الأخبار
إعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حرب
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفنية والسرد في رواية مريم/مريام بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-10-12
الفنية والسرد في رواية  مريم/مريام  بقلم: رائد الحواري
الفنية والسرد في رواية
مريم/مريام
التناص مع القرآن الكريم
من الجميل أن يقدمنا السارد من القرآن الكريم، فهو يعيدنا لنكتشف جمالية الصور القرآنية، وهذا بحد ذاته يحسب للعمل الأدبي، تسرد لنا "مريم" ولادتها "لإلياس" بهذا الشكل: "أسفل شجرة رمان جاءني المخاض، كنت جائعة وظمأى ومحبطة... أتشبث بجذع شجرة الرمان، ... كنت أود أن أهز جذع الرمانة لتسقط علي أمنا وسكينة، علها تبشرني بالطمأنينة، وتبارك ولادتي، وتخفف عني آلام جسدي وروحي" ص28، لقاء وتماثل مع قصة مريم وولادتها للسيد المسيح، وكأنها بهذا الأمر أرادت أن تقول أن ولادتها "لإلياس" تتماثل ولادة "مريم العذراء للمسيح" وبما أن هناك توافق في الاسم "مريم" فهذا يشر إلى وجود ارتباط بين الولادتين.
العقل الباطن في السرد
يخبرنا السارد في حالته كسجين ـ دون وعي ـ من خلال هذه المقطع: "هنا" و "الآن" مفردتان تقومان مقام المكان والزمان بحيادية باردة، لكن من سيهن لأمري إذا زعمت أن ال "هنا" (تشكيل يشكل حبكة الحكاية، الحكاية بنسقها الزماني الطويل، أما "الآن" فإنها تشير إلى حاضر يكتظ بكل ألوان المآسي والأكاذيب القديمة، والجديدة" ص14، فالسارد يتحدث عن رواية "الآن هنا" لعبد الرحمن منيف التي تتحدث عن الاعتقال والتعذيب الذي يتعرض له السجين، والسارد أوصل لنا حالته ووضعه كسجين ـ دون وعي ـ بأنه يعاني كما عانت شخصيات "الآن هنا".
وأيضا نجد العقل الباطن الذي يكشف حقيقة/واقع السارد السجين من خلال: "...ستظل تكسوني لغة الصمت، وأبقى قابعا أسفل قوقعة عزلتي، مواظبا على جمع شتات روحي المبعثرة" ص15، فذكر "القوقعة" رواية "مصطفى خليفة" التي تتحدث عن السجن تجعلنا نعرف ان السارد سجين يقبع في قوقعة.
الرمز
لم يعد هناك مسار/خط واحد للعمل الأدبي، فتعدد وتداخل المدارس/الأشكال الأدبية يعد حسنة ويعطي جمالية للعمل، فرغم أن الرواية تميل نحو الواقعة، إلا أننا نجدها تخرج/تتمرد على المحافظة على شكل/نسق واحد، فالسارد يقدم لنا "شجرة التين العسلية" بطريقة رمزية، وأحيانا يعطيها بعدا "ميتافيزيقيا، فبعد أن زيارة "مريم" لنبع الماء والتينة العسلية" تبد فيها الحياة من جيد، وكأنها في ريعان الشاب:" دهشت وأنا أراها تسير بلا عكاز، وقد كانت تمشي بخطوات ممتلئة بالعزيمة والإرادة، وخيل إلي لحظتها أنها كانت تتضوع منها رائحة الصبا، لقد استعادت عافيتها حينما لامست الذكريات." ص163، فتبدو التينة وكأنه عشبة الشباب التي بحث عنها جلجامش، وهناك قول (مباشرة) لمريم، تتحدث فيه عن رمزية التينة العسلية: "...هذه التينة هي زمان ومكان وشاهدة على الذاكرة تأبى أن تتوارى في مراقد النسيان، أما التينة في الحدقة ، فهي تلخص زمنا آخر يشبه الضياع، هذه التينة أصل، وتلك يشبه نكبتنا، هذه التينة عنوان صمود لا تنفك تقاوم، أما تلك فهي عنوان استسلام ولاجئة مثلي ومستسلمة" ص162، ورمزية التينة لا تقف عند هذا الأمر، فنجدها أيضا عندما يقوم "بنحاس" بقلعها بالجرافة، وإزالتها نهائيا، لكن وجود" فرع منها في الناصر في بيت "مريم" يبقي رمزيتها حية.
سرد الرواية
هناك نقلة نوعية في سرد الرواية وفي لغة الشخوص بعد ظهور "عيسى/أبو سريع" فأخذت اللغة تميل ـ احيانا ـ نحو الطرح الفكري/الأيديولوجي، وإلى الطرح المباشر: "لا عيب في ذلك، المهم أن يترجم ما يحمله من ثقافة في الميدان، ويسعى دائما لأن يكون منسجما مع ما يحمله من مواقف" ص131، وهذا الكلام العالي والمباشر يتماثل مع شخصية "أبو سريع" المناضل والمثقف، لكن كان لهذه اللغة أثر على مجرى السرد، فعندما دخل "إبراهيم/أبرا" منزل أهلة واخذ يتفقد محتويات المكتبة كان هناك العديد من الاقتباسات من كتب ومسرحيات: "...مسرحية كاتشوب لحانوغ ليفين:
هي الأرض الكاملة ولن أضحي بروحي من أجلها، وما وعد به الرب ليفي به على حسابه الخاص" ص254، وهناك اقتباس آخر جاء فيه "... لان الصهيونية تحولت من حركة سياسية عادلة في زمنها إلى آلة حرب مدمرة، تبرر عندم أخلاقيتها بادعاءات ومزاعم واهية" ص254و255، وهذا يشير إلى تأثر السارد بالشخصيات وبما يتحدثون به.


اللقاء بين
"عائد إلى حيفا ومريم/مريام"

ليست هذه الرواية الأولى التي تتلاقى مع "عائد إلى حيفا" فهناك رواية "الرقص الوثني" لإياد شماسنة، التي أكمل فيها قصة "خلدون/دوف" وفي رواية "مريم/مريام" نجد علاقة تكاملية بين الروايتين، فهما يتناولان الطرح الفلسطيني والطرح الصهيوني، وهما يتحدثان عن الأسس الفكرية التي يتعمدها كل طرف، ونجد تقدم رواية "مريم/مريام" على "عائد إلى حيفا"، حيث تتعمق أكثر وتعرفنا على تفاصيل دقيقة من الطرح الصهيوني، وتأكد ـ من خلال أحداث الرواية وشخصياتها ـ على استحالة القاء/التوافق بين الفلسطيني والصهيوني، وهذا يعود إلى زمن الكتابة، وإلى شخصية الكاتب، وظرف الكاتب والكتابة.
أسم شخصية المرأة الصهيونية في عائد إلى حيفا "ميريام" وهو عين أسم "مريام"، وكلتهما عاشتا المحرقة "ميريام" وفي عين المكان: "كانت "ميريام" فقدت والدها في "اوشفيز" " ص379، "لكنا نجهل مصيرنا ...يقبع الآلاف.. عشرات الآلاف .. مئات الآلاف ... اقتيدوا إلى خارج أوشفيتز" ص51و52.
وكلا من "سعيد وإلياس" شعرا بالذل والإهانة عندما دخلا إلى "حيفا وصفورية، "لا أريد الذهاب إلى حيفا، أن ذلك ذل، وهو أن كان ذلا واحدا لأهل حيفا فالبنسبة لي هو ذلان" ص359، "ولا أرى في الدخول إلى صفورية سوى المشهد الأكثر إذلالا!" ص71.
ونجد عين الفكرة الفلسطينية عن العودة الطبيعية للوطن/للبيت/للمكان: "كل الأبواب يجب ألا تفتح إلا من جهة واحدة، وأنها إذا فتحت من الجهة الأخرى فيجب اعتبارها مغلقة" ص341، "...ألم اقل لك منذ البدء أنه كان يتوجب علينا إلا نأتي ...وأن ذلك يحتاج إلى حرب" ص412، "العودة إلى بيوتنا تحتاج إلى حرب" ص107.
والنظرة الفلسطينية للوطن/للحل متماثلة: "...إن أردتم استرداده، أن تسردوا البيت، ويافا ونحن ... الصورة لا تحل مشكلتكم" ص393، "ما هو الوطن؟ أهو هذان المقعدان ظلا في الغرفة عشرين سنة؟ الطاولة؟ ريش الطاووس؟ صورة القدس على الجدار؟ المزلاج النحاسي؟ شجرة البلوط؟ الشرفة؟ ما هو الوطن؟ خلدون؟ أوهامنا عنه؟" ص405، "أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن هو إلا يحدث ذلك كله... فلسطين التي في الذاكرة اكثر من ريشة طاووس، أكثر من ولد، أكثر من خرابيش قلم رصاص" ص411، "ص411، "المسألة ليست مسألة بيت ، ...لكن ثمة فارق بين بين وبيت، بيتي هذا هو أشبه بالبرزخ، مكان مؤقت يرمز لتشردي ولجوئي حتى ولو كان قصرا أمام بيتي السابق في صفورية، فهو مكاني الذ1ي تكتظ به الذكريات ويقتلني الحنين إليه... المسألة ليست شخصية بيني وبيم مريام، إنها تتعلق بشعب وقضية وصراع طويل ومرير" ص 190.
ونجد عين الطرح الصهيوني ومبررات احتلال فلسطين وتشريد أهلها: "زوجتي تسأل إن كان جبننا يعطيك الحق في أن تكون هكذا، وهي، كما ترى، تعترف ببراءة بأننا كنا جبناء، ومن هنا فأنت على حق، ولكن ذلك لا يبرر لك شيئا، ... أن أكبر جريمة يمكن لأي إنسان أن يرتكبها، كائنا من كان، هي أن يعتقد ولو للحظة أن ضعف الآخرين وأخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم، وهي تبرر له أخطاءه وجرائمه" ص410و411، "أنها الحرب والمنتصر بها هو من يقرر مصير المهزوم، ونحن من حسم هذه الحرب، ونحن بالتالي من يقرر نتائجها ويحسم مصير المهزومين...هل من العدل أن نترك تسيبوري بعد خمسين عاما ونسلمها للعرب؟ أنت نفسك يا عنات أين ولدت ونشأت وترعرعت؟ ...هل من العدل أن تغادري موطنك ومسقط رأسك بعد ل هذه السنوات؟" ص176.
ملاحظة: مراجع عائد إلى حيفا ، الآثار الكاملة، الروايات، غسان كنفاني، الطبعة الثالثة 1986.
الرواية من منشورات دار الآدب، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2020
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف