التطبيق المنهجي للتجديد الإسلامي...
المساق الثالث: التعبئة "الجهادية": 1-جهاد النفس
وأبدأ بجهاد النفس للنفس فأقول: إنّ العمل الجهادي المستمر الذي لا يرتبط بزمن أو يتوقف على وضع من حرب أو سلام، أو حال من صحة أو سقام، إنما هو جهاد النفس للنفس، ومعناه أن تجاهد النفس ذاتها في كل حال من أحوالها؛ للوصول بيقينها وتقواها إلى الدرجة التي تؤهلها للترقي في مراتب الجهاد من أدناها: الجهاد بالقلب والكلمة، إلى أعلاها: الجهاد بالمال والنفس! ويكون ذلك بالتفقد الدائم والدءوب لأحوال النفس ومحاسبتها ومحاربة هواها وتقويم أخطائها.. ودليله من القرآن الكريم قول الله تعالى:" ونهى النفس عن الهوى" وقوله:" قد أفلح من زكّاها" وقوله:" ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ.." والآيات الكريمة تعطينا التوجيه العام لجهاد النفس وحسابها؛ بما يمكن تفصيله وتخصيصه بناءً على ما يطلب من المسلم من فروض وسنن وأفعال خير في شكل وِرد يومي، يمكن أن نسميه (ورد المحاسبة) أو (ورد جهاد النفس) يستعرض به المسلم أعماله آخر كل يوم قبيل النوم، فإن وجد خيراً حمد الله تعالى على ما هدى ووفق وأكرم وأنعم، وإن وجد غير ذلك استغفر وجدد التوبة وبات على أفضل العزائم! وأولى ما يسأل نفسه من ذلك مراجعاً محاسباً إياها: هل أدّى الصلوات الخمس؟ وكم منها أداه في جماعة؟ وهل توفر الخشوع والاطمئنان في صلاته؟ وهل صلّى نافلة الضحى ولو مرة في هذا الأسبوع؟ وهل ينوي قيام الليل ولو بركعتين بعد العشاء وقبل الوتر؟ ومثل ذلك أسئلة للنفس حول باقي الأركان والسنن المكلف بها وأعمال الخير المندوب إليها..
2- جهاد الجماعة للجماعة:
وهي المرحلة التي تمثل المرتبة الأعلى مما قبلها ، ومعناه أن تجاهد الجماعة أو الجماعات الإسلامية؛ من أجل أن تحمل بعضها بعضاً على الجادة الحاثّة القويمة، ألا وهي جادة الوحدة.. فمما لا جدال فيه أنّ وحدة الأمة الإسلامية هي مطلب شرعي وواجب ديني قبل أن تكون واجباً تدعو إليه الضرورة والحاجة الطارئة، مما أشارت وحثت عليه الآيات الكثيرة، وعلى رأسها وكفى بها قول الله تعالى:" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا.." ثم الأحاديث النبوية الجمة وأشهرها:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً"(متفق عليه).. و" يد الله مع الجماعة.."(الترمذي عن ابن عباس) و"من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتةً جاهلية"( مسلم عن أبي هريرة).
هذا وإنّ تعدد الجماعات والحركات الإسلامية كما نرى لظاهرة عصرية واقعية، مما لا سبيل إلى إنكار جملتها أو جحود نشاطات وجهود أيٍّ منها! بل إنّ أيّ عمل يسعى لإبطالها أو لإيجاد الهيئة البديلة عنها تحت أيّ مسمّى، معناه ومؤداه أن يضاف رقم جديد إلى آخر رقم من تلك الجماعات، ولمّا يتحقق الهدف المرجو من توحيدها! فالمطلوب الممكن إذن أن تشرع كل جماعة سيف جهادها لنزع التعصب من نفسها عاملةً على التقريب فيما بينها وبين سواها دون الطعن في رموزها أو أسلوب عملها؛ وصولاً إلى الحركة الإسلامية الواحدة، ذات العمل الأمثل والهدف الأسمى الموحّد! وبهذا يكون فحوى جهاد الجماعة للجماعة هو التقويم الدائب لنفسها أوّلاً ثم لغيرها ما استطاعت، على طريق الإصلاح والتقريب والتوحيد.. فهي تجاهد مع غيرها لإعادة نسق الأمة الواحدة التي أشارت إليها الآية الكريمة: "إنّ هذه أُمتُكم أُمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون"(الأنبياء: 92) وهي تجاهد لإقامة الحزب الإسلامي الواحد المؤكَّد له الغلبة والنصر من الله تعالى في قوله: "ألا إنّ حزب الله هم الغالبون"(المجادلة: 22) وهي تجاهد لإيجاد الهيئة الواحدة للعلماء ـ لا يفوتنا وجود الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المنشأ عام 2004 برئاسة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ـ وأنوّه هنا بما على تلك الهيئة أو غيرها ــ الهيئة الإسلامية الواحدة الموحدة ــ من مهام وهي:
أولاً: إصدار ميثاق العمل الموحّد؛ بالتعاون فيما يُتّفق عليه والتناصح أو الإعذار فيما يُختلف فيه؛ ليؤخذ في النهاية بالرأي الغالب فيما يمكن الاستفتاء عليه أو الرجوع لأهل الذِّكر من العلماء عند مظنة الاختلاف.
ثانياً: إصدار فتاوى أو مواقف وأحكام إسلامية واضحة من قضايا وأمور شغلت الفكر الإسلامي المعاصر، وشكلت تحدياً للحضارة الإسلامية مثل: ـ معاملات المصارف والبنوك ــ التراث والعصرية ــ القومية العربية ــ الحجاب والسفور ــ التصوير والسينما والتمثيل ــ الأحلاف الدولية ــ الحرب والسلام..
ثالثاً: إخراج الدستور الإسلامي الذي يشمل كل نواحي الحكم والمعاملات المحلية والدولية، بديلاً عن الدساتير الوضعية المستوردة من الجهات الأجنبية!
رابعاً: توجيه رسائل النصح وكلمات الحق إلى حكام العرب والمسلمين من غيرهم، وإلى زعماء الجماعات والأحزاب في كل مكان، وتحذيرهم من مغبة عدم الحكم بما أنزل الله وتطبيق شرعه المنزّل في كتابه الكريم، والمفصّل في السنة الصحيحة لنبيه الأمين، ثم اجتهاد العلماء الذين هم ورثة الأنبياء.
خامساً: تكوين اللجان الداعية إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين الناس؛ تنفيذاً لقول الله تعالى:" ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهَون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"(آل عمران 104)
سادساً: تجنيد الطاقات والكفاءات العلمية التي تكفل النهوض بالأمة من تخلف وغفلة، والإقالة من عثرة؛ لتعود لها عزتها وتستجد وتسود حضارتها.
المساق الثالث: التعبئة "الجهادية": 1-جهاد النفس
وأبدأ بجهاد النفس للنفس فأقول: إنّ العمل الجهادي المستمر الذي لا يرتبط بزمن أو يتوقف على وضع من حرب أو سلام، أو حال من صحة أو سقام، إنما هو جهاد النفس للنفس، ومعناه أن تجاهد النفس ذاتها في كل حال من أحوالها؛ للوصول بيقينها وتقواها إلى الدرجة التي تؤهلها للترقي في مراتب الجهاد من أدناها: الجهاد بالقلب والكلمة، إلى أعلاها: الجهاد بالمال والنفس! ويكون ذلك بالتفقد الدائم والدءوب لأحوال النفس ومحاسبتها ومحاربة هواها وتقويم أخطائها.. ودليله من القرآن الكريم قول الله تعالى:" ونهى النفس عن الهوى" وقوله:" قد أفلح من زكّاها" وقوله:" ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ.." والآيات الكريمة تعطينا التوجيه العام لجهاد النفس وحسابها؛ بما يمكن تفصيله وتخصيصه بناءً على ما يطلب من المسلم من فروض وسنن وأفعال خير في شكل وِرد يومي، يمكن أن نسميه (ورد المحاسبة) أو (ورد جهاد النفس) يستعرض به المسلم أعماله آخر كل يوم قبيل النوم، فإن وجد خيراً حمد الله تعالى على ما هدى ووفق وأكرم وأنعم، وإن وجد غير ذلك استغفر وجدد التوبة وبات على أفضل العزائم! وأولى ما يسأل نفسه من ذلك مراجعاً محاسباً إياها: هل أدّى الصلوات الخمس؟ وكم منها أداه في جماعة؟ وهل توفر الخشوع والاطمئنان في صلاته؟ وهل صلّى نافلة الضحى ولو مرة في هذا الأسبوع؟ وهل ينوي قيام الليل ولو بركعتين بعد العشاء وقبل الوتر؟ ومثل ذلك أسئلة للنفس حول باقي الأركان والسنن المكلف بها وأعمال الخير المندوب إليها..
2- جهاد الجماعة للجماعة:
وهي المرحلة التي تمثل المرتبة الأعلى مما قبلها ، ومعناه أن تجاهد الجماعة أو الجماعات الإسلامية؛ من أجل أن تحمل بعضها بعضاً على الجادة الحاثّة القويمة، ألا وهي جادة الوحدة.. فمما لا جدال فيه أنّ وحدة الأمة الإسلامية هي مطلب شرعي وواجب ديني قبل أن تكون واجباً تدعو إليه الضرورة والحاجة الطارئة، مما أشارت وحثت عليه الآيات الكثيرة، وعلى رأسها وكفى بها قول الله تعالى:" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا.." ثم الأحاديث النبوية الجمة وأشهرها:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً"(متفق عليه).. و" يد الله مع الجماعة.."(الترمذي عن ابن عباس) و"من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتةً جاهلية"( مسلم عن أبي هريرة).
هذا وإنّ تعدد الجماعات والحركات الإسلامية كما نرى لظاهرة عصرية واقعية، مما لا سبيل إلى إنكار جملتها أو جحود نشاطات وجهود أيٍّ منها! بل إنّ أيّ عمل يسعى لإبطالها أو لإيجاد الهيئة البديلة عنها تحت أيّ مسمّى، معناه ومؤداه أن يضاف رقم جديد إلى آخر رقم من تلك الجماعات، ولمّا يتحقق الهدف المرجو من توحيدها! فالمطلوب الممكن إذن أن تشرع كل جماعة سيف جهادها لنزع التعصب من نفسها عاملةً على التقريب فيما بينها وبين سواها دون الطعن في رموزها أو أسلوب عملها؛ وصولاً إلى الحركة الإسلامية الواحدة، ذات العمل الأمثل والهدف الأسمى الموحّد! وبهذا يكون فحوى جهاد الجماعة للجماعة هو التقويم الدائب لنفسها أوّلاً ثم لغيرها ما استطاعت، على طريق الإصلاح والتقريب والتوحيد.. فهي تجاهد مع غيرها لإعادة نسق الأمة الواحدة التي أشارت إليها الآية الكريمة: "إنّ هذه أُمتُكم أُمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون"(الأنبياء: 92) وهي تجاهد لإقامة الحزب الإسلامي الواحد المؤكَّد له الغلبة والنصر من الله تعالى في قوله: "ألا إنّ حزب الله هم الغالبون"(المجادلة: 22) وهي تجاهد لإيجاد الهيئة الواحدة للعلماء ـ لا يفوتنا وجود الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المنشأ عام 2004 برئاسة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ـ وأنوّه هنا بما على تلك الهيئة أو غيرها ــ الهيئة الإسلامية الواحدة الموحدة ــ من مهام وهي:
أولاً: إصدار ميثاق العمل الموحّد؛ بالتعاون فيما يُتّفق عليه والتناصح أو الإعذار فيما يُختلف فيه؛ ليؤخذ في النهاية بالرأي الغالب فيما يمكن الاستفتاء عليه أو الرجوع لأهل الذِّكر من العلماء عند مظنة الاختلاف.
ثانياً: إصدار فتاوى أو مواقف وأحكام إسلامية واضحة من قضايا وأمور شغلت الفكر الإسلامي المعاصر، وشكلت تحدياً للحضارة الإسلامية مثل: ـ معاملات المصارف والبنوك ــ التراث والعصرية ــ القومية العربية ــ الحجاب والسفور ــ التصوير والسينما والتمثيل ــ الأحلاف الدولية ــ الحرب والسلام..
ثالثاً: إخراج الدستور الإسلامي الذي يشمل كل نواحي الحكم والمعاملات المحلية والدولية، بديلاً عن الدساتير الوضعية المستوردة من الجهات الأجنبية!
رابعاً: توجيه رسائل النصح وكلمات الحق إلى حكام العرب والمسلمين من غيرهم، وإلى زعماء الجماعات والأحزاب في كل مكان، وتحذيرهم من مغبة عدم الحكم بما أنزل الله وتطبيق شرعه المنزّل في كتابه الكريم، والمفصّل في السنة الصحيحة لنبيه الأمين، ثم اجتهاد العلماء الذين هم ورثة الأنبياء.
خامساً: تكوين اللجان الداعية إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين الناس؛ تنفيذاً لقول الله تعالى:" ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهَون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"(آل عمران 104)
سادساً: تجنيد الطاقات والكفاءات العلمية التي تكفل النهوض بالأمة من تخلف وغفلة، والإقالة من عثرة؛ لتعود لها عزتها وتستجد وتسود حضارتها.