الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في نص "طيفك والليل" للأديب عصمت شاهين الدوسكي بقلم:جوتيار تمر

تاريخ النشر : 2019-08-29
قراءة في نص "طيفك والليل" للأديب عصمت شاهين الدوسكي بقلم:جوتيار تمر
قراءة في نص " طيفك والليل" للاديب والشاعر الكوردي عصمت شاهين الدوسكي / جوتيار تمر

النص: طيفك والليل

عصمت شاهين دوسكي

أتوسل بالليل 

أن يجلي طيف محياك رقا  

ويبيح لإحساسي 

أن يكون بين يديك رفقا

مالي ابحث بين أنفاسك مناديا  

وأرجو من آهاتك رحمة وشوقا

على سريرك المعنى ترسم أحلامي 

وأنا بعيد بين الجبال والشعاب 

حائرا ابحث عن طرقا

************* 

آه من وجع الغربة 

إن تفجرت حرمانا وعذابا وحرقا

آه من ربيع بلا ورود 

وجنة بلا خل ودود 

وبحر لا اغرق فيه غرقا

آه من طيفك لا يتركني 

عن ذكريات يُحدثني

كنتِ فيه شمسا وأنا كنتُ غسقا 

تيممي جمالا وفي محراب الليل 

كوني امرأة تمسي لليل عشقا

***********

أنا يا سيدتي لا أتكرر ثانية 

فابحثي عني بين الروابي صدقا

كل حروفي وكلماتي العارية معلقة 

يتباهى بها العشاق لهفة ورمقا

لا تحملي طيفك عبئا بلا رتوش 

طيفك ينساب كالماء ريا ودفقا

أينما كنتِ بين جدران مغلقة 

تفتح الأبواب أمامي رمشا وحدقا

أنا الحب والتاريخ والعشق والبحر

ومن مثلي يعشق عمقا ورقا ..؟

القراءة : جوتيار تمر

حين يتخذ العنوان" طيفك والليل" مساراً ايحائياً قصدياً يجبر المتلقي على البحث في الماورائيات، وهنا لااقصد بها الماورائيات الميتافيزيقية، انما الماورائيات الصورية والمشهدية التي يمكن من خلالها نسج خيوط الصورة لاسيما حين تكون الخيوط في الاصل وجدانية قابلة للتعددية التأويلية والتخيلية، وهذا ما يدفعنا الى تقطيع العنوان الى ثلاث مشاهد تكاملية تعمل على استكمال الرؤية او النسج الصوري بدقة " طيف" حيث لامجال الا للتخييل حول ماهية الطيف ومحاولة التنصص من السؤال البديهي حول الاطياف انفسها خارج الادبيات، ولكن الجواب هنا لايتوقف على المسلمات التي يمكن ان يبحث عنها المتلقي في الكتب لانه موجود في " ك " التي الحقت بالطيف لتصبح الرؤية واضحة، بعمقها الوجداني التخيلي، فالشاعر هنا يناجي ملامح محفورة في وجدانه، لذا تعيش الذات مرحلة التجميع وليس البحث، لاسيما ان الشاعر الزمنا بجغرافية زمنية محددة " الليل " حيث تم عطف " طيفك" عليها ، فجعلنا نركب الصور الاجمالية للعنوان ونعيش التخييل وفق معطيات الشاعر الوجداني الذي يناجي طيف الحبيبة في الليل حيث السكون يجمع بين ملامح الصورة المنشودة والوقت الذي يناجي به الشاعر حبيبته وطيفها.

أتوسل بالليل 

أن يجلي طيف محياك رقا  

ويبيح لإحساسي 

أن يكون بين يديك رفقا

مالي ابحث بين أنفاسك مناديا  

وأرجو من آهاتك رحمة وشوقا

على سريرك المعنى ترسم أحلامي 

وأنا بعيد بين الجبال والشعاب 

حائرا ابحث عن طرقا

للمناجاة هنا مدخل بلاغي واضح " أتوسل " ، والجمع بين التوسل والليل امر مرهف، وحساس ، لاسيما حين يكون الشاعر على يقين بالحالة التي يعيشها، واليقين هذا لايأتي من الرؤية المباشرة للاخر، انما الفراغ المتروك في روح الشاعر جراء البعد ، اي بعد يكون، لذا لايجد الشاعر هنا غير المناجاة والتوسل ومن ثم البحث والمناداة ومحاولة استرجاع بعض الصور واللحظات الصوفية التي قضاها الشاعر مع حبيبته فيتوغل بلغة مفعمة بالحيوية وجادة في الوصف الصوفي بين الانفاس والاهات، والسرير ، حتى يشعر بحجم الهوة التي تفصله عنها، وحجم المسافات التي تبعده عنها، فلايجد نفسه الا وهو يعبر عن حالته المستعصية من خلال الرسم البلاغي والبياني لموقعه الجغرافي من جهة، ولحالته النفسية من جهة اخرى " الجبال / حائراً ".

آه من وجع الغربة 

إن تفجرت حرمانا وعذابا وحرقا

آه من ربيع بلا ورود 

وجنة بلا خل ودود 

وبحر لا اغرق فيه غرقا

آه من طيفك لا يتركني 

عن ذكريات يُحدثني

كنتِ فيه شمسا وأنا كنتُ غسقا 

تيممي جمالا وفي محراب الليل 

كوني امرأة تمسي لليل عشقا

ذلك الرسم البياني والجغرافي يتفجر لوعة في الذات، وتهيج الروح لتعيش غربتها على الوجهين البراني والجواني ، غربة المكانية ، وغربة الروح ، فتحيل الذات من مرحلة البحث والتقصي، الى مرحلة الشكوى، فها هي تبث شكواها "آه من ربيع ... وجنة بلا.. وبحر..." والجمع بين الربيع والورد وبين الجنة والخل، والبحر  امر ليس بالهين، لاننا امام تضاد حاد بين الدالة والمدلول، ذلك التضاد يخلق تماهياً واضحاً في نفسية الشاعر من جهة، وفي امكانية التخييل من جهة المتلقي، وهذا ما يعطي فرصة واضحة لتعددية التأويل والتخييل، وذلك امر اعتبره قسرياً احياناً لان الشاعر يجبر المتلقي على تلقي منطقه المخصوص دون السماح له بالابتعاد عن مساره وطريقه الذي يرسمه، ولكنه في الوقت نفسه في هذا النص يجعلنا نتعايش ونتعامل مع الحالة على انها استكمالية لجلب ورسم ملامح الطيف نحن كمتلقين، فذكرياته هي الان البوابة التي نستعين نحن بها لخلق تلك الصورة، التي سبق وان نطق بتفاصيلها الطيف والليل، فنراها متقدة ضمن دائرة ذكرياته، ومتوهجة كالشمس ومتيمة بالجمال الليلي.

أنا يا سيدتي لا أتكرر ثانية 

فابحثي عني بين الروابي صدقا

كل حروفي وكلماتي العارية معلقة 

يتباهى بها العشاق لهفة ورمقا

لا تحملي طيفك عبئا بلا رتوش 

طيفك ينساب كالماء ريا ودفقا

أينما كنتِ بين جدران مغلقة 

تفتح الأبواب أمامي رمشا وحدقا

أنا الحب والتاريخ والعشق والبحر

ومن مثلي يعشق عمقا ورقا ..؟

تحول الشاعر من وصف حالته وتوغل الطيف في ليله ، ومناجاته لها، بأن يعيد رسم الطريق الى عالمه المرهف والحساس والمنتظر لكي تنبلج صورتها من جديد، الى حدود اللأنا ، محاولاً بذلك ان يكمل نسج صورته، بجمالها هي، وبروحه العاشقة الصوفية الساعية لخلق عوالمها الثنائية معها هي، فأتت دون تلميح وتواري تعلن انها لاتتكرر، وهذا بلاشك دليل مصداقية الشاعر مع ذاته اولاً ومع الاخر ثانياً، ومن ثم يتوجه الشاعر الى التشبيهات والوصفيات التي تحدد ملامح روحه وذاته بحيث نجده يغالي في وصف وجوده وحروفه، التي من خلالها يحاول ان يعطي انطباعاً للاخر وللمتلقي بانها لاتأتي من فراغ ومن اللاجدوى العابثة، انما هي امتداد فطري لروحه التي تستمد قواها من الحب والتاريخ والعشق والبحر معاً، وعلى الرغم من امكانية وجود حالة من التضاد ايضا في الجمع بين هذه المسميات، الا انها تشكل في النهائية الوجه التكاملي للصورة التي اراد الشاعر ان ينسجها ويجعلنا نعيش اللحظات التي سعى فيها لجمع خيوطها، وكأنه من خلال سعيه اراد ان يبرهن لنا مهاراته التجميعية ومهاراته العشقية ومهاراته الصوفية للاخر وللذات ايضا، ومن ثم اراد منا ان نؤمن بأن عشقه لايتوقف عند حدود الظاهريات، انما عشقه اعمق من نلامسه بالظاهر، وهذا ما يعيدنا مرة  اخرى الى العنوان، حيث فرض الشاعر علينا منذ البدء البحث في الماورائيات الصورية والبلاغية كي نستطيع مواكبة رؤاها للنهاية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف