الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلم العربي في "جرائم لا يعاقب عليها القانون" شادية كمال بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-09-24
الحلم العربي في "جرائم لا يعاقب عليها  القانون" شادية كمال بقلم: رائد الحواري
الحلم العربي في
"جرائم لا يعاقب عليها القانون"
شادية كمال
يمكننا أخذ هذه المجموعة على أنها منفصلة عن بعضها، فكل قصة مستقلة بحد ذاتها، وتستوفي عناصر القصة، ووفي هذا الوقت يمكننا أن نأخذها على أنها متكاملة مع بعضها، حيث يجمعها الفكرة، وأحيانا الشخصيات، أو طبيعة المهنة "مضيفات طيران، أو من يعملون في مكاتب السياحة والسفر، أو في شركات خاصة، فكل الشخصيات في المجموعة تعيش حياة سوية، وتعيش حالة الحب والعشق، وتمارس فعل الحب، وتتكلم بالكلام الحب الرغبة في الحبيب، فاللغة الشخوص في المجموعة واحد، ونكاد ـ أحيانا ـ لا نجد فواصل بينها، فمثلا غالبيتها تستخدم عبارة "عن جد"، ورغم أن هذا يمثل عدم قدرة القاصة على تحرير الشخصيات، وإبقاءها أسيرة تحت هيمنتها، إلا أنه يوحد شخصيات المجموعة ويجعلها ضمن (نسق) لغوي واحد.
ما يميز هذه المجموعة أنها تتحدث عن الحلم العربي، حلم المواطن في التنقل داخل المنطقة العربية دون اجراءات وموانع امنية، وتحرره من الحدود السياسية، والعوائق اقتصادية، وضيق العيش والركض خلف (لقمة الخبز)، وتُعيشه الحياة السوية، الحياة كما يجب أن تكون، بعيدا عن المطارة الأمنة أو الاقتصادية، وبما أن أبطال الشخصيات والمكان عربي، فهي تقرب القارئ منها وتجعله يعيش حلم الحرية، حلم الحياة، وهذا كاف لجعل المجموعة متميزة ومتفردة.
أليس من حقنا في المنطقة أن نعيش في حياة كهذه: "تلقت المجموعة دعوة من راشد لزيارته وميرفت في القاهرة في عطلة نهاية الاسبوع القادم، وافق الجميع على الذهاب الخميس والعودة السبت" ص124؟، أليس من حق الفتاة أن تحلم بحبيب كهذا الحبيب: " أما هدية يوسف لريم، فكانت خاتما من الألماس" ص30، "...سلمها الرخصة ومعها مفتاح سيارة... كانت هذه أول هداياه، وكانت أروع مما تتصور مرسيدس 450 سبور" ص102، من هنا تكمن أهمية هذه المجموعة، فهي تأخذنا إلى عالم نحلم به، نفتقده، لا نراه إلا في الأفلام، ولا نعرفه في القصص الروايات، وبما أن القصص تتحدث عن شخصيات عربية، وتتكلم بلغة محكية فهي قريبة من المتلقي وتجعله يعيش مغامراتها.
لقد يئسنا من قراءة روايات عبير وروايات أحلام التي تتحدث عن العالم الغربي وحياة الغربيين، وآن لنا أن نحيى مع شخصيات عربية حرة، فنكون معها محلقين في عالم الحرية بعيدا عن القيود والممنوعات والمحرمات التي تعيق تقدمنا في الحياة، من هنا سنحاول اضاءة بعض ما قدمته "شادية كمال" في "جرائم لا يعاقب عليها القانون" لنتأكد بأننا فعلا أمام طرح أدبي جديد نفتقده في منطقتنا العربية.
حياة السفر
التنقل بين الدول العربية دون إعاقات حلم، والحلم الأكبر أن يكون المتنقل هن من نساء، فهذا يشير إلى أنهن يتمتعن بحرية اقتصادية واجتماعية، ولم يعد أسيرات للمجتمع الذكوري: "سلفا: شوفوا يا جماعة، أحنا المجموعة كلها زمان ما اجتمعنا سوا، هلأ بالصدفة احنا الثلاث سوا بينما الباقي من مجموعة الزميلات في الرست هاوس في رحلات، يعني لا شادية ولا ميرنا ولا ستيلا ولا سالي ولا إياس معنا، بصراحة من زمان نجتمع سوا، شو رأيكم؟؟أيام الراحة الشهرية القادمة نذهب إلى القاهرة مثلا، نقضي كم يوم هناك" ص64، فالسفر يعني الحرية، والحرية الكاملة غير المنقوصة، ولتي لا تخضع لأي ممنوعات أو محظورات أو اعاقات، وبما أن الكلام جاء بلغة محكية وعلى لسان "سلفا" فإن هذا يقرب القارئ من السفر/السياحة وتجعله يعيشه مع "سلفا ورفيقاتها.
"...كانت سلفا، عادت من بومباي وأخذت تحدثها عن رحلتها وعن يومين رائعين قضتهما مع الكابت نادر حبيبها" ص101، متعة السفر ومتعة لقاء الحبيب ومتعة التحدث للصديقات عن السفر وعن اللقاء كلها تجتمع معها، وهذا يمثل التحرر الكامل والكلي، التحرر الاقتصادي، والتحرر الاجتماعي، فلم تعد الفتاة تأبى/تخاف من كلام الناس، وحرية إقامة علاقة حب.
وتأخذنا المجموعة إلى مساواتنا بالغرب المتفوق، فيمكننا السفر إلى لندن متى نشاء: "حبيبتي لا أسافر لندن، فيه بعض الأمور الخاصة بالبيت هناك تتطلب وجودي وأنا أجلتها كتير، ما فيني أأجلها أكتر من هيك، لازم البيت يخلص علشان أقضي أنا وإياك أيام حلوة" ص149، مثل هذا المقطع يعطينا فكرة أن لندن أصبحت متاح لنا، وحتى يمكننا أن نسكنها ونعيش فيها، فلنا فيها بيوت، أليس هذا يعد نقلة نوعية في مضمون الأدب العربي؟.
كلام الحب
من المحظور أن نسمع كلام حب من رجل لامرأة، والحظر الاشد من امرأة لرجل، لكن في "جرائم لا يعاقب عليها القانون" يتم التمرد على هذا المحظور ونسمع كلام جميل وناعم، يخرجنا من (جدران) المحظور والممنوع: "...حاول يوسف إغراء ريم بالذهاب معه إلى غرفته...
ـ المشكلة مش فيك بس حبيبي، في أنا كمان، مين عارف مش يمكن أنا أضعف لدرجة الاستسلام وساعتها مش حتكون أذى، بالعكس حتكون لحظات سعادة ونشوة، يوسف أنا بموت فيك لدرجة أني بخاف على نفسي من نفسي فاهمني.. أنا فعلا ليك بس مش هلأ ... أنا مش مستعدة اخوض التجربة الآن.
ـ حاضر خاستنى، ورح يكون زي ما بدك ووقتما بدك، وبالطريقة اللي أنت عايزاها" ص35، الحديث عن علاقة جسدية بهذا الشكل عد من أهم أشكال التمرد على المجتمع وعلى طريقة تفكيره ورؤيته للمرأة، والملفت أن "ريم" ترغب بيوسف لكنها لا تريد أن (تقطف ثماره الآن) بل تريده في وقت لاحق، وكان هو طيع رغبتها، وأبدى تفهمه لها، وكأن القاصة تقول ليس بالضرورة أن يكون كل لقاء أو فرصة تواجد امرأة وجل معا أن يكون وراءها علاقة جسدية، وأيضا أن المرأة والرجل عندما يكونان متحررين فأنهما يتفهمان حاجات ورغبات بعضهما، وهذا تأكيد على السيطرة على الحاجات والغرائز الجسدية حتى عندما يكون الحب متقدا.
وفي مشهد آخر نجد كان هذا الحوار:
"ـ ممكن أحاول أرقص معاك، لأن بصراحة هذه الطريقة الوحيدة التي تخليني آخذك بحضني، في هذه اللحظة وعنجد أنت بتجنني ونفسي أحضنك.
ـ عزيز هيك ابتدا الموضوع يدخل مرحلة الخطر
ـ لأن نفسي أحضنك
ـ لأ .. لأن أنا كمان نفسي أكون في حضنك، بس بقاوم
ـ مشان الله بطلي مقاومة
....عزيز على فكرة أنت مش بتحضني أنت بتاخذني جواك.
ـ نفسي أبوسك
ـ لس بدري كتير
ـ لايمتى؟
لغاية ما تعرفني كويس.
... بيقولوا المية بتشجع على الرومنسية، عزيز خلينا نرجع عند الجماعة الله يخليك أنا ابتديت أدويب بين ايديك" ص141، نجد حالة صراع بين الرغبة ومنعها، بين الثمرة وعدم قطفها، والملفت أن المرأة هي دائما من تقوم بهذا المنع وليس الرجل، وكأن القاصة تؤكد على أن المرأة تحمل في داخلها الخوف من إحداث تغييرات في جسدها، وتريد المحافظة على جسدها كما هو، بينما الرجل في وبعد العملية الجسدية لا تحدث تغييرا على جسده، من هنا يكون هو المبادر في إقامة علاقات جسدية.

العلاقة الجسدية
في الأدب الأيروسي يتم كشف كل التفاصيل عن العلاقة الجنسية، لهذا يبدو مبتذلا وسافر، فهو يقدم المشاهد كما هي ومن مناطق مقرفة، وبألفاظ تؤذي القارئ، بينما الأدب (الرومنسي) يتم وصف وتقديم هذه العلاقة من خلف الاستار، أن كان من خلال الألفاظ أم ما يتعلق بتفاصيل العملية، ومن هنا تكمن أهمية وجمالية هذا التناول، في المجموعة أكثر من وصف لهذه العلاقة، منها: "ابتدأ يقبلها ...ويقبلها ...وهي تتجاوب معه" ص33، المشهد جاء على لسان القاصة، ولم تجعل الشخصيات تروي ما يحدث، لكنها تعطيها حرية التعبير والتعقيب على الحدث، وإذا ما توقفنا عن المشهد نجده بداية، تمهيد لتقدم أخر أكثر من الحبيب والذي أتى في المشهد التالي: "...حضنها من جديد، وابتدأ يقبل كل جزء في وجهها ورقبتها ويشدها إليه، استطاعت أن تبتعد قليلا، ثم سحبته إلى خارج الغرفة للحاق بالأصدقاء" ص34، تقدمنا القاص أكثر من المشهد، لكن على مراحل وعلى فترات متقطعة وليس على دفعة واحد، وهذا الامر يترك القارئ في حالة شوق ويجعله يتشوق أكثر لمعرفة المزيد، وهنا يكمن الفرق بين الأدب الأيروسي وبين الأدب (الرومنسي) فهنا تكون الأثرة أكثر احتشاما وتأتي على مراحل دون الخوض في تفاصيل الجسد: "... دخل يوسف اشتم رائحتها تملأ المكان، عبق الياسمين يملأ أركان الغرفة، وكانت هي بالروب الأبيض ذاهبة للحمام، لحق بها واحتضنها .. أخذ يشتم رائحتها ... يشمها ويشمها ... ويقبلها ...ويقبلها ... ابتدأت تتراخي، وشيئا فشيئا ابتدأت مقاومتها تنهار.. رغبة جامحة، وقربت لحظة الاستسلام ... إحساس بالذوبان يأخذها إلى عالم مليء بالعشق والجنون، ولحظات ضعف تتطلب الاستسلام الكامل ... لكنها فجأة تنبهت ...
ـ ليس الآن علشاني يوسف لو بتحبني عن جد، والله لن يلمسني أحد سواك، لن أكون إلا لك بس مش هيك وكمان مش هلأ" ص36، إذا تتبعنا كل المشاهد اللاحقة لن تتعدى هذا الأمر، وكأن القاص لا تريد الخوض في التفاصيل، وتكتفي بهذه الإثرة، وهذا ما يجعل المجموعة شرقية، فرغم أنها تتناول أحداث حب ولقاء بين العشاق، إلا أن لا تأتي على ذكر أو استخدام ما يخدش هذا الحب، هذا اللقاء، فهو لقاء حب وليس لقاء جنس، فحتى عندما يكتمل اللقاء الجسدي تقدمه بهذا الشكل: "...حملها بين ذراعيه، رماها على السرير، وابتدأ يشتم رائحتها من خلال شعرها ووجهها وعنقها، امتدت يده تلقائيا تنزل ثوب الاستحمام .. لم تقاوم استسلمت له ليفعل ما يريده، بقلب وجسد أصبحا منذ هذه اللحظة ملكا له.
معها اخترق جدار الزمن بجنون عشق لا مثيل له، ذابت جميع الحدود وكل المسافات، معها وحدها من كل النساء الدنيا انسجم .. تلاشى .. استحال رمادا" ص 107، إذا ما توقفنا عند هذه المشاهد نجدها تكمل بعضها، ففي كل مشهد كنت تقدمنا القاصة خطوة من الكامل، حتى أوصلتنا إليها، وهذا من يؤكد على أن هناك رابط ووحدة تجمل المجموعة رغم أن هناك قصص شخصياتها ومكانها جديدة، لكن الصورة لا تتعدى هذا الأمر.
الموت
هناك أكثر من حادث موت جاء في المجموعة، ونلاحظ أن الموت كان يبدأ بموت الرجل ثم يتبعه موت المرأة، أو بتعكير حياتها: "انتصر الموت مدحت! وانكسرت ميرفت"ص163، وهذا يأخذنا إلى فكرة أن الرجال هو سبب موت النساء، وإلى أن الرجل هم من يعكرون صفوة الحياة: "ها هو الموت يسرق منها من جديد أغلى رجال الدنيا على قلبها والدها" ص 165، وهذا ما يجعلنا نقول أن القاصة منحازة للمرأة، وتقص علينا قصصها بأثر وتوجيه من العقل الباطن.

هناك بعض الملاحظات على المجموعة، ـ اعتقد أن العنوان "جرائم لا يعاقب عليها القانون" لا يتناسب ومضمون القصص والأحداث، فما يقص علينا ليست جرائم، بل علاقات إنسانية تأتي بقبول ورضا الطرفين، وغالبا ما كانت تنتهي بالزواج، فلو كانت جرائم لأتت المشاهد بصورة سوداء وبقسوة، لكنها جاءت على مراحل وبانسيابية وهدوء وسلاسة، وقدمت بصورة جميلة وناعمة، فكيف تكون جرائم؟.
والملاحظة الثانية تتمثل عدم اعطاء الشخصيات لغة خاصة بكل شخصية، فغالبة الشخصيات استخدم "عن جد" وهناك تكرار لعبارة "أردنية من أصول فلسطينية" لأكثر من شخصية في المجموعة، واعتقد أن هذا أيضا يعكس ما في العقل الباطن للقاصة التي تحمل الجنسية الأردنية لكنها فلسطينية المولد والانتماء.
وهناك اقتراح للقاصة، بما أن المجموعة متماثلة في الأحداث والفكرة، وأحيانا في الشخصيات، اعتقد لو أنه تم نشر كل قصة على انفراد، لكن هذا أيسر على القارئ وأكثر متعة، فيكون كمن يتابع مسلسل، يأخذ فترة استراحة بين الحلقات/القصص، ويبقى متعلق بما ستكون عليه الأحداث/الحلقات.
المجموعة من منشورات فضاءات للنشر والتوزيع، منشورات أوتار، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2018.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف