الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ذاكرة ضيقة على الفرح 11

تاريخ النشر : 2019-09-16
ذاكرة ضيقة على الفرح 11
سليم النفار

ذاكرة ضيقة على الفرح 11

11

قد يُخيلَ للبعض الذي لم يرَ مخيم اليرموك ، أنَّهُ خيامٌ مبعثرة ، أو حيٌّ من أحياء الصفيح ، تلك التي تكون على هوامش المدن ، غير أن الأمر يختلف تماماً عما في أذهان البعض، فاليرموك الذي يَبْعُدُ قرابة – 8 – كيلو عن قلب العاصمة دمشق ، والذي أُنشئ في العام 1957 ، هو داخل حدود المدينة ويتمتع بمكانة عالية ، على كافة الصُّعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ففيه البناء الشامخ الحضري ، وفيه الشوارع الكبيرة – اليرموك وفلسطين بخلاف الشوارع الفرعية : صفد ولوبية والثلاثين – اضافة الى وجود مكاتب العمل السياسي الفلسطيني ، والمراكز الثقافية ودور السينما ... لقد كان اليرموك يضجُّ بالحياة على اختلاف ألوانها الماتعة ، وفي أيام العُطل الدراسية كثيراً ما كنتُ أنزل اليه ، حيث كان بيت الصديق بسام العاصي في شارع لوبيا ... بسام العاصي أحد الشباب الذين أخذوا دورة أعالي بحار ، في الباكستان أواسط السبعينات ، وكان يداوم في بحرية حركة فتح في اللاذقية ، هو وصديق آخر ناصر العسلي الذي كان يسكن دمشق في الشاغور ، أقضي عطلتي برفقتهم نذهب الى سينما النجوم في المخيم ، أو نذهب الى الشاغور يعرفونني على أحياء دمشق القديمة ، التي تعبق برائحة التاريخ العريق ، وكثيراً ما تنتهي جولاتنا في الشاغور، بتناول بعض المأكولات الدمشقية " روس و مآدم ولسانات " ، أو في بباب توما حيث الغناء والحفلات الجميلة ، تلك دمشق التي لا تبرح مخيال شبابي ،  تُحزنني الآن صور الدمار المريع للمخيم ، الذي كان على الدوام خلية نحل ، لا تكفُّ عن العمل ، في كل الاتجاهات التي 

تستلزمها الحياة ، في أبهى صورها ، التي لا تعرف الملل واليأس ، فكثيراً ما كان الفلسطينيون هناك ينهون فناجين قهوتهم ، بالكلمة المُحببة اليهم :" بالعودة "

فهلْ مازال ذلك الأمل يسكن ضلوعهم هناك ، بل ربما السؤال الأكثر ألماً : هل مازالت لهم ضلوعٌ في تلك الديار ؟؟

منذ خمسة أعوامٍ مضتْ كنتُ أتابع ما يجري هناك في اليرموك ، والقلب ينفطر حزناً على ما يُحاك ضدَّ تلك الحاضرة وأهلها ، وأستمع الى التبريرات المختلفة من كافة الجهات ، والتي جميعها تُبرر العدوان الهمجي والاستهداف ، الذي لم يبقِ شيئاً هناك قابلاً للحياة ، غصَّتْ الدموع في عيني وأنا أكتبُ مطلع قصيدتي :

 على اليرموك في اليرموك قفْ واخشعْ

هنا وطنٌ بنار الخوفِ لا يُرمى

هنا ماضٍ بنا يسطعْ 

كنتُ حاضراً بالمعنى الفيزيائي أشاهد ما يحدث ، وذهبت لغرفتي أدلق ما طفح من أحاسيسي على الورق ، غير أنني خيالاً وذاكرة ، كنتُ أحيا في تلك السنين البعيدة ، التي كان فيها 

اليرموك شامخاً ، اتحسسُ صور الخيال وهي تُحلقُ في ذهني ، أطمئنُّ عليها : هل سال دم ذاك الماضي الجميل ... ؟

هل مازال الحجر الأسود كما هو ، هل مازال الأصحاب هناك : نضال وبسام وآخرون يتنفسون يوماً اضافياً في ركب الحياة ، هل مازال ذلك الركن البعيد ، في المزّة جبل حيث كنتُ وبعضاً من الأصحاب ، نأتيهِ من المعهد لنشربَ شايهُ اللذيذ كلّ عصر ... هناك حيث الهواء العليل. 

قريباً من غيمةٍ تُلامسُ رأسنا ، أو نُلامسُ شهقتها العالية ، نرسم شكل خطوتنا القادمة ، ونَدُسُّ في جيبها صعقة البرقِ ، كي تُنيخَ حملها على خُطى الحالمين ، بغدٍ أجملَ ، بوطنٍ يستريحون على كتفيه ، ويستريحُ في ضفاف قلوبهم .

الأزبكية هناكَ على احدى نواصيها مقر الاتحاد العام للكتاب ، ذاك المقر الذي كنتُ أقطع المسافات الطويلة اليه ، لنلتقي بأبي خالد الشاعر الرائع والفارس الجميل ، وصالح هواري ويوسف طافش الذي يأتي من حلب أيضاً ، مُجَمّع الخالصة في قلب اليرموك ،والذي شهد العديد من الأماسي الشعرية ، أنا وبيسان أبو خالد وآخرون ، هل كل تلك المطارح ، باقيةٌ على دفء حلمنا القديم ، وهل تتذكرنا وتعرف صورنا الآن ، أم تُراها تعبت وشاخت مثلنا ؟؟

وهل حقاً نحن شخنا ، أم تراه الحاضرُ البائسُ ، الذي يسدُّ منافذ الفرح والأمل ؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف