قصة قصيرة ليل ألأسماء الجديدة 16-10-2014
(1)
منذ سقوط بغداد في أيدي المغوكران في العام 2003 لم تعد حياتي ذات مغزي، يحاصرني الغبن في كل فعل أقوم به. طعم ألأشياءموحد كما الرؤية في الظلمة. ألأحلام المخزونة في الذاكرة تحولت إلى كوابيس.
بنتابني الشطط عند محاولتي ممارسة الفرح. عندما يندمل جرح صغير غائر في أعماقي ، يتسع شرخ أخر ، تعبث الجرا ح بشؤوني الجوانية كما فعلت القنابل بمخبأ العامرية، غير أن اللقطات التي تبث عبر الفضائيات حينئذ عن محاكمة القديس صدام حسين المجيد تكبح بعضا من هذا العبث، خاصة عندما تخرج من حنجرته وتهز المحكمة عبارة"" العراق العظيم".يسطير على تفكيري إحساس بشيء قادم غامض.
(2)
انقسمنا كالعادة على سقوط جغرافيا الرافدين. كنا في السابق كاناس عاديين نخفي أنقسامنا ونجامل بعضنا
عندما يصاب ركن من أركان البيت الكبير يعزي الواحد فينا ألأخر. عندما بدأ اجتياح خارطة وطن عزيز أخر،وأصيب بجانحة الشلقمة. تعرض الفخذ للتعري. ولم تعد هناك عورة . صارت دعاية أغتصاب العذارى حسنة مرادفا لحيا على الجهاد. تعرض بيتنا لشظايا صاروخ من طائرات الناتو. اصيبت امي في صميم القلب وكانت مقعدة منذ فاجعة بغداد.فبلت عزاء المجاملة من زملاء المهنة في التدريس الجامعي . أمتعض جلهم عندما اخبرتهم بان سبب الوفاة كان نتيجة سقوط قذيفة من طائرات حلف النا تو. رفض البعض سماع هذا المبرر وأعربوا أن هذا الكلام دعاية مغرضة : غريب ! الناتو يضرب بدقة ولم يستهدف المدنيينّ!
يغادرون مجلس العزاءوجوههم يعلوها بغض الشماتة، تذكرت مشهد فرح غبطة بعض الشاميتن الذين يركلون تمثال صدام حسين بعدما اسقطه الغازي المغوكراني.
سمعت من بعض الجيران في اليوم التالي من يردد متعجبا:"قال الدكتور امه قتلها الناتو!
أدركت يومها وقد تمزق أخر رتق يربط جراحي أن سقوط بغداد لم يمزق نياط قلب احد من أمثال هؤلاء. كما أنني ايقنت وسرى في عقلي هذا اليقين كما يسري الدم المتوتر في شراييني أن بعد غدا إذا دمرت مكة لا سامح الله فلن بتأسف هؤلاء ممن لعلهم يرجمون الجمرات ويسعون بين الصفا والمروة في حج يظنون انه مبرور، كما أنهم سيجدون مبررا لقصف الكعبة المشرفة يعللون به خيباتهم.
فبل الغد الذي سقطت فيه العاصمة طرابلس وكانت المقاومة ضد الناتو وأزلامه على اشدها ، تجرا عميد البلدية على تسمية الشارع الذي نصبت فيه خيمة العزاء لأمي بشارع شهيدة الناتو. رفض المرجفون في المدينة هذا الفعل المقاوم، بل تجمهروا واحرقوا دمية تمثل وجه أمي.
تجلط الدم في عروقي واحترق وجه الشمس في الغروب. اعتقل الرجل الذي صرخ في وجه التاريخ وأطلق أسم أمي على أحد شوارع العاصمة ، تقيأت الجغرافيا مشاهد عديدة. استحضرت صوت صدام الغاضب" العراق العظيم". الذي حاول أنتشالي من هذا المستنقع.
(3)
كتبت أسماء عديدة على حوائط الشارع الذي شهد ألأحتفالية لتسمية "شارع خيمة العزاء". تحولت جدران الحيطان إلى معلقات ورسومات إطراء لطائرات الغزو وقادة الحملة. هلل االمتفائلون بالوساوس المشؤمة وأنخرطوا في ممارسة مسابقة الفوز "القرعة" ووضعت ألأسماء الجديدة المحببة التي سوف تطلق على الشارع . على رأس هذه القائمة سركوزي،و كاميرون، وهلاري كلنتون، واسم كلبتها. رافق هذا المسابقة التكبير والتهليل والهتافات : ليبيا حرة.......ليبيا حرة.....ليبيا حرة !
"لن نعود للقيود قد تحررنا وحررنا الوطن" .
إنه عيد ألإنعتاق التي نالت فيه كلبة هلاري العدد ألأكثر من ألأصوات واحتفل الليل بقدوم ألأسماء الجديدة.
فرج الجطيلاوي
(1)
منذ سقوط بغداد في أيدي المغوكران في العام 2003 لم تعد حياتي ذات مغزي، يحاصرني الغبن في كل فعل أقوم به. طعم ألأشياءموحد كما الرؤية في الظلمة. ألأحلام المخزونة في الذاكرة تحولت إلى كوابيس.
بنتابني الشطط عند محاولتي ممارسة الفرح. عندما يندمل جرح صغير غائر في أعماقي ، يتسع شرخ أخر ، تعبث الجرا ح بشؤوني الجوانية كما فعلت القنابل بمخبأ العامرية، غير أن اللقطات التي تبث عبر الفضائيات حينئذ عن محاكمة القديس صدام حسين المجيد تكبح بعضا من هذا العبث، خاصة عندما تخرج من حنجرته وتهز المحكمة عبارة"" العراق العظيم".يسطير على تفكيري إحساس بشيء قادم غامض.
(2)
انقسمنا كالعادة على سقوط جغرافيا الرافدين. كنا في السابق كاناس عاديين نخفي أنقسامنا ونجامل بعضنا
عندما يصاب ركن من أركان البيت الكبير يعزي الواحد فينا ألأخر. عندما بدأ اجتياح خارطة وطن عزيز أخر،وأصيب بجانحة الشلقمة. تعرض الفخذ للتعري. ولم تعد هناك عورة . صارت دعاية أغتصاب العذارى حسنة مرادفا لحيا على الجهاد. تعرض بيتنا لشظايا صاروخ من طائرات الناتو. اصيبت امي في صميم القلب وكانت مقعدة منذ فاجعة بغداد.فبلت عزاء المجاملة من زملاء المهنة في التدريس الجامعي . أمتعض جلهم عندما اخبرتهم بان سبب الوفاة كان نتيجة سقوط قذيفة من طائرات حلف النا تو. رفض البعض سماع هذا المبرر وأعربوا أن هذا الكلام دعاية مغرضة : غريب ! الناتو يضرب بدقة ولم يستهدف المدنيينّ!
يغادرون مجلس العزاءوجوههم يعلوها بغض الشماتة، تذكرت مشهد فرح غبطة بعض الشاميتن الذين يركلون تمثال صدام حسين بعدما اسقطه الغازي المغوكراني.
سمعت من بعض الجيران في اليوم التالي من يردد متعجبا:"قال الدكتور امه قتلها الناتو!
أدركت يومها وقد تمزق أخر رتق يربط جراحي أن سقوط بغداد لم يمزق نياط قلب احد من أمثال هؤلاء. كما أنني ايقنت وسرى في عقلي هذا اليقين كما يسري الدم المتوتر في شراييني أن بعد غدا إذا دمرت مكة لا سامح الله فلن بتأسف هؤلاء ممن لعلهم يرجمون الجمرات ويسعون بين الصفا والمروة في حج يظنون انه مبرور، كما أنهم سيجدون مبررا لقصف الكعبة المشرفة يعللون به خيباتهم.
فبل الغد الذي سقطت فيه العاصمة طرابلس وكانت المقاومة ضد الناتو وأزلامه على اشدها ، تجرا عميد البلدية على تسمية الشارع الذي نصبت فيه خيمة العزاء لأمي بشارع شهيدة الناتو. رفض المرجفون في المدينة هذا الفعل المقاوم، بل تجمهروا واحرقوا دمية تمثل وجه أمي.
تجلط الدم في عروقي واحترق وجه الشمس في الغروب. اعتقل الرجل الذي صرخ في وجه التاريخ وأطلق أسم أمي على أحد شوارع العاصمة ، تقيأت الجغرافيا مشاهد عديدة. استحضرت صوت صدام الغاضب" العراق العظيم". الذي حاول أنتشالي من هذا المستنقع.
(3)
كتبت أسماء عديدة على حوائط الشارع الذي شهد ألأحتفالية لتسمية "شارع خيمة العزاء". تحولت جدران الحيطان إلى معلقات ورسومات إطراء لطائرات الغزو وقادة الحملة. هلل االمتفائلون بالوساوس المشؤمة وأنخرطوا في ممارسة مسابقة الفوز "القرعة" ووضعت ألأسماء الجديدة المحببة التي سوف تطلق على الشارع . على رأس هذه القائمة سركوزي،و كاميرون، وهلاري كلنتون، واسم كلبتها. رافق هذا المسابقة التكبير والتهليل والهتافات : ليبيا حرة.......ليبيا حرة.....ليبيا حرة !
"لن نعود للقيود قد تحررنا وحررنا الوطن" .
إنه عيد ألإنعتاق التي نالت فيه كلبة هلاري العدد ألأكثر من ألأصوات واحتفل الليل بقدوم ألأسماء الجديدة.
فرج الجطيلاوي