
المشهد السياسي الحالي حيث التوتر التي تشهده الجبهة الشمالية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا وعلى الضاحية الجنوبية في بيروت معقل حزب الله الشيعي وكذلك على قوات الحشد العراقية الشيعية في مدينة القائم الواقعة قرب الحدود السورية وهو توتر كبير لانه يأتي في وقت تتصاعد فيه حدة الأزمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية ..وبصرف النظر عن دواعي هذا التصعيد العدواني الإسرائيلي على الجبهة الشمالية الذي قد يكون وسيلة من وسائل الدعاية الانتخابية الإسرائيلية المزمع إجرائها في شهر سبتمبر القادم حيث رئيس الوزراء نتنياهو حريص على الفوز في مواجهة خصومه السياسيين الأقوياء فإن الصراع في المنطقة أصبح ينحصر بعد استمرار مساعي التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في جبهة قطاع غزة في الجبهة الشمالية ..أصبح الصراع ينحصر بين إيران وحلفائها من جهة وبين الكيان الصهيوني المدعوم من قبل الولايات المتحدة من جهة أخرى وان المقاومة للمشروع الصهيوني أصبحت تقاد من إيران الدولة الإسلامية الشيعية الإقليمية المجاورة للعالم العربي السني الذي تهرول بعض أطرافه الرئيسية للتطبيع على طريق التوصل إلى عقد تسويات سياسية تكون امتدادا لتسويات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو وقد يكون هذا التحول بداية لإعادة صياغة للمصطلحات السياسية الدارجة لتوصيف طبيعة الصراع حيث استمرار الإقرار بوجود صراع عربي صهيوني سوف يكون توصيفا غير دقيقا ...بعد حرب أكتوبر خرجت مصر من دائرة الصراع وبذلك فقد النضال القومي ضد المشروع الصهيوني قاعدته الرئيسية وبعد الغزو الصهيوني للبنان عام 82 والذي أسفر عن خروج مقاتلي الثورة الفلسطينية من بيروت تبنت منظمة التحرير الفلسطينية العمل السياسي بعيدا عن خيار المقاومة تمشيا مع السعي لتطبيق البرنامج المرحلي وقد قاد هذا التغير في مجرى الصراع الى اختفاء تدريجي لمصطلح الصراع العربي الصهيوني ليشاع بدلا منه في وسائل الإعلام العربية والدولية مصطلح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكان ذلك لا يعبر عن نضج سياسي في وسائل الإعلام بقدر ما يدل على استمرار الامعان في تمزيق جسد المقاومة والتشكيك في فعالية خيارها فمصطلح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أصبح يعبر الآن عن عملية سياسية تفاوضية شاقة ومعقدة للتسوية أكثر ما يعبر عن خيار المقاومة كعامل فاعل في مجرى الصراع وما يكسب ذلك مصداقية وجدية هو أن تيار الإسلام السياسي الذي يقود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لا يعطل إمكانية إيجاد تسوية سياسية للقضية الفلسطينية وهو يكتفي من الناحية العملية الآن على فك الحصار للتغلب على الأزمة الذي يعانيه كنظام حكم سياسي .