إنه يخترق كل الشارات الحمراء 18-10-2019
بقلم : حمدي فراج
اختلف الناس بين مؤيد لضرب الاولاد في المدرسة كما حصل مؤخرا في احدى مدارس الخليل ، وبين معارض ، بمعنى انهم اختلفوا ان كانت "العصا من الجنة" ام لا . وعندما جاءت اللجنة التحقيقية المكلفة من وزارة التربية والتعليم لتنظر في القضية ، ازداد اختلاف الناس ، لأنها قررت بعد أن اوقفت المدرس عن العمل يوم او يومين ، عادت وقررت ارجاعه الى عمله وكأن شيئا لم يكن . فأدركت ان المشكلة المعضلة تكمن اولا وأخيرا في اننا ما زلنا لا نعرف التعاطي مع القوانين والانظمة ، فبدلا من تأييد الضرب في المدارس من عدمه ، كان يجب ان نسأل إن كان هذا مسموحا ام محظورا ، وكما يقال في الفقه : لا إجتهاد في نص .
شاهدت شريط فيدو بعث لي به أحد المعارف عن عملية الضرب المزعومة التي استغرقت حوالي دقيقتين ، استخدم فيها المدرس يديه ثم عصا "خشبة" تبلغ حوالي مترا في طولها وخمسة الى عشرة سم في عرضها ، وعندما حضر شخص آخر كأنه مدرس زميل لكي "يحجز" لجأ الى البصق في وجه التلميذ .
تكمن المشكلة المعضلة الثانية في بلادنا أن الذين يتكلفوا ويتكفلوا بتطبيق القوانين والانظمة انهم اول من يقوم بخرقها ، فمثلا يتقرر حصر شارع كطريق باتجاه واحد ، فترى من يخرقه سيارة الامن التابعة للجيش او للشرطة او لسيارة ذات لوحة تسجيل حمراء . لكم من شخص قتل في التحقيق رغم ان التعذيب ممنوع . قال لي عقيد متقاعد انه لا يملك لسيارته ترخيصا ولا تأمينا ، فسألته لماذا : فأجاب ان دوريات الشرطة تعرفه ولا تسأله عن ترخيصه وتأمينه . فقلت له انك اذن تستطيع ان تخترق الشارة الحمراء بسهولة .
ومنذ ان حل هذا العقيد مسؤولا في بلادنا ، واصبح يخترق كل الشارات الحمراء في الوطن ، اصبح المعلم في المدرسة مدرسا لا معلما ، وهذا هو جوهر المسألة ، عندما كان معلما "كاد يكون رسولا" كما قال احمد شوقي ، حتى لو لجأ الى الضرب أحيانا ، ولكن عندما تحول الى مجرد موظف فإنه كما عارض ابراهيم طوقان امير الشعراء : "لو جرب التعليم شوقي مرة ، لوجدته بين الصفوف قتيلا" حتى ولو إلتزم بإجراءات منع الضرب ، فقد سأل مدرس رياضة لطالب في الثانوية العامة لم يحضر "شورت" الرياضة ، لماذا لم يحضره ؟ فأجابه الطالب انه كان ما يزال مبلولا ، فقال له المدرس : لماذا لم تحضر بدلا منه كلسون امك . الحط من كرامة الطالب لا تقتصر على الضرب واستخدام العصا ، ولا على الصراخ والزعيق حيث لا تتحفظ مديرة المدرسة ان تتوعد تلميذاتها الوسخات المليئة رؤوسهن بالقمل عبر مكبرات الصوت ، الحط من الكرامة لا ينحصر في التلميذ المضروب او المعنف ، بل يطول كل الطلاب في الصف والمدرسة والناس بشكل عام في المجتمع .
بقلم : حمدي فراج
اختلف الناس بين مؤيد لضرب الاولاد في المدرسة كما حصل مؤخرا في احدى مدارس الخليل ، وبين معارض ، بمعنى انهم اختلفوا ان كانت "العصا من الجنة" ام لا . وعندما جاءت اللجنة التحقيقية المكلفة من وزارة التربية والتعليم لتنظر في القضية ، ازداد اختلاف الناس ، لأنها قررت بعد أن اوقفت المدرس عن العمل يوم او يومين ، عادت وقررت ارجاعه الى عمله وكأن شيئا لم يكن . فأدركت ان المشكلة المعضلة تكمن اولا وأخيرا في اننا ما زلنا لا نعرف التعاطي مع القوانين والانظمة ، فبدلا من تأييد الضرب في المدارس من عدمه ، كان يجب ان نسأل إن كان هذا مسموحا ام محظورا ، وكما يقال في الفقه : لا إجتهاد في نص .
شاهدت شريط فيدو بعث لي به أحد المعارف عن عملية الضرب المزعومة التي استغرقت حوالي دقيقتين ، استخدم فيها المدرس يديه ثم عصا "خشبة" تبلغ حوالي مترا في طولها وخمسة الى عشرة سم في عرضها ، وعندما حضر شخص آخر كأنه مدرس زميل لكي "يحجز" لجأ الى البصق في وجه التلميذ .
تكمن المشكلة المعضلة الثانية في بلادنا أن الذين يتكلفوا ويتكفلوا بتطبيق القوانين والانظمة انهم اول من يقوم بخرقها ، فمثلا يتقرر حصر شارع كطريق باتجاه واحد ، فترى من يخرقه سيارة الامن التابعة للجيش او للشرطة او لسيارة ذات لوحة تسجيل حمراء . لكم من شخص قتل في التحقيق رغم ان التعذيب ممنوع . قال لي عقيد متقاعد انه لا يملك لسيارته ترخيصا ولا تأمينا ، فسألته لماذا : فأجاب ان دوريات الشرطة تعرفه ولا تسأله عن ترخيصه وتأمينه . فقلت له انك اذن تستطيع ان تخترق الشارة الحمراء بسهولة .
ومنذ ان حل هذا العقيد مسؤولا في بلادنا ، واصبح يخترق كل الشارات الحمراء في الوطن ، اصبح المعلم في المدرسة مدرسا لا معلما ، وهذا هو جوهر المسألة ، عندما كان معلما "كاد يكون رسولا" كما قال احمد شوقي ، حتى لو لجأ الى الضرب أحيانا ، ولكن عندما تحول الى مجرد موظف فإنه كما عارض ابراهيم طوقان امير الشعراء : "لو جرب التعليم شوقي مرة ، لوجدته بين الصفوف قتيلا" حتى ولو إلتزم بإجراءات منع الضرب ، فقد سأل مدرس رياضة لطالب في الثانوية العامة لم يحضر "شورت" الرياضة ، لماذا لم يحضره ؟ فأجابه الطالب انه كان ما يزال مبلولا ، فقال له المدرس : لماذا لم تحضر بدلا منه كلسون امك . الحط من كرامة الطالب لا تقتصر على الضرب واستخدام العصا ، ولا على الصراخ والزعيق حيث لا تتحفظ مديرة المدرسة ان تتوعد تلميذاتها الوسخات المليئة رؤوسهن بالقمل عبر مكبرات الصوت ، الحط من الكرامة لا ينحصر في التلميذ المضروب او المعنف ، بل يطول كل الطلاب في الصف والمدرسة والناس بشكل عام في المجتمع .