الأخبار
ماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الصوفية الحديثة : الطريق الثالث في الفلسفة!بقلم:محمود شاهين

تاريخ النشر : 2019-10-14
(كلمتي المختصرة في مؤتمر جمعية النقاد الأردنيين )
مقدمة : أثارت كلمتي التي ألقيتها في المؤتمر الثامن لجمعية النقاد الاردنيين، حول مفهوم "الصوفية الحديثة" في مذهب وحدة الوجود، ردود فعل مختلفة بين معجب كالدكتورة سحر سامي من مصر، ورافض لكونها ليست فلسفة مادية كالدكتور أحمد ماضي من الاردن . وهي في الحقيقة ليست كذلك . فأنا أعتبرها الطريق الثالث في الفلسفة ، وأطلق عليها اسم " المادية الروحية " فهي ليست فلسفة مادية بالمطلق وليست فلسفة مثالية بالمطلق ، لاستنادها إلى العلم والمنطق الفلسفي حسب الأولى والاحساس الروحي حسب الثانية . وفيما يلي النص الكامل للكلمة ، التي أنوه في نهايتها إلى أن ما يرد فيها ليس حقائق مطلقة بقدر ما هو اجتهاد شخصي ، فالحقيقة المطلقة حسب فهمي ، لم يعرفها العقل البشري بعد . :
الصوفية الحديثة
محمود شاهين

مقدمة :
في طفولتي اصطحبني أبي معه إلى القدس ، ليريني الصخرة التي طارت لتلحق بالنبي محمد حين عرج إلى السماء، فهتف النبي لها قائلا " اهدأي يا مباركة" فتوقفت، وظلت معلقة بين السماء والأرض إلى يومنا.. ورغم أنني لم أر الصخرة طائرة وأنا أدور حولها مع أبي ، إلا أنني لم أشك اطلاقا في قول أبي .
نموّت وسط هذا النوع من المفاهيم الدينية ، دون أن يراودَني شك في صحتها ، رغم اصطدامي بشكل شبه يومي، بما يتناقض مع تعاليمها وشرائعها .. ولم أعرف أنها ستكون مصدر قلقي، حين بدأت أفكر بجدية في الطريق الذي سأسلكه لتكوين شخصيتي ، ورسم مستقبل حياتي ، بحيث لا تكاد تخلو قصة أو رواية لي ، من هذا القلق ، الذي انعكس بصور مختلفة ، في الوقت الذي كنت افكر فيه بمشروعي الثقافي الذي سأنتهي إليه ، والذي كانت أعباء الحياة تحول دون الشروع فيه . فهناك مسألة العيش التي لم أجد إلا الصحافة ومن ثم الرسم للجوء إليهما ، وقد أخذ هذان الكثير من الوقت ، إضافة إلى القضية الفلسطينية التي كانت معظم قصصي ورواياتي تدور حولها ..
هذا الواقع دفعني لأن أشعر بأن الزمن يطوي سني عمري، دون أن أبدأ العمل في مشروعي الثقافي الذي أفكر فيه . كنت في أوائل التسعينيات قد هجرت العمل في الصحافة على أثر توريطي في فتح محل لبيع البالة ! ولم أكن قد احترفت الرسم الذي كان هوايتي.. شعرت بعد أكثر من عامين في بيع البالة، أنني أضيع نفسي وأقتل الطموح الذي أحمله في داخلي، فكنت أمام خيارين : إما أن أحرق نفسي أو أحرق البالة ، فحرقت البالة . في الوقت الذي كانت تتأجج في دخيلتي شهوة طاغية لأن أشرع في كتابة مشروعي، الذي كانت خيوطه ترتسم في مخيلتي لأكثر من أربعة عقود "
كتبت ملحمة " الملك لقمان " وعلى هامشها كتبت ملحمة " غوايات شيطانية " " والسلام على محمود " وبعد بضعة أعوام . كتبت " أديب في الجنة " و " عديقي اليهودي " و" زمن الخراب "إضافة إلى مئات الأبحاث والمقالات والمقولات والخواطر حول مذهب وحدة الوجود ، تجاوزت 1400 موضوع . أقدم فيها فهمي للوجود والغاية منه، عبرمنهج اتبعت فيه ما توصل إليه العلم ، إضافة إلى الفكر الفلسفي المادي ، وخاصة في المنطق والاستدلال ، والفكرالصوفي في تأملاته واجتهاداته ، والتصوف في بعض المعتقدات الشرقية، ورؤية الوجود في بعض المعتقدات المادية أو شبه المادية ، كالتاوية والجاينية والشنتوية ، والبوذية ،إضافة إلى تأملاتي واجتهاداتي الشخصية . وفي الإمكان القول ، إنني خلصت إلى فهم معاصر لمذهب وحدة الوجود، يختلف إلى حد كبير عن المفاهيم السائدة في العقائد والفلسفات المختلفة ، وقد يتفق مع بعضها في مسألة واحدة، هي أن ألوجود واحد وليس وجودين . ومن أهم هذه المفاهيم :
أولا : الخالق :
الخالق طاقة سارية في الخلق ومتجلية فيه . أوجد ذاته بذاته لذاته منذ الأزل، وما يزال يوجد ذاته بذاته ، إلى أن تتحقق الغاية التي أوجد ذاته من أجلها ، وهي إقامة الحضارة الانسانية
بتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال . وهو خير مطلق وعدل مطلق ومحبة مطلقة وجمال مطلق . لا يحاسب ولا يعاقب ولا ينتقم ولا يكره ، فهو يسمو على النوازع الشرانية والعدوانية وكل ما هو غير خيراني .
وهوغير منزه عن الوجود إلا بمفردات لغوية أوجدها البشر، بعد اختراع اللغات منذ زمن قريب جدا لا يتجاوز ستة آلاف عام من عمر الوجود، القائم منذ قرابة أربعة عشرمليار عام .. وهو يتجلى في كل شيء في الوجود وليس في شيء محدد دون غيره . وهو كطاقةٍ سارية، يسري في كل شيء في الكون والكائنات ، من أصغرذرة أوخلية إلى أكبر مجرة . ودونه لا يمكن أن يتم أي خلق مهما كان، كما لا يمكن أن يتم أي فعل . وهو يدرك وجوده المادي لأنه يحتويه ويتمظهر فيه . ويعي وجوده الطاقوي لأنه ينتجه .
ثانيا : الغاية من الخلق:
إن الغاية من الخلق ، هي أن يكون خالقا ومشاركا في عملية الخلق . فخلق البشر مثلا ليس إلا للمشاركة في عملية الخلق وبناء الحضارة . فالخالق لا يبني مدنا ولا يقيم جسورا ولا يمكن أن يقيم حضاره دون الانسان المتجلي فيه . وأنوه إلى أنني استخدم مفردة خلق كتعبير مجازي يسهّل الفهم على المستمع ، فليس هناك خالق ومخلوق ، فلا في الوجود إلا الخالق ، أو الله حسب تعابير بعض المتصوفة ..
الأمر نفسه ينطبق على الحيوانات والنباتات والطبيعة .. فلكل دوره في عملية الخلق . غير أن الانسان تميز عن الكائنات الأخرى بمدى وعيه وقدراته العقلية . فلو اختصر عقل الإنسان على عمل محدد بعينه ، كما هي الحال مع الحيوان والنبات ، لما كان هناك حضارة ، ولما حقق الخالق الغايات النبيلة التي يسعى إليها . إن عقل الانسان جزء من العقل الكوني للخالق.
ثالثا : عملية الخلق .
الكائنات كلها من الجماد إلى النبات إلى الحيوان إلى الإنسان، تخلق نفسها بنفسها بفعل الطاقة الناجمة عن العناصر المادية التي توفرت لها، وتفاعِلها مع طاقة الخلق الكلية السارية في الكون، التي أطلق عليها البشر اسمَ الله . فإذا كانت العناصر المادية إيجابية، تنتج عنها طاقة ايجابية، ينتج عنها خلق إيجابي ، وإذا كانت العناصرالمادية سلبية ينتج عنها خلق سلبي ، قد يكون ضارّاً، وإذا كانت المادة مزيجا من السلب والإيجاب ينجم عنها خلق مشوه ،غير قابلٍ للبقاء. ونظرتنا إلى الوجود تشير إلى تفوق المادةِ الإيجابية، على المادة السلبية ، بدليل وجود الجمال والبقاء والتطور والرقي في عملية الخلق، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه خلال ما يقرب من أربعة عشر مليارعام من عمر الوجود ، وما تزال العملية مستمرة إلى أن تتحقق الغاية من الوجود ، وهي بناء الحضارة الانسانية كما أسلفنا ،وبلوغ الكمال المطلق، أو الأقرب إلى المطلق .. وبناء على هذا الكلام نستنتج أن عملية الخلق ما تزال في بداياتها لأن غاياتها السامية لم تتحقق بعد ، وقد يحتاج الأمر إلى ملايين السنين . فالانسان لم يعرف نفسه بعد . ولم يدرك الغاية من وجوده . ربما أدركها النبات والحيوان بشكل نسبي .. أما الإنسان فقد أضاع نفسه !
رابعا: الحياة والموت !
أين سيقيم البشر إذا لم يكن هناك موت . ومن أين سيحصلون على غذاء يكفيهم .. الموت ضرورة لتغذية الأرض وتجدد الحياة ، فكما تحافظ المعادن على بقاء جسم الإنسان سليما، تحافظ على بقاء وديمومة كوكب الأرض ، وكان يفترض في الإنسان أن لا يستخرج من الأرض إلا المعادن الضرورية لبناء الحضارة الإنسانية ، بحيث يمكن تعويض المستخرج من الأرض بالعائد إليها من موت الكائنات، وبعض المعدات والآلات منتهية الصلاحية ، لتحافظ الأرض على توازنها ولا تدمر ، غير أن الإنسان ضل طريقه، وراح يستخرج من معادن الأرض، ما قد يفوق طاقتَها الإنتاجية على المدى البعيد، ويصنع أسلحة الدمار الرهيبة ، ليقضي على مخزون كوكب الأرض من المعادن وغيرها ، بحيث لا يمكن تعويضه بما يعود إليه ، وهذا ما يؤثر بدوره على انتاج الغذاء بل والطاقة الفاعلة في عملية الخلق ضمن الكوكب .
يخاف الناس من الموت . المؤمنون وغير المؤمنين يكرهونه . لم يرتبط الموت بحياة أخروية راغدة في جنة وإلا لما كره إلى هذا الحد ..لا أحد يتذكر حورالعين والجنة عند الموت إلا بالتمنيات للميت بأن يكون من الخالدين فيها . الموت ضرورة لتجدد الحياة واستمرارها ، وجسد الإنسان بعد الموت يتحلل إلى عناصره الأولية، ويختلط بالمادة والطاقة عنصري الحياة الأساسيين ، أي أنه يتحد مع الطاقة الخالقة ليقوم بدوره في عملية الخلق، والخلود إلى الأبد في الذات الخالقة .. وهذا أعظم ما يطمح إليه أي مؤمن متصوف.. والموت كما نعلم حق في الفكر الديني . كثيرا ما أنعى راحلا بأن أتمنى له خلودا جميلا في المطلق الأزلي الذي لا يموت ، أي المادة والطاقة، وإن شئتم ألله .
ختاما : إن ما قدمته لا يغني إطلاقا عن كل ما كتبته ، في الفلسفة الحديثة لمذهب وحدة الوجود. علماً أن كل ما فكرت فيه وكتبته، ليس أكثر من اجتهاد في فهم الوجود والغاية منه، ولا يرقى اطلاقا إلى حقائق مطلقة .
شكرا لاستماعكم.
محمود شاهين
12/10/2019
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف