الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تركيا: غزوأم نبع للسلام؟ بقلم:محمد شريف كامل

تاريخ النشر : 2019-10-21
لقد امتلأت صفحات التواصل اللإجتماعى بالمحللين السياسين العالمين ببواطن الأمور، ولم يعد أى منا يستمع، وتحولنا جميعا إلى مؤرخين وأصبح كل منا خصم وحكم بالرغم أننا لا نعرف شيئ ولم نقرأ فى حياتنا إلا ما كتب على صفحات التواصل الإجتماعى.

ولقد تحولت أرائنا إلى قوالب تحركها خنادقنا السياسية، وأصبحنا لا نحكم على الأمور من حيث الصواب والخطأ بل أصبح المنظار هو كيف نفسر الأمر لصالح ما نعتقد وما يخدم وجهة نظرنا.

تذكرت ذلك وأنا أتابع تطورات الأمر على الحدود السورية التركيه مع دخول القوات التركيه لشمال سوريا، وأمتزجت تلك الأحكام الصادرة عن جهل بالأمر وعن تحيز سياسي أو طائفى يمزجه البعض بإدعاء المبادئ، إدعاء لا يخلو من النعرات الطائفية والأيدولوجية، فمؤيدى أردوغان يتغنون به وبالفتح الكبير الذى سيعيد مجد الدولة العثمانيه، وأعداء أردوغان يتحدثون عن غزو قوى أجنبيه لدولة عربية مستقله، وما هى إلا أشلاء دولة، أرض تتحكم فيها كل القوى غير المحلية ولا يحكم سفاحها إلا أشلاء الدولة.

وقبل أن أخوض فى الأمر يحب أن أوضح أننى لا أتمنى أن تعود الدولة العثمانية للحياة فهى ككل الدول التى حملت اسم الاسلام بعد الخلافة أدت دور ايجابي مقبول بعضه فى وقتها، ولكنها أساءت للإسلام وسنت سنن أدت إلى ما نحن فيه اليوم من تخلف، إلا أننى أطمح لرخاء يشمل كل دول العالم الثالث وبالتحديد أمتنا العربية والاسلامية والتى أرى أن أزدهارها مرهون بإقامة تحالف تقدمى يبنى على الشراكه مع أحترام خصوصية كل دولة وكل طائفة.

وأرى أن أردوغان زعيم قومى ورجل دولة يسعى لمجد أمته وشعبها، متحيزا لذلك بإلتزامه الديني وإيمانه، معتمدا على نظام ديمقراطى حديث تُحترم من خلاله التعددية الأيدولوجية وحقوق الانسان بحد قد لا نراه فى العديد من الدول الغربية الديمقراطية.    

ولنتحدث عن ما سمى عملية "نبع السلام" أو الحرب التركية ضد الاكراد المسلحين يجب أن نعود قليلا للتاريخ وأن نستعرض عدة أمور منها الحرب الأهلية السورية واللاجئين السوريين وتاريخ الأكراد كأقليه ومواطنين لأربعة دول.

ولا يجب أن ننسى ونحن ندافع عن حقوق الأقليات أن العالم كله مليئ بالأقليات وأنه لا يوجد دولة في العالم من عرق واحد، وقد نشأ ذلك من ترسيم الحدود التى غالبها إن لم يكن كلها قد رسم بقوة السلاح وعلى الخطوط التى أتفقت القوى المتحاربه على وقف اطلاق النار عندها، ولذا كانت هناك جيوب داخل كل الدول لأقليات من عرق أو دين أو أصل مختلف عن الغالبية من سكان هذه الدولة، وبدلا من إستيعابهم والتعايش معهم ككيان واحد لعبت العنصرية دورا كبيرا فى إنعزالهم وغذت الكراهية رغباتهم فى الانفصال.

ولا يختلف الأمر فى ذلك عن وضع الأكراد الموزعون على أربعة دول (إيران، العراق، تركيا، سوريا)، وصراعهم من أجل البقاء لا يختلف عن كثير من الصارعات المتشابهه حول العالم، فجميعها مر بمراحل الاقتتال والحوار السياسى وإنقسام القوى المتناحرة بين من يقبل التعايش أو الحكم الذاتى داخل الدولة القائمة أو الإصرار على الإنفصال بالأدوات الديمقراطيه والمطالبة بالحقوق أو تقوية وجودهم داخل فيدرالية معترف بها، ومنهم من أصر على الإستمرار فى استخدام القوى المسلحة.

ودون العودة إلى التاريخ القديم لوضع الأكراد فى تركيا، يكفينا ذكر أن توركت أوزال رئيس الوزراء التركي كان أول من أعاد مسمى الأكراد بعد أن كان مجرد ذكر كلمة "كرد" يعاقب عليها بالسجن، وقد رفع جزئيا الحذر المفروض على إستخدام اللغة الكرديه، وقد حسمت  تركيا الأمر مع تولي أردوغان رئاسة الحكومة التركية ثم تقديمه اعتذار رسمى فى نوفمبر 2011 عن مجازر مدينة ديرسيم ذات الأغلبية الكرديه فى الفترة ما بين 1937 و1939 والتي راح ضحيتها 13 ألف شخص والتى تمت فى ظل حكم حزب الشعب الجمهوري.

وقد أنضمام حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) للعملية  الديمقراطية، وهو حزب كردى تركى يسارى وحصل 67 مقعدا من أصل 600 مقعد في البرلمان التركى فى انتخابات 2018، وحقق نسبة 11,6% من مجمل الأصوات، وكان قد قام من قبل بدور الوسيط فى التفاوض فى عام 2013 ما بين الحكومة التركيه وحزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان المعتقل منذ 1999 ، وبذلك تحولت الغالبية العظمى من الأكراد من الرفض إلى الإندماج الكامل فى الحياة السياسيه العامة وممارسة حقوقهم السياسية وعادت لغتهم للمدارس، مثلهم مثل حركة انفصال كتالونيا فى اسبانيا، وايرلندا فى بريطانيا، وكوبيك فى كندا وغيرهم كثيرا.

ولقد كان انسحاب القوى المسلحة لخارج الحدود التركية وتعهدهم بعدم استخدام العنف هى المرحلة الأولى، إلا أن منظمة حزب العمال الكردستاني (PKK) لم تلتزم بتعهداتها بوقف الهجمات المسلحة، ولذا أدرجرت على القائمة الخاصة بالمنظمات الارهابية، ومع انهيار الدولة فى العراق وسوريا عاودت تلك القوى التسلح ومهاجمة وحدات الحدود التركية بل وقامت بعمليات تفجيرات داخل تركيا راح ضحيتها الكثير من المدنيين مما يعتبر بلغة ذلك العصر "ارهاب منظم".

وعلى الجانب الأيرانى فقد حسمت الثروة الايرانيه أمر الأكراد فى بدايتها وتعاملت مع تلك الاشكالية التاريخيه، وإن كان ذلك ليس مجال الحديث فى مقالنا هذا، أما فى العراق ورغم الإتفاق على الحكم الذاتى وتقاسم السلطة إلا أن أكراد العراق حاولوا الانفصال فى 2017 عبر إستفتاء من جانب واحد قوبل بأقوى رد فعل من الحكومتين العراقية والتركيه، وأنتهى الأمر بإلغاء المشروع والعودة للحكم الذاتى من خلال الدولة العراقية.     

وكانت الحكومة السورية ومنذ 1984 قد وفرت دعما شاملا ومستمرا لحزب العمال الكردستاني حيث سمحت لزعيم الحزب عبد الله أوجلان المقيم فى دمشق بتأسيس معسكرات تدريبية لعناصر حزبه في الأراضي السوريه حيث قامت تلك القوات بمهاجمة الأراضى التركية وحتى وقعت البلدين إتفاقية أضنة عام 1998، وللتاريخ فقد لعبت ما عرف حينئذ بأسم "جامعة الدول العربية" دورا أيجابيا فى تلك الإتفاقية والتى نصت على أن تقوم سوريا بإغلاق معسكرات حزب العمال الكردستاني وتسليم أعضاءه المطلوبيين فى تركيا وعلى رأسهم عبد الله اوجلان زعيم الحزب وأن سوريا لن تسمح بإنطلاق أي نشاط من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا، كما ولن تسمح سوريا بتوريد الأسلحة وأى دعم أوالترويج لأنشطة الحزب الذى صنفته منظمة إرهابية.

وتضمن ذلك الإتفاق تنازل سوريا عن حقها التاريخي فيما يعرف بلواء الأسكندرونه، كما أعطت الحق لتركيا فى إتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية إذا أخفقت سوريا في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية اللازمة لتحقيق نصوص الاتفاق، وقد وقعت تلك الاتفاقيه فى عهد الرئيس التركي سليمان دميرل ورئيس وزراءها مسعود يلماز والرئيس السورى حافظ الأسد.

ومع إندلاع الحرب الاهلية فقدت حكومة بشار الأسد السيطرة على أغلب سوريا وبدأت تركيا تعانى أكثر وأكثر من هجمات حزب العمال الكردستاني، كما هى تعانى كذلك من أفواج اللاجئين، وقد تحملت تركيا أكثر من 3 مليون لاجئ سورى ما بيىن اللجوء الشرعى وغير الشرعى، ولم تقدم الدول الأوربيه أي دعم لتركيا كما وعدت من قبل، وما كان منها سوى التورط المفضوح فى محاولة إنقلاب 2016.  

ومع استمرار الحرب الاهلية وظهور ما سمى ب "داعش" أو "الدولة الاسلامية"  قامت قوى التحالف الغربى بتسليح الأكراد المنتمين لحزب العمال الكردستاني والمصنف إرهابيا، بالاسلحة الثقيلة لمعاونتهم فى محاربة "داعش"، وتعايش وتصارع الجميع على أرض سوريا عسكريا وسياسيا، بما فيهم روسيا وايران والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا.

ولن أتعرض هنا لطبيعة "داعش" ومن انشأها ومن حقاً حاربها ومن هادنها، ولكنى هنا أتحدث عن كيف أستُغلت فكرة "داعش"، فإسرائيل المعروفة بتسليحها وتدريبها للأكراد منذ الثمانينات من القرن الماضى ازدادت علاقتها بالأكراد، والقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التى دربت وسلحت الأكراد بالأسلحة الثقيلة وسمحت لهم بالأعمال القذرة ضد غير الأكراد وأُعتبر أن كل العرب فى هذه المساحة من الأرض هم أعضاء "داعش"، وشملت أعمال حزب العمال الكردستاني القذرة القتل غير المشروع والتعذيب، ومع إنتهاء الحرب الرسميه ضد "داعش" أصبح هناك قنبلة موقوته وهى حزب العمال الكردستاني المسلح بالأسلحة الهجومية الثقيلة وتحت سيطرته أكثر من عشرة ألاف سجين ممن يقال عنهم أنهم مقاتلى داعش وعائلاتهم والتى رفضت كل دول العالم عودتهم ومحاسبتهم، فتُركوا هناك ليتاح لهم إعادة تدوريهم واستخدامهم عند الحاجة.

وأستمرت تركيا لمدة أكثر من عامين تطالب الولايات المتحدة والقوى الغربية وروسيا بضرورة نزع السلاح الهجومى من أيدى حزب العمال الكردستانى وهوما تلكأت كل القوى فى تنفيذه فما كان من تركيا إلا التحرك لنزع سلاح الحزب ودفع قواته لمسافة أمنه من الحدود التركية، فبذلك يمكن لتركيا أن تأمن هجمات هذه القوات وأن تنشأ منطقة أمنة حيث يتمكن السوريين من العودة لهذه المنطقة فيتحقق الأمن ويخف عبئ اللاجئين، وكان لا بد أن يتم ذلك قبل حلول الشتاء والبرد العارص، وقبل إستكمال إنسحاب ما بقى من القوات الغربية فى هذه المنطقه. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف