الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

انتفاضة تشرين: كتابة الوجع العراقي..بالدم بقلم:علي الجفّال

تاريخ النشر : 2019-10-16
انتفاضة تشرين: كتابة الوجع العراقي..بالدم بقلم:علي الجفّال
انتفاضة تشرين: كتابة الوجع العراقي..بالدم

علي الجفّال

كشفت ردود الفعل الحكومية لمواجهة الحراك الشعبي الشبابي الأخير عن الوجه الحقيقي للاحزاب القابضة على السلطة باعتبارها سلطة دكتاتورية تحكم بالحديد والنار، وما الشعارات الديمقراطية التي تبجحت بها خلال الاعوام التي أعقبت التغيير في نيسان 2003 سوى بهرجة وظفتها لاخفاء الوجه الحقيقي لهوية السلطة التي تعيد إنتاج سلوكيات النظام السابق في القتل والقمع والترهيب.

في الاول من تشرين الاول 2019 انطلق الحراك الشبابي العفوي المتحرر من سلطة أو نفوذ أو قيادة الاحزاب السياسية وبضمنها تلك التي تصدت لقيادة الحراك والتظاهرات التي انطلقت في الاعوام الماضية. 

ومنذ لحظة ولادته، زرع الحراك الرعب في أوصال العملية السياسية برمتها، التشريعية منها والتنفيذية. وفي لحظة فارقة في تاريخ القمع العراقي، اعتقدت الحكومة ان تفريق المتظاهرين الشباب بالقوة في ساحة التحرير، مركز ولادة التظاهرات السابقة، سيكون كفيلا بوأد الحراك، لكنها بهذه الخطوة ساعدت على ولادة ساحات تحرير في كل مدينة سواء في العاصمة بغداد أو في محافظات وسط وجنوب العراق. 

لم يجد الحراك الشعبي إستجابة لدى بعض النخب التي اعتقدت انه لن يكون مؤثرا من حيث عدد المشاركين نتيجة غياب تنسيقيات تقوده، غير انه جوبه بحملة منظمة من نخب أخرى، هي نخب السلطة وأحزابها الاسلاموية التي استهدفت الشباب الغاضب عبر محاولة ربطه بجهات خارجية تريد تقويض التجربة (الديمقراطية) في العراق، فيما ذهب آخرون أبعد من ذلك من خلال التماهي مع الموقف الايراني الرسمي الذي صور الحراك الشبابي الغاضب بانه مجرد استهداف للعلاقة (التاريخية) بين الشعبين العراقي والايراني.

 بُعيد اليوم الخامس للحراك، أي في السادس من تشرين الاول، استشعرت الاحزاب الشيعية حجم الخطر الشعبي الذي يهدد وجودها، كما اكتشفت انعدام قدرتها على اقتراح برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يحتفظ بحد أدنى من العلاقة مع الشارع الغاضب نتيجة غموض رؤيتها، فعمدت الى خلط الأوراق عبر اتهام شباب تشرين الغاضب بالعمل تحت تأثير أجندات خارجية، أمريكية وسعودية على وجه التحديد، ولجأت الى اسلوبها القديم الجديد بتفعيل أذرعها العسكرية التي أخذت تلاحق الشباب الثائر ووسائل الاعلام التي غطت التظاهرات من خلال الهجوم على قنوات فضائية ومضايقة الصحفيين، واعتقال الشباب الذين يحتفظون بصور وأفلام عن الحراك بهواتفهم النقالة. 

كشفت التظاهرات حجم الهوة بين الاحزاب التي تدعي تمثيل "الطائفة الشيعية" عبر المتاجرة بمظلوميتها وبين أبناء هذه الطائفة من المسحوقين، ولم تكتشف تلك الاحزاب ان الحراك هو أقرب الى الصراع الطبقي بين أغلبية مسحوقة ومحرومة من أبسط حقوقها، واقلية سلطوية طفيلية مهيمنة على ثروات البلد ومقدراته، من أي صراع، طائفي أو مناطقي، حاولت تلك الاحزاب امتطاؤه خلال العقد ونصف العقد الماضيين، وتكاد جغرافية الحراك في بغداد ان تفك الاشتباك في زيف ذلك الادعاء، حيث تركزت الاحتجاجات والتظاهرات في مدن مكتضة بالسكان الذين تنتمي غالبيتهم المطلقة الى "الطائفة الشيعية" مثل مدن الصدر والشعلة وحي العامل والزعفرانية، وبذلك أجهض مشروع الدولة الثيوقراطية المستمدة من مفهوم دولة ولاية الفقيه، كما انحسرت بالتزامن مع ذلك سطوة الكهنوت الديني الذي يكاد عبر خطابه "الجمعوي" ان يقف على الحياد أحيانا، وأن يكون وسطيا ويقف في المنطقة الرمادية من الصراع أحيانا أخرى. 

عرف العراق الحراك الجماهيري منذ عام 2006، وتنامى الحراك فيما بعد خصوصا في الأعوام 2011 و2015، غير ان المفاجأة كانت هذه المرة بحجم الحراك واتساع رقعته الجغرافية وتحرره من نفوذ الاحزاب واللجان التنسيقية التقليدية، وعلى الرغم من الرشا التي قدمتها الواجهات الرسمية للاحزاب السياسية الماسكة بمقاليد السلطة و تعاطيها مع الحراك بالمسكنات، لكن الشباب الغاضب سيرغم هذه الاحزاب وواجهاتها الرسمية على مواجهة الأسئلة الصعبة التي تحايلت على الاجابة عنها منذ عقد ونيف. فقد تسابقت الرئاسات الثلاث، الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، في تقديم مقترحات المشاريع التي تصب جميعها في حل أزمة المعيشة اليومية للشباب الغاضب. بمعنى آخر، تسابقت في تقديم الرشا لهؤلاء الشباب ثمنا لكسب المزيد من الوقت الذي سيمنح هذه الرئاسات، الممثلة للاحزاب السياسية، فسحة لالتقاط الانفاس والتعافي من هول الصدمة، وتجهيز ما تستطيع من أدوات العنف بغية القضاء على مكتسبات الحراك الجماهيري، وهو ما دشنته بالفعل أثناء سير الحراك عبر اطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه الساخنة ما أودى بحياة المئات من المشاركين بالحراك ومن بعض عناصر الأجهزة الأمنية بالاضافة الى إصابة أكثر من ستة الاف شاب بجروح بعضها خطيرة جدا.

انفجار الغضب الكامن في الايام المقبلة سيجد الاجابة الشافية عن السؤال الذي شغل الشارع والمتابعين للشأن العراقي والذي مفاده؛ هل النظام السياسي في حاجة إلى إصلاح أم إلى نسف من الجذور؟.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف