مات البغدادي ، عاش ابو العلاء المعري 1-11-2019
بقلم : حمدي فراج
و أخيرا ، قتل ابو بكر البغدادي ، الذي كان اول من تجرأ على تسمية نفسه خليفة للمسلمين في العصر الحديث ، وكان هناك من أيده في علنه وسره ، والاهم من هذا وذاك ، من دعمه بماله وعتاده ورجاله ، ما يشي بأن تعاد الكرة مرة وربما مرات . فالخلافة هدف ما يزال يداعب اماني ملايين المسلمين في المنطقة والعالم .
وهل كانت مشكلة هذا الانسان في اعلان الخلافة وتسمية نفسه خليفة على ارض "حررها" من "رجس الكفار" ؟ ليتها كانت كذلك .
كانت اصعب وابعد وأعقد وأعظم من ذلك بكثير ، لقد تجاوزت كل الحدود التي عكفت على وضعها وترسيمها كافة جهود البشرية منذ ان انتصبت قائمة ابنائها قبل عشرات الاف السنين ، لقد مارس القتل الذي نهت عنه كل الشرائع في الساحات والشوارع بدون ادنى اي نوع من انواع مقومات التقاضي ، رجالا ونساء واطفالا ، قتل بالجملة ، قتل بالسكاكين والسيوف والحرق والشنق والغرق ، قتل لكل المعارضين والمختلفين بما في ذلك اتباع ديانات وملل اخرى "باستثناء الاسرائيليين" ، اراد ان يعيد عقارب الساعة الانسانية الى الوراء الاف السنين فيلغي الحريات والتعليم والمستشفيات والاراء والاحزاب والفنون ، اراد ان يعيد المرأة الى كهوف ما قبل التاريخ ، اراد ان يسبيها ويبيعها ويطأها ويشتريها ويطوعها لنكاح المجاهدين . اراد ان يدمر كل تمثال على انه صنم يعبد حتى لو كان تحفة نفيسة ليس لها مثيلها في التاريخ .
لقد تجاوز هذا الشخص في قتله الاحياء الى الذهاب الى اعادة قتل الاموات ، فنبش قبور العديدين من رموز الحضارة والتقدم ، من ضمنهم قبر الشاعر العربي الكبير والفيلسوف الاسلامي الفذ ابو العلا المعري في معرة النعمان شمال سوريا ، الذي مضى على وفاته حوالي ألف سنة (973 – 1057) واحتفلت دمشق بألفية مولده بحضور عظماء العرب والمسلمين والعالم ، من ضمنهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في القصيدة من مئة بيت ، مطلعها : قف بالمعرة وامسح خدها التربا / واستوح من طوّق الدنيا بما وهبا . لثورة الفكر تأريخ يحدثنا / بأن ألف مسيح دونها صلبا .
في كل مرة ، أتذكر هذه القصيدة ، وقبره الذي فتحوه عليه لكي ينبشوا عظامه ، اتذكر بعض مما كتبه ابو العلاء : خفف الوطأ ما أظن اديم الارض الا من هذه الاجساد . ودفين على بقايا دفين / ضاحك من تزاحم الاضداد . اتذكر ان العالم الايطالي غوته قد استفاد منه في فردوسه المفقود ، اتذكر هيجل الذي استفاد في وضع اسس الديالكتيك الحديث في قوانين نفي النفي و وحدة وصراع الاضداد ، كلما أتذكر نبش قبر هذا الفيلسوف العظيم ، لا أستيطع تمالك دمعي ، احاول ان أمسكها خجلا ، فنادرا ما كنت استطيع ، حتى قتل هذا البغدادي ، لكي يبقى ابو العلاء المعري حيا يرزق فينا لألف سنة قادمة أخرى .
بقلم : حمدي فراج
و أخيرا ، قتل ابو بكر البغدادي ، الذي كان اول من تجرأ على تسمية نفسه خليفة للمسلمين في العصر الحديث ، وكان هناك من أيده في علنه وسره ، والاهم من هذا وذاك ، من دعمه بماله وعتاده ورجاله ، ما يشي بأن تعاد الكرة مرة وربما مرات . فالخلافة هدف ما يزال يداعب اماني ملايين المسلمين في المنطقة والعالم .
وهل كانت مشكلة هذا الانسان في اعلان الخلافة وتسمية نفسه خليفة على ارض "حررها" من "رجس الكفار" ؟ ليتها كانت كذلك .
كانت اصعب وابعد وأعقد وأعظم من ذلك بكثير ، لقد تجاوزت كل الحدود التي عكفت على وضعها وترسيمها كافة جهود البشرية منذ ان انتصبت قائمة ابنائها قبل عشرات الاف السنين ، لقد مارس القتل الذي نهت عنه كل الشرائع في الساحات والشوارع بدون ادنى اي نوع من انواع مقومات التقاضي ، رجالا ونساء واطفالا ، قتل بالجملة ، قتل بالسكاكين والسيوف والحرق والشنق والغرق ، قتل لكل المعارضين والمختلفين بما في ذلك اتباع ديانات وملل اخرى "باستثناء الاسرائيليين" ، اراد ان يعيد عقارب الساعة الانسانية الى الوراء الاف السنين فيلغي الحريات والتعليم والمستشفيات والاراء والاحزاب والفنون ، اراد ان يعيد المرأة الى كهوف ما قبل التاريخ ، اراد ان يسبيها ويبيعها ويطأها ويشتريها ويطوعها لنكاح المجاهدين . اراد ان يدمر كل تمثال على انه صنم يعبد حتى لو كان تحفة نفيسة ليس لها مثيلها في التاريخ .
لقد تجاوز هذا الشخص في قتله الاحياء الى الذهاب الى اعادة قتل الاموات ، فنبش قبور العديدين من رموز الحضارة والتقدم ، من ضمنهم قبر الشاعر العربي الكبير والفيلسوف الاسلامي الفذ ابو العلا المعري في معرة النعمان شمال سوريا ، الذي مضى على وفاته حوالي ألف سنة (973 – 1057) واحتفلت دمشق بألفية مولده بحضور عظماء العرب والمسلمين والعالم ، من ضمنهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في القصيدة من مئة بيت ، مطلعها : قف بالمعرة وامسح خدها التربا / واستوح من طوّق الدنيا بما وهبا . لثورة الفكر تأريخ يحدثنا / بأن ألف مسيح دونها صلبا .
في كل مرة ، أتذكر هذه القصيدة ، وقبره الذي فتحوه عليه لكي ينبشوا عظامه ، اتذكر بعض مما كتبه ابو العلاء : خفف الوطأ ما أظن اديم الارض الا من هذه الاجساد . ودفين على بقايا دفين / ضاحك من تزاحم الاضداد . اتذكر ان العالم الايطالي غوته قد استفاد منه في فردوسه المفقود ، اتذكر هيجل الذي استفاد في وضع اسس الديالكتيك الحديث في قوانين نفي النفي و وحدة وصراع الاضداد ، كلما أتذكر نبش قبر هذا الفيلسوف العظيم ، لا أستيطع تمالك دمعي ، احاول ان أمسكها خجلا ، فنادرا ما كنت استطيع ، حتى قتل هذا البغدادي ، لكي يبقى ابو العلاء المعري حيا يرزق فينا لألف سنة قادمة أخرى .