الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

محكمة بقلم:عبد الجبار الحمدي

تاريخ النشر : 2019-09-05
محكمة... قصة قصيرة

صرخ كأنه ينادي ليوم المبعث... محكمة

الجميع انصاعوا وقوفا إلا واحدة كانت تجلس في الصف الاخير.. دخل القاضي وقد بصر بالحضور كانه في طابور عرضات جيش... ارخى بردائه وشمر بيديه ثم جلس..

فصاح الحاجب.. قضية رقم 666 

نهض المحامي قائلا: حاضر عن المتهم

الإدعاء مستعرضا نفسه بإبتسامة إستهزاء ..سيدي القاضي حضرات المستشارين السادة المحلفين لا اجد داعي للاستاذ المحامي بالمرافعة فالقضية قد وضحت معالمها منذ البداية المتهم قد اعترف بالجريمة وهذا طبقا لأقواله في المحضر الثابت واعترافه امام النيابة العامة.. وأجدني أطالب من عدالتكم انزال أقصى العقوبة بالمتهم ليكون عبرة لأمثاله ممن يعبثون بأمن المجتمع والنظام الامني للدولة... ثم جلس

أشار القاضي من وراء زجاج نظارته للمحامي..

وقف قائلا: سيادة القاضي حضرات المستشارين السادة المحلفين ... إن القضية... لم يكمل جملته بعد حتى صاح المتهم سيادة القاضي هلا سمحت لي بالحديث عن نفسي فأنا أدرى من المحامي وأولى بالدفاع خاصة أني لم أعينه للدفاع غير ان المحكمة أناطت به تلك المهمة.. ولا اعني أني استخف به او قرار المحكمة لكني أجدى بالدفاع عن نفسي إن سمحت واعتقد أن هذا حق لي يحفظه الدستور....

تطلع القاضي إليه فوجده ممسكا بقضبان القفص وقد بدت عليه الرصانة والثقة فيما قاله...فعلق..لابأس يمكنك ذلك على ان تلتزم ويكون كلامك في صلب القضية وبشكل مباشر دون التفرع او الدخول الى تفاصيل تضيع وقت المحكمة فلا زال هناك الكثير من القضايا التي يجب ان تحسم اليوم ..

شكرا سيادة القاضي... 

بدأت القضية عندما كنت أدير مكتب الاستاذ عبد الكريم محمد بصفة سكرتير المكتب وهو مكتب خاص للاستشارات الهندسة والقانونية ايضا.. في صبيحة يوم الحادثة كنت قد تأخرت في الوصول بسبب عطل اصاب عجلة سيارتي الى جانب الزحام أضطرني ذلك الى تركها أمام أحد المحال بعد أن استأذنت صاحبها بذلك تاركا رقم هاتفي عنده والذي زودته بكارت الخاص في حال حدوث شيء ما..وصلت الى المكتب بسيارة أجرة كان سائقها قد ادار المذياع على نشره الاخبار الصباحية بعد ان أشرت عليه بذلك رغبة بمعرفة ما يدور في عالمنا الغريب الذي نعيش وبعيدا عن الاستماع لأغان الهابطة... لحظات كان قد ضجر وادار موجته الى أغاني الرتم السريع التي لا احب..فعرضت عليه تغيره لكنه رفض مع شدة.. الزحام وصخب السيارات واطلاقها لصوات المنبهات بشكل مؤذي زاد من توتري...لذا قررت النزول عن السيارة بشكل مفاجئ دافعا الحساب... غير أن السائق رفض واحتج على نزولي واعتبره إهانة فشتمني ..كان ذلك سبب بدء الشجار بيني وبينه فآليت بعد ان امسك وهم بضربي بأن أصفعه بشد كاد الشجار يشتد ويتطور لولا تدخل البعض الطيب من المارة.. لمت نفسي فأعتذرت منه كنت قد سارعت بالمشي متخذا اقدامي وسيلة التنقل لغرض الوصول قبل الاجتماع الهام للشركة وصلت الى مكان عملي متأخر وقد اعتذرت للاستاذ عبد الكريم وقدمت التبرير ..وقصصت له ما حدث... لكنه لم يصدق فعنفني وأهانني بشدة فصار جدال بيننا غير أنه علق ليس الآن سأرى بعد الانتهاء من اللقاء مع العملاء أقرر شأنك هيا اخرح من مكتبي...فقلت سأرد على إهانتك هذه بشكل آخر لن أنساها لك أبدا... فصرخ أخرج وإلا ملوحا بيده إلي... طلب مني بعض الموظفين الخروج وأن أهدأ وأعمل ترتيب عقلي كون لدينا اجتماع هام جدا مع بعض العملاء الجدد للشركة التي بدورها كانت مهددة باﻻفلاس...انشغلت لساعات بالامر وكدت أنسى ما حدث لولا وعلى حين غرة وجدت ذلك السائق قد دخل ومعه عدد من الاشخاص يتهجمون علي وامام كل من كان حاضرا في مكتبي.. وقد كالو لي الضرب المبرح ..نعم دافعت عن نفسي لكن المفاجأة والكثرة غلبتني..فتملصت بصعوبة هربت من بين أيديهم حيث مكتب السيد عبد الكريم الذي تفاجأ من منظر ثيابي الممزقة والدم الذي غطى وجهي..فصرخ ما الذي حصل أين رجال الأمن ..كان كل شيء يجري بشكل سريع خاصة بعد ان دخلوا ورائي وامسكوا بي مرة ثانية وصار العراك أكثر حدة لحظتها بلغت ذروة بين الموت او الحياة مددت يدي الى فتاحة ظروف الرسائل والتي كانت على مكتب الاستاذ عبد الكريم عزمت الدفاع بها عن نفسي أو على الأقل لإخافتهم.. كان الاستاذ عبد الكريم قد نال قسطا من الضرب .. فما أن تلقيت ضربة قوية على رأسي جرى بعدها الدم بشدة على وجهي فأضعت النظر تماما فحركت يدي كي ادافع عن نفسي من الذي ضربني فجاءت في عنق الاستاذ عبد الكريم الذي وقع ميتا بسببها... جاء رجال الأمن وامسكوا بي والسائق مع الجماعة التي كانت معه.. إقتادونا الى مركز الشرطة وكان التحقيق طويلا مرهقا لم أعي نفسي أو ما أقول بعدها حولنا الى النيابة العامة والذي سألني الوكيل قائلا: إنك متهم بقتل السيد عبد الكريم محمد مع سبق الاصرار والترصد خاصة أن هناك من سمعك تهدده بالانتقام منه... الصدمة عنيفة أي طالع خرجت به صبيحة ذلك اليوم ..شرحت له بالتفصيل الممل ما حدث وأن هناك من حاول قتلي وهم في الخارج ولديك يا سيادة الوكيل التقرير الطبي عن حالتي والاصابات وشج رأسي وعدد الغرز نتيجة تلقي ضربة مميتة من أحدهم فأنا لم أميز أي منهم.. كانت ردة فعلي طبيعية وغير معني بها أي شخص كانت للتهويش ليس إلا لكنها جاءت دون إرادة مني وأصابت الاستاذ عبد الكريم..أما ما قلته عن سبق الإصرار فليس هناك عداوة بيني وبينه وغالبا ما كان يحث سوء الفهم وفي آخر النهار او بعد يوم يأتي استاذ عبد الكريم ويعتذر عن سوء تصرفه وعصبيته وهذا معروف عنه عند اغلب موظفي الشركة وبإمكانك سؤالهم للتأكد...لكن وكيل النيابة لم يصدق ولم يبحث وبسرعة أحالني الى المحاكمة ناسيا حقي بالإعتداء علي متجاهلا المتسببين في تلك الحادثة.. هذا بالضبط ما جرى سيدي القاضي وأقسم أني كنت ادافع عن نفسي ليس إلا فالجميع يعلم أني إنسان مسالم وليس لي أي أعداء أبدا.. وبإمكان المحكمة التأكد من ذلك فلست من أرباب السوابق او أصحاب السيرة السيئه أبدا... هذا ما كان وأقسم بالله العظيم أن هذا ما حصل..

كان جميع من في قاعة المحكمة ينصت بصمت حتى المحلفين كانوا منشدين لما يقول وقد تعاطف البعض معه خاصة قد بدى عليه الألم والصدق عندما يذكر الاحداث..

صمت القاضي لوهلة بعد ان تشاور مع من الى جانبه ثم قال؛ إن القضية المطروحة امامنا تكاد تكون كفيلم او مسلسل تلفازي غير ان الواقع والقانون لا يمكنه ان يفند ما جاء به الادعاء العام الذي لابد يكون قد درس ملابسات الحادث وتوصل الى ما أوصى به ومن ثم حوله الى المحكمة.. لذا يا سيادة المحلفين كنتم على بينة من وقائع الجريمة ومداخلاتها من خلال ما استعرضه الادعاء وما استعرضه المتهم بدفاعه عن نفسه دون المحامي الذي عينته انتدبته المحكمة للدفاع عنه.. فلكم التداول الآن والمشورة في رؤية المتهم بالمذنب او غير المذنب.. 

كاد القاضي أن يرفع الجلسة حينما سمع صوت السيدة التي جالسة في آخر الصف وقد ارتدت السواد فقالت سيادة القاضي إن سمحت لي بمداخلة... أشار إليها وقد إلتفت الجميع نحوها وهي تتقدم الى منصة الشهود فعرفت نفسها بعد ان طلب القاضي منها ذلك..وقالت: إني أرملة القتيل عبد الكريم وأود أن أعلن أمام عدالتكم بأني اتنازل عن حقي العام ضد المتهم ولا اطالب بمحاكمته واعتبر ما حدث قضاء وقدر فمما سمعت منه ومن الذي شهدوا الحادثة لم يكن ابدا عنده نية القتل او الشروع بها واتمنى ان ينال حقة في عدالتكم.... مع شكري لكم

ضجت المحكمة وصفق البعض لشجاعة هذه السيدة مما أدى القاضي للطرق عدة مرات طلبا للسكوت 

فعلق قائلا: حقيقة الامر كان ردة فعلها مفاجأة للمحكمة غير أني ألزم السادة المحلفين بالوقائع والاحداث. 

دام التداول فترة من الزمن ..صرخ الحاجب محكمة خرح المحلفين بقرار..سألهم القاضي هل توصلتم الى قرار

وقف احدهم قائلا: نعم

القاضي: هلا قرأتموه 

احد المحلفين: بعد التداول والاطلاع على حيثيات الجريمة نرى أن المتهم برئ من تهمة القتل العمد وأن الحادث كان عرضيا قضاء وقدر..

صفق من في المحكمة وتهللت الوجوه

القاضي: هدوء.. هدوء 

بعد قرار هيئة المحلفين ببراءة المتهم من تهمة القتل العمد بإعتبارها قضاء وقدر حكمت المحكمة على المتهم أحمد عبد الرحيم بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ.. رفعت الجلسة

القاص والكاتب

عبد الجبار الحمدي
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف