الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأسرة في رواية مريم/مريام كميل أبوحنيش بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-10-10
الأسرة في رواية مريم/مريام كميل أبوحنيش بقلم: رائد الحواري
الأسرة في رواية
مريم/مريام
كميل أبوحنيش
إلياس/إيليا/إيلي
"‘إلياس" ابن الشهيد "محمود"، وبكر "مريم"، في البداية أخذت يعمل مع عمه "عمر" في المطعم، لكن كثر الشجار بينهما جعله يتجه نحو العمل في تركيب القرميد، يدخل إلى صفورية للعمل وهناك يشاهد جمال "شلوميت/سلام" ويأخذان في اللقاء ويقررا الزواج رغم المعارضة الشديدة من أهلهما، فهو يعاني من حالة عدم الانسجام مع محيطه، إن كانوا عرب أم يهود، فهو مرفوض/منبوذ من الطرفين، حتى أن أمه "مريم" (استفرغته/خلعته) من نفسها واعتبرته غير موجود، وهذا الفقدان لحنان الأم وعاطفتها، كان لا بد من وجود مغذي آخر يستطيع به أن يعوض عاطفة وحنان الأم "مريم" لهذا توطدت علاقته أكثر "بشلوميت/سلام" ولأنهما "منبوذين" كان عليهما ان يتوحدان معا أكثر، فالعلاقة "الحميمة" بينهما والتي استمرت دون وجود أية خلاف بينمها واعاش في توافق وانسجام، له أسباب في المحيط الخارجي، فهما يتعرضان لهجوم شرس من الخارج، وعليهما مواجهته وأثبات للآخرين أنهما على صواب ولم يقترفان أي خطيئة، هذا الأمر نجده بين السطور عندما تحدث "إلياس" مع "إبراهيم" عن ماضيه: "ـ ...أنا أدرك مدة الحيرة والأسئلة التي نعصف برأسك، ما استطيع أن أقوله لك إن ما جارى بيني وبين أمك مسألة تشبه القدر، ولا يمكننا إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، نحن لسنا نادمين على هذا القرار، علينا أن نتعامل مع هذا الواقع، ولا داعي لفتح الماضي" ص65، استخدم "إلياس" لا يمكن إرجاع عقارب الساعة، علينا التعامل مع الواقع، لا داعي لفتح الماضي" كلها تشير إلى أن هناك (ندم) عدم اليقين من صحة ما فعلاه، لكنه يرفض الاعتراف بهذا الندم/الخطأ لنفسه فيكف له أن يظهره للآخرين؟.
وبما أن "إلياس" ابن الشهيد والرجل الكامل "محمود" فإنه كان يشكل عليه عبء: "أنت ابن الشهيد محمود ... بهذا الكلام طوقتني الألسنة والعيون أينما وليت وجهي، وبقدر ما يحمل هذا الكلام من فخر وتميز بالنسبة لي، كان يشعرني أيضا بعبئها الثقيل!" ص66، عندما يكون الإرث أكبر من أن يُحمل فإنه سيكون عبء على الوارث، وهذا ما حصل مع "إلياس" واعتقد أن هذا الإرث له علاقة بالخلاف بين "إلياس وعمه عمر"، "عمر" الذي تزوج "مريم" وأنهى وجود الزوج والشهيد والحب الأول "محمود" من حياة "مريم وإلياس" انعكس على سلوك وعلاقته مع عمه وزوج أمه فكان الخلاف هو سيد الموقف بينهما.
تحدث "مريم" عن صفورية حفز "إلياس" وأثار فيه حب معرفة تفاصيلها، فعندما عرض عليه العمل فيها وجدناه تقبله حتى لوكان فيه شعور بالإذلال:
"...رأيت بحزن بيوت المستوطنة وسكانها الغرباء وبضعة بيوت عربية في صفورية، ... إذن أرض الحكايات والأحلام والأحزان المكبوتة! ليسفي وسعي إلا الخشوع بحزن، ولا أرى في الدخول إلى صفورية سوى المشهد الأكثر إذلالا! ومع ذلك، فقد آثرت كبت مشاعري من دون مبالاة.
... دهشت حين رأيت شجرة التين العسلية القريبة من عين الماء التي حدثتني أمي عنها" ص71، مشاهدة بلاد الأحلام، البلاد الممنوعة أثارة "إلياس" وبدأ عقله الباطن يبحث عن طريقة تجعله حرا في مشاهدة ودخول "صفورية"، فحكايات "مريم" عنها جعلت منها الجنة، الفردوس المفقود، وها هو يجده امامه، كما أن حضور "مريم" "التينة حدثتني عنها أمي" ـ جعلت العقل الباطن عنده ـ أكثر اصرارا على ضرورة إيجاد طريقة يدخل بها إلى صفورية.
المكان الجميل والذكريات وماضي أهله جعلته يتقرب إلى المكان: "...حيث ترقد أسفله عظام أبي وأجدادي ومأساة أهلي في صفورية، وفي هذا المكان، في بيت أعدائي الذين يدوسون على عظام أبي، سأعثر على توأم روحي :شلوميت" ص73، إذن اقتران "إلياس بشلوميت" لم يأتي يكن عن حب صافي، بل له أسباب متعلقة بأزمة ومأساة "إلياس" وأمه وأهلة" فلو توقفنا عند إرث الأحزان والمآسي التي سمعها من أمه "مريم" لوجدناه يشكل حاجز كبير أمام الإقدام على إقامة علاقة مع "شلوميت"، لكنه كان أضعف من أن يحمل ذاك الثقل الذي حملته مريم" فقرر أن ينهي ألمه ومأساته من خلال الزواج "بشلوميت/سلام".

شلوميت/سلام
"شلوميت/سلام" لم تكن صهيونية، وكانت منسجمة مع ذاتها كما هو الحال "مريم" وما كان زواجها من "إلياس" إلا تأكيد على رفضها للصهيونية، وقد دفت ثمنا باهظا نطير زواجها من العربي "إلياس" "ومنذ ذلك الحين وأهلنا ينبذوننا ويقاطعوننا، ومحيطنا الاجتماعي بات محدودا" ص76، فترك الحياة السوية والإقدام على حياة قاسية ومريرة يعتبر تحدي للمحيط وأيضا يشير إلى نبل وإنسانية من قام بالتحدث ورفض ما هو سائد.
وقد يسأل سائل، أليس هذا الأمر ينطبق على "إلياس"؟ بالتأكيد لا، "فإلياس" بزواجه حصل على حرية مشاهدة ودخول الأرض المحرمة، كما أن حياته في "الناصرة" لم تكن سهلة، بينما حياة "شلوميت" كانت هنية ورغيدة، وزواجها من "إلياس" حولها إلى حياة صراع ومواجهة مع الآخرين/المحيط الخارجي، وقطيعة مع الأهل، ومع أمها "مريام" وأخوها "بنحاس" ، بينما حياة "إلياس" كانت شقاء وألم، ولم يتغير عليه عبأ الحياة وثقلها.
تحدثنا "شلوميت/سلام" عن أثر حكايات أمها "مريام" عليها: "حيث مريام الدائم عن عائلتها التي قضت في المحرقة النازية فتح وعيي وضميري مبكرا على المأساة الإنسانية، وأورثني حزنا عميقا على أمي المسكينة التي قلما رأيتها تبتسم، وإحساسا مرهفا، فطفت أرسم منذ صغري وجوها جميلة مع ظلال للحزن" ص81، إذا توقفنا عند هذه الكلام، نجد أن أثر (السمع) أحداث المحرقة صقل "شلوميت/سلام" إنسانيا، بينما من عاش المحرقة ـ "مريام" ـ وشاهدها لم تأثر على إنسانيته ونظرته للضحايا الآخرين، فأثر سماع المآسي يكون ـ أحيانا ـ أكبر من أثر خوض التجربة/المأساة نفسها، ورغم أنها تعرضت لغسيل دماغ من والدها "آدم": "... بدأ والدي بحشو دماغي بالكراهية، ولطالما أصغيت إلى والدي الضابط في الجيش وهو يتحدث عن العرب و"المخربين" حين باتوا يتسللون عبر الحدود" ص81، إلا أنها بقيت محافظة على صفائها ونقائها الإنساني،، وإذا ما توقفنا عند طريقة نقل الأحداث نجد "شلوميت/سلام" تتحدث بحيادية، فهي لم تستخدم عبارة "يتسللون عبر حدودنا" وقال "الحدود" وهذا يعكس انحيازها للضحية وعدم الوقوف مع الجلاد.
وعندما تم لقاءها "بإلياس" وعرفت أنه ضحية من ضحايا صفورية الذين هجرتهم دولتها، كان ردت فعلها بهذا الشكل: "كما كنت اروي حكايتي لأول مرة، فحدثتها عن والدي الذي سقط في هذا المكان، وعن امي اللاجئة، وعن سكان بلدتي الذين ينزحون في حي الصفافرة.
دهشت شلوميت وتأثرت لدى اكتشافها حقيقة أصلي، وأن بيتها يقوم على رفات أبي وأهله، وغادرتني سريعا، اكتشفت لاحقا أنها كانت تبكي، عند هذه اللحظة، أدركت فعلا أني أحبها" ص74، كل هذا جعلها من "شلوميت/سلام" مستقلة بقرارها وتفكريها عن محيطها الصهيوني، وحتى انها تقدمت خطوة إلى الأمام عندما تجاوزت الحياد وانتقلت لتقف مع الضحية: "أمك ليست صهيونية، وكما تعلم، دأبت تشجب أعمال دولتها وتقف في صدارة المدافعين عن الحقوق الفلسطينية" ص77، إذن بعد شخصية "مريم" نحن أمام شخصية نسائية ثانية منسجمة مع ذاتها، تتفاعل بإيجابية مع الأحداث والمحيط.
وعندما نقف عند طريقة حديث "شلوميت/سلام" نجد فيها تجريم دولة الاحتلال، وبما أنها جزء من الدولة/المجتمع فهي تحمل نفسها أثم وجرم ما حل بالفلسطيني: "تأثرت حين أخبوني أن تسيبوري تقوم على أنقاض بلدته المدمرة، وعلى رفات والده وأقاربه، عندها احتقرت نفسي، واحتقرت دولتي ومزاعمها وخرافاتها الأسطورية، وأدركت أننا نفتقر إلى قوم الإحساس والإنساني" ص90، استخدمها للفظ "دولتي، أننا نفتقر، دليل على أنها تعد نفسها مشاركة في الجريمة، وهذا الإحساس بالذنب يؤكد على نبلها وإنسانيتها.

"عنات"
"عنات" أخت "إلياس" من جهة الام، وقد كانت الاقرب عليه في كافة الأوقات، وحتى عندما يشتد الخلاف السياسي بينما كان تستمر العلاقة بينهما، فحالة الانسجام بينما كانت متميزة:
"ـ نحن أعداء بحكم الصراع القائم على الأرض، ...أجل أنا أنتمي لصفورية المكان الذي سقط به جدي محمود وقلب جحدتي مريم.
...أسمع أبرم، أنت تعلم أنني لا أحب السياسة، ولا أتقن الخوض فيها، لا تعكر صفاء هذه الأمسية" ص185و186، اعتقد أن سبب الارتباط الوثيق بينهما يعود إلى أن "عنات" لم يكن لها أخوة أو أخوات غير "إبراهيم/ أبرم"، ولعدم قيام "إبراهيم" بإقامة علاقات مع نساء أخريات، فكان يجد في "عنات" البديل مكتفيا بها، يفضي لها ما فيه من اضطراب وألم، ورغم التناقض بين "مريم ومريام" إلا أن علاقة "مريم و"عنات" كانت طيبة.
وإذا توقفنا عن النساء الفاعلات في الرواية سنجدهن "مريم، مريام، عنات" والذكور الفاعلين "إبراهيم، وإلياس" بمعنى أن عدد النساء يتفوق على عدد الرجال، وهذا يشير إلى انحياز سارد الرواية للمرأة، وقد قلنا أنه قد تم تغيب الرجل "محمود، آدم" بينما بقيت "مريم ومريام" وبعد رحيل "إلياس" رحت "شلوميت/سلام" كل هذا يجعلنا نتأكد أن العقل الباطن للسارد يميل نحو المرأة، لهذا كان حضورها أكبر وأكثر وأهم من دور الرجل.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف