحزب الإسلامي أمام مأزق سياسي بعد امتناع عدة أحزاب مشاركته في حكومة تترأسها شخصيات من صفوفه، مما دفعه إلى طلب الاستعانة من الرئيس سعيّد، نظراً إلى حجم التأييد الشعبي والسياسي الواسع الذي يحظى به.
وأمام هذا المأزق، وعلى رغم تشبثها حتى الآن بأن يكون رئيس الحكومة من صفوفها، فإنّ حركة النهضة ستذعن، كما يُرجّح كثيرون، لتدخل الرئيس التونسي والقبول بتكليفه لشخصية سياسية بتشكيل الحكومة، تجنّباً لفشل محتمل قد تقع فيه في حال كلّفها بتشكيل الحكومة وعجزت عن ذلك. وكان زعيمها الغنوشي من أول الشخصيات التي التقت الرئيس.
يُذكر أنّ معظم المراقبين يرون أن «النهضة» ستجد صعوبة كبرى في تشكيل ائتلاف حكومي يحظى بثقة البرلمان الجديد، خصوصاً بعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن خسارتها لمقعد برلماني في دائرة ألمانيا الانتخابية، وهو ما يجعل عدد نوابها يتقلص من 52 إلى 51 نائباً فقط. وتتخوّف النهضة من الفشل في تشكيل الحكومة في الآجال الدستورية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قد تزيد من تقلّص شعبيتها ومن تمثيليتها في البرلمان.
ويبدو أن سعيّد يطمح لخلق نموذج حكم جديد يخلو فيه المشهد السياسي من المعارضة ويتميز بتوسيع تمثيلية الأحزاب فيها، حيث شملت مشاوراته حزب قلب تونس الذي قررت النهضة إقصاءه من مشاورات تشكيل الحكومة، وكذلك حزب تحيا تونس الذي أعلن اصطفافه في شق المعارضة.
ولا تتعارض تحرّكات سعيّد مع توجهات النهضة التي أعلنت مؤخراً تعويلها عليه في إنجاح مسار مفاوضات تشكيل الحكومة، وذلك في ظل رفض معظم الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية دعمها ومشاركتها في حكومة تترأسها شخصية من صفوفها.
واعتبر محللون أن تخلي حركة النهضة عن شرط ترؤسها للحكومة، قد يكون بمثابة «طوق نجاة لها كي لا تتحمل مسؤولية الفشل وما ستؤول إليه الأوضاع بعد ذلك». وتميل معظم التقديرات السياسية إلى أنّ غاية حركة النهضة في نهاية المطاف هو «إيجاد مُرتكزات جديدة لسياق الترتيبات الجارية لتشكيل الحكومة، بعيداً من الخطاب الثوري الذي أدخلها في عزلة سياسية»!.