الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اجازة العمل والمكانة القانونية – السياسية للاجيء بقلم:فتحي كليب

تاريخ النشر : 2019-09-05
   
إجازة العمل

والمكانة القانونية – السياسية للاجيء


أولاً- العمالة الفلسطينية في لبنان

ثانياً- العمالة الفلسطينية ومنظومة القوانين اللبنانية

ثالثاً- علاقة إجازة العمل بالمكانة القانونية – السياسية للاجيء

رابعاً- الحركة الجماهيرية بمدلولاتها

■ ملاحق

فتحي كليب

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية

لتحرير فلسطين – أيلول(سبتمبر) 2019

 
[لا يمكن مناقشة الأزمة التي إفتعلتها وزارة العمل اللبنانية بدءاً من منتصف شهر تموز (يوليو) 2019 بشأن العمال الفلسطينيين في لبنان، إلا في اطار الصراعات والإنقسامات السياسية والطائفية التي يعيشها لبنان منذ زمن، والتي ينتمي جزء كبير منها إلى مربع الصراعات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما تتعرض له من محاولات أمريكية وإسرائيلية لتصفيتها..

وإن كانت المشكلة – الأزمة بين وزارة العمل واللاجئين الفلسطينيين في لبنان قد إنفجرت، شكليا، نتيجة إجراءات وزير أطلق خطة تحت عنوان «مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية» وصفها كثيرون أنها إرتجالية، تفتقد للموضوعية، وتستهدف فئة بشرية بعينها، إلا أن جذور هذه الأزمة تعود إلى عقود مضت، وتتعلق بشكل مباشر بقصور القوانين اللبنانية عن التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق خصوصيتهم التاريخية والسياسية والقانونية باعتبارهم جزء من شعب هُجِّر عام 1948 من أرضه في سياق تاريخي معروف، حيث نال لبنان نصيبه من عملية التهجير هذه، أسوة بدول عربية أخرى إستضافت من إصطلح على تسميتهم باللاجئين الفلسطينيين، الذين يوحدهم النضال من أجل حق العودة إلى الديار والممتلكات:]

أولاً- العمالة الفلسطينية في لبنان

(1)

واقع العمالة الفلسطينية في لبنان وخصوصيتها

■ تاريخيا، لعبت العمالة الفلسطينية في لبنان أدوارا هامة في بناء وتطوير الإقتصاد اللبناني. ولما كانت السمة العامة لهذه الفئة الإجتماعية هي الحرمان المتواصل من حقها في العمل بحرية، وإبعادها عن مجال عديد القطاعات الإقتصادية اللبنانية، فإن الإستنتاج العام هو أنها باتت تعيش حالة تناقض وصراع متعدد المستويات، فهي تنتج وتنفق في لبنان، ويفترض أن إنتاجها – وهو كذلك - يصب في تدعيم إقتصاده، لكنها لا تستفيد – بالمستوى الذي يعود إليها حقاً وعدلاً - من منافع العملية الإقتصادية في البلد، لانحكامها لبنية قانونية – سياسية مجحفة، سنأتي عليها في سياق البحث.

في معظم الأحوال، ساهم فلسطينيو لبنان في بناء عديد القطاعات الإقتصادية: المصرفية والخدماتية والإعلامية والصحفية والهندسية وفي حقلي الصناعة والنفط وغيرها، هذا دون أن ننسى قطاع الزراعة؛ ولمع في لبنان أسماء الكثير من الفلسطينيين الذين كان لهم شأن مهم في الإزدهار اللبناني.

من جانب آخر، يضخ التجمع الفلسطيني في لبنان، ومن مصادر خارجية متعددة، سيولة لا يُستهان بدورها في الإسهام بتنشيط الدورة الإقتصادية في البلد. في هذا الإطار نشير إلى ما تنفقه وكالة الغوث (الأونروا)، المعنية بتأمين الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين، من مبالغ لا يُستهان بها، سواء عبر رواتب موظفيها الذين يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف موظف، أو من خلال الإنفاق على القطاعات المختلفة الصحية والتربوية والإجتماعية؛ ناهيك عن الأموال المحوّلة من الخارج التي تنفقها في لبنان المؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني (أكثر من 60 مؤسسة)، وأموال مؤسسات منظمة التحرير والفصائل الأخرى في لبنان. (حوالي 15 ألف متلقي)، والتي تشكل جميعها رافداً مهماً إستفاد ويستفيد منه الإقتصاد اللبناني، مع عدم إغفال دور التحويلات التي ترسلها مجاميع الجاليات الفلسطينية في الخارج إلى أسرها في لبنان (راجع بهذا الخصوص الملحق بعنوان: «مصادر إنفاق الفلسطينيين في لبنان» في نهاية هذا الفصل).

■ وبشكل عام، يمكن توزيع العمالة الفلسطينية في لبنان إلى ثلاث فئات:

1- فئة ميسورة قليلة العدد، وهذه الفئة حملت معها من فلسطين أموالها وخبرتها في مختلف المجالات والقطاعات الإقتصادية، وانخرطت في الإقتصاد اللبناني، بعضها لازال موجوداً، وبعضها الآخر هاجر لبنان نتيجة التضييق عليها؛

2- فئة متوسطة من أصحاب الخبرات المهنية والتعليمية، بعضها ترك لبنان باتجاه دول أخرى بحثا عن شروط عمل أفضل، بعد أن أُغلقت في وجهها فرص وإمكانات العمل؛ وبعضها الآخر بقي في لبنان يصارع الحياة من أجل تأمين معيشته ومعيشة أسرته؛

3- فئة ثالثة وهي الأكبر، تحوّلت إلى يد عاملة تكسب قوتها في سوق العمل. وهذه الفئة هي التي تتعرض بشكل دائم لتشدد القوانين وللإجراءات الوزارية التضييقية المختلفة، رغم إنتاجيتها العالية، وكلفتها الأقل من اليد العاملة اللبنانية؛

أما لجهة حجم وقوة العمالة الفلسطينية، فوفقا لنتائج التعداد السكاني الذي أنجزته لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني نهاية عام 2017، فإن حجم هذه العمالة ليس بالرقم الكبير الذي يجري تداوله من أطراف تنزع إلى تصخيمه عمداً، لتبرير سياسات التمييز والإقصاء والحرمان التي تُمارس بحق الفلسطينيين. وتتمركز قوة العمل الفلسطينية في مجالات عدة، منها ما يستدعي المهارة والخبرة ودرجة متقدمة من التأهيل، تُعظِم نسبة القيمة المضافة على مخرجات العمل المبذول؛ ومنها – أيضاً - المهن الصعبة والشاقة، التي لا يُقبل عليها اللبنانيون بشكل عام، وكانت المؤسسات اللبنانية المعنية تغض النظر عن التدقيق بأوضاع الأخيرة، بحكم حاجة السوق اللبناني إليها، وهي أعمال عادة ما تكون موسمية وتتدنى فيها الأجور، وتفتقد إلى الضمانات الصحية والإجتماعية■

(2)

مسار المعاناة

■ مَرَّ العمال الفلسطينيون في لبنان بمختلف قطاعاتهم الحرفية والمهنية بعدة مراحل تميّزت مرحلتها الأولى بالتعاطي الرسمي اللبناني غَلُبَ عليه الطابع الإنساني، حيث كان الإتجاه العام (المحلي والعربي والدولي) هو إغاثة اللاجئين وتوفير فرص عمل لهم. لكن ما هي إلا سنوات قليلة (بدءاً من منتصف خمسينيات ق.20) حتى بدأت السلطات اللبنانية بالتضييق على العمالة الفلسطينية، التي تمكنت من إيجاد فرص عمل لها في مشاريع خاصة في بعض المناطق اللبنانية. ومع بداية ستينيات ق.20 ستبدأ رحلة جدية من المعاناة عندما صدرت بعض المراسيم المتعلقة بتنظيم عمل الأجانب، مشترطة حصول الأجنبي على إجازة عمل، دون أي تمييز بين العمال الفلسطينيين وسائر الأجانب.

■ رغم التعديلين القانونيين (128 و 129) اللذين أقرهما البرلمان اللبناني عام 2010، فإن المراسيم السابقة، وقانوني العمل والضمان الإجتماعي يتعاطون مع الأجانب (ومنهم الفلسطينيون، إستنسابيا) الراغبين في العمل في لبنان وفقا لقاعدتين: الأولى هي المعاملة بالمثل، والثانية الحصول المسبق على إجازة عمل.. هاتان القاعدتان تشكلان عائقا كبيرا – لا بل معضلة - أمام عمل الأجراء الفلسطينيين في لبنان بشكل عام، وأمام أصحاب المهن الحرة بشكل خاص، وحل هاتين المعضلتين يشكل الأساس في أي معالجة قانونية مستقبلية لواقع العمالة الفلسطينية في لبنان:

1- مبدأ المعاملة بالمثل: تنص المادة 59 من قانون العمل اللبناني على التالي: «يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون، شرط المعاملة بالمثل والحصول على إجازة عمل». وقد تم إضافة التعديل التالي (على يد القانون رقم 129) من قبل البرلمان اللبناني عام 2010: «يُستثنى حصرا الأجراء الفلسطينيين اللاجئين المسجلين وفقا للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات - مديرية الشؤون السياسية واللاجئين - من شرط المعاملة بالمثل، ومن رسم إجازة العمل الصادر عن وزارة العمل». لكن رغم كل ذلك، فقد ظل هذا النص حبراً على ورق نتيجة رفض الوزراء المتعاقبين على وزارة العمل، إصدار المراسيم التطبيقية ليبقى واقع الإجحاف بالحقوق على حاله، وكأن التعديل القانوني لم يكن.

2- إشتراط الحصول على إجازة العمل: وفقا للنصوص القانونية الحالية، يخضع  العامل الفلسطيني لـ«شرط» الحصول على إجازة العمل قبل ممارسته أي مهنة، وإلغاء هذا الشرط يعتبر المفصل الرئيسي في تحسين شروط عمل الفلسطينيين. وقد أصر النواب في تعديل عام 2010 على إبقاء إجازة العمل مع الإعفاء من رسومها، ما يعني إبقاء واقع التمييز على حاله.. والعدد القليل لإجازات العمل الممنوحة للعمال الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة تظهر أنه في الغالب لا يتقدم الفلسطينيون أو أرباب عملهم بطلب الإجازة لهم، وذلك لاعتبارات عملية. فإذا كان البعض يمارس العمل بالأمر الواقع دون إجازة عمل وبموافقة رب العمل، فإن العامل الفلسطيني لا يجد مصلحة بتحصيل إجازة العمل، لأنها تشكل عبء مالي إضافي لا تقابله مكاسب تذكر. إضافة إلى أن أرباب العمل لا يرغبون بها، لأنها تلزمهم بدفع رسوم الضمان الإجتماعي الذي لا ينال الفلسطيني من تقديماته شيئا، إلا بما له علاقة بتعويضات نهاية الخدمة■

(3)

المهن الحرة

■ أما بالنسبة لأصحاب المهن الحرة الفلسطينيين من حملة الشهادات الجامعية، فقد جاءت مجموعة من القوانين اللبنانية لتخرجهم من دائرة الحماية القانونية بعد تعريفهم بالتفسيرات الإستنسابية كأجانب، والأجنبي وفقا للقوانين اللبنانية هو« كل شخص حقيقي أو معنوي من غير التابعية اللبنانية». فيما يشير مرسوم آخر إلى أن «كل أجنبي يرغب الدخول إلى لبنان لتعاطي مهنة أو عمل، بأجر أو بدون أجر، عليه أن يحصل مسبقا على موافقة وزارة العمل والشؤون الإجتماعية قبل مجيئه إليه». وجاءت الممارسات التطبيقية لمرسوم تنظيم عمل الأجانب وتفسيراته من قبل الوزارات المعنية لتضع تعقيدات جديدة لا تميّز ما بين الأجنبي القادم إلى لبنان وبين الفلسطيني المقيم فيه، بل إن الإستنساب في تطبيق القانون قاد عمليا إلى إقفال باب سوق العمل اللبنانية أمام العمالة الفلسطينية بمختلف أنواعها، ومهاراتها.

لذلك، فإذا كان عمل الأجراء الفلسطينيين مرهونا بتحقيق بعض الشروط كإجازة العمل وغيرها، فإن المنع بالنسبة لأصحاب المهن الحرة كالأطباء والمهندسين والمحاسبين، الخ.. جاء بشكل مطلق، وذلك إستنادا لما ورد في قانون العمل الصادر في 23 أيلول (سبتمبر) 1946، خاصة في بند النقابات وحق الإنتساب اليها، إذ إشترط نصاً، في المادة 91 على من يريد الإنتساب إلى أي نقابة، «1- أن يكون من الجنسية اللبنانية ومتمتعا بحقوقه المدنية وأن يمارس المهنة وقت الطلب»؛ فيما أجازت المادة 92 من نفس القانون للأجانب «أن ينتسبوا إلى النقابة إذا توفرت فيهم بعض الشروط وكان مصرحا لهم بالعمل في لبنان(..) على أنه لا يجوز للأعضاء الأجانب أن يَنتخبوا أو يُنتخبوا وإنما يحق لهم أن ينتدبوا أحدهم لكي يمثلهم ويدافع عنهم لدى مجلس النقابة».

■ إنسجاما مع ما ورد في قانون العمل، جاءت نصوص الأنظمة الداخلية لجميع النقابات المهنية لتمنع الفلسطينيين من حق ممارسة جميع المهن الحرة تقريبا، بل أن القاسم المشترك بين جميع الأنظمة الداخلية لهذه النقابات هو إشتراطها لمن يريد ممارسة مهنة في لبنان أن يكون لبنانيا منذ أكثر من عشرة أعوام، أو أن تلتزم دولة طالب ممارسة المهنة بمبدأ المعاملة بالمثل. واعتادت وزارة العمل أن تعاقب الذي يستخدم أجنبيا بعقد عمل بدون موافقة مسبقة أو إجازة عمل بغرامة مالية مرهقة، الأمر الذي دفع بالعدد الأكبر من المؤسسات المهنية وأصحاب العمل اللبنانيين إلى العزوف عن تشغيل الفلسطينيين لديهم، فيما لجأ آخرون إلى تشغيل فلسطينيين دون تصريح، ما أبعد عنهم الحماية القانونية واستبعاد جميع الحقوق المتوجبة على صاحب العمل.

مسألة الإستحصال على إجازة العمل تعتبر القضية المحورية في كل ما له علاقة ليس فقط بحق العمل، بل وبحق الإنتساب إلى النقابات. واستنادا إلى قانون العمل، فإن للوزارة الحق في إعطاء التراخيص أو منعها وفقاً للمادتين 86 و87 من قانون العمل، ما يعني أن الفلسطيني بالتفسير الواقعي، لا يحق له لا إنشاء نقابة، ولا حتى الإنتساب إلى النقابات الموجودة لعدم تمتعه بأكثر من شرط، منها شرط الجنسية، وشرط المعاملة بالمثل، وشرط الحصول على إجازة العمل.

■ ورغم رأي البعض أن مسألة عمل أصحاب المهن الحرة الفلسطيني قضية تتعلق فقط بالنقابات المهنية وتخرج عن صلاحيات البرلمان اللبناني، إلا أن التعاطي القانوني يشير إلى عكس ذلك؛ فهذه النقابات، خاصة تلك المنظمة بقوانين، تعمل وفق قوانين تنظم عملها، ومن أعطاها الحق بالإشراف على هذا التنظيم هو المُشرِّع، أي البرلمان الذي يبقى له الحق في إقتراح أي تعديل يراه مناسبا باعتباره مجلسا للتشريع في كل ما له علاقة بالإقليم المخوَّل بسن قوانينه ضمن حدوده.

صحيح أن هذه النقابات المهنية لا تخضع لأحكام قانون العمل أو لغيره من القوانين، بل لقوانينها وأنظمتها الخاصة، سواء لجهة تحديد شروط الإنتساب الذي يعتبر النقطة الأساسية في تحديد من له حق مزاولة المهنة فوق الأراضي اللبنانية، أو لجهة وضع أنظمتها الداخلية، إلا أن البرلمان صاحب الحق في إنشائها يبقى له صلاحية التعديل على أي من قوانين تنظيمها، سواء بمفرده، أو بالتشاور والتعاون مع مجالسها المنتخبة■

(4)

المهن المحظورة على الفلسطيني

■ تتوزع المهن المحظورة على الفلسطيني ممارستها على نحو 36 مهنة، هي: الطب العام، طب الأسنان، الطب البيطري، العلاج الفيزيائي، صنع وبيع النظارات، فتح واستثمار دور الحضانة، الصيدلة، التمريض، القبالة، إدارة المختبرات الطبية، ملكية المختبر الطبي، فني مخبري مجاز، خاتن، تحضير وتركيب الأطراف الإصطناعية والأجهزة التقويمية، إدارة مركز نقل الدم، معالج إنشغالي، مراقب صحي مجاز، عامل صحي، مجاز في علم التغذية، ملكية المستشفيات الخاصة، المحاماة، الهندسة، الهندسة الزراعية، الطوبوغرافيا، الملاحة الساحلية، بيع التبغ بالجملة، خبير محاسبة، صاحب أو مندوب مكتب إستقدام عاملات الخدمة المنزلية، دليل سياحي، صاحب لوحة سيارة عمومية، تعليم قيادة المركبات، تعقيب المعاملات لدى مصلحة تسجيل السيارات، رخصة قيادة عمومية، العمل ضمن القطاع العام بكافة أسلاكه، والمؤسسات العامة..

■ تتوزع المهن السابقة على شكلين من التنظيم، فجميعها منظمة بقانون، لكن عدد منها غير مرتبط بنقابة، وبعض النقابات جعل من الإنتساب إليها شرطا لممارسة المهنة، وقد خصص المشرع اللبناني 4 مهن حصر حق ممارستها باللبناني دون غيره، وهي مهن: المحاماة، الطب البيطري، القبالة، ومهنة التمريض قبل ان يطرأ تغيير في موقف النقابة من الأخيرة، لجهة الطلب من الوزارات المعنية السماح للممرضين الفلسطينيين بالعمل نظرا لحاجة السوق اللبناني إليهم. أما بالنسبة للنقابات التي تسمح للاجيء بممارسة المهنة فهناك شرطان يعتبران تعجيزيان بالنسبة للفلسطيني، ويقفان حائلاً أمام إمكانية الإنتساب إلى النقابات المهنية، وتاليا ممارسة المهنة وهما: المعاملة بالمثل، وأن يكون طالب المهنة مسموح له بممارستها في بلده؛ وهما الشرطان اللذان أشار إليهما قانون العمل، وتبيَّن بالتجربة وبالتفسيرات الإستنسابية إستحالة تطبيقهما على الحالة الفلسطينية.

■ ما العمل وكيف يمكن تجاوز هاتين المعضلتين لفتح الطريق أمام المهنيين الفلسطينيين، أو أقله البعض منهم، لممارسة المهنة دون أية ملاحقات قانونية؟

يجيب المحامي كريم نمّور من «منظمة المفكرة القانونية»، على هذا السؤال بقوله: «إن الجدل حول ما إذا كان الفلسطينيون رعايا دولة عربية أو عديمي الجنسية أمر محسوم لمصلحة الخيار الثاني. وإن الفلسطينيين، بالمعطى القانوني، هم عديمو جنسية أو أنهم على الأقل رعايا دولة غير مكتملة العناصر». وإن الخرق يمكن أن يكون على الصعيد القضائي، فالمادة 7 من إتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية تنص في الفقرة 2 منها على: «يتمتع جميع عديمي الجنسية، بعد مرور 3 سنوات على إقامتهم، بالإعفاء، على أرض الدول المتعاقدة، من شرط المعاملة بالمثل.. صحيح أن لبنان لم يوقع الإتفاقية، لكن لها مكانة معنوية ويحق للقاضي اللبناني الإسترشاد بها..».

«أما بالنسبة إلى القانون الوضعي اللبناني.. فإن مجالس العمل التحكيمية قد طوّرت إجتهادها لجهة إلغاء شرط المعاملة بالمثل، لعدم إمكان إخضاع إجير لشرط مستحيل، والشرط المستحيل هو شرط باطل. كذلك هناك إستقرار في رأي هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل منذ الخمسينيات بشأن أن المعاملة بالمثل لا تنطبق على اللاجئين الفلسطينيين»■

ثانياً- العمالة الفلسطينية ومنظومة القوانين اللبنانية

 (1)

غياب التشريعات الداخلية وقصور بعضها

■ بإلقاء نظرة سريعة على القوانين اللبنانية، يتضح أنه ليس هناك من قانون واحد يتعاطى مع اللاجئين الفلسطينيين إنطلاقاً مما يميّزهم عن بقية المقيمين في لبنان من غير المواطنين اللبنانين. وباستثناء ما أصدرته المؤسسات اللبنانية من قوانين تُعنى بإنشاء هيئات ومديريات تتابع أوضاع اللاجئين الفلسطينيين القادمين إلى لبنان في تهجير جماعي عام 1948 وبعده، فلا يمكن القول إن هناك قوانين تتعاطى مع هذه الجموع كفئة خاصة لها وضعيتها التاريخية والقانونية، بل تميَّز لبنان عن غيره من الدول العربية المضيفة للاجئين، بأن ليس لديه تعريف خاص للاجيء الفلسطيني، وعلى هذه المعضلة تتأسس الممارسات الإقصائية والتمييزية ضد اللاجئين الفلسطينيين..

فمنذ عام 1948 وحتى اليوم، لم يُلمس أن المؤسسات الرسمية اللبنانية أعطت موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الأهمية الذي يستحق لجهة تنظيم أوضاعهم القانونية. وكل ما حصل كان عبارة عن مرسوم هنا، وإجراء هناك، هدفت جميعها إلى تطوير أسلوب الإمساك بالأعداد الكبيرة من اللاجئين. ولهذه الغاية صدر بداية المرسوم رقم 11657 بتاريخ 26/4/1948 الذي إنحصرت أهدافه بتشكيل لجان مركزية وإقليمية يناط بها الإهتمام بجميع شؤون القادمين من فلسطين إلى لبنان، لجهة إحصائهم وتأمين إيوائهم وإعاشتهم والعناية بأحوالهم الصحية.

■ بتاريخ 31/3/1959 صدر المرسوم رقم 42 الذي أنشأ «إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين» في إطار وزارة الداخلية والبلديات، وهي إدارة وظيفتها الإهتمام باللاجئين الفلسطينيين لجهة عمليات القيد والإحصاء ومنح بطاقات التعريف وغير ذلك من أمور.. وفي التاريخ نفسه صدر المرسوم رقم 927 الذي حدد مهام هذه الإدارة حاصراً إياها بالقضايا التالية: إعانة اللاجئين الفلسطينيين وإيوائهم والعناية بشؤونهم الصحية والإجتماعية بالتنسيق مع الأونروا، وتنظيم طلبات الحصول على جوازات سفر وقضايا تنظيمية أخرى..

أما حديثا، فقد صدر المرسوم رقم 4082 تاريخ 4/10/2000 المتعلق بتنظيم وزارة الداخلية والبلديات والذي تعدلت بموجبه تسمية «إدارة شؤون اللاجئين» لتصبح «مديرية الشؤون السياسية واللاجئين»، ومصطلح اللاجئين لا يقتصر على اللاجئين الفلسطينيين، بل يشمل جميع حالات اللجوء في لبنان، مما وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين، بنظر التشريع اللبناني، على سوية قضايا اللجوء واللاجئين الأخرى.

■ في العام 2005 أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 89/2005 الذي أنشأ لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، وهي لجنة تعمل بمرجعية رئيس الحكومة ومهمتها التنسيق بين الوزارات المختلفة، خاصة تلك التي تقع على تماس مباشر مع موضوع الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وهي تهدف إلى تحسين ظروف حياة اللاجئين الفلسطينيين وتأمين حياة كريمة لهم. غير أن صلاحيات وقرارات هذه اللجنة تبقى قرارات إستشارية وليست ملزمة، وتتشكل من مندوبين عن الوزارات التالية: العمل، الداخلية، الشؤون الإجتماعية، الدفاع الوطني، الخارجية، العدل، الصحة، الطاقة، والمياه.

لذلك، فإن وجود جميع اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية هو وجود قانوني ومُشَرَّع بموجب بطاقة صادرة عن «مديرية الشؤون السياسية واللاجئين»، وهي تتشابه من حيث التعريف والتسجيل مع بطاقة المواطنين اللبنانيين، غير أنها تختلف عن بطاقات الإقامة الممنوحة للأجانب لكونها بطاقة دائمة تمنح للاجيء تلقائيا بمجرد ولادته من أب لاجيء مقيم في لبنان.. وبهذا المعنى فإن قيود اللاجئين الفلسطينيين هي مسألة منظمة من قبل المؤسسات اللبنانية، رغم أن هناك أكثر من حالة فلسطينية تقيم في لبنان، ولكل منها وضع قانوني مختلف عن الأخرى.

■ يلاحظ من خلال التشريعات السابقة أن جميعها لا تتطرق إلى تنظيم الأوضاع القانونية للاجئين، كما لا تتطرق إلى أوضاعهم الإقتصادية والإجتماعية، وأن جميع ما صدر كان عبارة عن مراسيم وليس قوانين، وثمة فارق بين الإثنين: فالقانون يصدر عن البرلمان الممثل لكل الشعب ويحدد المباديء العامة لكيفية تعاطي مؤسسات الدولة مع قضية أو قضايا ما؛ أما المرسوم فهو يصدر عن رئيس السلطة التنفيذية، رئيس جمهورية أو حكومة، ويتعلق بمسائل تنظيمية فحسب، ليس بالضرورة أن تتسم بصفة الشمولية، بل هي تتعلق بقضية أو قضايا مباشرة كالتعيينات مثلاً، أو تشكيل هيئات ولجان وغير ذلك.

وليس صدفة أن لبنان الرسمي لم يتعاطَ مع الوجود الفلسطيني في لبنان إستنادا إلى قوانين تحدد حقوق وواجبات هذا التجمع البشري تجاه الدولة ومؤسساتها، وتحدد أيضا واجبات الدولة تجاه فئة كبيرة تقيم على أرضها.. بل إن كان اللاجئون الفلسطينيون ملتزمون باحترام قوانين الدولة ومؤسساتها، خاصة تلك التي تتصف بالشمولية، كقوانين السير مثلاً والقوانين العامة، التي تحفظ المجتمع وتطبق عليهم جميع القوانين كقوانين الضرائب مثلاً، والعقوبات، وغير ذلك من قوانين تسري عادة على كل من يقيم فوق الأرض اللبنانية، والتي تمارسها الدولة عادة إنطلاقا من صلاحياتها السيادية. وفي هذا الإطار نلاحظ أن كثيراً من القوانين، نظراً لغياب القوانين الخاصة باللاجئين، فإنها تطبق بالتفسير الإستنسابي السلبي، ما يجعل حقوق الفلسطيني عُرضة للإنتهاك الدائم، وهذا ما يطلق عليه الفلسطيني عادة ظلم وتشدد القوانين اللبنانية حياله، رغم أن فلسفة القانون تقول أن القاضي حين تعرض عليه قضية لا قانون تفسيري لها، يؤخذ بالتفسير الإيجابي للقانون ولصالح المواطن، وليس العكس. وهذا ما لم يحصل بالنسبة للاجيء الفلسطيني■

(2)

الواقع القانوني لعمل الفلسطينيين في لبنان

■ صرَّحت وزارة العمل اللبنانية في أكثر من مناسبة أن الإجراءات التي تطبقها الوزارة ليست موجهة ضد الفلسطينيين، وهي إجراءات لا تستثني أي جنسية، بل أن الوزارة والوزير يطبقون القانون لا أكثر ولا أقل. وقد تكرر مثل هذا الكلام أكثر من مرة، فيما إعتبرت قوى سياسية لبنانية والبعض من وسائل الأعلام، بأن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في تحركاتهم الشعبية الرافضة لإجراءات وزارة العمل، إنما يرفضون تطبيق القانون اللبناني. فعن أية قوانين يتحدث وزير ووزارة العمل وبعض هذه القوى، وما هي نصوصها؟

الإجابة تتضح من خلال ما يلي: رغم أنه ليس هناك من قوانين تتعلق باللاجئين الفلسطينيين حصراً، كما سبقت الإشارة، إلا أن هناك الكثير من القوانين، وبالتفسيرات الإستنسابية، تنطلق في تعاطيها مع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين باعتبارهم أجانب.. ومن هذه القوانين:

1- قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه، وتعديلاته، الصادر في 10 تموز(يوليو) 1962، الذي يقول في مادته الأولى: «يعتبر أجنبيا كل شخص حقيقي من غير التابعية اللبنانية»؛ كما تحظر المادة 25 منه على «الأجنبي غير الفنان أن يتعاطى عملاً أو مهنة في لبنان ما لم يكن مرخصا له بذلك من وزارة العمل وفقا للقوانين والأنظمة النافذة».

2- مرسوم تنظيم عمل الأجانب رقم 17561 الصادر في 18 أيلول(سبتمبر) 1964 وتعديلاته، الذي نص في مادته الثانية: «على كل أجنبي يرغب في الدخول إلى لبنان لتعاطي مهنة أو عمل، بأجر أو بدون أجر، أن يحصل مسبقا على موافقة وزارة العمل قبل مجيئه إليه».

3- قانون العمل اللبناني في 23/9/1964 وتعديلاته المختلفة، ينص في مادته رقم 59 على أن «يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون شرط المعاملة بالمثل ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل».

4- قانون الضمان الإجتماعي بتاريخ 14 أيار(مايو) 1969، ينص على أن «لا يستفيد الأجراء الأجانب الذين يعملون على أراضي الجمهورية اللبنانية من أحكام هذا القانون في بعض أو جميع فروع الضمان الإجتماعي إلا بشرط أن تكون الدولة التي ينتسبون إليها تقر للبنانيين مبدأ المساواة في المعاملة مع رعاياها فيما يتعلق بالضمان الإجتماعي. على الأجراء الأجانب أن يكونوا حائزين مبدئيا على رخصة عمل ليخضعوا لأحكام هذا القانون».

■ من خلال التدقيق في مصطلح «أجنبي» كما هو وارد بأكثر من مكان في النصوص القانونية الوارد ذكرها، يتأكد، بلا أدنى عناء، أن هذا المصطلح لا ينطبق على اللاجيء الفلسطيني، ولم يكن قصد المشرِّع اللبناني تطبيقه على الفلسطيني بدليل قانون تنظيم دخول الأجانب الذي يكثر من مصطلحات: الدخول إلى لبنان، مراكز الأمن العام، وثائق السفر، سمة المرور، الإقامة، وغير ذلك من مصطلحات لا يمكن تطبيقها إلا على أشخاص يقيمون خارج لبنان ويودون الدخول إليه بقصد العمل أو السياحة أو لأسباب سياسية ودبلوماسية؛ ولو كانت نية المشترع غير ذلك لأشار صراحة إلى الفلسطينيين، كما فعلت التعديلات القانونية عام 2010 بذكر الفلسطيني صراحة في النص.

■ ونظراً لقصور هذه النصوص القانونية وصعوبة تطبيقها على العمال الفلسطينيين بشكل خاص، وعلى اللاجئين بشكل عام، إضافة إلى تلمس تيارات وقطاعات سياسية وشعبية واسعة من الشعب اللبناني حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، فقد بادرت بعض الكتل النيابية في العام 2010 إلى اقتراح تعديلات قانونية لتصحيح هذا الواقع القانوني الذي أثبت قصوره المجحف في التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين وأوضاعهم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، وبات هذا الواقع سببا مباشراً لممارسة أشكال من القهر والتمييز ضد جماعة بشرية مشكلتها أن ليس هناك من نصوص واضحة تحمي حقوقها في دولة يقيمون على أرضها إقامة دائمة بشكل قانوني.

■ قد يكون هذا الواقع المرير وغيره من أسباب قانونية وسياسية، محلية وخارجية دفعت بعض القوى لاقتراح التعديلات على القوانين الموجودة، فعقد مجلس النواب جلسة بهيئته العامة بتاريخ 15/6/2010 لمناقشة أربعة مشاريع قوانين تقدمت بها كتلة اللقاء الديمقراطي حول «حق العمل والتملك وإلغاء مبدأ المعاملة بالمثل واستفادة العمال الفلسطينيين من تقديمات صندوق الضمان الإجتماعي»، إضافة إلى مشروع قانون من كتلة الحزب السوري القومي الإجتماعي لإقرار الحقوق الإنسانية كسلة متكاملة في قانون واحد (راجع مشاريع القوانين المقدمة في الملحقين II و III في نهاية هذا الفصل).

وقد شكلت تلك الجلسة مرآة لنظرة المجتمع اللبناني، في ظل الإنقسامات السياسية والإصطفافات الطائفية التي يعيشها، إلى الفلسطينيين وإلى حقوقهم الإنسانية، وترجمة هذه النظرة بـ «هواجس» تشكل اللبنة الرئيسية لكل الحملات التي توصف من قبل الفلسطينيين بأنها حملات تحريض مقصودة، سرعان ما تتحول إلى مادة سجالية في مختلف الأوساط المحلية اللبنانية والفلسطينية، وسرعان ما تنتقل إلى الشارع لتأخذ أبعاداً أكثر خطورة، سواء في فهم بعض اللبنانيين ونظرتهم إلى الملف الفلسطيني في لبنان، أو في التعاطي اليومي بين اللبنانيين والفلسطينيين■

(3)

نتائج أعمال لجنة الإدارة والعدل النيابية

■ على مدى إجتماعات ماراثونية إمتدت لسنة، ناقشت لجنة الإدارة والعدل النيابية مشاريع القانونين 128 و129، أضافت وحذفت وعَدَّلت، إلى أن أقرت تعديلات قانونية بصيغتها المعروفة. وبغض النظر عما أثارته تلك التعديلات من ردود فعل وتعليقات ومواقف متباينة، على نسق الخارطة السياسية اللبنانية، بتضاريسها المعروفة، سياسياً، وطائفياً، فإن لجنة الإدارة والعدل والمجلس النيابي، لم يستطيعا تجاهل واجبات لبنان نحو اللاجئين الفلسطينيين، فأقرت الجلسة العامة للبرلمان اللبناني التالي:

1- تأجيل مشروع القانون المتعلق باكتساب الفلسطينيين الحقوق العينية العقارية بذريعة أن منح الفلسطينيين حق التملك يتناقض مع مقدمة الدستور لناحية رفض التوطين على ما جاء على لسان أكثر من نائب لبناني، خاصة المسيحيين منهم، وكأن التوطين أمر يتعلق فيما إذا تملك اللاجيء الفلسطيني شقة السكن أم لا (!).

2- أما بشأن تعديل المادة 9 من قانون الضمان الإجتماعي فقد رفض النواب المشاركون في لجنة الإدارة والعدل الإقتراح المقدم باستفادة العمال الفلسطينيين من تقديمات الصندوق، وجاء نص التعديل على الشكل التالي: «تعدَّل الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من قانون الضمان الإجتماعي، بحيث تصبح كما يلي: «يخضع اللاجيء الفلسطيني العامل المقيم في لبنان والمسجل في مديرية الشؤون السياسية واللاجئين - وزارة الداخلية والبلديات – إلى أحكام قانون العمل دون سواه لجهة تعويض نهاية الخدمة وطواريء العمل» و«لا يستفيد المشمول بأحكام هذا القانون من تقديمات صندوق ضمان المرض والأمومة والتقديمات العائلية»، أي أن الجديد هو إضافة تعبير العامل الفلسطيني، ولكن، (الفلسطيني) لن يُسجَّل في صندوق الضمان، بل يُفرد له حساب خاص، ولن يستفيد من تعويضاته إلا من خلال ما يساهم به هو ورب العمل عبر صندوق تعويضات نهاية الخدمة.

3- وفيما يتعلق بالمادة 59 من قانون العمل، فقد أصبحت على الشكل الآتي: «يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون شرط المعاملة بالمثل، ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل. يُستثنى حصراً الأجراء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقا للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات - مديرية الشؤون السياسية واللاجئين - من شروط المعاملة بالمثل، ومن رسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل».

■ وهكذا تكون لجنة الإدارة والعدل النيابية قد أقرت التالي:

1- إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل بما خص حق العمل للأجراء.

2- الإبقاء على إجازة العمل، وإلغاء الرسوم التي كانت مفروضة على العامل الفلسطيني.

3- إبقاء العامل الفلسطيني خاضعا كليا لقانون العمل، وإعفاء صندوق الضمان الإجتماعي من أية تقديمات تجاه العمال الفلسطينيين وإحالة الأمر إلى وكالة الغوث باعتبارها المسؤولة عن رعاية اللاجئين الفلسطينيين في شتَّى المجالات الطبية والصحية والتربوية والتقديمات الإجتماعية.

4- تبقى أحكام قانون العمل سارية المفعول تجاه الفلسطيني بالنسبة لتعويض نهاية الخدمة الذي يبقى على مسؤولية العامل اللاجيء ورب العمل■

(4)

تعديلات البرلمان اللبناني

■ إنطلاقا من ذلك، فإن ما خَلُصَ اليه البرلمان اللبناني يبقى منقوصا في كثير من الأمور، ولم يصل المجلس في مقرراته إلى الحد الأدنى من الحقوق التي كان اللاجئون الفلسطينيون وغيرهم يطالبون الدولة اللبنانية بإقرارها. وما عبَّر عنه اللاجئون في حينه من تحفظ ورفض لما جاء في التعديلات القانونية أتت الأيام لتثبت صحته، وليتأكد أن تلك التعديلات، رغم نواقصها، إلا أنها وضعت كي لا تنفذ، بدليل وجودها في أدراج وزارة العمل منذ إقرارها عام 2010 وحتى اليوم دون أن توضع لها المراسيم التنظيمية، وأيضا دون أن تكلف الكتل النيابية التي صادقت عليها نفسها عناء السؤال أين أصبحت هذه التعديلات.

■ وكخلاصة، فإن تعديلات البرلمان اللبناني، وإن كانت تشكل خطوة محدودة جداً، إلا أنها بقيت ناقصة وجزئية، بعد أن إختصرت الحقوق الإنسانية بحق العمل فقط وبشكل مجزوء أيضا، وهي تعديلات لم تستجب إلى الحد الأدنى من الحقوق التي كان يطالب بها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان. ومن بينها حق تملك شقة للسكن، وإلغاء إجازة العمل، والحق في ممارسة المهن الحرة (كالطب، والمحاماة، والصيدلة، والهندسة، وغيرها)، وحق العامل في الإفادة من صندوق الضمان الإجتماعي بجميع فروعه، دون أن يمس ذلك حقه في الإفادة من خدمات الأونروا، أو أن يؤثر على وضعه القانوني كلاجيء، أو أن يفسر على أنه شكل من أشكال التوطين، أو تمهيداً له■

ثالثاً- علاقة إجازة العمل بالمكانة القانونية – السياسية للاجيء

 (1)

محاذير إجازة العمل

■ بعد كل هذا العرض، لعل السؤال الذي لا بد منه، لماذا يرفض اللاجئون اليوم حصولهم على إجازة عمل كي يتسنى لهم العمل بحرية، وما هي المحاذير التي يتحدثون عنها، خاصة وأن وزير العمل يصر على أنها لمصلحتهم؟ وعلى هذا نجيب بما يلي:

1- إن من شأن تشريع وجوب إجازة العمل بالنسبة للعامل الفلسطيني أن يؤثر على وضعية اللاجئين في كثير من الأمور، سواء على مستوى الوضعية القانونية في لبنان، أو على مستوى المكانة القانونية للاجيء.

2- فلسفة إجازة العمل تقوم على أنها لا تمنح سوى للأجنبي الوافد بغرض العمل وليس للاجيء المقيم في لبنان بشكل قانوني، ومسجل بشكل رسمي في دوائر وسجلات وزارة الداخلية اللبنانية(المادة 3 من مرسوم تنظيم عمل الأجانب).

3- لأن القبول بالإجازة يعني القبول بواقع التمييز والقبول بواقع التعاطي مع الفلسطينيين كأجانب، وهو أمر لن يتوقف عند حدود إجازات العمل، بل سيتعداه إلى حقوق أخرى تمس الوضع القانوني للاجيء(المادة 1 من القانون المتعلق بتنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه).

4- لأن إجازة العمل وضعت بهدف حماية اليد العاملة اللبنانية، ووفقا لاحتياجات السوق، وبالتالي قد لا تمنح هذه الإجازة إذا ما تعاطى الوزير أو أحد موظفيه باستنسابية مع هذه المسألة، وهذا أمر مُحتمل الوقوع.

5- إذا كانت مخالفة أحد شروط إجازة العمل تعني مخالفة للموافقة المسبقة الممنوحة للأجنبي الراغب في الدخول إلى لبنان ما يستوجب إنهاء إقامته وترحيله، فكيف يمكن التعاطي مع اللاجيء الفلسطيني في حال تم مخالفة شروط منح الإجازة، فهل ستصبح إقامته مهددة؟

6- لأن إجازة العمل تمنح إستناداً إلى مهنة معيَّنة، وبالتالي فإذا ما تغيرت هذه المهنة، وهذا أمر سيحدث حكما مع عشرات بل مئات العمال نظراً لطبيعة المهن التي يعمل فيها عمال فلسطينيون، فإن على العامل الفلسطيني التقدم للحصول على إجازة جديدة؛ وبالتالي يُحظر على العامل الإنتقال من مهنة إلى أخرى بدون الحصول على موافقة من وزارة العمل(المادة 15 من مرسوم تنظيم عمل الأجانب).

7- منح إجازة العمل وتجديدها يبقى سيفا إستنسابيا مسلطا فوق رؤوس العمال من قبل وزير العمل وموظفيه الذين لهم الحق في منح، أو عدم منح الإجازة، أو تأخير منحها، وفقا لأسباب واعتبارات يَرَون أنها لا تتوافق مع القوانين والأنظمة الإدارية في الوزارة.

8- يمكن لوزارة العمل أن تلغي إجازة العمل ساعة تشاء، إذا رأت أن في ذلك مصلحة لليد العاملة اللبنانية، مثلاً «إذا صرفت مؤسسة إجيرا لبنانيا وأبقت على إجير أجنبي، أو إذا رفضت المؤسسة إعطاء تفضيل العمل إلى لبناني، أو إذا لم تقم المؤسسة بتدريب اللبناني على العمل بدلا من الأجنبي» (المادة  17 من مرسوم تنظيم عمل الأجانب).

■ هذه النصوص وغيرها لا يغيّرها الكلام المتكرر لوزير العمل بأنه يمنح إستثناءات وتمييزا إيجابيا لصالح العمال الفلسطينيين إنطلاقا من نصوص التعديلين القانونيين (128 و129) اللذين أقرهما البرلمان اللبناني عام 2010. علما أن هذه النصوص ما زالت حبراً على ورق نتيجة وجودها في أدراج وزارة العمل، حتى لو أصر وزير العمل على أنه يمتلك الصلاحية في تطبيق بعض نصوص هذه التعديلات، خاصة فيما يتعلق بإعفاء العمال الفلسطينيين من رسوم إجازة العمل.

إن مشكلة إجازة العمل، إلى جانب الأسباب السياسية والقانونية التي يرفعها الفلسطينيون، لا تكمن فقط في الجانب المادي لجهة الإعفاء من الرسوم، بل إن نظرة سريعة على الشروط والمستندات الواجب توافرها للتقدم بطلب الحصول على هذه الإجازة تجعل حصول الفلسطيني عليها، شديد الصعوبة، نظراً للسياسات الإستنسابية ولبيروقراطية الإدارة، خاصة في التعاطي مع اللاجيء الفلسطيني.

■ زِدْ على ذلك الرسوم المتوجبة للحصول على المستندات المطلوبة، والتي يتطلب - أيضاً - كل مستند منها مبالغ لا يستطيع معظم العمال تحملها، علماً إن إجازة عمل الفلسطيني لمدة ثلاث سنوات، ومع تجديدها يحتاج إلى إجراءات شبيهة تقريباً، منها على سبيل المثال:

1- عقد عمل مصدّق من كاتب العدل يُشار فيه إلى نوع العمل، مكانه، مدته والمخصص الشهري الذي يتقاضاه.

2- طلب موقّع من رب العمل والإجير.

3- شهادة إيداع بقيمة مليون ونصف مليون ليرة في حال الإنتقال من رب عمل إلى رب عمل آخر بموجب تنازل مرفق وموثّق أو في حال أرفقت الموافقة المبدئية بطلب الإجازة.

4- صورة عن جواز سفر الإجير الأجنبي يتضمن سمة الدخول إلى لبنان لا تقل صلاحيته عن 8 أشهر (وهذا ما يؤكد بأن ما قصده المشترع بمصطلح «الأجنبي» هو ذلك الذي يريد الدخول إلى لبنان بقصد العمل).

5- صورة عن  بطاقة هوية رب العمل.

6- فحص مخبري للأمراض السارية والمعدية صادر عن أحد المختبرات المرخَّص لها من وزارة الصحة يتضمن الفحوصات عن عدد من الأمراض المعدية.

7- تصريح من الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي يثبت أن الإجير مسجلا لديه.

8- صورتان شمسيتان للإجير.

9- صورة عن مستندات المؤسسة أو الشركة.

■ أما بالنسبة للإجير الفلسطيني، فيضاف إلى المستندات السابقة، ما يلي:

1- إستدعاء موقع من صاحب العمل، يذكر فيه الإسم ومحل الإقامة، ورقم الهاتف.

2- صورة عن بطاقة لاجيء صادرة عن وزارة الداخلية والبلديات - مديرية الشؤون السياسة واللاجئين.

3- إفادة عمل أو إفادة وعد بالإستخدام.

4- في حال رغب الإجير الفلسطيني بتغيير مكان العمل، فعليه أن يبلغ الدائرة المختصة بذلك، كما عليه أن يقدم إفادة عمل جديدة خلال مدّة شهر من بدء عمله الجديد■

(2)

تسهيلات معلقة على قرارات إدارية

■ رغم ذلك، فإن وزارة العمل تواصل حديثها، وبشكل مُضلِل، بأن اللاجئين الفلسطينيين أصبحت لديهم خصوصية تميّزهم عن العمال الأجانب. وهذه الخصوصية مكرسة بالقوانين اللبنانية، وهي بالتأكيد تقصد التعديلات القانونية لعام 2010، والتي لم يصدر بشأنها أي مرسوم تنظيمي، بل مجرد قرارات إدارية يمكن أن تلغى بقرارات إدارية أيضا؛ أي أن هذه القرارات ليست سوى عصافير على الشجرة لا تقدم ولا تؤخر ولا تُغيِّر في الواقع القانوني للعمال الفلسطينيين بشيء. والأهم من ذلك، إن ما يعتبره وزير العمل إعفاءات واستثناءات وتسهيلات ليست سوى قضايا إدارية تتعلق بعمل وزارة العمل، ما يؤكد صحة الإتهامات الفلسطينية بأن موظفي وزارة العمل في تعاطيهم مع العمال، واللاجئين، الفلسطينيين يذهبون إلى الصيغة الأكثر تشدداً في تفسيرهم للقوانين الغير محددة تماماً، حتى لا نقول الغامضة. ومن هذه التسهيلات التي قد تلغى في أي لحظة سواء في عهد الوزير الحالي، أو الذي يليه:

1- الإعفاء من رسم إجازة العمل (قانون رقم 129 – تعديل المادة 59 من قانون العمل) ومن شرط المعاملة بالمثل.

2- الإعفاء من الفحص المخبري ( قرار رقم 7/1 تاريخ 22/1/2013 )، والقرار يلغيه قرار أو مرسوم.

3- الإعفاء من شهادة الإيداع المصرفية (قرار رقم 7/1 تاريخ 22/1/2013)، أيضا قرار إداري هدفه إمتصاص مواقف الرفض الفلسطينية.

4- إعفاء من شرط إبراز إفادة ضمان أو تعهد بتسجيل العامل في الضمان كشرط للحصول على إجازة عمل (أيضا قرار إداري لا يدعمه نص قانوني).

5- الإعفاء من أي تصديق لدى الكاتب العدل.

6- عدم فرض نسب لعدد الأجراء الفلسطينين مقارنة باللبنانيين كما هو حاصل مع العمال الأجانب، وهذا قرار إداري يتناقض مع نص المادة 17 من مرسوم تنظيم عمل الأجانب رقم 17561؛ وبالتالي إذا كان الوزير قد تغاضى عن إستحضار هذا النص، كما يقول، فما الذي يضمن وضع هذا القرار الإداري لمصلحة المرسوم الذي هو في مرتبة قانونية أرقى.

7- الإكتفاء بإفادة من صاحب العمل تبيّن صفة العامل الفلسطيني وأجره الشهري وبدء ونوع عمله، أو عقد عمل موقّع من صاحب العمل والعامل.

■ ولعل التساؤل المشروع، في ضوء ما يقوله الوزير المعني بأن صلاحياته تمنحه هامشاً يمكنه من إزالة بعض العقبات من أمام العامل الفلسطيني، لماذا لم تصدر كل هذه الإعفاءات والإستثناءات في مراسيم تنظيمية، أو حتى قرارات إدارية في أوقات سابقة؟ ولماذا تَمنَّعَ خمسة وزراء عن إصدارها؟ خاصة وأن الوزير يقدم رأيا قانونيا يعتبر فيه أن التعديلين القانونين لا يحتاجان لمراسيم تنظيمية، لأن الوزارة بدأت بتطبيقهما منذ العام 2010، رغم أن هذا أمر يحتاج إلى تدقيق..

لكن ما صَدَقَتْ به وزارة العمل هو هامش الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الوزير في وزارته، وهو قادر حتى على تجاوز الشرط القانوني، وليس كما يقول، إن إلغاء الإجازة يتطلب تعديلا قانونيا، وهذا أمر صحيح في جانب كبير منه، إلا أن بامكانه، لو توافرت النية الحسنة، أن يتجاوز شرط الإجازة، كما حصل في قرار مدير عام وزارة العمل على سبيل المثال، الذي أصدر قراراً قبل إجراءات وزير العمل بحق العمال الفلسطينيين بفترة وجيزة وتحديداً في الثامن من آذار(مارس) 2019، أعفى بموجبه العمال المصريين في لبنان من تقديم إفادة خدمة من الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي من ضمن المستندات المطلوبة للحصول على إجازة عمل.

■ وقد نقلت الصحافة اللبنانية تعليقات لأحد أعضاء مجلس إدارة الضمان الإجتماعي الذي إعتبر أن قرار مدير عام وزارة العمل «مخالف لأربعة قوانين ومرسوم وقرارات وزراء العمل السابقين»، لأن العامل الأجنبي، والمصري ضمنا، يخضع لقانون العمل والضمان الإجتماعي، لكنه لا يستفيد منه، إلا إذا كانت دولته تعامل لبنان بالمثل، وتفيد اللبناني العامل لديها من التقديمات. وفي حالة اللبناني في مصر، لا يتوافر هذا الإمتياز. فيما قال مدير عام الوزارة أن ما أصدره ليس إستثنائيا، بل إن «عدة وزراء صاروا عاملينها» (جريدة الأخبار اللبنانية: 14 آذار/مارس 2019).

لذلك، فإن وزير العمل اللبناني، لو كان قاصداً فعلا تطبيق خطة تتعلق بتنظيم العمالة الأجنبية في لبنان خارج إطار الحسابات الضيِّقة وخارج إطار التجاذبات السياسية في لبنان، بل خارج إطار تصفية حسابات مع الشعب الفلسطيني، خاصة في هذا التوقيت، لكانت أخذت المعالجات مساراً مختلفا، وهي الإجابة على تساؤل وزير العمل نفسه: لماذا لم يتظاهر الفلسطينيون عام 2010 عندما أقر البرلمان اللبناني التعديلين القانونيين؟ وهذا ما يفتح الباب أمام مناقشة خطة وزير العمل والعناوين التي طرحتها■

(3)

إجراءات وزارة العمل في واقعها الراهن

■ وضعت وزارة العمل اللبنانية إجراءاتها التي بدأت بتطبيقها في 9 تموز (يوليو) 2019 بملاحقة العمال الفلسطينيين الذين يعملون على الأراضي اللبنانية تحت عنوانين: الأول مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية؛ والثاني الدفاع عن العمالة اللبنانية من منافسة العمالة الأجنبية. وفي النقطتين هناك كلام يقال فيما يتعلق بالعمال الفلسطينيين وحقيقة أوضاعهم الإقتصادية والقانونية ومسار السياسات اللبنانية معهم منذ العام 1948.

في النقطة الأولى، لا يمكن الحديث عن الأوضاع القانونية للعمالة الفلسطينية في لبنان خارج إطار القوانين والقرارات الإدارية اللبنانية الصادرة عن عدد من الوزارء في سنوات سابقة. فحتى هذه اللحظة، كما أسلفنا، ليست هناك من قوانين خاصة تُميِّز اللاجئين الفلسطينيين المقيمين بشكل قانوني في لبنان عن غيرهم من العمال الأجانب الوافدين بغرض العمل والحاصلين على موافقات مسبقة من الأمن العام اللبناني، وهم الذين يحصلون على إجازات عمل حكما، ثم يتقاضون أجورهم ويعودون إلى بلدانهم.. وبالتالي فإن العلاقة بين السلطات اللبنانية واللاجئين الفلسطينيين تحكمها، بشكل غير منطقي، قوانين دخول وخروج الأجانب من وإلى لبنان، بما فيها قانون تنظيم عمل الأجانب الذي يطبق قسراً على العمال الفلسطينيين.

■ إن ملاحقة العمال الفلسطينيين في لقمة عيشهم وإقفال أبواب رزقهم، أكانوا من أرباب العمل أم من الأجراء، ناهيك عن المهنيين من أصحاب الشهادات الجامعية، تحت شعار عدم حصولهم على إجازة العمل، هو أمر تدحضه الوقائع على الأرض بأكثر من جانب؛ وبالتالي فإن القول إن الفلسطينيين يرفضون تطبيق القوانين اللبنانية، كما إدعت إحدى الصحف اللبنانية الكبرى، كلام ليس في مكانه، كون القوانين التي يفترض أن الفلسطيني قد خالفها هي أصلا لا تعنيه ولم توضع لتطبق عليه، كما يقول وزير العمل الأسبق طراد حمادة. لذلك فمثل هذا الإدعاء ليس سوى ذريعة لتمرير إجراءات وزارة العمل تحت عنوان «تطبيق القانون».

■ لهذا السبب وغيره، أحجم العمال الفلسطينيون عن التقدم للحصول على إجازة عمل، طالما أنها لا تغير شيئا لا بوضعهم القانوني، ولا بمكتسباتهم وضماناتهم الصحية والإجتماعية وغيرها.. خاصة فيما يتعلق بصندوق الضمان الإجتماعي. وتكفي الإطلالة على عدد إجازات العمل التي حصل عليها العمال الفلسطينيون لتأكيد هذا الإستخلاص. فخلال السنوات الأخيرة لم يزد عدد الإجازات التي منحت لعمال فلسطينيين في العام الواحد عن 625 إجازة عمل؛ فقد بلغت 358 إجازة عام 2012 من أصل 136 ألف إجازة عمل منحت للعمال الأجانب؛ و361 إجازة عام 2013 من أصل 117 ألف إجازة؛ و621 عام 2014 من أصل 155 ألف إجازة؛ و625 إجازة عام 2015 من أصل 149 ألف إجازة عمل ممنوحة للأجانب؛ و381 إجازة من أصل 162 ألف إجازة عمل عام 2017؛ أما العام 2018 فقد بلغت صفر إجازة عمل منحت للعمال الفلسطينيين.

■ إن العامل الفلسطيني يعود من جديد ليقع ضحية عدم وجود قوانين لبنانية تحدد طبيعة العلاقة بينه وبين السلطات؛ فالقانون، وإن كان يتحدث عن عمالة أجنبية وافدة، فهو رغم ذلك، يطبق على العامل الفلسطيني دون أن يتمتع بأية حقوق أو حماية قانونية، لا بل هو يطالب بتشريع وضعيته القانونية. وإذا كان هناك من «عمالة فلسطينية غير شرعية» فإن السلطات اللبنانية هي من تتحمل مسؤولية هذه الفوضى نتيجة عدم سن قوانين تتعاطى بموضوعية مع العمالة الفلسطينية، التي مهما قيل فيها من مدح أو ذم، إلا أن واقعها الراهن يختلف عن واقع العمالة الأجنبية، وبالتالي لا بد من تشريعات قانونية تراعي هذه الخصوصية■

(4)

المنافسة المزعومة لليد العاملة اللبنانية

■ أما في النقطة الثانية، فإن منافسة اليد العاملة الفلسطينية لليد العاملة اللبنانية هي العنوان الذي يتذرع به بعض المسؤولين اللبنانيين لتبرير إجراءاتهم التمييزية والإقصائية ضد العمال الفلسطينيين، وفيه تستحضر معلومات مضلِلة تستند غالبا إلى مبالغات تقود إلى تضخيم عدد العمال الفلسطينيين في لبنان بغرض إثبات مقولة «المنافسة» تمهيداً لاتخاذ إجراءات قانونية لتقييدها، رغم أنه صدر خلال السنوات السبع الماضية، ثلاثة إحصاءات هامة قدمت معطيات رقمية عن أوضاع اللاجئين الإقتصادية والإجتماعية، بما فيها أوضاع العمالة الفلسطينية، حجمها، خصائصها ومشكلاتها. وهذه الإحصاءات هي:

1- مسح القوى العاملة للاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات وبعض التجمعات في لبنان، الذي أُنجز من قبل منظمة العمل الدولية ولجنة عمل الفلسطينيين في لبنان عام 2012، بمشاركة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وإدارة الإحصاء المركزي في لبنان.

2- دراسة الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع وكالة الغوث عام 2015.

3- التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان عام 2017.

4- عدد من الدراسات والمسوحات أجرتها لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني في مناسبات عدة.

■ فيما قدرت بعض الدراسات أن أعداد اللاجئين تتراوح بين 193 إلى 280 ألف نسمة، فقد أشار التعداد العام أن العدد لا يتجاوز 174 ألف نسمة (بالتحديد: 174.422). وهذه الأرقام إنعكست على حجم العمالة الفلسطينية التي بلغت – كحد أقصى - وفقا لتقديرات المسح الذي أُجرى عام 2012، 90 ألف نسمة، تشكل حوالي 7% من إجمالي القوى العاملة في لبنان المقدرة بـ 1.3 مليون شخص؛ بينما لم يزد العدد بالنسة للتعداد الذي أُجرى عام 2017 عن 51 ألف نسمة (بالتحديد: 51.393).

ووفقا لحساب ومعطيات تكوَّنت لدى لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، فإن الحجم الفعلي للعمالة الفلسطينية لا يمكن أن يكون موضع منافسة للعمالة اللبنانية إنطلاقا من التالي: إذا كان حوالي ربع العاملين يعملون حصراً في المخيمات، وربع ثان يعملون في المخيمات ومحيطها، وحوالي النصف يعملون خارج المخيمات، فمعنى هذا أن مستوى المنافسة – على إفتراض صحة التعبير - مع القوى العاملة اللبنانية سوف يتقلص إلى النصف.

هذا يعني بوضوح، أن الحجم الأقصى للقوى العاملة الفلسطينينة الذي يمكن أن يدخل في منافسة مباشرة مع القوى العاملة اللبنانية هو نصف القوى العاملة الفلسطينية الموجودة كحد أقصى، أي ما يقدر بحوالي 45 ألف عامل فقط، يمثلون 3.5% من إجمالي قوة العمل في لبنان. أما إذا إعتمدنا أن العدد هو 51 ألف نسمة، وفقا للتعداد، فإن الحجم المنافس المفترض لن يزيد عن 25 ألف عامل. وهذا ما يؤكد خَتَل نظرية المنافسة، وأن الإجراءات ضد العمالة الفلسطينية، إنما تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية لا علاقة لها لا بتنظيم عمالة، ولا بحماية يد عاملة لبنانية من المنافسة؛ إنها – باختصار – تتدرج في خانة التوظيف السياسي.

■ وبعيداً عما آل إليه حجم اليد العاملة الفلسطينية في السنوات الأخيرة، لم تكن هذه العمالة – تاريخياً-، وفي أيٍ من الأوقات تشكل منافسة للعمالة اللبنانية. إضافة إلى ما سبق، فإن ضآلة حجم هذه العمالة مقارنة بحجم العمالة الأجنبية في لبنان، وطبيعة الأعمال التي تشغلها العمالة الفلسطينية، التي هي أصلاً ليست موضع منافسة، كالعمل في قطاع التمريض مثلاً. والمعروف أن هذا القطاع يشكو من قلة أعداد اللبنانيين العاملين فيه، ما دفع بنقابة الممرضات والممرضين إلى الطلب من وزيري العمل والصحة من أجل إصدار إستثناء يسمح للفلسطيني بالعمل في هذه المهنة، كي يغطي النقص الذي تشكو منه المستشفيات والمؤسسات الصحية اللبنانية؛ هذا إضافة إلى مهن أخرى لا يُقبل عليها اللبنانيون كالعمل في محطات الوقود، والبناء، والأفران، والزراعة، وغير ذلك من مهن تستقطب الفلسطيني كأمر واقع وليس بمنّة أو كرم من الدولة اللبنانية ومؤسساتها..

■ إضافة إلى ما ذكر، إذا ما أخذنا بعين الإعتبار عدد العاملين في وكالة الغوث والعاملين في الفصائل الفلسطينية وأجهزتها المختلفة، وفي المؤسسات الإجتماعية الناشطة في المخيمات، فإن العدد ينخفض إلى ما دون النصف، ما يجعل مصطلح المنافسة بلا مضمون فعلي.

لذلك، فإن الحديث عن منافسة اليد العاملة الفلسطينية لليد العاملة اللبنانية ليس سوى كذبة كبيرة، لا أساس لها البتة في واقع الحال، يُراد منها تبرير سياسة الدولة اللبنانية بحرمان كل فئات الشعب الفلسطيني من حقوقهم الإجتماعية والإنسانية؛ وبالتالي، فإن المشكلة الرئيسية ليست تقنية، ولا تتعلق بحجم القوة العاملة الفلسطينية أو غير ذلك، بل هي قبل كل شيء مشكلة سياسية كما كل الملف الفلسطيني، وحلَّها يجب أن يكون سياسياً وخارج إطار التوظيف السياسي والمذهبي الذي إعتاد أن يتعرض له، الشعب الفلسطيني في لبنان■

(5)

إجازة العمل بين السياسة والقانون

■ إن إصرار الفلسطينيين على رفض مبدأ إجازة العمل يعود بالأساس لأسباب سياسية وقانونية، وليس مالية في المقام الأول، رغم أهمية العامل المادي بالنسبة للعمال الفلسطينيين. وإذا ما قمنا بربط الأمور بعضها ببعض سنصل إلى إستنتاج يقول إن الإصرار على فرض إجازة العمل على العمال الفلسطينيين يتقاطع – موضوعياً - مع المشروع الأمريكي - الإسرائيلي لتصفية قضية اللاجئين وحق العودة، إنطلاقا من الإعتبارات التالية:

أعلن الرئيس الأمريكي صراحة أنه لا يعترف بأعداد اللاجئين الفلسطينيين الحالية المسجلين في قيود وكالة الغوث والذين يناهز عددهم ستة ملايين لاجيء، فيما دعا رئيس وزراء العدو نتنياهو صراحة وبشكل علني إلى تصفية وكالة الغوث وإحالة موضوع اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ولسنا بحاجة لنعيد التأكيد على أن المرتكزات الأساسية التي يستند إليها حق العودة هي القرار الأممي 194، والمكانات القانونية - السياسية الثلاث التي تستند إلى هذا القرار، وهي: مكانة لاجيء، مكانة المخيم، ومكانة وكالة الغوث. ويبدو واضحا أن الإدارة الأمريكية وإسرائيل تجهدان لضرب تلك المكانات الثلاث بتدمير وتهجير المخيمات وإفراغها من سكانها، وجعلها أماكن تعج بالفقراء وبطالبي اللجوء، وقطع المساهمة المالية الأمريكية عن وكالة الغوث تمهيداً لتصفية أعمالها، وإحالة خدماتها إلى الدول المضيفة.

■ تبقى مسألة العبث بالمكانة القانونية - السياسية للاجئين، وهنا يمكن أن نجد رابطا أو تقاطعا ما مع المشروع الأمريكي - الإسرائيلي.. والأمور هنا لا تعتمد على النوايا بل على وقائع وسياسات ومشاريع تتحرك بشكل يومي: فالأمر الذي لا يجادل فيه إثنان هو أن إجازة العمل تمنح بالأساس لعامل وافد، بدليل الحديث المتكرر في القوانين والمراسيم اللبنانية المختلفة عن بعض المصطلحات وعديد الصياغات، التي ذكرت سابقاً.. ويستتبع إجازة العمل إقامة الأجنبي الذي لا يمكن أن يحصل على إقامة قانونية، إلا إذا كان حاصلا على إجارة عمل.. ولا يحصل على الإجازة، إلا إذا كان مسجلا في صندوق الضمان الإجتماعي.

■ ولنأخذ السيناريو التالي ونطبقه على عامل فلسطيني، ونبني عليه سياسياً وقانونياً وواقعياً:

تنص المادة الثانية من مرسوم تنظيم عمل الأجانب (17561) لعام 1964 وتعديلاته على التالي: «على كل أجنبي يرغب في الدخول إلى لبنان لتعاطي مهنة أو عمل، بأجر أو بدون أجر، أن يحصل مسبقا على موافقة وزارة العمل قبل مجيئه إليه»، أي أن الموافقة المسبقة لوزارة العمل هي شرط متمم للإجازة التي تسبق أمر الحصول على الإقامة. وتتابع المادة السابعة من نفس المرسوم، بقولها: «إن إجازة العمل هي إمتداد للموافقة المسبقة وشرط متمم لها، فإذا إنتهى مفعول الإجازة أو رفض تجديدها، بَطُلَ مفعول الموافقة المسبقة، وعلى صاحب العلاقة في هذه الحالة الحصول على موافقة مسبقة جديدة إذا أراد العمل في لبنان».

وطالما أن مدة إجازة العمل هي ثلاث سنوات بالحد الأقصى، وفقا لنص المادة 14، وكل إجازة لا يقدم طلب تجديدها خلال شهر على الأقل من موعد إنتهائها، تعتبر ملغاة حكما، فيضحى الأجنبي بدون إجازة عمل، وتطبق عليه –تالياً- التدابير والعقوبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المرعية الأجراء.. فإن هذا يعني بكلام واضح، أن الإقامة قد تسقط عن العامل الأجنبي، إذا ما ألغيت إجازة العمل، ما يدفع بالسلطات، إما إلى سجنه، أو إلى ترحيله إلى البلد الذي قدم منه. لكن ماذا لو تقدم فلسطيني بطلب الحصول على إجازة عمل ولم يتمكن من الحصول عليها، أو تجديدها لسبب أو لآخر، خاصة وأن المرسوم السابق في مادته 17 يجيز لوزارة العمل إلغاء الإجازة، كلما قضت مصلحة اليد العاملة اللبنانية بذلك، هنا التقدير والإستنساب الناجم عنه، هو الفيصل.. فإذا إفترضنا أن البطاقة الزرقاء التي يحملها اللاجئون الفلسطينيون هي بمثابة بطاقة إقامة، فإن هذه الإقامة تصبح عرضة للخطر طالما تم ربطها بإجازة العمل، كما يحصل مع العامل الأجنبي.

■ هذا هو مكمن القلق الذي يعبر عنه اللاجئون الناجم من إحتمال العبث بالمكانة القانونية - السياسية للاجئين، بما يخدم المشروع الأمريكي – الإسرائيلي؛ وهنا لا ينفع الحديث عن حسن نية الوزير، أو دوره في الدفاع عن القضية الفلسطينية وغير ذلك، فهذا زجل لا يمت إلى صلب الموضوع بصلة.

ولا نعتقد أن هذه مسألة كانت غائبة عن تفكير من أشار على وزير العمل بتحريك بعض مواد قانون العمل وتطبيقه على العمال الفلسطينيين في هذه المرحلة، حيث بدأت التطبيقات الميدانية لصفقة ترامب – نتنياهو.. وفي هذا أيضا إجابة على تساؤل لوزير العمل: لماذا لم يتظاهر الفلسطينيون عندما أقر البرلمان عام 2010 التعديلات القانونية؟ وهنا نقول أن ما حصل حتى الآن من هبّة شعبية في المخيمات الفلسطينية، هبّة رافضة لإجراءات وزارة العمل، هي الحد الأدنى مما كان من المتوقع أن يقع، نظراً للتداعيات المعيشية – الإجتماعية، وكذلك السياسية والقانونية لإجراءات الوزير، التي لم تكن معالمها قد إتضحت بعد بنفس الوضوح الذي تبدت فيه للعيان الآن، أمام القاصي والداني، بعد أن أماطت اللثام عن وجهها القبيح، صفقة القرن للتسوية التصفوية للحقوق الوطنية الفلسطينية، ومن ضمنها حق العودة إلى الديار والممتلكات.

■ إن بعض الإجتهادات القانونية تذهب إلى القول باستحالة تطبيق بعض مواد قانون العمل على العمال الفلسطينيين، لأنه لم يوضع في الأساس لهم، لكن عدم رؤية القانون لواقع قائم لا يعني أنه غير موجود، بل إن المطلوب في هذه الحالة يصبح ضرورة تعديل القانون، لا القفز عن الواقع ومجافاته، لأن مجافاة الواقع تؤدي إلى رسم سياسات خاطئة تثير مشكلات كبيرة.

مثل هذا الرأي يتبناه وزير العمل الأسبق طراد حمادة، الذي سبق له أن أصدر قراراً، عندما كان على رأس وزارة العمل، سمح بموجبه للعمال الفلسطينيين بالعمل في مهن هي بالإساس محصورة باللبنانيين، وقراره هذا كان موضع ترحيب وتقدير فلسطيني ولبناني ودولي، ولم يتحدث أحد في حينه أن الوزير خرق القانون، أو أعطى للعامل الفلسطيني إستثناءاً لم يجزه القانون.

■ إن تطبيق النص بخلفية حسن النية وبالروحية التي قصدها المُشترع، من شأنها إيجاد الحلول الواقعية والمنطقية. ولعل السؤال الوجيه هو: إذا كانت مواد القوانين جامدة وغير متحركة، فكيف يمكن الموافقة على إعفاء الفلسطينيين من رسوم الإجازة التي هي ضرائب مُستحقة لخزينة الدولة. لكن رغم ذلك، والكلام للوزير طراد حماده، لاحظ القانون خصوصية العامل الفلسطيني وأعفاه من الرسوم. وعليه يلزم أن نكمل معالجة حقوق هذه الوضعية الخاصة، كأن يكتفي العامل الفلسطيني المسجل في وزارة الداخلية بتسجيل مكان عمله في دوائر وزارة العمل (علم وخبر) يعفيه من الإجازة التي لم تُسَن من أجله، ولوضع قانوني مثل وضعه، وطالما أعفيناه واستثنيناه من دفع الرسوم.

■ إن العامل واللاجيء الفلسطيني لا يمكن أن يفهم سياسة الضغط عليه ومحاصرته حتى في لقمة عيشه، إلا في إطار المزيد من الضغوط السياسية والإقتصادية التي تنسجم والضغوط الأمريكية السياسية والإقتصادية لتصفية القضية الفلسطينية. وإذا كانت صفقة ترامب - نتنياهو تستهدف الفلسطينيين واللبنانيين في آن، فإن المطلوب هو مواقف مشتركة تحمي حقوق ومصالح الشعبين الشقيقين بعيداً عن سياسات الضغط والتجويع، بما يستجيب لحقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية، وبما لا يتناقض مع مصالح لبنان الصميمة، لأن طبيعة المرحلة والمخاطر التي تتهدد اللبنانيين والفلسطينيين سواء بسواء، تستوجب مواقف مشتركة تدعم حق العودة وتصون الهوية الوطنية للاجئين، وتشكل نموذجا للمواقف العربية والدولية المطلوبة في مواجهة صفقة القرن وغيرها من المشاريع التي تستهدف الفلسطينيين واللبنانيين في آن■

رابعاً- الحركة الجماهيرية بمدلولاتها

(1)

الحركة الجماهيرية واستعادة الدور

■ رغم بدء التطبيقات الميدانية لصفقة ترامب – نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بقضية اللاجئين، بجميع عناوينها، ورغم تقدم عمليات التطبيع التي ترافقت مع حملة منظمة تروج لثقافة جديدة تحت شعار نجاح السياسة الأمريكية في تحقيق العديد من الإختراقات لصالح المشروع الصهيوني.. جاءت إنتفاضة اللاجئين في مخيمات لبنان لتقدم مشهداً يستحق التوقف عنده لتحليل أسبابه ورصد أبعاده.

فإن كانت إجراءات وزارة العمل بشأن ملاحقة العمال الفلسطينيين قد مثَّلت الشرارة لخروج الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى الميدان، مدافعين عن حقهم بالحياة والعيش الكريم، إلا أن مجموعة من الأسباب السياسية والإقتصادية والأمنية والقانونية الراهنة والتاريخية تلاقت فيما بينها لتوصل الفلسطيني في لبنان إلى أوضاع غاية في السوء على جميع المستويات، بحيث باتت التحركات الشعبية خياراً وحيداً لإنجاز شروط التقدم نحو تغيير الواقع القائم:

1- وُضِعَت المخيمات بين ضغط أوضاع أمنية منفلتة في بعض المخيمات تكرس واقعها نتيجة مسار سياسي طويل يعود إلى ما قبل العام 1990 فرضته أحداث محلية وإقليمية ودولية، وسياسة لبنانية لم تتعاطَ مع المخيمات إلا بإعتبارها حالة أمنية يجب إحكام الإمساك بها، متجاهلة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي ترزح المخيمات تحت وطأتها بفعل سياسة الدولة المجحفة بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.

2- إنعكس الإنقسام الفلسطيني الداخلي بشكل سلبي على كل الحالة السياسية الفلسطينية في لبنان، ويترجم ذلك بعدم قدرة القيادة السياسية المركزية والقيادات المحلية على تقديم نفسها كمرجعية سياسية وإجتماعية، وعجزها عن معالجة الكثير من المشكلات اليومية، سواء على مستوى القضايا والعلاقات الداخلية في بعض المخيمات، أو في العلاقة مع الخارج لجهة تقديم موقف فلسطيني موحد من مختلف القضايا التي تتطلب ذلك.

3- إتساع الهوة بين الحالة السياسية، بكل تشكيلاتها، والحركة الشعبية بمكوناتها المختلفة، خاصة القطاعات الشبابية التي تعاني من مشكلات كبيرة على المستويين الوطني والإجتماعي، ما ولَّدَ إنطباعاً لدى فئات إجتماعية وازنة بعدم قدرة التشكيلات السياسية على التصدي للتحديات المطروحة، وفي القلب منها مشاكل وقضايا الشباب المختلفة.

4- إنعدام الآمال بإمكانية تحقيق إختراقات على مستوى العملية السياسية (المتوقفة عملياً منذ عقدين من الزمن) تضمن الحد الأدنى من الحقوق الوطنية؛ وفي المقابل، بقاء السياسات الرسمية الفلسطينية أسيرة الخيارات التفاوضية، وغياب الإستراتيجيات الوطنية التي بإمكانها النهوض بأوضاع الشعب الفلسطيني، ناهيك عن الإنقسام وتداعياته السلبية على كل التجمعات والملفات الفلسطينية في ظل تعمق الأزمة التي تعيشها الحركة الوطنية الفلسطينية، واتساع الهوة، ليس فقط بين إطار سياسي وآخر، بل داخل الإطار الواحد، وهو ما بعث برسالة سلبية بأن المستوى القيادي الرسمي بات أعجز من القدرة على الإستجابة لمختلف التحديات والمخاطر المتزايدة مع كل يوم يمر.

■ إن ردة فعل الحركة الشعبية في رفضها لإجراءات وزارة العمل اللبنانية، قدمت صورة واقعية عن حالة وطنية وإجتماعية متماسكة وصلبة، رغم سعي البعض إلى طمس هذه الصورة وإخفاء معالمها لتبرير سياساته، بادعاء عجز الحركة الجماهيرية وعدم قدرتها على النهوض والدفاع عن مصالحها. فجاءت التحركات الحاشدة، الواعية والمنظمة، لتؤكد أن المجتمع الفلسطيني في لبنان، رغم الضربات الكبيرة والموجعة التي تعرض لها وحدَّت من قدرته على مواجهة المخاطر، مازال يختزن قدرات واستعدادات نضالية ووطنية عالية، ما يجعله قادراً، ليس على الدفاع عن حقوقه وتلمس التعبير عن مصالحه فحسب، بل وأيضا تجاوز سقوف سياسية سعى البعض لرسم معالمها خارج إطار التوافقات التي تمرَّست في ميادين الحركة الشعبية، التي تمكَّنت من جعل المطالب المرفوعة تطغى على كل إعتبار، فأسقطت حواجز ومربعات أمنية، وتوحَّدت الحالة الشعبية بكل مكوناتها وإنتماءاتها تحت شعارات وطنية واجتماعية، وبالتالي أصبحت إمكانية تجاوز الحركة الشعبية أمراً بالغ الصعوبة.

وإذا كان صحيحا أن التحركات الشعبية جاءت ردة فعل طبيعية على إجراءات وزارة العمل، التي إعتبرت بمثابة مس بمعيشة ومستقبل جميع الفلسطينيين في لبنان، إلا أنها شكلت صدمة ليس فقط لوزير العمل الذي قال إنه تفاجأ بهذه التظاهرات، بل وللقوى اللبنانية المعنية وحتى لبعض الفصائل الفلسطينية، حيث إعتبرت هذه التحركات، من زاوية جماهيريتها الأكثر زخماً منذ النكبة، ولا يشبهها إلا إنتقاضة المخيمات في لبنان عام 1969 في مواجهة ممارسات أجهزة السلطة القمعية■

(2)

الأبعاد المتعددة لهبّة  (إنتفاضة) المخيمات

■ إن هذه التحركات، بالحشود الضخمة التي شاركت فيها، بعثت بالعديد من الرسائل إلى أكثر من طرف فلسطيني ولبناني ودولي، بعد أن فرضت نفسها على الجميع:

1- فلسطينيا: إشعار القيادة الرسمية لمنظمة التحرير والسلطة وأيضا الفصائل، بأن المراهنة على حركة اللاجئين في مخيمات الشتات، كما في مخيمات الداخل، وعلى قدرتها على الدفاع عن مصالحها هو رهان في مكانه. هذه الحركة، وبالتجارب الملموسة التي خاضتها في أكثر من مكان، قادرة على تحقيق الكثير من الإنجازات والمكتسبات الوطنية، إذا ما تم إحتضانها وتوافرت لها مقومات المساندة والدعم.

وبالمقابل، فإن تجاهل قضايا اللاجئين وإهمال أوضاعهم المعيشية والحياتية لن يقود سوى إلى إتساع حالات النقد للسياسة التي تنتهجها القيادة الرسمية لـ م.ت.ف واستراتيجياتها المعتمدة تجاه قضية اللاجئين، والتي هي إستراتيجية قاصرة على أية حال؛ وبالتالي فإن غيابها عن متابعة قضايا وهموم اللاجئين سيدفع بقوى أخرى لأن تتقدم مدعية أنها تقدم حلولا لمشكلات اللاجئين، من نمط الدعوات العلنية للهجرة الجماعية، التي وإن كانت ردة فعل على واقع إقتصادي وإجتماعي صعب، إلا أنها تؤشر إلى طبيعة العلاقة المتراجعة بين القيادة السياسية وبعض أوساط الحركة الشعبية وقطاعات الشباب بالذات، وأيضا إلى إمكانية تقدم قوى مختلفة، محلية وإقليمية ودولية، بمشاريع مشبوهة تحت يافطات إنسانية وغير ذلك، تلحق الضرر ليس بالحركة الشعبية وحسب، بل وبقضية اللاجئين بشكل عام.

2- لبنانيا: كان العنوان المباشر لتحركات اللاجئين هو رفض إجراءات وزارة العمل وتداعياته على المكانة القانونية والسياسية للاجئين، والتمسك بحق العودة إنطلاقا من صون هذه المكانة ورفض أي مشروع تهجيري أو توطيني في لبنان أو غيره. وعليه، فإن التحركات أسقطت، وبشكل فعلي، كل الإدعاءات والمزاعم التي تقول بإمكانية توطين الفلسطينيين في لبنان، وبالتالي إذا ما توافر الحد الأدنى من التنسيق والفعل المجدي بين الدولة التي ترفص التوطين وبين اللاجئين الذين هم أول ضحايا هذا المشروع، فإن مشاريع التوطين تفقد الكثير من مضامينها وتصبح مجرد شعارات خاوية، لا إمكانية فعلية لفرضها.

ولتأكيد الموقف الفلسطيني الرافض، جملة وتفصيلا، لجميع مشاريع التوطين، وعلى سبيل تدعيم الحجة نُذَكِّر بالواقعة التالية (تاريخ آب/ أغسطس 2019): حين دعت بعض الحراكات الشبابية الفلسطينية إلى مسيرات شعبية تنطلق من المخيمات نحو الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، أعلن مجلس الأمن الفرعي في صيدا والجنوب منع التجمعات مؤكداً على ضرورة حصول أي تجمع على ترخيص رسمي من السلطات. أي أن مسألة التوطين لم تعد سوى شمّاعة تسعى بعض القوى اللبنانية إلى طرحها لأهداف محلية فقط، وهي تعلم حقيقة الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي الذي تكرس بفعل التحركات الجماهيرية الحاشدة والضخمة التي شهدتها جميع المخيمات.

كما يمكن ملاحظة تلمس الوعي العالي للحركة الجماهيرية في عدم إنجرارها إلى مربعات سعت بعض القوى المعروفة بعدائها التقليدي للوجود الفلسطيني إلى جرها إليها، من خلال إعتبار التحركات الشعبية الحاشدة والضخمة كالتي شهدتها مدينة صيدا مثلاً، وكأنها مقدمات لعودة الحرب الأهلية.. لكن رغم أن مثل هذا التحريض قد وجد صداه لدى قوى لا تمثيل شعبي ولا حيثية سياسية لها، إلا أن الحركة الجماهيرية واصلت مسيرتها إلى الأمام، غير آبهة بمثل هذه الدعوات التي إنكشفت مراميها في وقت مبكر، ولم تؤثر على مسار التحركات الشعبية ووحدتها.

3- دوليا: أعادت التحركات الشعبية التأكيد مجدداً على أن قضية اللاجئين هي قضية سياسية، بالأساس، وفي هذا السياق وتحت هذا السقف فهي أيضاً قضية مطلبية ومعيشية. لقد أبرزت هبّة المخيمات قدرة اللاجئين على تلمس طبيعة المخاطر التي تتهدد جميع الحقوق الوطنية، بما فيها قضية اللاجئين، والتي تعود إلى جذر واحد هو رفض إسرائيل والولايات المتحدة الإعتراف بحقيقة أن الإحتلال والتهجير الناتج عن تداعيات نكبة العام 1948 هو السبب الرئيسي في كل ما يتعرض له اللاجئون من معاناة سياسية وإقتصادية، وبالتالي فإن أقصر الطرق لمعالجة هذه المشكلات تكون بتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته لجهة إجبار إسرائيل على إحترام القرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 194 الذي يكفل حق العودة إلى الديار والممتلكات.

إن ما قدمته مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من تحرك شعبي رافض لأي إجراء أو فعل تُشتَمْ منه رائحة التساوق مع المشاريع الأمريكية - الإسرائيلية والمعبر عنها راهنا بصفقة ترامب - نتنياهو، ليست سوى صورة مصغرة عن موقف جميع تجمعات اللاجئين الفلسطينيين وتمسكها بحق العودة، ولعل مخيمات قطاع غزه في تحركاتها الجماهيرية في مسيرات العودة التي إنطلقت قبل عام ونصف العام، لهي دليل واضح على الإستعدادية العالية لحركة اللاجئين في الدفاع عن حقوقها الوطنية والإجتماعية.

(3)

آفاق الحركة الجماهيرية

■ رغم أن إجراءات وزارة العمل جاءت تحت عناوين قانونية وتندرح تحت ما يسمى «تنظيم العمالة الأجنبية»، إلا أن الحركة الجماهيرية تمكَّنت من أن تُحسِن الربط بين أبعاد الإجراءات في جانبها المحلي، وبين إمكانية إرتباطها بمشاريع سياسية تُحاك ضد قضيتها الوطنية، فعبَّرت الشعارات المرفوعة عن مستوى متقدم من الوعي لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني التي بادرت ونزلت إلى الشارع قبل أن تقرر الحالة السياسية الفوقية شكل التحرك وحدوده.. وفي أكثر من مناسبة كانت الحركة الجماهيرية هي المبادرة، وهي السبّاقة في صنع، لا بل في فرض الحدث بقوة الإلتفاف الشعبي حول خياراتها.

لقد تمكَّنت الحركة الجماهيرية بإصرارها وعزيمتها وثباتها، أن تفرض على الفصائل الفلسطينية الوحدة في التحركات والمطالب، رغم أن بعض الفصائل لا زالت حتى هذه اللحظة غير مقتنعة بجدوى الحركة الجماهيرية وقدرتها على إمكانية تحقيق إختراقات في جدار الحرمان السياسي المزمن في لبنان. وهي لهذا تسعى إلى إبقاء التحركات في الحدود المسيطر عليها بدعوى ومحذور إمكانية إختراقها أمنيا، وهذا ما تُرجم بعدم زج فصائل نافذة، كحركة فتح على سبيل المثال، بكامل طاقتها في ميدان التحركات بذريعة الحرص على عدم توتير الأجواء مع السلطات اللبنانية، رغم سلمية التحركات التي إمتدت لعدة أسابيع متواصلة، دون أن يسجل حادث أمني واحد.

مثل هذه التخوفات لم تجد لها أية أصداء في أوساط الحركة الجماهيرية، التي شهدت تراجعاً في حشوداتها في بعض محطاتها، خاصة بعد عمليتي الإغتيال اللتين إستهدفتا شخصيتين – على يد عناصر أصولية مشبوهة - في مخيم عين الحلوة، والتي حصل إجماع على إعتبار أن المستهدف الأول بالتفجير الأمني هو الحركة الجماهيرية التي ما لبثت أن إستعادت زخمها، لتعود قوية بدورها وثابتة على مطالبها. هذا ما أكدته التحركات التي سبقت وأعقبت جلسة مجلس الوزراء (23/8/2019) التي أحالت ملف العمالة الفلسطينية للبحث، إلى لجنة وزارية، برئاسة رئيس الحكومة.

■ ما يجب التأكيد عليه، أنه من الخطأ النظر إلى التحركات الجماهيرية في لبنان باعتبارها حدثا محلياً بين اللاجئين الفلسطينيين وبين وزارة العمل اللبنانية، بل هو إشتباك على تماس مباشر مع المشروع الأمريكي، وهذا ما يفسر إصرار اللاجئين على رفض إجازة العمل، حتى ولو تم الإعفاء من رسومها، لأن هذه الإجازة تكرس منطق التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين كأجانب، ما يشكل مساً بالمكانة القانونية - السياسية للاجئين يصب في خانة الدعوات الأمريكية والإسرائيلية لتصفية قضية اللاجئين من خلال نزع صفة ومكانة اللجوء عن ملايين اللاجئين، بهدف شطب حق العودة إلى الديار والممتلكات.

■ إن كانت الحركة الجماهيرية قد حددت أهدافها وصاغت مطالبها الإجتماعية، وقدمت صورة رائعة عن تماسكها وصلابتها وقدرتها على رسم تكتيكاتها وصياغة موقفها بشكل سريع، إلا أنها لا زالت تشكو من غياب المرجعية الجامعة التي تشرف على التحركات وتعمل على تطوير أشكال التعبير عنها، وإيصال صوتها إلى الأطراف المعنية الفلسطينية واللبنانية. صحيح أن جميع الفصائل واللجان الشعبية والإتحادات والحراكات الشبابية المختلفة تشارك في التحركات، إلا أن هذه المشاركة تتفاوت بين فصيل وآخر، ولم تأخذ بعد شكل المشاركة المنظمة التي تستند إلى قيادة مركزية تنبثق عنها قيادات محلية ولجان إختصاص مركزية ومحلية، وتسيِّر وفود سياسية للتواصل مع الحكومة والأحزاب والتيارات اللبنانية المختلفة، ومع هيئات دولية معنية بقضية اللاجئين.

■ لقد كان اللاجئون الفلسطينيون، خاصة المقيمون منهم في الدول العربية المضيفة، أكثر التجمعات الفلسطينية تأثراً بحالة التراجع التي أصابت أوضاع م.ت.ف ومؤسساتها المختلفة، وما ترتب على ذلك من فقدان الغطاء السياسي الذي كانت تشكله المنظمة، وهو ما أثّرَ سلباً على الوجود الفلسطيني في لبنان برمته، فبات يشعر أنه مكشوف أمام كل سياسات التمييز والإقصاء التي ترتكب بحقه والتي تترجم عادة بحملات تحريض سياسي معلن ضد الشعب الفلسطيني ومخيماته. لذلك قلنا في أوقات سابقة، ونردد الآن، إن أي غياب لمنظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني سيترك فراغا من السهل لقوى أخرى أن تملأه.. وهنا تكمن أهمية أن تكون منظمة التحرير، بفصائلها ومؤسساتها، حاضرة بقوة في جميع التحركات الشعبية التي يشكل زخمها مصدر قوة للمنظمة وفصائلها يجب الإستفادة منه لصالح قضية اللاجئين والعلاقة الأخوية المطلوبة مع الدولة اللبنانية وجميع مؤسساتها■

أيلول (سبتمبر) 2019

ملاحق

 I- المصادر الخارجية لإنفاق الفلسطينيين في لبنان


تشكل هذه المصادر روافد مالية مهمة لدعم الإقتصاد اللبناني.. ففي حين يرسل العمال الأجانب ما يتقاضوه من أموال إلى أسرهم في الخارج بما يدعم إقتصاديات دولهم، فإن الفلسطينيين ينفقون جنى عملهم كاملاً في لبنان، إلى جانب الروافد المتعددة للتحويلات المالية من الخارج سواء العائلية منها، أو من خلال المؤسسات العاملة في الوسط الفلسطيني. وفي تقديرات بسيطة لحجم مساهمة الفلسطينيين في الإقتصاد اللبناني، يتبين أن مساهمة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تناهز ثلاثة مليارات دولار.. وفي هذا الإطار نشير إلى مايلي:

1- تنفق وكالة الغوث المعنية بتقديم الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية، سنويا، مئات الملايين من الدولارات سواء عبر رواتب موظفيها الذين يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف موظف، أو من خلال الإنفاق على القطاعات المختلفة الصحية والتربوية والإجتماعية. ووفقاً للأرقام الصادرة عن الوكالة فقد بلغت قيمة الأموال التي أنفقتها الوكالة خلال أعوام 2016، 2017، 2018 نحو 229 مليون دولار، 232 مليون، و155 مليون دولار على التوالي موزعة على الموازنة بأقسامها الثلاث (الصندوق العام، الطواريء، المشاريع التطويرية).. ناهيك عن مصاريف ونفقات الموظفين الدوليين التي تمول من خارج الموازنة العامة (راجع تقرير إستراتيجية تعبئة الموارد لعامي 2016-2018، صادر عن وكالة الغوث - المكتب الرئيسي - قطاع غزه).

2 - الأموال التي تنفقها المؤسسات المختلفة التابعة لمنظمة التحرير والفصائل الأخرى في لبنان والتي تزيد عن 80 مليون دولار سنوياً وفقا للمعطيات التالية: في حساب بسيط لعدد أفراد قوات الأمن الوطني الفلسطيني والمنتسبين إلى الفصائل وكوادرها، ومخصصات أسر الشهداء والشؤون الإجتماعية، والسفارة وغيرها من المؤسسات والإتحادات فإن العدد يزيد عن 15 ألف مستفيد. ولو إفترضنا أن راتب الفرد الواحد، كمعدل وسطي، يبلغ 400 دولار شهرياً، فإن قيمة الرواتب تصل ما بين 70-80 مليون دولار بعد إضافة الموازنات الإدارية والنثريات (تقديرات خاصة).

3- الأموال التي تنفقها مؤسسات المجتمع المدني العاملة في الوسط الفلسطيني والتي يتجاوز عددها نحو 60 مؤسسة تعمل بشكل جدي. ولو إفترضنا أن معدل الموازنة السنوية لكل مؤسسة نحو مليون دولار فهذا يعني أن قيمة ما تنفقه هذه المؤسسات يناهز الـ 60 مليون دولار امريكي (تقديرات خاصة).

4- التحويلات التي ترسلها الجاليات الفلسطينية في الخارج إلى أسرها في لبنان والتي تشكل مصدراً آخرا من مصادر الإنفاق الفلسطيني في لبنان، وعلى سبيل المثال فقط فقد تكونت معطيات لدى لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين الذي يحولون جزءاً من دخلهم شهرياً من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى لبنان بحوالي 35 ألف شخص، بمعدل 550 دولار أميركيا شهرياً، وبذلك تبلغ تحويلاتهم سنويا حوالي مبلغ 230 مليون دولار أميركي (اللجوء الفلسطيني في لبنان: واقع العيش وإرادة التقدّم، صادر عن لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، 2018). وبإمكاننا القياس على ذلك باحتساب عدد الفلسطينيين المقيمين في دول الخليج العربي وفي أوروبا وأمريكا وكندا والذين يرسلون أموال الى أسرهم في لبنان من أجل تقدير تحويلاتهم، مقارنة مع نحو 7.2 مليار دولار قيمة تحويلات اللبنانيين في الخارج إلى أسرهم في لبنان (راجع تقرير للبنك الدولي وردت تفاصيله في صحيفة الشرق الأوسط في 17 أيار/ مايو 2019)، ومع حوالي 3.6 مليار دولار أمريكي قيمة تحويلات العمال الأجانب إلى خارج لبنان، وفقاً لتقرير صادر عن «الإسكوا» في عام 2016 (جريدة الأخبار 10 كانون الأول/ ديسمبر 2018).

5- إضافة إلى ما سبق، فهناك مصدر هام جداً وقد يكون الأكثر أهمية بين مصادر إنفاق الفلسطينيين في لبنان وهو قيمة الإنفاق الإستهلاكي للأسر الفلسطينية في لبنان والذي يقدر بنحو نصف مليار دولار أمريكي وفقاً لاحتساب التالي: يبلغ عدد الأسر المقيمة فعليا في لبنان أكثر من 55 الف أسرة وفقاً للتعداد العام للسكان الذي أنجزته الحكومة اللبنانية عام 2017 وبمعدل وسطي للأسرة الواحدة يبلغ أربعة أفراد ما يعني أن العدد هو حوالي 200 ألف فرد. وقد أشارت دراسة صادرة عن وكالة الغوث والجامعة الأمريكية في بيروت عام 2015 إلى أن متوسط إنفاق الفرد الفلسطيني في لبنان يبلغ 190 دولار شهرياً (المسح الأسري الإقتصادي - الإجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، 15  كانون الأول/ديسمبر 2010: موقع وكالة الغوث على الانترنت www.unrwa.org)، أي 2.280 دولار للفرد سنويا، بمعنى أن مجموع ما ينفقه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يبلغ حوالي 500 مليون دولار أمريكي..

6- إنطلاقا مما سبق، وإلى جانب تحويلات الفلسطينيين في الخارج إلى أسرهم في لبنان، التي إكتفينا منها بمثال تحويلات الإمارات؛ يمكن إحتساب التالي: 

  200 مليون دولار متوسط قيمة ما تنفقه وكالة الغوث.

80  مليون إنفاق منظمة التحرير والفصائل.

  60 مليون حجم إنفاق المؤسسات الأهلية.

  500 مليون دولار قيمة الإنفاق السنوي للفلسطينيين..

وبالتأكيد فإن حجم مساهمة الفلسطينيين في لبنان بالإقتصاد اللبناني لا تقتصر على مصادر الإنفاق فقط، بل وأيضا على الموارد البشرية، بما تختزنه من خبرات علمية ومهنية وحرفية وتربوية، وتشكل رافداً مهما في دعم وتطوير الإقتصاد اللبناني. وبالتالي، فإن أي مقارنة ما بين العمالة الفلسطينية والأجنبية لا يمكن أن تستقيم إلا في إطار المساهمة الإيجابية للفلسطينيين في تطوير القطاعات المختلفة للإقتصاد اللبناني■

 

أيلول (سبتمبر) 2019

من إعداد: «المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات»

(ملف)

 

II - مشاريع قوانين مقدمة من الحزب التقدمي الإشتراكي

(1)

إقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تعديل المادة 9 من قانون الضمان الإجتماعي

مادة وحيدة: تُعدل الفقرة الثالثة من المادة 9 بإضافة بند سادس يكون نصه على الشكل التالي:

6– يُعامل اللاجيء الفلسطيني المُقيم في لبنان إقامة قانونية، مُعاملة المواطن اللبناني لجهة تعويض نهاية الخدمة والعناية الطبية عن الأضرار الناتجة عن الحوادث وطواريء العمل فقط، من قبل وزارة الصحة والمستشفيات الحكومية وسائر المؤسسات الضامنة العامة والخاصة.

يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به فور نشره■


(2)

إقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تعديل المادة 59 من قانون العمل

اللبناني الصادر بتاريخ 23/9/1946

مادة وحيدة: تُعدل الفقرة الثالثة من المادة 59 من قانون العمل الصادر بتاريخ 23/9/1946 لتُصبح على الشكل التالي:

يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون على شرط المُعاملة بالمثل ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة العمل، ويُستثنى الأجراء الفلسطينيون المولودون على الأراضي اللبنانية، والفلسطينيون المسجلون بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية والبلديات، من شرطي المعاملة بالمثل وإجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل لحين تحقيق العودة إلى ديارهم.

يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به فور نشره ■

 

(3)

إقتراح قانون معجل مكرر يومي إلى تعديل المادة 79 من قانون العمل اللبناني

مادة وحيدة: يضاف إلى المادة 79 بند رابع جديد يكون نصه على الشكل التالي:

4– يُعامل الأجراء الفلسطينيون الذين يعملون في المؤسسات الخاضعة لقانون العمل، إذ كانوا مسجلين في سجلات اللاجئين وتنطبق عليهم أحكام المرسوم رقم 17561، مُعاملة الأجراء اللبنانيين لجهة حق التقاضي في قضايا خلافات العمل أمام مجلس العمل التحكيمي المُختص.

يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به فور نشره ■

 
 (4)

إقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة الأولى

من القانون 296/2001 (إكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية)

مادة وحيدة: تُعدل الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون 296/2001 لتصبح على الشكل التالي:

لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين. خلافاً لأي نص آخر يحق للفلسطيني المولود على الأراضي اللبنانية والفلسطيني المسجل بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية تملّك شقة سكنية واحدة ولا يعتبر ذلك تعارضاً مع مبدأ رفض التوطين. يطبق هذا النص على التملك بطريق الإرث.

يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به إعتباراً من تاريخ نشره ■

III - مشروع قانون مقدم من الحزب السوري القومي الإجتماعي

مشروع قانون يرمي إلى منح حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان

في الأسباب الموجبة

إستناداً لأحكام الفقرة «باء» من مقدمة الدستور التي تنص على أن «لبنان عربي الهوية والإنتماء، وهو عضو عامل ومؤسس في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها» وأن اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان هم مواطنون عرب، وإن كانوا لا ينتمون لدولة بالمعنى الضيق لهذه الكلمة، وإستناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 20/11/1963، الذي يحظر في مادته الثانية، أي تمييز في معاملة الأشخاص أو الجماعات بسبب العرق أو اللون أو الأصل الإثني، إضافة إلى كافة مواثيق الأمم المتحدة التي إنضم إليها لبنان بموجب القانون رقم 44/1971، والتي تنص في المادة الخامسة على القضاء على جميع أنواع التمييز العنصري وضرورة المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بجميع الحقوق.

وإستناداً إلى المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أنه يحق «لكل شخص حق العمل، وفي إختيار عمله وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة»، وحيث إن حرمانهم من الحقوق المدنية والإجتماعية مخالف لأحكام الدستور، والبيانات الوزارية المتعاقبة وشرعة حقوق الإنسان والإتفاقات المعقودة مع جامعة الدول العربية خصوصاً بروتوكول الدار البيضاء، وحيث إن منع اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان من حقوقهم المدنية والإجتماعية يضعف قدرتهم على رفض مشاريع التوطين والتمسك بحق العودة.

لذلك ولكل ما سبق، تتقدم الجمعيات اللبنانية والفلسطينية الموقعة أدناه والمشاركة في حملة حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان بمشروع القانون أدناه والمقترح من معتمدية فلسطين في الحزب السوري القومي الإجتماعي.

■ المادة الأولى: يُعَرَّف التوطين وفقاً للقانون اللبناني بما يلي حصراً: أ) إكتساب الجنسية اللبنانية الجماعي للاجئين المسجلين في سجلات وزارة الداخلية؛ ب) الإكتساب الجماعي لحق الإنتخاب والترشيح للإنتخابات الإختيارية والبلدية والنيابية والعمل في الوظائف العامة للاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات وزارة الداخلية.

■ المادة الثانية: يُعَرَّف اللاجيء الفلسطيني إلى لبنان وفقاً للتعريف الوارد في الإتفاقية المنشئة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ويطبق على أحفادهم مهما دنوا ولا يطبق عليهم أي تعريف آخر على أن يعاد النظر من قبل وزارة الداخلية في مهلة ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون في أوضاع اللاجئين المشطوبين من قيود وزارة الداخلية، وفاقدي الأوراق الثبوتية، وأصحاب وثائق السفر المسجلين لدى الوزارة والغير مسجلين لدى وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين وتصحيح كافة الأخطاء الإحصائية الواردة في بيانات مديرية شؤون اللاجئين والبت بطلبات لم الشمل.

■ المادة الثالثة: يُعفى اللاجئون الفلسطينيون المسجلون رسمياً في سجلات وزارة الداخلية في الإستحصال على إجازة العمل.

■ المادة الرابعة: يستفيد الأجراء من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين رسمياً في وزار الداخلية من جميع أحكام قانون العمل وسائر الأحكام القانونية التي ترعى عمل اللبنانيين وأحكام القانون المنفذ بالمرسوم رقم 13955 تاريخ 26/9/1963 المتعلق بالضمان الإجتماعي.

■ المادة الخامسة: بالرغم من كل نص مخالف، يعفى اللاجئون الفلسطينيون المسجلون رسمياً في سجلات وزارة الداخلية من تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.

■ المادة السادسة: بالرغم من كل نص مخالف، يُعفى اللاجئون الفلسطينيون المسجلون رسمياً في سجلات وزارة الداخلية من شرط الحصول على تراخيص مزاولة المهنة في بلادهم ويعاملون معاملة اللبناني في الإنتساب إلى كافة النقابات المنظمة بقوانين.

‏■ المادة السابعة: بالرغم من كل نص مخالف، يُعفى اللاجئون الفلسطينيون المسجلون رسمياً في سجلات وزارة الداخلية من دفع ضريبة الغير مقيم وتطبق عليهم أحكام ضريبة الدخل.

■ المادة الثامنة: تُلغى الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 296 الصادر بتاريخ 3/4/2001 والمتعلقة بتعديل بعض أحكام القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4/1/1969 المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان.

■ المادة التاسعة: لا يتنافى هذا القانون مع حق اللاجيء الفلسطيني إلى لبنان في التمسك بحق العودة ورفض توطينهم والتأسيس والإنتساب إلى جمعيات سياسية ومدنية لهذا الغرض.

■ المادة العاشرة: تُلغى جميع النصوص المخالفة لهذا القانون أو المتعارضة مع أحكامه، ويعمل به فور نشره■
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف