الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عائشة أبو النور وروايتها مسافر فى دمي بقلم:السيد الهبيان

تاريخ النشر : 2019-09-29
عائشة ابو النور وروايتها
مسافر فى دمى
السيد الهبيان
التصور الأزلى للمرأة لم ينته بعد ..بدا منذ القدم ولا زال..وسوف يظل كما يبدو بديمومة لا نهائية تنسج حوله الكثير من الحكايات
جسدها محور نظرات الاشتهاء من الرجال..تتوقف عليه عيونهم ..تكشف عنه كل الأغطية التى نخفيه.. فتتتماثل فى الذهن لحظات امتلاكه وما يكون فيها.. دونما جديد فى الحال عن ما فات من عمر الممارسة الجسدية.. الصور القديمة لازالت ..قد تختلف فى الشكل أحيانا..لكنها تجتمع كلها على عرى يلتصق بعرى.. وانصهار فى لحظات شبق.. ينتهى بارتعاشة تعلن عن انحسار الرغبة ..وخمود يصيب الجسد الذى أنهكته الرغبة.
وعبر بوابات التواصل المشرعة ..تنشد المرأة الحرية.. والخلاص من القيود التى وجدتن فسها أسيرة لها.. لتمارس اختيارها دونما مساءلة ممن نصبوا أنفسم أوصياء عليها ..أو ممن امتلكوها جسدا لهم فيه حق المتاع..لكنها تتواجه بعبء الإحساس بالتحرر من الأمر ..ولا تجد أمامها فى النهاية إلا الرغبة فيمن يحتويها من جديد.
تجربة حياتية من تجارب الحياة ..قدمتها الكاتبة المصرية"عائشة أبو النور" التى قدمت مجموعة من الاعمال "ارحل لنلتق"و"نبض امرأة"."عشرون قصة وامرأة واحدة"."ربما تفهم يوما"."الحب طفلنا الضال"."الحب من قبل ومن بعد|..فى روايتها "مسافر فى دمى"..التى كتبتها بعد أن تأثرت بالأفلام التى شاهدتها في مهرجان "كان"السينمائى ..التى جضرته سنة عام 1980 ..وكتبتها على شكل سيناريو يعتمد على الحوار والصورة والحركة..وعمدت فيها إلى البوح عن مكنونات المرأة عندما تحب..وعندما تكره.. وعندما تصارع الضغوط التى ترى أنها ستجعل منها مجرد جسد يخضع لعيون من يشتهيه.
ومثل تلك التجرؤبة بالقطع بدا من خلال كتابات أخرى سابقة..مما يعنى أنها ليست من التناولات المستحدثة..سواء من ناحية الفكرة ..أو من ناحية المضمون..وايضا ما بدا من شخصياتها بما تمثله من نماذج لها وجودها الحياتى
فعالم الرواية ببساطة يتحدد فى رغبة امرأة فى الانفصال عن زوجها ..رغم أنها غير راضية عن هذا الانفصال..لكونها فى الأساس ارتبطت به عن حب..ولولا غيرته عليها لما تراءى لها أن تتركه.. وخلال ذلك تتعرف على غيره ..أرادته صديقا فى البداية..لكنه يرى استحالة وجود صداقة بين الرجل والمرأة ..وخاصة إذا كانت فاتنة مثلها.. ويتهمها بانها معقدة.. اكنها تنسى ما حدث منها وتوافق على السفر معه إلى بلاد رعاة البقر ..لكنها تتراجع عن السفر بعد أن نالت حريتها من الزوج الحبيب ..بصورة جعلتها تشعر بالإهانة لتنازل الزوج عن تمسكه بها.. وزواجه من أخرى.. وتعد الحبيب الجديد بالانتظار بشوق ولهفة..ثم تمضى لهدفها.. وفى خلال عام تصبح نجمة مشهورة..لكنها تفتقد الأمان الذى كانت تنعم به مع الحبيب.. فالمنتج الذى يحتكرها يصحبها فى رحلة إلى أوربا.. ويفاجئها باعترافه بحبه لها.. بعد فرحتها بحفلات الاستقبال لها ..وحب المعجبين ..ثم يجذبها رغما عنها ويحاول ان ينالها.. فتستحيل الأشياء الجميلة التى ارتاحت لها..إلى اشياء منفرة ..وتضع حدا لتصرفاته معها..بدعوى أن جسدها خارج عقد الاحتكار.. ولا تهتم بمعايرته لها بأنه هو الذى صنعها..وتحذيره لها بهدمها..وترفض أن يكون جسد من تمتهن مهنتها ..هو جواز مرور دون الاهتمام بالموهبة التى يجب أن تكون .. وتسعى خلف حبيبها تبحث عنه..لكنها تفشل فى معرفة مكانه ..وتلوم نفسها على أنها أضاعته..وتناجيه أن يعود إليها.. لأنها رغم الحرية التى تفتقدها فى وطنها ..تشعر بالوحدة ..وتخشى أن تنهار وتستسلم لما ترفضه..فتعود من رحلة البحث اللامجدية بخيبة الأمل..لتجد أن من يسعى إلى استمالتها ..ونغرق فى وصلات النفاق التى تطاردها ممن حولها ..ورغم الإعجاب بنجاح أغنية لها..تتجاهل التهانى ..والعروض المغرية..لشعورها بالتمزق والضياع..فتبحث عن الغجرى الذى تشعر بالحاجة إليه..والانتماء إلى مملكة الغجر..لأنه الوحيد الذى لم ينافقها بكلمة..وكشف عن حقيقة نواياه بلا مخادعة..ولم يبحث عنها بعد شهرتها ..لكنها لاتعثر عليه فى المقهى الذى تعود الجلوس عليه..ومن جديد تشعر بالوحدة فى شقتها فتتركها ..وتفاجأ فى الصباح بحديث زوجها الذى انفصلت عنه..تعرفت عليه من صوته ..فتسأله عما يريد بعد أن انتهيا.. فيستعطفها بأن تعود إليه بعد أن طلق زوجته الجديدة..بشرط أن تترك عملها ..فتقطع المحادثة فى غضب..وغور إحساسها بالراحة ..وتضحك فى هيسترية.. ثم تدعو تلميذاتها القدامى لتعيش الماضى معهن.. وتتذكر حديث المنتج لها بأن تتخلى عن بكارتها التى لتستأنس الوحوش الذين يطاردونها..ولو استوحشت ستفرض قانونها عليهم ..وتعيش فوضى افكارها....وعندما تريد أن تهرب منه إلى التليفزيون..تفاجأ بحبيبها الغجرى على شاشته.. وتراه وهو يردد كلمات كحيوان ذبيح ..تعرف أنه مدفوعا إليها ..وتتساءل عن الشىء الذى حصل عليه لقاء بيع صوته.. وزيف صورته ..وقطع ضميره.. وتفيق لنفسها على طرقات الفتيات ..وتصاب بالاكتئاب ..وتتعاطى الحبوب المهدئة ..وينصحها الطبيب بالسفر ..لأنها فى حاجة إلى ذلك..فتسخر منه لكون أحزانها لاتفارقها.. وترى أنه سوف يصنع بها مثل الغجرى ليستأصل إحساسها ..فتقرر عدم الاستسلام ..لكنها تقرأ عن شنق الغجرى لنفسه..فتشعر بالراحة لأنهم لم يهزموه بسلاحهم..وقتل نفسه بسلاحه هو.. وضيع عليهم هدفهم.. لأنهم قتلوه معنويا..وقتل هو نفسه ماديا.. يسألها صحفى عن تجاربها العاطفية ..فتجيبه بأنها من الممكن أن تحب خمسة رجال فى وقت واحد ..إذا كان فى كل منهم صفة تحبها..وأنها تؤمن بالحب..أما الزوالج فهو ليس أكثر من إطار اجتماعى يجمع بين الرجل والمرأة..وعندما تجد نفسها فى حاجة إلى أن تتحدث مع إنسان تذهب إلى قبر الغجرى..وتتساءل عما يمكن أن تفعله وحدها.. وسط الطوفان الذى يغرق أجمل المثاليات فى النفوس ..وتستحيل شوارع المدينة التى تمر بها إلى مقابر أحياء فى نظرها..بعد أن تغادر المقابر.. وتشعر وكأنها طعنت بخنجر مسموم ..فى خيط الأمل الذى جعلها تقاوم لحظات الاحتضار ..وتسحقها الأفكار ..ولا تدرى اين خلاصها..فتهيبم على وجهها حزينة ..تناجى حبيبها ..فيردد صوته أنشودة حب تشبه المستحيل.. ويوصى لها بالتماسك لصد تدفق الطوفان العفن ..من أجل حياة حرة كريمة ..وليغرق فيه من باع نفسه.. لكن الليل الطويل يظل يثقل على صدرها.
رواية بهذا المسار الذى سلكته بطلتها خلال بضع سنوات من حياتها..لا يمكن بحال اعتبارها تجربة خاصة منفردة..لشيوع مثيلاتها فى الوسط الذى تتواجد فيه.. ويبدو جسد المرأة فيه كجواز مرور إلى عالم الشهرة ..بفعل الانحدار إلى الضياع طواعية أو كرها لافرق.. لكون المحصلة فى النهاية لاتتغير فى أى من الحالتين.
لكن ذلك الإطار الذى منح الشكل صفة العمومية.. تبدو من خلاله البطلة وسط مزيج من الحيرة والتمرد..والرغبة فى تحقيق الذات..فتسقط فى النهاية وسط بخر القلق ..تعانى من الهم الذى يثقل على صدرها ..دون أن تدرى متى تحين لحظة الخلاص منه.. ورغمأن كل ماحدث لها كان من اختيارها وإرادتها وحدها.. دون تدخل من الغير ..ولذلك بدا استسلامها فى النهاية لما انتهت إليه كواقع حتمى لا اعتراض عليه.فاتخذت قرارها بعد تفكيرطويل لتحسم تيار الألم والعذاب التى عانته فى حياتها.. مع زوجها الذى تزوجته عن حب..وتقرر بأنها لن تراه مرة أخرى..ورغم ذلك تناجيه" ثقيل الظل..ميت الأنفاس ..الصباح الذى يولد بلا امل فى رؤيتك".. وفى محاولاتها الانتحارية لنسيانه تتعرف من خلالها على شاب غجرى من رعاة البقر يسير بلا هدف تخبره بانها بلا قلب.. فيجيبها بأنه "ليس واثقا إن كان لايزال يحمل قلبا" تؤكد له أنها لاتغشه" فى خيالى ذكرى حية لرجل أخذ من عمرى بإسراف..وأعطى ببذخ" يخبرها بأن" فى خياله ذكريات باهتة لفتيات لم يبق منهن أثر".. وتطلب منه أن تعرفه كما هو..لكنها ترفض أن تستسلم له:"كيف وأنا لا أعرف عنك غير إسمك" ثم تتمسك بموقفها منه.. وتلجأ للقضاء طالبة تطليقها من زوجها.. تثير عجبه القاضىى عندما يكتشف أنها لاتبدى من الأسباب غير إهماله لها..فتجيبه:" استخف بقيمة عواطفى ..وسخر من طموحى.. صورتى عنده مزيج من انسان وحيوان ..فى نظره أنا طفل يحبو فى رحاب عظمته..مجرد رعية تافهة فى مملكة هو سلطانها ..له حق الوصاية ..وعلى واجب الطاعة..وإذا كان لا إكراه فى الدين ..فكيف بالإكراه فى الزواج".. يستخف القاضى بما قالته ..ويطلب سماع أقوال الزوج..وخلال الأجل تلتقى بالشاب الغجرى ..وتؤكد له أن تاريخ مولدها ..يبدأ مع أول نبضة حب خفق فيها قلبها.. وارتباطها بحبيبها لأنها تشعر بآدميتها ..وبأنها إنسانا كاملا وصحيحا.. ويحب عيوبها أكثر من فضائلها.. "ركزت على براعة من أحب فى التعامل مع أوجه الجنون والتناقض فى شخصيتى ".. أما ما بينها وبين زوجها فلا يزيد عن ورقة رسمية ..وهى لاتجيد التعامل مع مثل تلك الأوراق.. والخيانة بالنسبة لها"هى خيانة النفس ..وأنا أخون نفسى عندما أخون مشاعرى الصادقة ".. وعندما ترى منه أنه لايقنع بصداقة الرجل مع مثله ..تخبره بأنه يثير اشمئزازها.." نوعه من الرجال الذين لايرون من المرأة سوى كوم من اللحم"..وتتهمه بالنذالة والجبن ثم تتركه وتسير دونما هدف ..لكنها تنسى ماقالته له وتوافقه على السفر معه.. وبعد الإهانة التى شعرت بها.. بسبب التنازل الذى بدا من زوجها بعد أن تزوج بأخرى.. وشعورها بانها استنشقت هواءالحرية..بعد أن ظنت أن كل مشاكلها انتهت ..تبدو أمامها مشكلة جديدة .."ماذا أصنع بحريتى؟..لم أكن حرة فى حياتى من قبل.. ماذا يصنع الأحرار بحياتهم".. وتدرك أن مشاكلها لم تنته وإنما بدأت ..فتعدل عن اتخاذ هذا القرار .."مسئوليتى تقتضى أن أبقى ..كما ان مسؤليته تقتضى أن ترحل".. وتعده بالانتظار..وبعد رحيله تسير لهدفها.
هكذا تغدو البطلة وفق بدايات التمرد على حياتها مع زوجها..كاشفة عن نفسها وما تهدف إليه من وراء انطلاقتها من الاستقرار إلى ماتراءى لها سهل التحقيق.. وتتوهم أنها سوف تستطيع أن تحقق ذاتها الاستقلالية.. خارج أسر الزوج..متذرعة بإهماله لها.. وفرض وصايته عليها من جديد..ووجوب طاعتها له بالحق الذى خولته له الورقة الرسمية ..التى لاتجيد التعامل بها.. لكنها انتهت إلى السقوط فى الحيرة من جديد..بعدما تواجهت مع حريتها.. التى لم تدر ماذا تصنع بها.. وما لبثت أن اكتشفت افتقادها للأمان ,وشعورها بعدم الانتماء.. وباتت الشهرة التى تحققت لها عاجزة عن منحها الشعور بالاكتفاء الذاتى الكامل.. وبسببها التقت بالمنتج الذى احتكرها وحاول أن ييدفعها إلى ما ترفضه ..فينصحها:"يجب ان تتعلمى استغلال نفسك" مؤكدا لها أنها تستطيع أن تحقق الكثير ماديا بالخاتم الماسى الثمين الذى قدمه لها ..ومعنويا بتعدد مواهبها ..مماجعلها تشعر بالقرف والغثيان..وتحاول الهروب من واقعها المفجع. . لكنه يجعلها تكتاشف أن الإنسان إذا كان سجين نفسه ..فالفنان سجين معذب..لأنها بالرغم من تحررها مظهريا لم تتحرر داخليا..فتصرخ من اعماقها" أريد أن أكون نفسى لكن كيف؟.. وتشعر بالحنين إلى الحبيب ..لكن المنتج يدخل عليها يريد أن يتعاضى منها ثمن ما أوصلها إليه.. بدا بكرشه الضخم "والجلد السميك الداكن الذى تفوح من مسامه رائحة المال".. وعندما جذبها رغما عنها..شعرت بأنها "تقلصت وتحولت إلى لقمة خبز تعوم داخل أمعائه"..قبلها فى نهم وكانه يأكل شفتيها ..منعت نفسها "بصعوبة من التقيؤ داخل فمه"..وعندما صرخت فيه بأن يخرج..صرخ فيها" ماذا تعتقدين فى نفسك؟.نجمة مشهورة ؟..أنا الذى صنعتك..وأنا الذى سأدفنك"..و لأنها كانت تظن أنها صنعت نفسها بموهبتها صرخت فيه" كفاك ما قبضته من صوتى.. أما جسمى فلن اسمح لك بأن تمسه"..وردت له خاتمه.."هذا القوام خارج عقد الاحتكار لأنه لايقدر بمال".. ويبدو لها جسدها سبب شقاءها وتعاستها.. وترى فى الجمال "أنه نقمة عندما لايكون هدف صاحبته أن تستعمله كتجارة رابحة..وعندما تتعفف عن المساومة به ..وتأبى أن تصنع منه حديقة مشاعة للجميع ؟.. وبالنسبة لها كان جسدها "منطقة النزاع المليئة بالألغام..التى دارت حولها المعارك". ولذلك كان السبب فى تحطيم علاقتها بالرجال الذين عرفتهم ولم تستغله كجواز مرور كالمتعارف بين اربابها ..حتى ولو كانت هناك موهبة.. وعندما حاول معها الملحن باعتبارها حكرا للمنتج..رفضت أن تمنحه حقه فى الذى يطالبها به.. وبصقت فى وجهه وقطعت ما بينهما.
ذلك الصراع الذى واجهته بسبب جسدها ..وإن كان قد بدا أن البطلة تبعد به عن بؤر الابتزاز والاستغلال فى محيط عملها ..إلا أنها لم تضن بذلك الجسد على الشاب الغجرى الذى أحبته.. ومنحته له طواعية دونما رابط شرعى بينهما"جسدى لم يحترمه إلا أنت..لم يفهمه إلا انت..لم لم يجد العزف على أوتاره الصعبة غيرك أنت. لم يكتشف نفسه إلا بك. وهو يرفض أن يكون إلا لك. لأنه لايتعلق بغيرك"..عندما التقاها اعترف بحقيقة نواياه بلا مخادعة.. اما من حولها فكلهم مرتزقة مدعون مزيفون.. لذلك كرهتهم ..وسعت خلفه لشعورها بالحاجة إليه ..لينقذها من الإحساس العارم بالتمزق والضياع الذى تعيشه.. لكنها لاتعثر عليه..وتفاجأ فى صباح مرهق بمحادثة من الزوج الذى تمردت على الحياة معه وانفصلت عنه..عرفته من صوته وهو يسألها عن حياتها بدونه..تصرخ فيه ماذا يريد منها بعد أن انتهيا.. فيجيبها باستعطاف" انتهينا كيف ألست اول بختك وأنت أول حبى؟..لقد طلقت زوجتى الجديدة ..ولا مانع عندى أن تعودى شرط أن تتركى عملك".. فتغضب منه وتعيد السماعة إلى مكانها ..لكنها بعد أن تهدأ تحس بالراحة وتضحك فى هيسترية.
وسط ذلك الصراع تتلمس البطلة فى حياتها منحى آخر..يؤكد سعيها إلى تحقيق المثالية التى تراودها رغم ما يحيط بها من اختلال فى معايير الحياة.. بعد أن بلبل المتتج افكارها بما حاول أن يبسطه لها كواقع ..ويجب عليها ان تعترف به بدلا من أن ترفضه.. وسقوط حبيبها ضحية لمحترفى الشعارات الزائفة ..فترفض تغيير النهاية بالنسبة لبطلة فيلمها.. لتتزوج الطبيب فى النهاية..بدلا مما ذكر فى النص من قبل المؤلفة وكاتبة السيانريو.. وجعلتها تعجب بها لأنها"امرأة عصرية ترفض النفاق الاجتماعى ..تعيش حياتها فى وفاق وصدق مع معتقداتها الشخصية".. أما التغيير فيجعل من النهاية نهاية تقليدية للفيلم العربى.."اليوم تغيرت الدنيا وأصبح الفن انعكاسا لوجه الواقع وعرضا شجاعا للحقيقة".. ولا تقنع بما قاله لها بان الفن سلعة ..وأن الجمهور يريد النهاية السعيدة.. ويؤكد لها أن المنتج يسعى للربح ..لأنها لم تحترف الفن من اجل الشهرة..ولم تهتم بقول المنتج بانها ستكون السبب فى خراب بيته ..وأنه سيهدمها كمال بناها.. ولم تتنازل بالرغم من احتدام الخلاف بينهما ولجوئه إلى المحكمة طالبا التعويض ..وكانت ضغوطه عليها سببا فى تدهور حالتها النفسية والمالية..مما جعلها تقرر العودة للعمل فى المدرسة..إلى أن تنتهى الأزمة..وتمضى فى استسلام لمثاليتها التى تتمناها ..تتساءل أمام قبر الغجرى"لماذا يرضى الإنسان أن يهبط بمكانه إلى مرتبة الحيوان". ويلطخ نفسه بالوحل من أجل حفنة مال ..ومظاهر استهلاكية ..وبعد ان تغادر المقابر تهيم على وجهها ..تسحقها حيرة الأفكار ..ينزف قلبها دما وحزنا أزرق..تناجى حبيبها فيتردد بصوته أنشودة حب كانها المستحيل ..لنبدأ بأنفسنا لتتكاتف سواعدنا ..نصنع باكتافنا المتلاصقة سدا بعد تدفق الطوفان ..من باع نفسه بالحصى"..ثم تتنهد وتستسلم لليل الطويل الذى يثقل على صدرها.
كما يبدو من هذا الإيجز للرواية .. أن الكاتبة.عرضت لنموذج من النساء. كما يبدو من هذا الإيجز للرواية .. أن الكاتبة عرضت لنموذج من النساء..يطالب بالحرية..ثم يقع فريسة ماسعى إليه..بتسلسل درامى يعمق الإحساس بكينونتها ..بلغة كاشفة دون مواربة لطبيعتها ..ووحيرتها بين الحرية الى تقع فريسة إغرائها..ثم تفاجأ بما لايتفق مع تصوراتها عنها ..فتهرب منها إلى حياة الاستقرار الذى تمردت عليه...زأوضحت أن كل شخصياتها واقعية..تعرضت للظلم ..وتشعر بتعاستها..مأخوذة من الشارع العربى..ولا تكتب إلا وهى في حالة رفض أو غضب.. وتثور نيابة عنها ومن أجلها.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف