نادي الفضيلة
قال الخنزير :
· يا أحبتي يا سكان الحظيرة، جمعتكم اليوم لنتناقش في قضية خطيرة، تعلمون أن الفضيلة من الخصال الحميدة المشكورة، و تعلمون أن زميلتنا الغنمة خير من توصف بالعفة و الستر بسبب إليتها الكبيرة، و قد اشتكت لي من ارتفاع المعلف عن الأرض، مما يجبرها على القفز فتبين عورتها في بعض الأحيان، و في آخر مرة شاهدتها زميلتها العنزة أم الذيل المعقوف، و عيّرتها قائلة :
بيّنت طيزك يا غنمة!
(العفو منكم هكذا قالت لي بالحرف الواحد) .
قالت الغنمة ماع بحياء، تأكيداً على صدق الواقعة.
أكمل الخنزير الحكيم يقول :
· يا قوم يا معشر الأذناب و الحوافر ، ما رأيكم أن نعيّن معزتنا الفاضلة زعيمة نادي الفضيلة كونها انتبهت و نبّهت الغنمة على انكشاف عورتها حين قفزها نحو المعلف العالي؟
نبح الكلب موافقاً، بينما نهق الحمار معترضاً، و صاح الديك الفصيح فرحاً مسرورا :
· نعم ، أصبت يا خنزير، فقد شاهدت المعزة ذات الذنب المعقوف تنطح "المرياع" الكبير لأنه لم يغَر على غنمته المفضوحة.
أكد التيس ذلك بكل عناد، و قال :
· يا معزاتي عفواً يا أعزائي الحيوانات، ما رأيت مثل عنزتي حرصاً على مكارم الأخلاق، تراقب كل إناث الحظيرة على الصغيرة و الكبيرة، في ذات يوم بدلت الأفعى جلدها خارج وكرها، فأنبتها عنزتي و قالت لها استحِ يا حية، و بدّلي جلدك تحت التبن، و من يومها صارت مثلاً في الآفاق : (مثل الحية من تحت التبن).
قام الثور السمين عن معالف البقرات، و توجه نحو منصة الخطاب، نطح البغل الحردان ليوسع له في المكان، خار بصوت عال و قال :
· لا يخفى عليكم يا أحباب، يا ذوات الريش و الأذناب ، أن المعزة خلقها الله بذيل معقوف للأعلى لحكمة ما، و ذلك يدل على أن لا شيء لديها لتخفيه و تتستر عليه ، و هذا قمة الوضوح و الصراحة، و هي من خير صفات الفضيلة، سيروا و عيني ترعاكم.
قاقت الدجاجة البلدية الشقراء، و قالت قاق عليّ الطلاق كلامكم صحيح.
عنفص الحمار و قلب طاولة الحوار، شهنق محتجاً و قال :
· حبيباتي الحيوانات الكرام، زملائي البهائم ذوي القوائم و الأظلاف و الحوافر، تعلمون حقاً ليس من شيمتي أن أخالفكم بأي قرار، فأنا مجرد حمار.
لكن يا قوم المعزة رائحتها كريهة، و لا تشرب إلا من رأس النبع، فتلوث الهواء و الماء، فكيف نجعلها زعيمة نادي الفضيلة حيث ننشد الهدوء و الراحة و الاستجمام في جو ملوث بالروائح الفاسدة؟
ضحك الخنزير الحكيم، و قال للحمار الغشيم :
· يا صديقي "حمّور" الصبور، ألا تعلم بأن رائحة العنز صارت من أفخر أنواع العطور؟ اسأل "ديور دو فرانس" و عنده تلقى الجواب يا حباب، و أنا لا اشتري عطوراتي إلا على آخر طرز.
أما قصة شرب العنزة للماء من رأس النبع، فهذا لحرصها على التأكد من سلامة الماء و صلاحيته للشرب، قبل أن تشرب منه بقية الحيوانات في أسفل النبع، فلو كان الماء فاسداً و غير صالح للشرب، لعزفت عنه و نبهتكم على خطورته، قبل أن تصيبكم العدوى و يعم البلاء.
هزت العنزة رأسها زهواً و فخراً بخيلاء ، و قالت بوضوح و لا خفاء :
· أشكر ثقتكم بأخلاقي الفضيلة زميلاتي و زملائي سكان الزريبة، و أجزل الشكر لزميلي الخنزير الذي رشحني لهذا المنصب الخطير، و آمل أن أكون عند حسن الظن، و أرجو أن تستمتعوا بشرب حليبي من ضرعي المبارك المكشوف للكل، و تنشق رائحة عطري الغالي النفيس زي الفلّ، و دام عزكم و علفكم و عليقكم ، و أرحب بتعليقاتكم و تعليق هذه المهمة برقبتي ، على راسي و الذيل، و طالت أذنابكم بكل خير و سلام.
حين ذاك أجمعت حيوانات الحظيرة، بما فيهم الحمار "حمّور" الغشيم، و خاله البغل الحردان السمين، على تعيين السيدة المعزة ذات الذيل المعقوف زعيمة لنادي الفضيلة و الأخلاق الحميدة، ثم صارت مضرب المثل في السترة و الحرص، فيقول قائلهم : (الله يستر عليهم سترة العنز) .
................................ ................................
جهاد الدين رمضان
فيينا في ٣ آب / أغسطس ٢٠١٩
قال الخنزير :
· يا أحبتي يا سكان الحظيرة، جمعتكم اليوم لنتناقش في قضية خطيرة، تعلمون أن الفضيلة من الخصال الحميدة المشكورة، و تعلمون أن زميلتنا الغنمة خير من توصف بالعفة و الستر بسبب إليتها الكبيرة، و قد اشتكت لي من ارتفاع المعلف عن الأرض، مما يجبرها على القفز فتبين عورتها في بعض الأحيان، و في آخر مرة شاهدتها زميلتها العنزة أم الذيل المعقوف، و عيّرتها قائلة :
بيّنت طيزك يا غنمة!
(العفو منكم هكذا قالت لي بالحرف الواحد) .
قالت الغنمة ماع بحياء، تأكيداً على صدق الواقعة.
أكمل الخنزير الحكيم يقول :
· يا قوم يا معشر الأذناب و الحوافر ، ما رأيكم أن نعيّن معزتنا الفاضلة زعيمة نادي الفضيلة كونها انتبهت و نبّهت الغنمة على انكشاف عورتها حين قفزها نحو المعلف العالي؟
نبح الكلب موافقاً، بينما نهق الحمار معترضاً، و صاح الديك الفصيح فرحاً مسرورا :
· نعم ، أصبت يا خنزير، فقد شاهدت المعزة ذات الذنب المعقوف تنطح "المرياع" الكبير لأنه لم يغَر على غنمته المفضوحة.
أكد التيس ذلك بكل عناد، و قال :
· يا معزاتي عفواً يا أعزائي الحيوانات، ما رأيت مثل عنزتي حرصاً على مكارم الأخلاق، تراقب كل إناث الحظيرة على الصغيرة و الكبيرة، في ذات يوم بدلت الأفعى جلدها خارج وكرها، فأنبتها عنزتي و قالت لها استحِ يا حية، و بدّلي جلدك تحت التبن، و من يومها صارت مثلاً في الآفاق : (مثل الحية من تحت التبن).
قام الثور السمين عن معالف البقرات، و توجه نحو منصة الخطاب، نطح البغل الحردان ليوسع له في المكان، خار بصوت عال و قال :
· لا يخفى عليكم يا أحباب، يا ذوات الريش و الأذناب ، أن المعزة خلقها الله بذيل معقوف للأعلى لحكمة ما، و ذلك يدل على أن لا شيء لديها لتخفيه و تتستر عليه ، و هذا قمة الوضوح و الصراحة، و هي من خير صفات الفضيلة، سيروا و عيني ترعاكم.
قاقت الدجاجة البلدية الشقراء، و قالت قاق عليّ الطلاق كلامكم صحيح.
عنفص الحمار و قلب طاولة الحوار، شهنق محتجاً و قال :
· حبيباتي الحيوانات الكرام، زملائي البهائم ذوي القوائم و الأظلاف و الحوافر، تعلمون حقاً ليس من شيمتي أن أخالفكم بأي قرار، فأنا مجرد حمار.
لكن يا قوم المعزة رائحتها كريهة، و لا تشرب إلا من رأس النبع، فتلوث الهواء و الماء، فكيف نجعلها زعيمة نادي الفضيلة حيث ننشد الهدوء و الراحة و الاستجمام في جو ملوث بالروائح الفاسدة؟
ضحك الخنزير الحكيم، و قال للحمار الغشيم :
· يا صديقي "حمّور" الصبور، ألا تعلم بأن رائحة العنز صارت من أفخر أنواع العطور؟ اسأل "ديور دو فرانس" و عنده تلقى الجواب يا حباب، و أنا لا اشتري عطوراتي إلا على آخر طرز.
أما قصة شرب العنزة للماء من رأس النبع، فهذا لحرصها على التأكد من سلامة الماء و صلاحيته للشرب، قبل أن تشرب منه بقية الحيوانات في أسفل النبع، فلو كان الماء فاسداً و غير صالح للشرب، لعزفت عنه و نبهتكم على خطورته، قبل أن تصيبكم العدوى و يعم البلاء.
هزت العنزة رأسها زهواً و فخراً بخيلاء ، و قالت بوضوح و لا خفاء :
· أشكر ثقتكم بأخلاقي الفضيلة زميلاتي و زملائي سكان الزريبة، و أجزل الشكر لزميلي الخنزير الذي رشحني لهذا المنصب الخطير، و آمل أن أكون عند حسن الظن، و أرجو أن تستمتعوا بشرب حليبي من ضرعي المبارك المكشوف للكل، و تنشق رائحة عطري الغالي النفيس زي الفلّ، و دام عزكم و علفكم و عليقكم ، و أرحب بتعليقاتكم و تعليق هذه المهمة برقبتي ، على راسي و الذيل، و طالت أذنابكم بكل خير و سلام.
حين ذاك أجمعت حيوانات الحظيرة، بما فيهم الحمار "حمّور" الغشيم، و خاله البغل الحردان السمين، على تعيين السيدة المعزة ذات الذيل المعقوف زعيمة لنادي الفضيلة و الأخلاق الحميدة، ثم صارت مضرب المثل في السترة و الحرص، فيقول قائلهم : (الله يستر عليهم سترة العنز) .
................................ ................................
جهاد الدين رمضان
فيينا في ٣ آب / أغسطس ٢٠١٩