الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تونس تتكلم بالعربي الفصيح بقلم:حسين الرواشدة

تاريخ النشر : 2019-10-16
تصر تونس على أن تُلهمنا من جديد، في المرة الأولى أطلقت شرارة "التغيير" بعد أن أحرقت نيران القهر جسد "البوعزيزي"، فامتد الحريق لكي يصنع "ربيعا" عربيا يتجدد كل يوم..

وفي المرة الثانية، أطلقت "صافرة " الديمقراطية بعد أن ودع الناس هناك منطق الخوف من تزوير "أصواتهم"، ومنطق الاستقالة من السياسة والمشاركة، فتصالحوا مع بلدهم ومستقبلهم، وقرروا أن يحتكموا إلى الصناديق.

من يدقق في المشهد التونسي، كما كشفته "الانتخابات" الأخيرة التي أفرزت قيس سعيد رئيسا، سيدرك على الفور أن "ثورة الحرية والكرامة" لم تسقط نظام الاستبداد فقط، وإنما أسقطت معه أفكارا -أوهاما أن شئت- سممت أذواق الناس وأذهانهم أيضا.

أسقطت فكرة "عزوف الناس عن المشاركة" بذريعة أنهم لا يؤمنون بالصناديق أو أنهم غير ناضجين لممارسة الديمقراطية، وأسقطت فكرة "العنف" الاجتماعي الذي استخدم كفزاعة لتفصيل الديمقراطية المطلوبة على مقاسات جاهزة ومحددة، وأسقطت فكرة الانتصار لطرف دون آخر على حساب الانتصار للوطن، وهي التهمة التي ألصقت بالأحزاب لطردها من دائرة "التعددية" والوطنية لكي يظل الحزب الواحد منفردا بالسلطة والحكم، كما أسقطت أيضا فكرة "المؤامرة" التي تقف خلف التغيير وفكرة "الفوضى" التي سيفضي إليها التغيير.

اذا كانت صورتنا في عصر" حروبنا الأهلية" التي رفعت البنادق مع المصاحف - واأسفاه - قد أفزعتنا، فإن صورتنا الأخرى في مرآة إخواننا التوانسة تدهشنا وتسعدنا وتلهمنا أيضا، فبعد مخاضات طويلة تقلبت فيها تونس بين فصول الضجيج والهدوء وتغلبت فيها على منطق الخوف والأنانية والاستعلاء، اصبح بمقدورنا -اليوم- أن نتعلم من تجربة أشقائنا، أولا - درس "التوافق" حين يكون حلا لمشكلاتنا، وثانيا - درس "التنازل" حين يكون قوة لا ضعفا، وثالثا - درس "الانتصار" حين نجرد حسابات الربح والخسارة، فنجد أننا نخسر لما ينتهي صراعنا على الحاضر أو الماضي إلى "تضييع" المستقبل، ونكسب حين تتقدم مصلحة "الجماعة الوطنية" على مصالح الجماعات والأحزاب والتيارات، ورابعا - درس الشراكة و"التعددية" إذ يلتقي العلماني مع الليبرالي مع الإسلامي على طاولة واحدة بعيدا عن صراع "الملفات" الإقليمية وإغراءات "الاستحواذ" على السلطة.

 تقول لنا تونس، وهي تتحدث بالعربي الفصيح انه لا يمكن للآخرين - مهما كانت قوتهم ومهما اشتد كيدهم ومكرهم - أن يعبثوا أو يتدخلوا أو ينتصروا إلا اذا انحنت الظهور لهم، فالدول والأوطان مثل الأجساد قد تهاجمها الأمراض ولكنها لا تتغلغل في أوصالها ولا تشل حركتها اذا كانت محصنة وتتمتع بما يلزمها من عافية.

يمكن للإنسان العربي الذي "تعب" من الاحتجاجات ويأس من سطوة الانقلابات وأوشك أن يفقد أمله في "التغيير"، وللشعوب التي لا تزال تخرج لاسترداد حرياتها وحقوقها، كما يمكن لكل المتشوقين إلى "الحرية" والعدالة أن يحدّقوا في صورة "تونس" الجديدة وأن يستلهموا من تجربتها مددا للأمل والهمّة والإصرار.

نحتاج إلى استحضار صورة تونس "الخضراء" وانتخاباتها الديمقراطية، لعلها تعوضنا عن صور "العواصم" الحمراء التي لوّنها الدم، وتطرد من عقول أجيالنا وقلوبهم كوابيس الخوف والإحباط، وتبدد هذا الغبار الكثيف الذي حوّلنا إلى إحصائيات من القتلى واللاجئين في أوطان تحولت إلى سجون وتوابيت ومقابر.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف