الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حقائق عروبة فلسطين ساطعة كالشمس ولا تحتاج إلى إثبات بقلم:د.إبراهيم فؤاد عباس

تاريخ النشر : 2019-11-06
حقائق عروبة فلسطين  ساطعة كالشمس ولا تحتاج إلى إثبات
د.إبراهيم فؤاد عباس

أرى أن أبدأ هذا المقال المطول بشهادة من وسيلة إعلامية غربية، هي صحيفة التايمز البريطانية، وآمل أن يقرأه كل من لديه أدنى شك في عروبة فلسطين والقدس، ولكل من يبحث عن المعلومات الموثقة عن هذا الموضوع بعد أن انتشرت – مع الأسف الشديد – بعض المعلومات المغلوطة حوله من خلال بعض القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي. تقول (التايمز) في افتتاحيتها لعددها الصادر في 1/10/ 1992 بمناسبة اكتشاف آثار فلسطينية في مجدل عسقلان: "كان الفلسطينيون قبل ثلاثة آلاف عام يشكلون شعبًا ذواقًا للفن.. وكانوا يعيشون في القصور ويشربون ويأكلون في أوان فخارية مزخرفة في الوقت الذي كان فيه الإسرائيليون يعيشون في خيام بالية ويستخدمون أواني بدائية".
وبالطبع فإن أكثر ما يهمنا في هذا الموضوع هو القدس، لما تشكله من أهمية دينية وتاريخية وحضارية، ليس بالنسبة للفلسطينيين وللأمة العربية والإسلامية فقط، وإنما أيضًا بالنسبة للعالم كله، وحيث لا يجهل أحد هذه الأهمية بأي حال من الأحوال. وما تواجهه العديد من الدول العربية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها المعاصر من خصومات وفوضى واضطرابات وثورات لا ينبغي أن يصرفنا عن الاهتمام بالقضية الأولى للعرب والمسلمين، لا سيما وأنه لم يعد خافيًا أن الهدف الأساس من هذه الفوضى التي خطط لها أعداء الأمة ضمن ما يعرف بنظرية "الفوضى الخلاقة"، هو صرف الاهتمام بهذه القضية بدءًا من محاولة تهويد العقل العربي والتشكيك بعروبة فلسطين والقدس.  وهنا لابد من التركيز أولاً على القدس باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأرض التي تقدست بخطو الأنبياء وتخضبت بدماء الشهداء من أبناء هذه الأمة على مر العصور، وأيضًا باعتبارها المستهدفة صهيونيًا واستعماريًا لانتزاعها من حضن الإسلام وحصن العروبة.

تعتبر يبوس(الاسم القديم للقدس) أول بقعة آمن أهلها بالتوحيد، حيث كان ملكي صادق أشهر ملوكها من المعتقدين بالإله الواحد. وقد عرف مليك صادق بالتقوى وحب السلام حتى أُطلق عليه (ملك السلام)، ومن هنا جاء اسم مدينة سالم أو شالم أو (أور شالم) بمعنى دع شالم يؤسس، أو مدينة سالم، وبالتالي فإن أورشليم كان اسماً معروفًا وموجودًا قبل أن أن يوجد اليهود بنحو ألفي عام. وقد ورد اسم يبوس في الكتابات المصرية الهيروغليفية باسم "يابثي" و "يابتي" وهو تحريف للاسم الكنعاني.

وظلت المدينة تسمى يبوس أو "مدينة اليبوسيين" كما جاء في سفر القضاة (19). وفي هذا الموضع نجد نصًا يستحق الانتباه، حين يقول في سياق القصة التي يرويها: ".. وفيما هم عند يبوس، وقد انحدر النهار جدا، قال الغلام لسيده: تعال نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها. فقال له سيده: " لا نميل إلى مدينة غريبة، حيث لا أحد من بني إسرائيل هنا".

كما ورد اسم اليبوسيين في التوراة أيضًا في مواضع أخرى، كما في سفر الخروج (3): 8 (حيث جاء اسم اليبوسيين والكنعانيين معًا): ".. إلى أرض الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين.."وعرفت المدينة باسم القدس قديما منذ عهد سيدنا موسى عليه السلام. وجاء في سفر التثنية 33/1-2 على لسان موسى:"جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير، وتلألأ لهم من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس".  كما عرفت بهذا الاسم (القدس) في عهد نحميا (455 ق. م) حيث جاء في سفر نحميا المنسوب إليه 11/1 "وسكن رؤساء الشعب في أورشليم، وألقى سائر الشعب فرعا ليأتوا بواحد من عشرة للسكنى في أورشليم، مدينة القدس..". وفي سفر الأخبار الثاني 5:35 "وقفوا في القدس". وفي المزامير "ارفعوا أيديكم نحو القدس وباركوا الرب، يبارككم الرب من صهيون".

وتعود أول إشارة وردت عن المدينة إلى الحفريات التي جرت في «تل مرديك» بشمال سوريا، والتي أسفرت عن اكتشاف آثار لمملكة قديمة تسمى مملكة إيبلا (أوعبلة). ووجد بين آثار هذه المدينة ألواح كتب عليها اسم مدينة سالم (أورشليم)،  وكان ذلك حوالى سنة 2500 قبل الميلاد. وذكرت القدس باسم «روشايموم» في الكتابات المعروفة باسم «نصوص اللعنة».  ويذكر د. حسن ظاظا إن المؤرخ اليوناني هيرودوت (484-425 ق.م ) لم يذكر في تاريخه المشهور اسم أورشليم، ولكنه ذكر اسم مدينة كبيرة في الجزء الفلسطيني من الشام  أسماه "قديش" مرتين في الجزء الثاني والثالث من تاريخه. ومن أقدم النقوش أيضًا التي ورد فيها ذكر القدس موجودة في مجموعة اللوحات المسمارية المكتوبة باللغة الأكادية والكنعانية. وهذه النقوش عرفت باسم لوحات، أو رسائل "تل العمارنة" The Amarna  letters . وتجدر الاشارة إلى أن اسم (أورشليم) ليس عبريا ولا مشتقا من اسم عبري. فأصل التسمية كنعانية (أور سالم أو أور شالم) التي تعني الموقع المقدس. وقد دلت حفريات إيبلا بسوريا على أن أورشالم هي إحدى الممالك الكنعانية التي تعود الى نهاية عصور ما قبل التاريخ. وقد ورد اسم (أورشليمو) في فسيفساء من عهد امبراطورية حمورابي البابلية (2002-1950 ق. م). وحرف اليهود اسم (أورسالم / أورشليم إلى «يورو شالايم "Yerushalayim ومنها اشتق الاسم "جيروزاليم"Jerusalem، ونسبوا هذه التسمية إليهم.

 ويؤكد العالم الأمريكي جون بريستيد  (كتابه  فجر الضمير) إن اللغة التي وجدها العبرانيون عندما غزوا فلسطين – وهي اللغة الكنعانية - اتخذها العبرانيون أنفسهم لغة لهم، وهي اللغة التي كتبت بها التوراة.  وهذه اللغة هي التي ورد ذكرها في سفر أشعيا تحت اسم لغة كنعان، وكان العبرانيون قبل ذلك يتكلمون لهجة تقرب من إحدى اللهجات الآرامية القديمة، "ومن الواضح انهم راحوا يستعملون لغة الكنعانيين واخذوا ينسون تدريجيا لغتهم الاصلية".

وبالرغم من تبجح البعض بأن اسم إسرائيل ورد عديد المرات في القرآن الكريم  فيما لم يرد اسم فلسطين ولو لمرة واحدة، وبالرغم من أن المعني بهذه التسمية ليس بلدًا وإنما اسم نبي هو سيدنا يعقوب، إلا أن التوراة ذكرت اسم فلسطين عشرات المرات، كما تضمنت العديد من الآيات التي تثبت عروبة فلسطين، منها على سبيل المثال وليس الحصر:

- "وماتت سارة (زوج إبراهيم) في قرية أربع التي هي حبرون (الخليل)، في أرض كنعان. فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكي عليها. وقام إبراهيم من أمام ميته وكلم بني حث قائلاً: "أنا غريب ونزيل عندكم. أعطوني ملك قبر معكم لأدفن ميتي من أمامي". سفر التكوين: 23 (2: 4)

- "وكان في الأرض جوع غير الجوع الأول الذي كان في أيام إبراهيم، فذهب إسحاق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين.."سفر التكوين: 26( 1)

- كذلك في الإصحاحين الحادي عشر والثاني عشر من سفر الملوك الثاني نفهم أن سيدنا سليمان أمه حثيه (أي كنعانية).

ويحاول بعض اليهود والصهاينة التذرع بـ (الوعود الإلهية) التي وردت في القرآن الكريم لإثبات ما يردده الصهاينة بالحق اليهودي في فلسطين. وهنا ينبغي الملاحظة بأن:

- هذه الوعود الإلهية قد أعطيت لإبراهيم وذريته. وحين أعطيت لأسحق ويعقوب لم يرد أي استثناء لأي من نسل إبراهيم. وهو ما يعني أن شمولية العهود الأولى لم تلغ بالمحدودية النسبية العهود اللاحقة.

- وبما أن اليهود ليسوا وحدهم من نسل إبراهيم فليس هناك أي مبرر للادعاء بأنهم الورثة الوحيدون للوعد الإلهي بشأن فلسطين.

- إن كلمة (لذريتك) تشمل ضمناً العرب، فإن إسماعيل هو أب عدد كبير من القبائل العربية. وفي كل الآيات القرآنية التي تتطرق إلى ابني سيدنا إبراهيم، يرد اسم سيدنا إسماعيل قبل اسم سيدنا إسحاق. ومن ناحية أخرى فحين تم العهد بالختان، وعندها وعد إبراهيم بأرض كنعان كملكية أبدية – كان إسماعيل، جد القبائل العربية هو الذي ختن وليس اسحق الذي لم يكن قد ولد بعد. وفي سفر التكوين 15:23 (إن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم).

كما يحاول اليهود مخادعة المسلمين – وخاصة من غير العرب-  بما جاء في القرآن الكريم عن صلة بني إسرائيل بأرض فلسطين ليقولوا لهم إن القرآن يؤيد كون الله تعالى قد كتبها لهم إرثًا وموطنًا أبديًا، وإن مناوأة العرب والمسلمين واليهود في ذلك مخالفة للقرآن وإرادة الله عز وجل، ويوردون في سبيل ذلك الآيات القرآنية الآتية:

- "وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكًا وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين. يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين". (المائدة الآية 20-21). لكن أولئك الناس لم يتبينوا الأمر على وجهه الأكمل فقد جاء الوعد مشروطًا: " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ"- البقرة (40) فهل أوفى بني إسرائيل بعهدهم؟  ولنتأمل أيضًا بهذه الآيات الكريمة: في سورة الإسراء: "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا" الإسراء (7).

ويمكننا أن نرجع إلى العهد الجديد لفهم أكبر لهذه القصة:

"هو ذا ملكوت الله ينزع منكم ويعطى أمة تؤتي ثماره".. هذه كلمات سيدنا عيسى عليه السلام لليهود، وهو ما ذكر أيضًا إنما بصيغة أخرى في القرآن الكريم.

وبغض النظر عن كون يهود اليوم هم غير بني إسرائيل القدماء، وأن ما جاء في الآيات القرآنية المتعلقة بالوعد لا يعنيهم لأنها لا تشمل من دان باليهودية من غير بني إسرائيل، وهم معظم أو كل يهود اليوم، فإن الحق الذي عليه جمهور المفسرين هو أن عبارة الآيات ليست على التأبيد ، والدليل أنه لو كان الوعد أبديا لظلت مملكة داود موجودة حتى الآن.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف