ضاحية قرطاج
منجد صالح
هناك شبه توافق بين الكتاب الفلسطينيين على الاهتمام بالمكان، فالأديب الفلسطيني يحرص على ذكر المكان كحال الإنسان، وهذا يعود إلى طبيعة الصراع مع المحتل، الذي يسعى إلى محو الفلسطيني وتذويبه وتهويد الأرض، في هذه المجموعة أحدى عشرة قصة، وفي كلا منها نجد حضور المكان، رام الله، بيت لحم، بيت جالا، نابلس، جنين، بير زيت، بيت لحم، القدس حلحول، بيت فجار، جماعين، عينابوس، حوارة، قرية أبو قش، هذا فضلا عن تناوله للمكان في الشتات، عمان، تونس، الكويت، وهذا يؤكد على أهمية وقوية حضور المكان في وجدان القاص.
هناك قصص طويلة تتجاوز الأربعين صفحة كما هو الحال في الجدي الأبرق، الطائر العجيب" وبقية المجموعة جاءت بحجم عادي، وقد تناول القاص مواضيع متنوعة في مجموعته، منها الاجتماعي، "الجدي الابرق، الخطيب الجار، السائق والحامل، الصديق المكافح، الصديق المكافح، اللص ابن أبيه، شنطة البامبرز، ماريا وعبد الرحيم" ومنها الوطني "ضاحية قرطاج، حازم الحازم، السور الماحق"، أما على صعيد الشكل، فجاءت بغالبيتها بواقعية، إذا ما استثنينا "الطائر العجيب" التي جاءت جامعة للرمز وللتراث وللحداثة معا.
والقاص في مجموعته يحرص على السلوك الاجتماعي عند الفلسطيني، ويبين الهوة التي تفصله عن الثقافة والسلوك الغربي، ففي قصة " ماريا وعبد الرحيم، يبين أن المرأة التي تحمل الثقافة الغريبة لا يمكن ان تقبل أو يقبل بها الفلسطيني، فزوجة عبد الرحيم التي تركها تكمل دراستها في الجامعة ترد على سفورها الفاضح وقيامها بعلاقة جنسية مع الآخرين بقولها: " أنا أحب زوجي عبد الرحيم، أحبه كثيرا، ولكنه الآن في عمان، بعيدا عني، وأنا لدي احتياجات فسيولوجية، متطلبات جسدية، البيها في الغرفة 85 إلى حين عودة زوجي، وبعدها وعندما يعود أقطع العلاقة معهم وأعود إلى أحاضنه، ويا دار ا دخلك شر" ص201، ونجده يعري الانتهازين ودورهم في خراب الثورة، ففي قصة "ضاحية قرطاج" يحدثنا عن العقيد الذي يسكن في مكان لا يتناسب وطبيعة الثورة والثوريين: "حدق في بهو الفيلا الضخمة الفسيح، ولاحظ مصابيح الإنارة المتساقطة على الجداران الداخلية، كثيرة العدد، ساطعة" ص181، ولم يتعلق الأمر بالمكان فقط، بل تعداه إلى طبيعة العقيد الذي يطلب من "سمير" أن يقوم بمهمة تحتاج إلى أكثر من فرد، وتحتاج إلى وقت أطول بكثير من الذي حدده العقيد: "فكر سمير في ثلاثة أو أربعة مطالب، يضعها بين يدي حضرة العقيد للموافقة عليها وتأمينها كي يستطيع إنجاز المهمة وربما خلال أسبوعين إذا ما توفرت هذه الامكانيات، وأن أول هذه المطالب "مصباح علاء الدين السحري، حتى يفركه ويخرج المارد منه ليمتطي صهوته ويطير به إلى مدريد وروما وامستردام للتحقق من صحة ودقة العناوين" ص188، اعتقد أننا كفلسطينيين بأمس الحاجة إلى فضح وتعرية الانتهازيين والمتسلقين الذي استباحوا البلاد ونهبوا العباد، وهنا يمكن دور الأديب الاجتماعي والاخلاقي، فهو يقدم فكرة نبيلة لكن بطريقة غير مباشرة، ضمن قصة أدبية، وبالتأكيد سترسخ في الوجدان أكثر، وتبقى حاضرة في العقل أطول.
هناك ملاحظة على المجموعة تتمثل في تدخل القاص في القصص بشكل مباشر، حتى بدا أحيانا أنه يطرح افكاره هو وليس أفكار ابطال القصص، فبعض القصص جاءت وكأنها موضوع أو تقرير صحفي أو بيان سياسي كما هو الحال في قصة، "الخطيب الجار، والطائر العجيب" كم كنا نتنمى على القاص لو عكس ترتيب القصص، فجعل ما هو بداية في الخاتمة وما في الخاتمة جعله في البداية، لأن هناك تفاوت كبير في فنية وطريقة تقديم قصص البداية والخاتمة.
المجموعة من منشورات مؤسسة سيدة الأرض.
منجد صالح
هناك شبه توافق بين الكتاب الفلسطينيين على الاهتمام بالمكان، فالأديب الفلسطيني يحرص على ذكر المكان كحال الإنسان، وهذا يعود إلى طبيعة الصراع مع المحتل، الذي يسعى إلى محو الفلسطيني وتذويبه وتهويد الأرض، في هذه المجموعة أحدى عشرة قصة، وفي كلا منها نجد حضور المكان، رام الله، بيت لحم، بيت جالا، نابلس، جنين، بير زيت، بيت لحم، القدس حلحول، بيت فجار، جماعين، عينابوس، حوارة، قرية أبو قش، هذا فضلا عن تناوله للمكان في الشتات، عمان، تونس، الكويت، وهذا يؤكد على أهمية وقوية حضور المكان في وجدان القاص.
هناك قصص طويلة تتجاوز الأربعين صفحة كما هو الحال في الجدي الأبرق، الطائر العجيب" وبقية المجموعة جاءت بحجم عادي، وقد تناول القاص مواضيع متنوعة في مجموعته، منها الاجتماعي، "الجدي الابرق، الخطيب الجار، السائق والحامل، الصديق المكافح، الصديق المكافح، اللص ابن أبيه، شنطة البامبرز، ماريا وعبد الرحيم" ومنها الوطني "ضاحية قرطاج، حازم الحازم، السور الماحق"، أما على صعيد الشكل، فجاءت بغالبيتها بواقعية، إذا ما استثنينا "الطائر العجيب" التي جاءت جامعة للرمز وللتراث وللحداثة معا.
والقاص في مجموعته يحرص على السلوك الاجتماعي عند الفلسطيني، ويبين الهوة التي تفصله عن الثقافة والسلوك الغربي، ففي قصة " ماريا وعبد الرحيم، يبين أن المرأة التي تحمل الثقافة الغريبة لا يمكن ان تقبل أو يقبل بها الفلسطيني، فزوجة عبد الرحيم التي تركها تكمل دراستها في الجامعة ترد على سفورها الفاضح وقيامها بعلاقة جنسية مع الآخرين بقولها: " أنا أحب زوجي عبد الرحيم، أحبه كثيرا، ولكنه الآن في عمان، بعيدا عني، وأنا لدي احتياجات فسيولوجية، متطلبات جسدية، البيها في الغرفة 85 إلى حين عودة زوجي، وبعدها وعندما يعود أقطع العلاقة معهم وأعود إلى أحاضنه، ويا دار ا دخلك شر" ص201، ونجده يعري الانتهازين ودورهم في خراب الثورة، ففي قصة "ضاحية قرطاج" يحدثنا عن العقيد الذي يسكن في مكان لا يتناسب وطبيعة الثورة والثوريين: "حدق في بهو الفيلا الضخمة الفسيح، ولاحظ مصابيح الإنارة المتساقطة على الجداران الداخلية، كثيرة العدد، ساطعة" ص181، ولم يتعلق الأمر بالمكان فقط، بل تعداه إلى طبيعة العقيد الذي يطلب من "سمير" أن يقوم بمهمة تحتاج إلى أكثر من فرد، وتحتاج إلى وقت أطول بكثير من الذي حدده العقيد: "فكر سمير في ثلاثة أو أربعة مطالب، يضعها بين يدي حضرة العقيد للموافقة عليها وتأمينها كي يستطيع إنجاز المهمة وربما خلال أسبوعين إذا ما توفرت هذه الامكانيات، وأن أول هذه المطالب "مصباح علاء الدين السحري، حتى يفركه ويخرج المارد منه ليمتطي صهوته ويطير به إلى مدريد وروما وامستردام للتحقق من صحة ودقة العناوين" ص188، اعتقد أننا كفلسطينيين بأمس الحاجة إلى فضح وتعرية الانتهازيين والمتسلقين الذي استباحوا البلاد ونهبوا العباد، وهنا يمكن دور الأديب الاجتماعي والاخلاقي، فهو يقدم فكرة نبيلة لكن بطريقة غير مباشرة، ضمن قصة أدبية، وبالتأكيد سترسخ في الوجدان أكثر، وتبقى حاضرة في العقل أطول.
هناك ملاحظة على المجموعة تتمثل في تدخل القاص في القصص بشكل مباشر، حتى بدا أحيانا أنه يطرح افكاره هو وليس أفكار ابطال القصص، فبعض القصص جاءت وكأنها موضوع أو تقرير صحفي أو بيان سياسي كما هو الحال في قصة، "الخطيب الجار، والطائر العجيب" كم كنا نتنمى على القاص لو عكس ترتيب القصص، فجعل ما هو بداية في الخاتمة وما في الخاتمة جعله في البداية، لأن هناك تفاوت كبير في فنية وطريقة تقديم قصص البداية والخاتمة.
المجموعة من منشورات مؤسسة سيدة الأرض.