الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عمر بكر: الأدب المميْز هو الأدب الذي يكون من خضم الواقع

عمر بكر: الأدب المميْز هو الأدب الذي يكون من خضم الواقع
تاريخ النشر : 2019-09-23
عمر بكر: الأدب المميْز هو الأدب الذي يكون من خضم الواقع

ينصح بكر المثقف الكوردي أن يبتعد عن المؤسسات الشمولية

حوار أجراه: خالد ديريك

ولد عمر بكر عام 1966 في قرية تل كرم التابعة لناحية الدرباسية بمحافظة الحسكة ـ سوريا

كأغلب أطفال الكورد كان عليه أن يلتزم بالعادات والتقاليد، أب صارم على استعداد أن يدفع أثمن ما لديه من أجل أن يدفع بأولاده نحو العلم، فأبعدهم عن القرية ليكملوا دراستهم في ناحية الدرباسية، لكن القدر كان بالمرصاد، ربما هو قدر حب بالمكان، قدر تدابير المعاني التي ولدت في تلك الأمكنة...

التحديات، المظالم .... وغيرها من الآلام جعلته يشعر بغربة الروح في الوطن، ودفعته إلى الكتابة. نرى أشعاره صدى لمعاناته ومعاناة المحيطين به، المشتركين معه في الهَم والمصير، يكتب عن واقعه/هم المشؤوم، وعن التاريخ، التراث، التقاليد، الحب، الجمال، عن التمرد والألم الكوردي الطويل، عن جبال كبيرة وأنهار كثيرة في وطن لا يزال شمسه المحاصرة تقاوم سحب سوداء الكثيفة.

يكتب باللغتين الكوردية والعربية. مخطوطاته: ديوان شعري باللغة العربية جاهز للنشر بعنوان "جمهرات كوردستان" ـ رواية باللغة الكوردية جاهزة للنشر بعنوان (أحمد آغايه ملي  ehmed axayê milî )  

نص الحوار ....

في البدء، أشار عمر بكر إلى الإرهاصات الأولى للكتابة والدافع الذي جعله أن يصافح القلم لتنمية موهبته الشعرية:

الكتابة تأتي مع فوضى الولادة بالفطرة، ولكن فكرة الكتابة تولد عندما يبدأ العبث الداخلي بالهذيان مع المكان، عندما يبدأ تجانس المعاني في داخلك ويعدل عن المخلوقات الناطقة لتبدأ المعركة بينك وبين ذلك العبث، لا معنى لوجودك وأنت بعيد عن مكانك لأنهم يسيرون كل الأشياء حتى المعاني التي لا أساس لها، حتى ضرورات المنطق. حينها يدفعك شبح الفوضى وتجانس العبث إلى الطاعة الداخلية وهي النصر الحتمي.

أما الدافع: الدافع الذي دفعني للكتابة، رأيته مرارا بأم عيني، رأيته ذات مرة وهو يفصلني من المدرسة ويقتادني إلى دهاليز الأقبية الأمنية إلى السجن، رأيته كيف يتعارك مع العبث الداخلي. 

تعلم الشعر الكوردي بنصيحة ومساعدة من الشخصيتين الكورديتين:

التقيت بالمرحوم الدكتور عبد الرحمن آلوجي (كاتب وقيادي سياسي) بناحية الدرباسية ونصحني أن أتعلم اللغة الكوردية بعدما دون لي جميع الأحرف ونصحني بكتابة ما يحلو لي من الكلمات والجمل، وأخذني إلى بيت الشاعر القدير سيداي تيرز (له المجد والخلود)، وأول سؤال جاء كالصاعقة، ماهي الأحرف الصوتية؟ هنا تدخل الدكتور عبد الرحمن ليرفع عني عبء السؤال وقال له مازحًا، هل توجد الأحرف الصوتية في اللغة الكردية؟ فرد عليه المرحوم سيداي تيرز نعم عفدو/ عبد الرحمن، اللغة الكوردية هي أجمل اللغات من حيث المفردات والمعاني، وأعطاني كتاب جسر اللغة، وفي عام 1987م أصبحت اكتب بطلاقة.

يرى بكر بأن لا خصوصية في الشعر الكوردي وإنما هناك جمالية:

لا أبدًا، ليس هناك خصوصية في الشعر الكوردي، ولكن قدم اللغة الكوردية يضفي إلى الشعر نوع من الجمالية قد يكون هناك فروق في الإبداعات لا في الخصوصية.

الأدب الكوردي أدب عالمي ومميز: للأدب الكوردي بصمة في صفحات الأدب العالمي فهو الذي سبق كل الآداب في كتابة أدب الطفل. أنما الأدب المميْز هو الأدب الذي يكون من خضم الواقع، فقانون هو التنقل من وإلى الكل. ربما الظروف التي مرت بها الأمة الكوردية أثرت على الأدب والأدباء.

أول قصيدة كتبها: أول قصيدة كتبتها كانت في عام 1984 م وقرأتها في عيد نوروز/ رأس السنة الكوردية من نفس العام، ولكن الخوف في قلب نار (تنورة) أمي كان الأقوى، حتى النار التي هي مصدر النور تخاف وتعرف كيف تلتهم خوفنا بطريقتها!

عندما سئل، لماذا أغلب قصائدك هي عن الكورد ومعاناتهم، وليس عن القضايا الأخرى (المرأة، الحب .... إلخ) فأتى جوابه بهذا الشكل:

أستاذي الكريم فلنبدأ

بالمرأة.

أرأيتهم كيف كانوا يتجمهرون

في الريح الأحول

تحت أجنحة المساء

خوفا من بنات آوى ونقيق الضفادع

يوم كانت الواحدة تقطف زهرة من البيلسان، وتضع بين نهديها

ورأينا رنينها في العيد... في المجزرة ...

كيف ينظف الغبار من دم الشهيد

لا تنظر إلى مظاهر العيش ولكن كيف ترى مظاهر الحياة. هل سمعت بأنني كتبت أو صوتت على دستور فيه حقوق المرأة. مسيرتي مستمرة حتى الآن من أجل الحقوق.

أما عن الحب: يا الله ـ  الحب هو الإبداع

 يا صاح اسمع:

أتذكرين يا حبيبتي يوم احتفل برزان بعيده

أتذكرين يا حبيبتي يوم تركنا الأقدار

على طاولة النهب

وتدحرجنا مع الرياح الشمالية

لنلهو في الشمال على قمم كابار

كتبت عن كافة القضايا، ولكن بما يتطلبه الواقع. ولدت وأعيش وسأموت ها هنا خارجًا عن إرادتي. واجبي أن أشرح وجهة نظري، من هم الكورد في التاريخ، في الحب، في الجمال، في الإنسانية في ....

سوف أقول لك اسمعني:

هذا تابوت وهذا نعشي  

لم أرضى بقدري         

هذا سلاحي وهذا إيمان

لم أرضى بقدر وطني

يؤكد إن دهشة القصيدة تأتي في العزلة:

عندما تكون القصيدة نابعة من الإحساس الذي تعيشه بين روابط الأنا الداخلية ومحيطك الغائب عنك، عندما تعزل نفسك وتكون أنت الوحيد ملكها ستبحث عن الجمال في وحدانية العزلة، حينها تحبو صوبك الموهبة ومن ثم الإبداع.                                                               

عودي، فلنجعل الوطن أحلى وأجمل      

من كل الشعارات         

ولنزرع شجرة جديدةـ وأزاهير ثقافية             

ولنمحو فلسفة أنا الأنانية

تأثر الشاعر عمر بكر بأدباء الكورد أكثر لأسباب بين سطور أدناه:

لا أخفيك سرًا نعم تأثرت بأدباء الكورد أكثر - وهذا ليس تعصبًا مني -لأنك عندما تقرأ لهم تقول بينك وبين نفسك، من أين يعرف هذا الشقي على أدق تفاصيل حياتي لأنهم يتكلمون عن طفولتك، عن ترابك، عن تراتيل أبيك، عن حبك، عن خرافاتك التي لا تشبه خرافات الآخرين، يعرف نوع الألم الذي تعيشه.

يستطرد قائلًا: هناك فرق بين براعة الكلمات وبراعة الثقافة فالكلمة تؤثر فيك سلبًا أو إيجابًا ولا تزول تأثيرها بينما الثقافة المؤثرة تزول مع مرور الوقت.

كما نوه إلى تأثير بعض أدباء العرب والأجانب عليه وذلك فقط من الجانب الثقافي والجمالي للحداثة

يرى بكر بأنه لا ضير من أن يكتب الكاتب الكوردي فقط بالعربية لطالما لا يتقن لغته كتابةً لأن الأدب بمثابة لغة عالمية:

سوف نتكلم على وجه العموم ونترك الطفرات. اكتب بأي لغة تشاء، واقعك يختلف عن واقع العربي والفارسي ...

أحمد شوقي - يلماز غوني - سليم بركات هؤلاء على سبيل المثال، لأنه هناك العديد من العباقرة الكورد كتبوا بالعربية والتركية والفارسية ولكن الكتابة تولد معك ونابع من ذانك أنت.

الواقع والظروف التي مرت بها الأمة الكوردية بادرك إلى هذا السؤال. للأسف هذا يتطلب من المثقف العربي والفارسي والتركي أن يملي أبحاثه في النقد والأدب بهذا الخصوص، صحيح كتب بعضهم لكنهم قلة لا يكفي ولم يصل إلى المستوى المطلوب، بالنهاية كما نوهت أنت، الأدب لغة عالمية لا حدود لها.

مضمون روايته: رواية (أحمد آغايه ملي  ehmed axayê milî ) هي من التراث الكوردي القديم، وباللغة الكوردية  Çîroka ehmed axayê milî

 تتكلم عن الوفاء الكوردي، والبسالة الكوردية. ونتيجة ظروفي المادية السيئة لم أتمكن من طباعتها حتى الآن!

تطرق بكر إلى بعض جوانب من تاريخ الأدب الكوردي عامة والظروف التي مر به:

يعتبر الأدب مرآة عاكسة وسجل لحياة الشعوب، والشعب الكوردي كأحد شعوب الشرق الأوسط العريقة والقديمة واجه سلسلة من المتاعب أثرت سلبًا على تبلور ملامح الأدب المكتوب، فأصبح الشعب الناشر والحافظ على الأدب. أما تاريخ الأدب الكوردي المكتوب يعود إلى عصور ما قبل ظهور الإسلام، وبرز العديد من شعراء الكورد كـ بابا طاهر الهمداني في نهاية القرن التاسع الميلادي ويعتبر أول من كتب الرباعيات في الشرق الأوسط (حسب ما رواه الأستاذ مكرداد آزادى). وشهد الأدب الكوردي تطورًا ملحوظًا من مرحلة إلى أخرى وخاصة الشعر الكوردي المعاصر، لكنه عاد إلى الركود في فترة الستينيات من القرن الماضي نتيجة الظروف التي مرت بها المنطقة، لكن سرعان ما عاد مجددًا وشهد تدفقًا بالرغم من أنه ليس بالمستوى المطلوب، فاليوم نحن بحاجة إلى حماية الأدب وتطويره.

أما عن حال الأدب والثقافة لدى الكورد في سوريا:

كذلك نحتاج إلى جهود أكبر وخاصة من المثقفين والكتاب كون الأدب والثقافة الكوردية خسرت الكثير بسبب الإهمال أحيانًا والكبت السياسي في أحايين أخرى. نقص واضح في الجانب الأدبي والثقافي رغم الازدياد الواضح في حجم المطبوعات والمهرجانات في الفترة الأخيرة إلا أنها لا تمثل الواقع وهي مازالت ملحقًا لنشاطات الأحزاب والمنظمات الكوردية، وأسيرًا لثقافاتهم مما أدى ذلك إلى غياب المبدعين والكتاب عن المراكز الثقافية والنشاطات.

ينصح الشاعر عمر بكر المثقف الكوردي أن يتسلح بمزيد من المعرفة، ويبتعد عن المؤسسات الشمولية:

 حسب لغة غرامشي لا وجود ودور للمثقف الكوردي من قضايا واقعه (إلا فيما ندر) أو كما يتحدث ميشال فوكو عن المثقف "أن المشكلة الأساسية للمثقف ليست نقض المضامين الإيديولوجية أنما معرفة ما إذا كان بالإمكان بناء سياسة جديدة للحقيقة" فهل يمكن أن يأخذ المثقف الكوردي على عاتقه هذا الدور بل أنه يتنكر لدوره المعرفي والأخلاقي. لذا على المثقف الكوردي أن يبتعد عن كافة المؤسسات الشمولية ويمارس دوره التنويري في كافة المجالات. فالأدب والفن الكوردي حافل ... والتاريخ الكوردي مشهود له، والتراث الكوردي غني بالمعجزات.

أبدى انطباعًا موسومًا بخيبة الأمل عن الاتحادات الأدبية الكوردية في سوريا، ويتأسف أنها لم تستطع أن تخرج من تحت العبء والعباءة السياسية:

التغيرات والمستجدات التي حصلت في سوريا بعد عام 2011 تأثر بها الكورد أيضًا كما كل الشعب السوري. في بداية الأمر على أساس نسمات ربيعية لم يكن بالحسبان أنها رياح عاتية، وكل ما هو جديد سوف يكون خارج حدود المنظمات السياسية، وبنائها سوف يكون على شكل مؤسساتي، وبدأ المجتمع المدني بإزالة الغبار المتراكم عليه تحت حكم العسكر وعدم قبول الآخر،

ولكن الآمال ذهبت سدى، مع الريح. الاتحادات والروابط التي تبنى على أساس مؤسساتي تتم تطوير الفكر داخلها تلقائيًا فهي مجموعة آراء يتم تطويرها وتطوير ذاتك معها. عندما تشارك الاتحاد في مهرجان ما، هذا يدل على أنك قدمت ولو جزء يسير أو على الأقل أنك تحاول تطوير هذه المؤسسة، للأسف كافة الاتحادات والروابط الثقافية الكوردية في سوريا بقيت تحت عبء السياسة وكاهل الأجندات، وتوقفت عن الإنتاج وسادها الركود.

الكتابة في منظوره مهنة إنسانية لتنوير المجتمعات:

الكتابة هي بالأصل مهنة ومنذ القدم كأي مهنة إنسانية أخرى، ولكنها ليست المهنة التي تبحث عن المال، بل المهنة التي تتم فيها تطوير أدوات الإبداع، المهنة التي تبحث عن إصلاح دعائم المجتمع الذي يعيش فيه الكاتب، ففي واقع الكتاب الكورد معظمهم لا يملكون تكلفة طباعة كتبهم ولهذا السبب أصبحت كلمة المهنة مرعوبة في ثقافتنا.                                     

ويعتقد الشاعر عمر بكر أن قلم الكاتب يموت عندما يقع تحت تأثير هوى المجتمع الذي يحيط به ويبتعد عن ثقافة واقعه.

يختم اللقاء بهذا النص:

اخترتك إماما لم تكن رزينا

تقيا                                        

اخترتك قائدا لم تكن صافيا

وفيا                                        

اخترتك معلما لم تكن صادقا

ذكيا                                   

اخترتك وكيلا لم تكن صاحبا

سويا                                    

فعرفت أنك لست باختياري                                                           

لكنك فرضت علي من العلياء

عليا                                    

حينها تذكرت فردوس ميديا                                                                     

وقول زارا- جعلنا- بين الروحين                                                  

كرها أبديا
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف