الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في كرنفال المدينة بقلم:نزهة الرملاوي

تاريخ النشر : 2019-09-17
شكرا من القلب للقاصّة فاطمة عبد الله التي رافقتها موسيقى الكرنفال.. ومضت مع لحن مدينة تجذب الأرواح إليها ويرفّ على أسقفها حمام السّلام..

كتبت القاصّة فاطمة عبد الله عن رواية كرنفال المدينة للروائية نزهة الرملاوي قائلة: بغض النظر عن أصل كلمة "كرنفال" وما يعنيه، موسمه، وأماكن إقامته، ومعانيه الدينية والشكل الذي بات عليه، فإن فكرتنا العامة عن الكرنفال أنه احتفال تنكري واستعراض ترافقه الموسيقى. هذه الموسيقى رافقت ذهني كمتلقية في كل صفحات هذه الرواية، كنت أضع لكل حدث مقطوعة موسيقية ترافقه، يتلائم فيها اللحن والكلمة فلا يطغى صوت أحدهما على الآخر، فاللغة واللحن هنا يكملان بعضهما البعض ويرتبطان ارتباطًا وثيقًا. فالعنوان فيه صخب موسيقى الكرنفال وصخب المدينة، فلكل ركن من المدينة مقطوعة موسيقية تناسبه، والغلاف باللون الأزرق الواسع في اتساع السماء، إن ضيقنا الصورة كانت القدس في حدقة العين، وإن كبرنا الصورة كانت القدس بؤرة الكون، تدور حولها الأفلاك والنجوم وإليها تنجذب الأرواح، وعلى أسقفها يرف حمام السلام.
أما الإهداء فهو للقدس وقد جاء بلغة شعرية، فنجد الكاتبة تقول:
إلى المدينة التي أقرأها عشقا، فتكتبني...
إلى الحالمين بدفء العودة، وقد داهمهم ثلج الاحتضار..
إلى المنتظرين خلف الشمس والجدار واحتراق المعابر..
ثمة كرنفال مع الفرح آت..
ينتظرنا على أبواب المدينة.
وعند تناول الرواية نجد أن الفصل الأول منها هو عبارة عن صور وأحداث ومشاهد تحكي واقع تامر في المخيم، ثم نجد مشاهد ميلودرامية سريعة نجد الشخصيات فيها تسابق الوقت لرواية حكايتها حيث تتواجد في مكان واحد ألا وهو (المعبر) وفي زمن محدد وحدث رئيس واحد هو إغلاق المعبر في ذلك اليوم. مما نتج عنه عدة أحداث أدت إلى صراع خارجي بين الموجودين على اختلاف جنسياتهم وطبقاتهم الاجتماعية ومناصبهم وأعمارهم، مع محتل واحد يفرض سيطرته، ويتحكم بحريتهم وحرية تنقلهم وبالتالي يتحكم في حياتهم وموتهم، فيطلق النار والغاز عليهم متى شاء فلا رادع له.
اللغة في هذا الفصل بشكل عام تقريرية، فمثلا ص 45 (وفود من القادمين جاؤوا بسرور بعد حصولهم على تصاريح لدخول المدينة عبر حافلة خاصة أتوا، أدرك تامر دهشتهم، حينما أمروا بالنزول منها مع متاعهم، وأصبحوا في كرب الإغلاق وتعب الانتظار...) دع عنك التركيب اللغوي الغير سليم للجملة فالفكرة وصلت. كلمات ترسم مشهد واقعي يسرده مراسل صحفي تصحبه موسيقى حذرة بطيئة منخفضة تشعرنا بالأسى والخيبة والتعب.
(النهار يتمدد والحر يشتد في المعبر المحاصر، سئم الناس من وقوفهم، أعاد أبو الحسن تنظيم المجموعة الكشفية من طلبة المخيم المنتظرة أمر العبور...) ص 62 قرع طبول وعزف أبواق ونشيد بلادي وأغاني للحرية على المعبر، بمزمار حزين تسرد وجع الانتظار بين جوع طفل، وألم مخاض مباغت، موسيقى حزينة ونهاية مبتورة لشهيد عل المعبر.
وقد لاحظت أن محرك الميلودراما الأساسي هو الصدفة التي لا قانون لها، وهذا جزء من تركيبة الخيال وترك المشاركة للمتلقي، والصدفة التي قد تبدو جزافًا يقبلها المتلقي نتيجة قيامها على تراكمات حديثة أدت إلى مثل هذه المصادفة ويصدقها بشكل سلس وانسيابي، بعد كم من الأحداث الممزوجة بقدر كبير من العمق النفسي والمليئة بالانعطافات المنطقية.
في الفصل الثاني الذي يستعرض ما يدور في القدس من أحداث هي أغرب من الخيال وظّفتها الكاتبة ليلتقي بها تامر ابن السابعة عشر تمر عليه مجتمعة في يومين يفصل بينهما ثلاثة عشر يومًا يقضيها تامر في غيبوبة، فالصدفة كما ورد في مجلة القافلة عدد مارس ابريل 2018. فعل ينغلق على عمق سحري ينافي القصد ويناوش اليقين وثوابته ويبث القلق في روح العلم. هي الأرض الواسعة للدهشة، للاستحالة للخيال الذي لا جهات له، الصدفة التي لا قدرة لنا على التنبؤ بها أو السيطرة عليها والتي يصعب شرحها فهي تقع في دائرة المفارقات، خارج المتوقع الذي يجعل اللحظة المقبلة معدة سلفًا. يتمثل هذا جليًا في هذه الرواية حين يشاهد تامر في لحظات مجنونة حادثة القتل عند باب العامود الذي يتم إغلاقه فيفر مع الفارّين، ويطلق لقدميه العنان دون أن يدري أين ستحط رحاله ص125 وصل باب الساهرة الذي لا يبعد عن باب العامود سوى مسافة قصيرة شرقًا وهنا في باب الساهرة يختلف الطقس كليًا! حيث يتوافق وجود فرقة من الكشافة تقيم احتفالاً بمناسبة رأس السنة الهجرية، والتوافق يتضمن عنصرين فاعلين بإرادة ولا تتناقض مع فكرة التصادف المطلق، إلا أن أسباب التصادف مجهولة، أما التوافق هنا بإرادة، ففرقة الكشافة سعت إلى المكان وتدبرت الزمان، والإرادة الأخرى هي إرادة الاحتلال القائمة. والمفارقة أن الناس الفارة من أزيز الرصاص تتوقف وهي بالتأكيد تتأجج بالغضب تسحقها عاطفة القهر لتنشد مع فرقة الكشافة وتحتفل ص168!
وباختصار أقول بأن هناك شخصيات إضافية طارئة جعلتها الساردة كناطق إعلامي يظهر هذا واضحًا ص 186، في تهريب جثة شهيد من المشفى، إلمام الكاتبة وإحاطتها بالأحداث الدائرة في القدس وبوعي المثقف حرصت الكاتبة على تصوير الواقع المقدسي وتعاملت معه تعاملاً انتقاديًا، هشم الواقع السردي لحساب الفكرة التي تخص الانتماء الشخصي ص25، في الحديث عن غزة، وص27 في إشارة لمدينة رام الله. وكذلك في مواضع عدة حيث الدعاوى ضد المستوطنين وازدواجية النظر في القضايا المرفوعة من قبل العرب واليهود ص 215، الحبس المنزلي ونقل السفارة، اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، البوابات الإلكترونية، المقبرة، وغيرها كل هذا وصل إلى ذهن المتلقي عن طريق الصوت للإخبار عما يحصل.
شخصية الرواية الرئيسة بطل يصمد في الاعتقال لا يتنازل عن مبادئه مطلقًا، أغنية ما خاصة بالسجن وأهواله تصحبني لصداها دوي عميق. ويعود تامر إلى المخيم المسكون بالألم عند أهل وأصدقاء لا يفارقهم الأمل يستقبلونه بالاحتفال والنشيد وأبو عرب يغلق دفة الرواية في يا يمه في دقه على بابنا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف