الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

محمود السرساوي في قصيدة "أيا عود أعد قلبي" بقلم: رائد محمد الحواري

تاريخ النشر : 2019-09-04
محمود السرساوي في قصيدة "أيا عود أعد قلبي" بقلم: رائد محمد الحواري
محمود السرساوي في قصيدة "أيا عود أعد قلبي"

هل يمكن أن تكون الموسيقى مؤلمة؟، ألسنا نرتاح بها وتخلصنا مما أصابنا من تعب؟، وهل يمكن للواقع أن يحول/يقلب الجميل والفرح إلى بؤس؟، تستوقفنا هذا القصيدة في طريقة تناولها "للعود" الآلة الشرقية التي انتجها العرب وتعد من آلاتهم الوطنية، فهل لهذا الأمر ـ عربية العود ـ علاقة بالسواد المتعلق بالقصيدة؟، سنحاول البحث، لعلنا نجد اجابة لهذه الأسئلة.

يفتتح الشاعر قصيدته:

"لمن يا عود تأخذنا وتوجعنا
ايائل موجك المجنون خلف خطاك
تلاعبنا وتتعبنا وتكسر في الندى قمرين من لهف
على رعش أصابعنا وراء صداك"

تستوقفنا صيغة السؤال "لمن" فالسؤال دائما يحث القارئ على التأمل والتفكير، والشاعر يستخدم صيغة المضارع "تأخذنا، توجعنا، تلاعبنا، تتعبنا، تكسر" كإشارة على حيوية الحدث، ونجد هناك تناقض/صراع بين الافعال، والشاعر لا يتحدث عن الآخرين فقط، ولا عن نفسه فقط، بل يجتمعان معا، لهذا اشرك نفسه في "تأخذنا، توجعنا، تتعبنا، تلاعبنا، أصابعنا"، وإذا ما توقفنا عند الألفاظ البيضاء والسوداء بشكلها المجرد، نجدها متساوية ومتوازنة، وكأن هناك حالة (صراع) تحدث الآن وما زالت مستمرة، لهذا جاءت الألفاظ البيضاء: "عود، تأخذنا، ايائل، تلاعبنا، الندى، قمرين، لهف" تتوازى وتتساوى مع السوداء: "توجعنا، المجنون، خلف، تتعبنا، تكسر، رعش، وراء" من هنا نقول أن حالة الصراع مستمرة وتنعكس في الألفاظ المجردة، ويمكننا الاعتماد عليها في الوصول إلى المضمون/الفكرة، حتى لو لم نأخذ معنى المقطع كامل.

واعتقد أن عنوان القصيدة "أيا عود أعد قلبي" له علاقة بحرف العين الذي جاء في الفاتحة، فهناك حرف العين في "العود، أعد" ونجد هذا الأمر في: "توجعنا، تلاعبنا وتتعبنا" وكأن الشاعر أصبح أسير لحروف العنوان، فاستخدم ألفاظ تحمل عين حروف العنوان.

"لمن تصطف أنجمنا
وتلهو حيرة الكلمات في ينبوع معناها
لتكشف عن مفاتنها أمام نداك"

أيضا يستمر الشاعر في إثارة الأسئلة لنفكر لا لننفعل، فهولا يريدنا أن نردد/نعتقد دون تفكير، لهذا يستخدم "لمن" ويجمعنا معه من خلال "أنجمنا" فنحن هو مشتركين في البحث عن الاجابة على "لمن" وهذا المقطع جاءت فيه الألفاظ البياض: "تصطف، أنجمنا، وتلهو، الكلمات، ينبوع، لتكشف، مفاتنها" أكثر من السوداء: "حيرة".

"لمن يا عود أحملني وألقيني
إذا ما خانت الأيام ذكرانا
وغاب عن الهوى ذكراك"

إذا ما توقفنا عند صيغة مخاطبة العود نجدها أقرب إلى خطاب ما هو مقدس، وكأن العود يمتلك قدرات على منح الفرح وحجب السعادة عنا وعن الشاعر، لهذا يعطيه الشاعر القدرة على القيام بأفعال الحمل والإلقاء، وقد بدأ يتخلى عنا نحن المتلقين فيتحدث عن نفسه "أحملني، ألقني" ويجمع نفسه مع العود: "ذكرانا"، فهل أصاب الشاعر التعب من الهم العام فأخذ يبتعد عما هو العام والانتقال إلى الخاص؟.

"فيا عود أعد قلبي
أعدني من ندى اللوز المطرز فوق أعشابك
من الوديان والفيضان في تحليق أسرابك
أعدني من حدوس الجرح
من لمعان صرختها على بابك"

إذن تم التحول من العام إلى الخاص، واعتقد أن السبب له علاقة بواقع الشاعر الذي لم يعد يقدر على حمل الأخرين معه، فاراد أن يكون منفردا، كشاعر لا يريد أن يشرك الآخرين همومه، فيتعبوا بتعبه، وها هو يخاطبه "العود/الإله" ليعيده إلى "ندى، اللوز، المطرز، أعشابك، الوديان، تحلق، أسرابك" فهذه الألفاظ لها علاقة بالطبيعة، بالمكان، وهذه الرغبة للتقدم من المكان تشير إلى حاجة الشاعر إلى الهدوء والسكينة، فالمرأة والطبيعية والكتابة عناصر تخفف الألم والضغط الواقع على الشاعر.

"أيا عود أعد قلبي
تعبت من نقوش البرق في شفتي
على أقواس أعتابك
تعذبنا وتأسرنا وتطلقنا إلى سهب الغوايات
سكارى في منافينا
نلملم ما ارتوى فينا
ونسكبه على جرح الصباحات "

الشاعر يتقدم من جديد منا نحن المتلقين ويشركنا معه: "تعذبنا، وتأسرنا، وتطلقنا، منافينا، فينا، نلملم، نسكبه" لكن هذا الاشراك لم يكن موجه لنا، بل موجه "للعود/للإله" لنتخلص من عذابنا/ألمنا، فها هو يقتنص الفرصة لقاء/الحديث مع "الإله/العود" ليتحدث عن همومنا وألمنا، وليس ألمه فقط، وهذا ما جعل خطابه السابق خطاب صادق، فرغم أنه اتجه نحو ذاته: "نعبت" إلا أنه لم يتجاهلنا عندما خاطب "العود/الإله".

" أعدني الآن لا وقت أسميه
ولا صمت أداويه
تعبت من نبواءتي
تجلى كيفما أحببت
شرَق في بعيد الغرب،
غرَب في شروق الشرق"

حالة الاضطراب واليأس حاضرة، لهذا نجد "أعدني، لا وقت" فلم يعد هناك قدرة على الاستمرار في "منافينا" ونجد الاضطراب أيضا في " شرق في الغرب، وغرب في الشرق" فالمهم عند الشاعر التخلص من "منافينا" واعتقد أن طلب "تجلى" يشير إلى أن الشاعر وصل إلى حالة لم يعد يقدر الاستمرار فيها، لهذا استخدم "لا" مرتين، واوضح هذا الأمر ب"تعبت".

" أيا عود احترق فيَ
وكن جسرا لهذا الخيل في دمنا
وكن مطرا على غدنا
وعلمنا فنون الدهشة الأولى
وعانق خطو شهقتنا على درج الغمام"

يتقدم الشاعر من جديد نحونا: "دمنا، غدنا، علمنا، شهقتنا" لكن هذا الخطاب موجه "للعود/للإله" فهو يكشف حقيقة الألم، الذي عم وانتشر، ولم يعد ألما شخصيا بل ألم شعب/أمة، والملفت للنظر أن الشاعر يريد التماهي/التوحد مع "العود/الإله": "احترق في" ليكون حامل صفات وقدرات العود/الإله، وإذا ما توقفنا عند الحالة التي ينشدها بعد التوحد والتماهي نجدها بيضاء ومفرحة: "جسرا، مطرا" كوسائل/ادوات ضرورية للخروج من الألم، و "علمنا، عانق" كأفعال للتقدم من الفرح والحياة السوية.

الشاعر يسهب في مناجاته للعود/للإله، حتى أنه يطيل مناجاته، فقد توحد مع عشيقه وحبيبه "العود/الإله"، ولم يعد هناك حواجز بينهما، فوصل إلى حالة "أنا فيه وهو في":

" أنا يا عود ما عدت ولا عاندت
في عليائك أبدي
فخذني من يدي لأذوب
في عطش السهوب البيض يا سلطان أجنحتي
وخذ من خيط يقظتنا حلاوة ما تبقى من فراشات بهذا القلب
كي أنسى حدود الصحو في صمت المقام
وزدنا من حنينك أو أنينك ما تشاء الآه في الرؤيا
وعرج في الطريق إلى الندوب على ابتسامتها
وسلم مثلما سلمت من قبل على شجر البداية
وامنح حلمك حرفين من ذهب
وعذب فكرتي يا عود عذبها
لتتحد الأعاصير على كتفيَ حين أمر في غدها"

"
وجاءت ألفاظ "عود، عدت، عاندت، عليائك" لتؤكد حالة الانسجام والتماثل بين فاتحة القصيدة وخاتمتها، فحرف العين يتكرر فيها، ثم يتبعها ب "فخذني، لأذوب" وهذا الرغبة هي من سيخلص الشاعر من "منافينا" التي تؤلمه وتؤلنا، لكن رغبة الشاعر لا تتوقف عند هذا الحد، بل يفصلها أكثر من خلال: "في عطش السهوب، كي أنسى، وعرج، وسلم، وامنح، وعذب، لتتحد"، وأعتقد ان التعليل والتفسير في "كي أنسى، لتتحد الأعاصير" جاءت من العقل الباطن، فحجم الألم الذي يعانيه كان أقوى من وعي الشاعر، فانعكس في تبريره/تعليله.

القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف