الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مناقشة مجموعة مرسوم لإصدار هوية للروائي محمد عبد الله البيتاوي

تاريخ النشر : 2019-09-19
مناقشة مجموعة مرسوم لإصدار هوية للروائي محمد عبد الله البيتاوي
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها اللجنة الثقافية في دار الفاروق للثقافة والنشر تم مناقشة مجموعة قصصية بعنوان "مرسوم لإصدار هوية" وهي للروائي والقاص محمد عبد الله البيتاوي وقد صدرت في العام 1994م. وافتتح البيتاوي الجلسة قائلاً: تعتبر هذه المجموعة القصصية الثانية التي أصدرها بعد مجموعة "دعوة للحب"، أما المجموعة الثالثة فهي مجموعة "أوراق منسية"، ومن يقرأ هذه المجموعة يجد قصصها قد رُويت بأكثر من مدرسة أدبية وإن كان قد غلب على معظمها طابع الواقعية التجريبية التي تعتمد الرمز أكثر لإيصال الفكرة المطروحة إلى القارئ في وقت كان فيه الوضوح يعرض الكاتب إلى كثير من المساءلة بالنسبة إلى سلطات الاحتلال. سوف أكتفي بالرد على ما قد يطرحه الزملاء من أسئلة دون التدخل في وجهات نظرهم التي أعتبرها منطقة محظورة بالنسبة لي لأن من حق كل قارئ أو ناقد منّا أن تكون له وجهة نظره الخاصة به والتي قد تخالف أو تتفق مع الكاتب أو الآخرين.
ثم فتح باب النقاش فتحدث الشاعر عمار خليل قائلاً: النص الأدبي بطبيعته يختلف باختلاف المكان وكذلك الزمان، نحن أمامَ نصوصٍ كُتبت بين أعوام 1970-1990م وذلك بتفاوت زمني واضح، وتاريخ النشر عام 1994م، أي أن هناك نصوصًا كان عُمرها أربعٌ وعشرون عامًا حين رأت نور النشر والقراءة. هذا التقديم الذي قرأته ليس من باب تقديم المعلومة أو التبيان، فهو واضح في هذا الإصدار، ولكن أردت أن أبين قبل أي شيء أن النصوصَ قد يضعف بريقها، إن لم يستطع الكاتب اختيار اللحظة المناسبة للنشر. النصوص هنا قد عنونها الكاتب (بقصص قصيرة) وعناصر القصة في غالبها ناضجة وكاملة، لكن لغة السرد كان (القاص) هو المسيطر على جميعها، وهذا لعله أعطى صورة واحدة عن جميع القصص لم تساهم في إنشاء الإثارة والتشويق لدى القارئ. اللغة سهلة وجميلة، وقد أضاف الكاتب باحترافية اللغة العامية بين سطور القصص مما أعطاها الحيوية والمنطقية في تبادل اللغة وقدرتها بين الناس .في بعض النصوص لم يوفق الكاتب في اختيار النهاية، على الرغم أن أغلبها تركها الكاتب مفتوحة ومطلقة. وفي بعض القصص استخدم الكاتب الرمزية المقصودة، وترك للقارئ مساحة للتفكير، والبعض الآخر كان مباشرًا ولا يحتمل الرمزية أصلاً، وذلك يرجع لأهمية وحساسية الموضوع المطروح، وهذا يُحسب للكاتب. الجميل والعجيب في هذا الإصدار هو المواضيع التي قدمها وعالجها الكاتب، فالجميل هنا: ما يربطنا بتلك المشاكل والحالات وخاصة الاجتماعية منها، والعجيب أننا بعد كل هذا الزمن مازلنا نعاني من تلك المشاكل بل وزيادة .
أما الأستاذ سامي مروح فقال: لا يجوز أن نحكم على النص الأدبي إلا ضمن الزمن/الظرف الذي كُتب فيه. وهنا أجد أن في كل قصة فكرة ما يطرحها القاص، ونجد أكثر من طريقة للسرد استخدمها في المجموعة، ففي قصة "مريم عبداللطيف" جعل المرأة أقوى من الرجل ومن المجتمع، وكان صوتها وحضورها متفوقًا عليه، وإذا ما توقفنا عند شخوص المجموعة نجدها مستفزة، ورغم أنها مهزوزة إلاّ أنها سرعان ما تتقدم في الاتجاه الصحيح وتصلح مسارها كما هو الحال في قصة "أسير الوهم" التي تحدثت عن عقدة النقص عند بطل القصة، كما نجد أسلوب الكاتب سهل وعميق في ذات الوقت، وقد تمكن من إيصال الفكرة التي أراد تقديمها بأسلوب رمزي تاركًا مسافة لرؤية القارئ ليفسرها حسب استيعابه لها، لهذا يمكن أن يفسر/يأخذ كل قارئ القصة حسب ما يراه.
ثم تحدثت الروائية خلود نزال قائلة: لقد وجدت لغة جديد وقوية تجمع بين الفصحى والمحكية، ومن يستمع إلى "محمد البيتاوي" يجد أن بعض الأصوات يتشابه مع ما يقوله القاص في جلساته الخاصة، وهذه اللغة ألقت بظلالها على الشخصيات التي وصلت لنا طبيعتها من خلال حديثها وحوارها مع الآخرين، وكلنا يعلم أن الحوار جزء مهم في الأعمال القصصية، وإذا أخذنا الأمثال الشعبية التي جاءت في المجموعة على لسان الشخوص فيها، يمكننا أن نقول أنها قربتها من القارئ وقربت القارئ منها، فهي شخصيات (شعبية) نجدها في الشارع وفي كل مكان، كما نجد صورة المرأة القوية بحضورها ومواجهتها للمجتمع، وهناك أفكار تتحدث عن علم النفس وأثره على الإنسان، وهذا أمر علمي وواقعي، وأعتقد أن الإرشاد إلى السلوك السوي مهم وضروري لنا كمجتمع وكأفراد، والأهم الطريقة غير المباشرة التي قدمت فيها الفكرة، وهذا هو الأجمل في المجموعة، يبقى أن نقول أن "محمد البيتاوي" يبقى صاحب فضل على جيل من الكُتّاب حيث له أسلوبه ولغته الخاصة.
ثم تحدث الناقدِ رائد الحواري قائلاً: "مرسوم لإصدار هوية "مجموعة قصصية صدرت في عام 1994، وهي تجميع لقصص كان الكاتب قد نشرها في المجلات والصحف الفلسطينية من عام 1970 إلى عام 1992، فقد تعمد الكاتب أن يضع تاريخ نشر القصة والجهة التي نشرتها، تبيانًا للمرحة التي كُتبت بها، وأيضًا تسهيلاً لتقييمها من قبل المتلقي.
وإذا استثنينا قصة "الإعصار" التي تتحدث بطريقة واقعية مباشرة، نجد بقية القصص تحمل الرمز، مما يتيح للقارئ تماثل الحدث أو البطل بالوضع الخاص الفلسطيني، فطبيعة الظروف تحدّت الاحتلال وأعطت مبررًا للكاتب لكي يلتف على الرقابة العسكرية من خلال الرمزية التي تعامل معها بطريقة جعلته يوصل فكرته بوضوح، ودون أن يتعرض للملاحقة العسكرية. فنجد قصة "مرسوم لإصدار هوية" تتماثل مع الصراع الذي خاضته منظمة التحرير الفلسطينية للاعتراف بها ممثلاً للشعب الفلسطيني، إن كان على الساحة العربية أم الأممية، فاستخدم الكاتب رقم الصفر، وما له من قيمة في عالم الأرقام، لكي يوصل فكرته حول حق الفلسطيني بتمثيل نفسه بنفسه .وفي قصة "الشيخ مسعود" التي تحدث بها عن نكران الجميل، طارحًا قضية التفاوت الطبقي والاجتماعي والكيفية الانتهازية التي يتعامل بها أصحاب المراكز، بعد أن يخرجوا من ثوب الفاقة، وما قاله الشيخ مسعود لذلك المتنفذ الوصولي: "جيت مليان فرح، ولكنكم فقأتموه على الباب" ص19، يبين حجم الانتهازية والبيروقراطية التي وصل إليها الجهاز الوظيفي.
أما في قصة "أسير الوهم" يستخدم الكاتب الفانتازيا بطريقة رائعة جدًا، وباعتقادي بأن هذا الأسلوب في سرد الأحداث هو من أفضل الأساليب التي تقنع المتلقي وتشفي غليل الكاتب في ذات الوقت، فحالة العظمة كانت بهذا الوصف: "أنا سيد الكون، ومن بعدي الطوفان، هلموا أصدقائي لنمزق الصور والستائر، لنحطم كل التماثيل.. لا تبقوا على شيء" ص37، فهنا كانت الفانتازيا والترميز تعطيان النص بعدًا أدبيًا بالإضافة إلى ما تحمله القصة من مضمون اجتماعي يمكن إسقاطه على الواقع السياسي.
أما القاصة فاطمة عبد الله فتحدثت قائلة: تعتبر القصة القصيرة من أهم صنوف الأدب وفنونه، فهي تهتم بمعالجة قضايا المجتمع وعرض سلوكه، ونقل صورة عن واقعه اعتمادًا على خيال القاص ومهارته في السرد. "مرسوم لإصدار هوية" مجموعة قصصية للكاتب والناشر الفلسطيني الأستاذ محمد عبد الله البيتاوي، صدرت الطبعة الأولى منها عام 1994م، وتضمنت المجموعة تسع قصص تباينت تواريخ كتابتها ونشرها، ونُشرت أغلب قصص المجموعة في صحف محلية كصحيفة الفجر والنهار ما بين عامي 1970-1992م.
"مرسوم لإصدار هوية" هو عنوان القصة الأولى في هذه المجموعة، يبدأ الكاتب قصته بمقدمة بسيطة تتعرف بها على شخصية القصة الرئيسة وهي (الصفر) الذي يبدأ باستخدام ضمير المتكلم في سرد حكايته، ورحلة الصراع للبحث عن الذات وإثبات قيمته. الصفر هنا رمز قد ينطبق حاله على فرد ما في مجموعة وقد ينطبق حاله على مجموعة في مجتمع كبير، منبوذ مذموم يسعى للاعتراف به وبحقيقة وجوده، فهو لم يختر اسمه ولا قيمته التي لا تعني شيئًا ووجوده الذي يعني الفراغ.
أما "حكاية الشيخ مسعود" في لقطة مشهدية لنهاية الحدث يبدأ الكاتب في سرد اللغط الدائر، تُقص الحكاية باختصار وهي حكاية إنكار المعروف والتخلي عن أصحاب الفضل في الوصول إلى المنصب والترفع عن الأهل والأصحاب. الشيخ مسعود يسعى لتوظيف أحد أبناء بلدته في إحدى الدوائر الحكومية ويقدم تنكة زيت من ماله الخاص هدية أو رشوة للمسؤول كواسطة لتوظيفه، وبعد سنوات يصبح هذا الشخص رئيسًا للدائرة، بيده حل كل قضية ابن الشيخ مسعود، ولكننا نفاجأ بعدم تعرفه أو اعترافه بالشيخ مسعود وينكر حق الجيرة والعيش، رغم عدالة قضية الشيخ وابنه، الذي يقول:
"أنا يا سيدي واحد مِن اللي مَن الله عليهم بمعرفة سعادتكم خدامكم الشيخ مسعود.
الحيط على الحيط .. والطابون واحد.." ص18.
تعتمد هذه القصة منذ البداية على لغة الحوار الذي أوصل المتلقي إلى النهاية المنشودة وساعد في رسم شخصيات القصة، وصوّر الحالة النفسية والعاطفية لديها من حدة طبع وشجاعة ووفاء وتردد. كان الحوار يحمل إشارات التلميح، في لغة مجتمعية دارجة احتوت على كلمات عامية وأمثال شعبية: "أنا ما بغسل أموات وضامن جنة" ص24، والمثل الآخر "آخر المعروف لط كفوف" للتعبير عن مجازاة الخير بالشر. ونجد الكاتب في أغلب قصصه قد جعل من الحوار لغة سهلة سليمة جمعت بين رصانة الفصحى ومرونة العامية.
وفي "أسير الوهم" نجد قصة تعرض مكونات الشخصية الثلاث الهو والأنا والأنا العليا، والصراع الذي يدور بينها في تملك الفرد والسيطرة عليه. وتظهر هذه المكونات على شكل أفراد وأشخاص، يتوهمهم بطل القصة ويُجري حوارات معهم في إطار الحياة الخاصة للشخصية الرئيسة. من وجهة نظره ومعتقداته وحين تسيطر عليه الأنا، يطالب الجميع من حوله تنفيذ احتياجاته ورغباته متناسيًا وجود غيره، وشخصية القصة لديها عقدة النقص الداخلي كونها الزوج الثاني لامرأة، وكونه حاز على أملاك زوجها الأول وأقام مكانه. هذه المشاعر المختلطة المتداخلة عليه قادت إلى حب السيطرة والتسلط والتكبر والغرور.، حتى نجده في نهاية القصة يحاول قتل زوجته والتخلص منها ويضربها ضربًا مبرحًا وحوله بطانة متخيلة تأسره وتدعمه، وفي زخم اهتياجه تقتله نوبة قلبية لتنقلب عليه بطانته الوهمية:
"وطاش سهم استقر في قلب الرجل، فأخذت الحاشية حالة من الذهول والاضطراب وبعد لحظة قال أحدهم في تردد:
- "ماذا ننتظر؟
- إن الصدمة مفاجئة كبيرة...
- ملعون أصل الظالم المفتري..." ص47.
"اللعب بلكن" لكن حرف استدراك يُثبت لما بعده حكمًا مخالفًا لحكم ما قبله. كيف تتعامل الذات الإنسانية مع الأمور الطارئة الغريبة؟ وما مدى استجابة الفرد التابع في العزلة والأمان لحياة المداهمة؟ ما مدى تقبل الفرد والمجتمع بشكل عام من حال إلى حال؟ هذه قصة الرجل المنعزل الذي يطرق الغرباء بابه -حيث لم يطرق بابه قبل ذلك أي طارق- يتلبسه الخوف، وتتنازعه الغربة في تقديم العون، إنما هي قصة رمزية على ما طرأ. يقول ابن خلدون يرحمه الله، من الغلط الخفي في التاريخ الذهول عن تبدل الأحوال في الأمم والأجيال يتبدل الإعصار ومرور الأيام وهو داء دوي شديد الخفاء، إذ لا يقع إلا بعد أحقاب متطاولة فلا يكاد يتفطن إلا الآحاد من أهل الخليفة وذلك من أحوال العلم والأمم وعوائدهم وتجلهم لا تدوم على وتيرة واحدة، إنما هو اختلاف الأيام والأزمنة والانتقال من حال إلى حال.
وفي نهاية الجلسة تقرر أن يكون اللقاء القادم يوم 29/9 لمناقشة رواية "شرائط ملونة" للروائية فاطمة عبد الله، والتي صدرت عن دار الفاروق.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف