الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بإسم الواجب الوطني بقلم: سنابل المصري

تاريخ النشر : 2019-10-24
بإسم الواجب الوطني
بقلم سنابل المصري

بدأت نبضات قلبي تتباطأ وأنفاسي تتخافت مع أول إصابة  دخلت إلى جسدي المنهوك المضطرب الذي لا أميز أكان جسد طبيعي أم  جسد مصنوع من حديد، في ذلك اليوم الذي أتذكره بكل معانيه وأنفاس أمي عند تحضير كأس الشاي الصافية بالصباح وجلوسها إلى جانبي على رصيف الشارع في حارتي الصغيرة التي يعمها أصوات طلاب وهم ذاهبون إلى المدارس في الصباح، قالت لي: "أنظر إلى جارنا أبو إياد، ضيع عمرة وهو يعمل من كان عمره 18 سنة، وهو ليس مستعد أن يعيش ولادة عيشة هنيئة بسبب بخله، صدق إلي قال شخص البخيل لا يستطيع أن يتذوق طعم الحياة طيلة حياته". ضحكْت على أقوال أمي التي انتظرت معي نصف ساعة لمجيء أبو أحمد صاحب العمل في سيارته الخضراء صغيرة، فعند مجيء أبو أحمد ودعْت أمي واتفقت معها على أن تطبخ ملوخية طبختي المفضلة مع زيادة في حموضة عليها، ردت أمي الصباح على معلمي أبو أحمد، وقالت له : "انتبه على  نبيل الله يرضى عليك كأنو ولد من ولادك". ركبْت مع أبي أحمد في سيارة، واتفقنا على إنجاز عملنا لدهن خشب المطبخ وأبواب بيت أبو رامي الجديد، وأثناء ذهابنا إلى لعمل، استغربْت من عودة طلاب المدارس بسرعة إلى البيوت مع أن الوقت مازال مبكراً لعودتهم من المدارس، فسألت إحدى الطلبة: "لماذا عدتم باكراً من المدارس؟"  قال لي وهو خائف: "هناك مواجهات مع قوات الاحتلال، والمدير عمل على إخلاء المدرسة خوفاً على سلامتنا. بعد ذلك بدأت المواجهات تشتد مع قوات الاحتلال، فتحرك الحس الوطني في نفسي، ومن باب واجبي الوطني من المفترض أن أشارك في هذه المواجهات، إلا أن هناك السبب التي يطمس تحقيق هذه المحاولات بسبب وعدي لأمي بعدم الخروج في هذه المواجهات وخوفها علي، لكن سيطرت رغبتي على نفسي وهربت من العمل للمشاركة في المواجهات ضد قوات الاحتلال مع مجموعة من شبان فلسطينيين الذين اجتمعوا عند قبة راحيل ذلك المكان الذي تتجمع فيه قوات الاحتلال عند جدار الفصل العنصري الذي يفصل القدس المقدسة عن المدن الأخرى. اشتدت المواجهات وانا لم أدرك لخطورة ذلك فبعد ١٠ دقائق من وقوفي بجانب شبان والخوف يملأ قلبي من اول خروج لي في مواجهات وحزني على نكران وعدي لأمي الا ان فقدت وعي ولم أشعر بنفسي إلا بعد ساعة ونصف في مستشفى بيت جالا الحكومي حيث أصبت بقنبلة غاز في عيني ترتب على إثرها فقد عيني اليسار  وأنا بعمر ٢٢ فلم تتمكن المستشفى من إجراء العلاج المناسب لي،  بالرغم من صعوبة  وضعي الذي أنا فيه،  فكانت دموع أمي أصعب من اصابتي نفسها بعدة عدة ساعات من ذلك، جهزت جوازي السفر انا وامي وسافرت إلى الأردن لتلقي العلاج في المستشفى التي مكثت فيها أربعين يوما لم يكن هناك حل إلا ابدال عيني التي فقدتها بعين صناعية، وأخذ من عظام الحوض لتعبئة الفراغ في وجهي، فكانت من أصعب الايام في حياتي، فالألم يرافقني في كل خطوة، وأثناء عودتي من الأردن لم تكن لي القدرة على العمل في أية صنعة بسبب ضعف جسدي وقوته، فكنت مثل الطفل الصغير الذي يحتاج إلى عناية بشدة، بعد مرور سنتين من اصابتي، تزوجت من فاطمة، كنت أحبها وانا في عمر ٢١ قبل إصابتي وفقد عيني  تزوجت بها، وأنجبت منها طفلي الأول اسميته حمزة، بعد فترة من زواجي وقدوم طفلي الأول، بدأت قوات الاحتلال بملاحقتي بهدف اعتقالي، لم تتمكن من ذلك إلا بعد سنتين من ملاحقتها  لي وانا مختبأ في بيت تحت الأرض، لم أتمكن من الوصول إلى عائلتي والاطمئنان عليهم وعلى أمي إلا أن دقت ساعات الفجر يوم الأربعاء بدخول قوات الاحتلال علي وأنا نائم وملتف بالبطانية من شدة البرودة القارصة التي تركزت في عظمي،  حيث مكثت في سجون الاحتلال خمس سنوات، لم أتمكن من رؤية زوجتي وأمي وطفلي طريقة الوحيدة التي كنت أتمكن من الوصول إليهم ومعرفة أخبارهم هي الرسائل والتوصيات التي تصل الي من أهالي اخواني في الأسر،  تعرضت في سجن للظلم وتعذيب القسري والأمراض المزمنة، التي تركزت في جسدي، عدت الخمس سنوات في سجون الاحتلال كأنها ١٠ سنوات، فكانت آخر ايامي بالأسر كأنها ولادة جديدة لي. خرجت من سجون الاحتلال والفرحة وسعادة تملئ قلبي ولم أكن أعرف أن هذه سعادة لم تستمر طويلا الا لفترة سنة من خروجي،  ذلك بعد اكتشاف المرض اللعين الذي تركز في دمي وأنسجة رأسي، أخذت على أثره ٤٥ جلسة كيماوي لم أتمكن من الشفاء منه. إلا أني أصبحت أكبر من عمري بسنوات أصبح جسمي منهوك وضعيف تعرضت لأقسى أنواع الألم اصبحت لا أعرف جسدي أكان هذا جسد نبيل المليء بالحيوية والطاقة أم جسدي المحروق بفعل جلسات الكيماوي، وها أنا الآن  اتحدى مرضي من أجل توفير لقمة العيش لابني وزوجتي، فإني اعمل حمال بضائع اصعد لخمسة طوابق وانزل مع تسارع دقات قلبي الضعيف ويدي المرتجفتان ، اسأل نفسي كل هذا  حصل لي باسم الواجب الوطني! 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف