الأخبار
حمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماً
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جمالية الجملة اللانحوية في "الغزالة تشرب صورته" بقلم:محمّد خريّف

تاريخ النشر : 2019-10-02
جمالية الجملة اللانحوية في "الغزالة تشرب صورته" بقلم:محمّد خريّف
جماليّة الجُملة اللاّنحويّة في"الغزالة تشرب صورتها " لعلي الحازمي**

محمّد خريّف*

نحو التّوقيف اللّغويّ مدوّنة قوانين محدّدة في كتب النحو والصّرف وحتى البلاغة تظلّ اِفتراضيّة تخترقها طوارئ الإفادة السّيميائيّة المتأتّية عمّا يجرؤ عليه محوّل العلامة من خرق يستهدف الجملة النحويّة في مفهومها التقليدي فيصيّرها أنحاء لاتحدّد ولا تقنّن منفتحة على الاختلاف والتأويل المتنوع اللامنتهي. عهدي بالجملة النحويّة يعود الى أواخر السبعينات من القرن الماضي مع تشومسكي في كتابه "البُنَى النّحْويّة"***

Structures syntaxiques*

وهي جملة تقطع مع الجملة النحويّة في اللغة الانقليزية ولها مواصفتها التي تميز

لاَنَحْوِيّتها ومنها جملة :

                            " Furiously sleep ideas green Coreless*"

وهي جملة كغيرها من الجمل اللاّنحْويّة التي أشار اليها في الصفحة 17 من كتابه.

والجملة اللاّنحْويّة المترجمة عن الفرنسيّة

Phrase agrammaticale

  لها في العربيّة تعريفات وتحديدات مختلفة  وهي ما يُعرف بجُمل  اللّغو أو جمل الاِنحراف أوحتّى جمل الخطأ  البلاغيّ أو النحويّ إلى أن صارت تعرف بجملة الإبداع  لاسيّما في تجارب الشعر العربي الحديث والمعاصر وغدا لها طعم ذوق يحمده البعض وينبذه البعض الآخر  وللجملة اللاّ نحْويّة المُبتكرة جماليّة مختلفة عن جماليّة الجملة النحويّة التّقعيديّة المبتذلة ، إذ هي طريفة مُربكة بما تأتيه من أخطاء حاصلة لاعن جهل بل عن معرفة وتدبير رويّة ،والأخطاء قد تحدث من باب الصّدفة وقد تنتج عن زلاّت الخربشة الآنيّة أثناء الكتابة العفويّة.وجملة اللاّنَحْو جُملة اِختلاف طارئ غير مُنتظر نراها تتصدّر كتابةالشّاعر علي الحازمي صدارة العنوان في"الغزالة تشرب صُورتها" العنوان خبر لافت في صيغة جملة اسميّة تفقد إفادتها الدلالية المنطقية بخروج متمّمها "الصّورة" عن منطق متمّم الإسناد في الجملة العربيّة المفيدة فصارت جملة لانحويّة أو مجازية ،إذ الصورة لا تشربها الغزالة في عُرْف النّحو التقعيديّ ومنطقه التّوقيفيّ ،  فلا هي ماء يُشْرَب فيروي ولا الغزالة تشرب شكلها الذي لا يجسّد ها ولا يحدّ ها إلاّ على سبيل نحوالشعريّة أو المجازيّة البلاغيّة المستحدثة المبتكرة . وهذه الجملة تعتبر جملة غير نحويّة لأنها تُقْبَلُ في مقام خاصّ دون مقام عامّ وهو مقام الكلام أي مقام اللغة المُقعّد .وما صَانع  المقام الخاص إلاّ مخترق سقف مقام اللغة العامّ هنا ألا وهو الشّاعر متدبّر أمر علاماته فتكون جملته من صنيع نحوه الشّاذّ المّفرّد المنحرف عن صنيع نحوغيره الجمع المتكرّ بالاستعمال المتكرّر المبتذل ، فتأتي تلك الجملة المختلفة تركيبا علاماتيّا  يوقّع توقيع نحو ينحرف عن نحو سيبويه ومن لفّ لفّه  بما يخترق إفادته النحويّة من اِختيار  معجميّ يعدل به عن المعهود في المثل السّائر والأثر الدّائر. ولعلّ الشاّعر علي الحازمي يفجأ القارئ بما يجري على جملته من لا نحو و إن كان ينهل من حياض المعجم الشعري العربي القديم حين يقول:

من تعبي...

كان طيفك يبذرني في الحقول

كحبة قمح تفتق وجه التراب

لتفصح عن حرقة كامنة(ص32)

ويضاف النبات إلى الرّوح حين يقول"

حين تغفو سنابل أرواحنا

في هزيع سريرها القروي


ويخترق اللا نحو إفادة النحو الاسنادي

"فتبذرنا شمس آب والمنادى يرفع في عدول الدعوة الى المرور على الغيب ولا جزم لجواب الدّعاء في قوله: "


يا حبيبةُ مرّي  على الغيم

دعينا نطوّحُ بالأمنيات على مفرق السهل

حين وُلدنا

كما العشب  بين صخور  التلال القريبة

وشمس آب مزارع يبذرنا 

فتطلع جملة  تشوق شوق طرب حنين العودة على بدء  حين يقول الشاعر"

تصير دروب سماواتنا فضّة للأناشيد

تأخذننا  من يدينا إلى   أوّل العمر

في عسل النّحل ،نمضي أليه( ص12 )

 

وللجناح مُخيّلة، والغزالة تذهب للنّبع تغسل حنّاءها "والغزالة لون مريض يطوق صمت الحبيبين

في غصة القبلة العاثرة (ص41 )

وللغزالة قصة ميلاد على غير المنتظر

الغزالة تولد من لون  رجفتيْها مرّتين :

إذا التبست روحها  بالشذا

وان نبتت دون علم الحقول

على تربة في حريق اليدين

الغزالة طيف الهديل الملوّن " (ص ص 41و41)

الغزالة والطيف من معجم النّسيب في المعلقات يجدّدهما الشاعر بما يبتكر لهما من لواحق بكر تختل البصر في طريقه إلى الذّاكرة برُتُوش  طيْف الهديل الملوّن وتولد من رجفتيها مرّتين فيغدو سرد صورة الغزالة شعرية تنسج نسجا نادرا مبتكرا يحدّد ما لايحدّ ده الخبر ولا بوهم به التّعريف .

وتستمرّ الغزالة بملهمها ترجيعة تصوّف حين يقول الحازمي.

الغزالة شوك ينام بأجفان قنّاصة حَالمين

ومن قلق الفراشة  يختار الأنا موسما لقصيدته والفضّة تتعثر (ص53)

ومرورا لأحد المساء المريض (ص 71)

وكيف رحنا نبلّل  أقدامنا  بالحديث (ص84 )

كان ليل الشواطئ منشغلا

بالصلاة على روحنا

وزهور الأماني الصغيرة

ظلت هناك ...على ساحل العمر

 

ظلت ..مجفّفة كالغياب ( ص85 )

هي سنفونيّة من تهافت علامات تحيا

من "إنشائيّة اللاّنحو" متحرّرة في هذا العمل ولا هي على اقتفاء أثر  إجراءات التركيب النحويّ مكرهة و لاهي على الاقتداء بالميزان الصّرفيّ بِمُرْغمة ،فلا حذرمن خرق القاعدة  ولا خوف ولا اِعتذارمن تنوين "مناديلا"و"رسائلاً" في قوله: "

 يحيك خيبته مناديلاً"

تلوح للمدى في سربه " (ص24 )

حُبّكِ...

كساء الغرباء يولد في نهاية حلمه

يظلّ يُودّع بين ريش يمامتين

رسائلاً من شعر لوركا

في ليلته الأخيرة (ص24 )

هي قصيدة وجاهتها السرد الخاتل ،خاتل القارئ بما لا يتوقع فتلطف العلامات وتطرف،  وان كانت الجملة غير نحويّة ولا هي بلاغية على الوجه المتداول في ما يعرف بفصاحة القول في العربية القائم المسترسل بوسائل الفصل والوصل والاستعارة والتشبيه المنطقيين .يجري السرد في المجموعة الشعريّة بمنظومته المعهودة المخترقة بما بلائمها و لا يلائمها من إضافة السهول إلى الصمت وانهمار الهديل في دمنا وحمل الميزان الصرفي على أداء مالا تجيزه القاعدة من تنوين في " تراتيلا" حين يقول ساردا قصة النحن مع عودة الحمام.

" عاد الحمام غالى مشارف  بيتنا الطينيّ

وانهمر الهديل  على سهول الصمت

في دمنا تراتيلا توارب غربة النايات

في رئة  القصيدة...حين تكتبنا(ص54)

أليست هذه وقفة طلليّة في جوّها الايحائيّ العام مستظرفة بختلها الطّارف التليد.

هذا وان  كان السّرد الخاتل في غير قطيعة مع مواصفات نشر القصيد فصار نشيد إعلان عن المضيّ إلى الرّوح وهي عودة قريبة قرينتها التسويف للقريب إلى الولادة ثانية بما يشي باستشراف العلامات وامتلائها في" الرّوح" و"المُضيّ" و"الولادة الثانية" و"العودة القريبة".

سنمضي إلى الرّوح ياعائشة (ص37)

لكن إلى الولادة ثانية

 

سنولد ثانية ....لاتخافي

سنولد....

لو بعد ألف سنة

و الشّاعر عارفُ بقواعد الصّرف عليم من خلال ما يأتي بشروط تنوينه من عدمه في "مجاهلُ" في قوله :"

لان الحياة مجاهلُ  مأهولة بالضنى

وفي " قصائدَ" عند قوله:

بلغي عني قصائد لم أقلها

في اِشتهاء سواحل ظمأى

بعينيك ...( ص77 )

                                                وتصير الغزالة علامةَ تصْدير متحوّلة بتوليد الصّيغ والتّركيب المُختلف "أنشودة طفولة صباحيّة"

الغزالة طفلُ الصّباح المدلّل  في شجر الكلمات

الغزالة ناي  يؤثث صمت الجهات

الغزالة توق الحياة الى نفسها

خصر الجمال النخيل تروضه  النغمة  الثائرة ( ص 40)

جناح المخيّلة مكمن سرّ هذه المجموعة  أليست  أنشودة الغزالة قلب القصائد بنبضها الطّريف تستوقف القارئ العطشان ولا ترويه معزوفة الغزالة والشّارب شاعرا لا يرتوي من الصّور والصورة لا علاقة لها بالكلام ولا بنصّه والعهدة على بارط في صدارة كتابه "  "إمبراطورية العلامات"****. وان كانت العلامة في"الغزالة تشرب صورتها" مملوءة حدّ الفيض الصّوفي بمعنى العودة إلى الرّوح باعتبار الروح علامة أساسيّة هي المرجع الأوحد ضالّة الشاعر التائه ومآبه المنتظر بمنأى عن التصوّر السّيميائي للعلامة التي لا يعتبرها مهمّة ولاهي أساسيّة ولذا لا تخرج المجموعة رغم تلوّناتها الطربيّة في نظري عن مجالها الدّائريّ الذي ينأى بها عن حركة الكتابة اللولبيّة قرينة التّحديث وما بعده وان لم يخل نسجها من متعة وإمتاع ممّا يجعل" الغزالة تشرب صُورتها"تجربة في الكتابة لافتة" جديرة بالقراءة والتفكير في طرب الفيزيك باعتباره معبرا إلى الميتا فيزيك ، او لباسا  من عشب الرّوح :"

هيا البسي من عشب روحي

خضرة الماضي المبدّد في الجفون (ص 76) والمبتغى كمنتهى الوصول غالى سدرة الرّوح، وليس هناك أقرب  من حقل أحلامنا للوصول ألينا ...(ص81 ) .

وبعد أليست مجموعة "الغزالة تشرب صورتها" سمفونية إيقاع مغمور بفيض العود إلى الرّوح لحظة ذهاب أنثى الشاعر إليها في اِحتفاء  ألتوق إلى الرّوح في خمّارة من قرائنها الملهمة أن تشرب الغزالة صورتها وهل للصّورة  أن تشرب إلا على وجه المجاز  ومن تأويلاته غير المحدّدة الاِرْتِواء المأمول  في الذّهاب إلى الرّوح تلازم ذهاب الأنثى إليها ودوام حال النّخيل في مساء الخريف، وان كانت الغزالة هنا تشرب صورتها لا ماء غصنها الأهيف وشتان بين الصورة وصاحبة الصّورة ،أوَ ليست صورة الغزالة تُلهم الشاعر بل يلهم هوَ علاماته وتراكيبه  بما به تكتسب تلك العلامات والتراكيب  اللانحويّة المتحوّلة  لطفها ورشاقتها التّأثيريّة المختلفة.

" عندما تذهبين إلى روحك

 في مساء الخريف

يكون نخيل هوانا على حاله "(ص73)   .

ويظل الندى في رؤوس من الطلع أقْمارُهُ

وأنت كغصن رهيف

-يميل على ظله –تخلدين الى النوم

مخفورة بجلال  الرياحين

تحرسك نجمة في الكرى (ص73)

أهو تشبيب أم غزل عذريّ ، والطّيف رجع الصّبابة وان جرى في المقطع الموالي على غير ما جرى عليه طيف عبلة في منام عنترة بن شداد ؟:

في خصلة الماء  من هديل الغواية

لم يدم غير طيف هواك  المجنّح مختمرا

بفصول من الشيح خلف الظلال .. (ص72)

 *ناقد من تونس

**علي الحازمي الغزالة تشرب صورتها ، منشورات المركز الثقافي العربي  الدار البيضاء –المغرب  ط1 2004

***نُوَام تشومسكي: البنى النحويّة منشورات دوسوي بالنسبة الى الترجمة الفرنسية 1968

**** رُولون بارط: امبراطورية العلامات منشورات دي سوي،2005 و2007 بالنسبة الى الطبعة الاولى
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف