الحلقة رقم 02
من روايتي ( الطريق إلى سدات )
عندما هم بن عميرش بالنداء ، صمت مبارك لعويفري وتاه في الفراغ تيها موحشا في الطفولة ، كانت قدماه دامية في الحفاء ، و هو يتسلق مرتفعات لعمارشة و القمم المتاخمة لها ،
في رحلات متكررة عن درنات ( أيرني ) التي عافتها الخنازير ، تذكر حين كان يجمع حزم الديس و الحطب و يعود في المساء منهكا و متعبا إلى كوخه المنزوي في الظل ، تذكر بنت عمه اليامنة حين كانت تطل عليه إطلالات باسمة مشحونة بحرقة اللقاء ، لكنها ماتت عام البون بمرض غريب ، أخذها إلى المرابطين و دار الدراويش و طاف بها تخوم الشفاء في دار الضمان و سيدي عبد القادر و زاوية بن فطومة ، و كتب لها عشرات التمائم لكن الموت كان غاشما و قاسيا كتم أنفاسها بالصدفة و الصمت ، و تركه يجوب القمم و الدمع يغسل خديه ،
لم تكن جبال سدات لتستسلم لقدرها المحتوم ، فخلال الحرب العالمية الثانية تشكلت الإدارة الاستعمارية في الشقفة و أصبحت حين ذاك مقرا للأعيان الذين تفيض قلوبهم بالشر و الحقد و المتناثرين في حواشيها و مداشرها ، وقد استفاقوا على امتيازات لم يألفوها من قبل ، في جمع الغرامات و المكوس لدعم سلطة الاحتلال ، و بالقوة التي خولها لهم الحاكم العسكري حين ذاك ، القايد بوطلعة على برج الطهر و ما يحيط بها من جبال ، و القايد عباس على هضاب وجانة ، و السعيد بن يحي على بني معمر و أبي يوسف ، و استسلمت ملالة بقطاعاتها المتناثرة لبن خلاف و داود ، لازالت أراضيهما شاهدة على تسلطهما و استهتارهما بالأهالي ،
رفع بن عميرش كفيه يقبض على طرفي صدغيه ، و يطلق صوته في الفضاء ،
- يا أولاد الحلال أسمعكم بالخير و العافية ،،،، !!!
و لما خنقه الدمع و حبس أنفاسه ، جلس جنب امبارك بلعويفري على الرصيف ، هذا الأخير لم يتوان في الاستهزاء به ، و تحريك مشاعره و أحاسيسه
قال له : اليوم رأيت مدام جورج ملامحها تنبع من الأحلام ، إنها أيقونة تشكلت من النور ،
لكن بن عميرش نهره بعنف و احتقار فقال له :
أعمى مثلك لا يمكن أن ير الأشياء كما يراها البصير يا لمبارك ،،،،
.../,,,
يتبع
شقيف الشقفاوي
من روايتي ( الطريق إلى سدات )
عندما هم بن عميرش بالنداء ، صمت مبارك لعويفري وتاه في الفراغ تيها موحشا في الطفولة ، كانت قدماه دامية في الحفاء ، و هو يتسلق مرتفعات لعمارشة و القمم المتاخمة لها ،
في رحلات متكررة عن درنات ( أيرني ) التي عافتها الخنازير ، تذكر حين كان يجمع حزم الديس و الحطب و يعود في المساء منهكا و متعبا إلى كوخه المنزوي في الظل ، تذكر بنت عمه اليامنة حين كانت تطل عليه إطلالات باسمة مشحونة بحرقة اللقاء ، لكنها ماتت عام البون بمرض غريب ، أخذها إلى المرابطين و دار الدراويش و طاف بها تخوم الشفاء في دار الضمان و سيدي عبد القادر و زاوية بن فطومة ، و كتب لها عشرات التمائم لكن الموت كان غاشما و قاسيا كتم أنفاسها بالصدفة و الصمت ، و تركه يجوب القمم و الدمع يغسل خديه ،
لم تكن جبال سدات لتستسلم لقدرها المحتوم ، فخلال الحرب العالمية الثانية تشكلت الإدارة الاستعمارية في الشقفة و أصبحت حين ذاك مقرا للأعيان الذين تفيض قلوبهم بالشر و الحقد و المتناثرين في حواشيها و مداشرها ، وقد استفاقوا على امتيازات لم يألفوها من قبل ، في جمع الغرامات و المكوس لدعم سلطة الاحتلال ، و بالقوة التي خولها لهم الحاكم العسكري حين ذاك ، القايد بوطلعة على برج الطهر و ما يحيط بها من جبال ، و القايد عباس على هضاب وجانة ، و السعيد بن يحي على بني معمر و أبي يوسف ، و استسلمت ملالة بقطاعاتها المتناثرة لبن خلاف و داود ، لازالت أراضيهما شاهدة على تسلطهما و استهتارهما بالأهالي ،
رفع بن عميرش كفيه يقبض على طرفي صدغيه ، و يطلق صوته في الفضاء ،
- يا أولاد الحلال أسمعكم بالخير و العافية ،،،، !!!
و لما خنقه الدمع و حبس أنفاسه ، جلس جنب امبارك بلعويفري على الرصيف ، هذا الأخير لم يتوان في الاستهزاء به ، و تحريك مشاعره و أحاسيسه
قال له : اليوم رأيت مدام جورج ملامحها تنبع من الأحلام ، إنها أيقونة تشكلت من النور ،
لكن بن عميرش نهره بعنف و احتقار فقال له :
أعمى مثلك لا يمكن أن ير الأشياء كما يراها البصير يا لمبارك ،،،،
.../,,,
يتبع
شقيف الشقفاوي