الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قــراءة في..جدليّة العشق والإنعتـاق..في بعض قصائد الشاعرة زكية الجريدي

تاريخ النشر : 2019-08-31
قــراءة في..جدليّة العشق والإنعتـاق..في بعض قصائد الشاعرة زكية الجريدي
قــــــــراءة في..جدليّة العشق والإنعتـاق..في بعض قصائد الشاعرة التونسية المتألقة..زكية الجريدي
بقلم:محمد المحسن

تصدير:إذا اعتبرنا الخيال عند افلاطون هو الجنون العلوي وان الشعراء متبعون وان الارواح التي تتبعهم قد تكون خيرة او شريرة ،لكن أرسطو هو الذي اعترف لصاحب الحرف في قوة الخيال وبالمكانة اللائقة به واثنى على قدرته في المجاز واعتبر الخيال قوة وطاقة ضرورية في القول الشعري،فحين نتعمق في بعض نصوص الشاعرة التونسية زكية الجريدي التي أمامنا امامنا نحن اما ثنائية المجاز والعشق الذي دلت عليه عنواين القصائد،فالشعر النثري لا يعتمد على التوصيل فحسب بل يسعى الى الجمالية اذ ترتفع بالذات الشاعرية عند زكية الجريدي بلغة رشيقة ،وصور رامزة ،وايحاءات كامنة في دلالات لا تخلو من فيض الاحاسيس والرؤى والخيالات القلقة التي تشير ولا تفصح ،والمدرك منها يكفي لفهم ابعاد الرؤيا وتحسس ما هجست به وعنه في معادلة بالغة العمق جوهرية الدلالة ..عاشقة متمردة وثائرة توشوش الغيم وتغني للسماء .. تكتب الشعر بانفاس حارة واسئلة عميقة عن ماهية الجسد والروح ..إمرأة من الزمن الجميل مصلوبة على حافة الشوق تشتعل كشعاع الشمس في خمرة البحر تبوح في الحب رغم الغلاف التابوي المسلط على عناق الحب بسيف الخطيئة والقبيلة ..نعم نصوص حارة بلغتها وبأسئلتها الكبرى والحزينة وحروف حفيفة ومشتعلة كاشعة الشمس..لغة متقنة وبلاغة صاخبة تزف الهوى على اجنحة الغمام تكتب بضوء القمر ما تعثر من وجد في طوق اليمام وتغزل من سنابل وطنها ومن هذا السكون قصائد عشق صامتة رغم بوحها في اوردة الروح فيسيل الحبر الاحمر على قراطيس العشق المباح في الخطى السماوية ويحكي للعابثين بالحب وللراقصين على الجمر بان العشق كذب ان لم أمن بمن سواك هي لا تريد ان تدفن هذا الحب في طين الجاهلية في التوابيت فهي لا تخجل من ضوء الشمس وتغزل الفجر لحنا وتطرز المغيب وردا..
ألف تحية لسيدة الشهب وشرفة الفجر..وربى قرطاج..زكية الجريدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الطّبيعي أن يوجّه المبدع اهتمامه الوجداني و الفكري للجانب الذي يجيده و الذي يرضيه ،و من الطّبيعي أيضا أن يتعامل القارئ مع الإبداع الذي يتواجد بين يديه من حيث المعنى و المبنى و الجرس الموسيقي فيستسيغ بعضها أو كلّها…و أنا عندما أتجوّل في قصائد الشاعرة التونسية المتألقة (زكية الجريدي) انبهر لروعة الكلمات و عمق المعاني و جمال النّظم و أراها شمعات متوهّجة هي تنطق بكلّ مفردات الفنّ الجميل من حبّ و صدق و إحساس و بكلّ تقنيات النظم في أرقى المستويات نقرؤها و نعيشها ونحسّها و نجدها اتّساع البحر وانسياب النّهر و شذى العطر..
عرفتها إنسانة ودودة ،دافئة مبتسمة ،شاملة تعيش اليوم والأمس ..زمنها و الزّمن الجميل .. تعيد الروح للضّاد بفضل ما تنطق به و ما تكتبه من مفردات اللّغة الجميلة ..و شاعرة مبدعة تطلّ من خيوط شمس -تونس الخضراء-و تغزل الحروف بنبض من حرير ،ونهرا متدفق العطاء نرشف منه الزّلال..و فكرا و وجدانا يضيء الدّرب للباحثين عن الكلمة الرائعة والإحساس الصّادق،ولها قصائدة شعرية متعددة اختلفت متونها ومضامينها الإبداعية فهي تكتب بكل الموضوعات الوجدانية والغزلية حيث في أشعارها نجدها أحيانا مشرقة وضّاءة و أحيانا مهمومة بقضايا الوطن و الأمّة و المجتمع زيادة على همومها الشّخصية التي تكتمها في دواخلها و تفجّرها على بياض صفحاتها..و رغم كلّ هذا فهي تحمل الورد بين ثنايا السّطور ليعبق الجوّ بأريج الحبّ و التفاؤل ،و تكتب بأسلوب زاخر بالصّور المتنوّعة سمتها صدق شعوري و إحساس فيّاض يشعرك بحبّ الحياة واستمرارها …
إن نصوص الشاعرة (زكية الجريدي) تمتلك حريتها المطلقة ولا تسمح لأي ثقل معرفي أن يفرض حضوره على نظامها اللغوي،أو تشكيلاتها البنائية والجمالية ..نراها في غاية البساطة والشفافية..وهنا يكمن سرّ قوتها صلابتها وانفتاحها على التأويل مما يجعل متلقيها غير ملزم بفرض منهج نقديٍ عليها ..أواللجوء إلى قوانين التنظير الأكاديمي الذي يلقى في قاعات الدرس ..إنها نصوص لا تقف عند حد ٍ ملزم ٍ للفهم ..بل تنفتح على أكثر من جهة وفقا ً لرهافة ذائقة متلقيها وحسه الجمالي..وهذا مقطع من نص جديد:
بفضـــــل التعـــــــاون أرســـــــت أمــــــــم
صـــــروحا مــــــــن المجـــــد فــــــوق القمــــــم
فلــــم يبــــن مجــــد علــــــــى فرقـــــــة
ولـــــــن يرتفـــــــع باختـــــلاف علـــــــــــم
معـــــــا للمعـــــــــــالي يـــــــــدا باليـــــــــــــــــد
نشــــــــــــيد البنــــــــاء بكــــــل الهمـــــــم
فمبـــــــدأ التعـــــــاون مـــــــــن ديننـــــــــــا
بـــــه اللــــــــه فــــي محكمــــات حكــــــم
فمــــــدو اياديــــــــكم اخـــــــــــوتـــــــــــــي
نعيـــــــــد بنـــــــا مجــــــدنا فــــي شمـــــم (زكية الجريدي )
تلجأ في صياغاتها للرؤية الى تتبع الخطاب المرجعي الذي يتيح للبناء ان يتحقق باعتبار ان مفرداتها وتراكيبها اللغوية تثير حدثاً لاسيما تلك التي تحاول من خلالها ان تربط الحدث ببعضه موحدة ومنظومة متلاحمة ومتنامية داخلياً وخارجياً معاً،وهذا بالضبط ما تريده الشاعرة في توليفاتها النصية هنا،فالبحث حدث تبحث الحبيب الذي يسكن خلف شغاف قلبها الجميل مذ خمس عجاف:
..منذ خمس عجاف..أبحث عنك
أكاد أصيح:ترى أين أنتَ!؟
ويتوه الصّوت سدى في الدروب
وفي غمرة الغيب أهذي:
لِمَ.. أسقطتني القوافل من دربها
ِلمَ.. لمْ تصل ومضتي للمرايا
لِمَ..بعثرتني الفصول..بين شتيت المدى
والوصايا..؟
وأظلّ أمارس وهمي..وأرسم على صهوة الرّوح
ملامحَ جرحي
إلى أن يعبرَ القلبُ بوابةَ العمر
لكنّني..أبدا لا أراك..!
قرأت هذا النص الجميل الراقي( طرزت عمري ..فصولا على يديك) للشاعرة التونسية المبدعة زكية الجريدي أكثر من مرة،لأنني تفاعلت مع كل حرف من حروفه ،لما يحمله من أحاسيس فياضة وجياشة،وما فيه من نبض قلب،وشهقة روح،وأنفاس شاعرة رشفت الحب والعشق من أحلى كأس..الحب الطاهر العفيف، والعشق الوجداني النقي،حيث تناجي الحبيب ربيع العمر،وسلوى الفؤاد،وحياة الروح باحلى الكلام.انها تبوح بخلجاتها ومشاعرها بكل صدق ورهافة وشفافية وعفوية.
وهذا النص لا يختلف عن نصوصها الأخرى المنشورة،فهي تراتيل غزل،وأناشيد حب، وترانيم فرح،وقصائد عاطفية رقيقة وشفافة بمعانيها وصورها الفنية الواضحة الساحرة بجمالياتها وايحاءاتها وتداعياتها،وتعكس كلماتها نبضات وجدانها على تقاسيم خواطرها ومواقع حسها،فتأتي ألفاظها ومعانيها سهلة،منسابة،سلسة،متدفقة،بعيدة عن الافتعال والتحذلق والتكلف والتصنع.
في كلّ هذا المشهد الشعري العشقي البهيج تبرز الشاعرة التونسيّة زكيية الجريدي متبرّجة حالمة تتجلّى شعرا وعشقا،لتصدح شدوا شعريّا جميلا نابضا ..كأنّ هذا العشق قدر مقدور لا فكاك منه إلا بالوقوع فيه ..
حين تكتب (زكية) في وطنها ينهمر غيث دموعها فوق أوراقها دما ودمعا وبين ضحكاتها المتقطّعة من ذكريات مرّت انها تحب ناسها ووطنها حيث يعيش الوطن معها كثيرا،انه عالمها الكبير لاحدود له ،تبكي فيها مرّة وتضحك أخرى حتى ظنّ من يلامسها عن قرب انها مجنونة بحب الوطن..كل كيانها المهموم..وأحياناً أخرى تجد في داخل نفسها امراة تحمل حكمة الأنوثة والأمومة والحب،وآلام خفية من إرهاصات إنسانيّة لا تتحمّل ثقلها ،فتبكي لتخفف ذلك الألم، تظنّ أنّ البكاء سينفض من ظهرها المتهالك هذا الحمل الثّقيل ..أقرّ أنّها ترسم في كتاباتها لوحة فنية أشكّ أحياناً أنّها تكتب بفرشاة وألوان وليس بكلمات هي طفلة في نص،وامرأة ناضجة بنص آخر.إني العربية التي تنادي بالسلم ..ويغتالها الألم
أنا العربية..أنا-زكية-التي ما نفكت تغمرها
صبابة التوق إلى السلم..العلا..والهمم
إنّ الفضيلة رمز الصفو..في وطن
للأمن منه اعتلى أبناؤه القمم
ماهزّنا الحقد..والتضامن معقلنا
بل للسّموق..لقد غذّت بنا القيم
الله أكبر..لقد غصّت حناجرنا
وهلّل القلب والتبجيل والعلم
من يزرع الشرّ..لا يهنا ببذرته
لا ينفع البغي والإفساد..والنقم
هيا بنا نرفع راية السلم عالية
ترفرف بين الشعوب..وبنورها.. تهتف الأمم
زكيية االجريدي شاعرة ناعمة رقيقة وبارعة، تبهرنا ببوحها الأنيق، وتكتب بلغة رشيقة باذخة، تمتص من خلالها كل نبوءات الجمال والسحر والبيان، فتدغدغ المشاعر وتلامس شغاف القلوب دون أن تحتاج الى جواز مرور.وهي تتميز في سبك القصيدة،وتنويع القوافي الندية،وتجيد ايما اجادة فن اغواء الحرف.
وغني عن القول،أن زكية الجريدي ملهمة ترسم الورد بالكلمات، صورها الشعرية فاتنة ومبتكرة،وموسيقاها الداخلية هادئة تعانق الروح،وشاعرة مهذبة تعرف كيف تداعب الكلمة وتخيطها وتخلع عليها صفات الامتياز،فهي أنيقة حسًا ومعنى،ومن دوحة الشعر السهل الممتنع.
فلها باقات حب وحبق، واسمى معاني التقدير لحروفها الحريرية
حاولت قبل قليل أن ألفت الأنظار إلى جماليات تضمنها تشكيل لشاعرة حقيقية استطاعت أن تصنع لنفسها مكانا بين الكبار وما ذاك إلا بتوفرها على موهبة شعرية أصيلة وذائقة اكتسبتها من تكوينها الإبداعي المتراكم عبر عقود من الزمن فكل الدلائل في نصوصها تشي بذكاء حاد يساعد على صيد اللحظة الشعرية وقولبتها في القالب الجمالي لتكون الدهشة والإمتاع تحصيل حاصل.
أتمنى ان اكون قد تناولت ولو جزءا من أبعاد المشهد الشعري للشاعرة التونسية زكية الجريدي،وقربت الفكرة الأساس من القارئ واستسمح السيدة الشاعرة زكية في هذه القراءة المستعجلة ..تحياتي وتقديري..

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف