أولويات حماس
كتب: عماد عفانة
عشر سنوات مرت ما بين احكام حماس سيطرتها على قطاع غزة في 2007م كردة فعل مبرمجة بعد استدراجها إلى مربع الدم، وما بين آخر دورة انتخابية تنظيمية يونيو 2017.
عشر سنوات وحماس في مشهد الحكم شهدت فيها تغيرات سلبية في قسمات سلوكها وفي تجاعيد طلتها، انعكس بشكل جلي على انتخاباتها التي نالت من نزاهتها المعهودة، ما شكل طعنة نجلاء لمنظومتها القيمية التي ربت عليها أبنائها لعشرات السنين.
لم تفوز حماس في انتخابات 2006م إلا لما رأى الناس من طهارتها الحركية في مقابل مستنقع الفساد الذي غرقت فيه السلطة، ولكن على ما يبدوا عشر سنوات فقط كانت كفيلة وبتخطيط محكم من أعدائها لتلويث شرفها بعدما علق فيها كل وصولي باحث عن الفرصة والمصلحة والمغانم.
مثلت الممارسات الخاطئة لهذه العوالق الذين باتوا يتصدرون المشهد على حساب ذوي الوجوه التاريخية، والطهارة الحركية، مثلت قدوة سيئة لكثير من أبناء حماس الذين انزلقوا في هذه المستنقع رويدا رويدا في أجواء غلب عليها التستر والتبرير.
البراعة في الخطابة وامتلاك ناصية الكلام أو البراعة في نسج خيوط العلاقات العامة في محيطك كقائد أو مسؤول قد تنجح في تكثير المناصرين المنتفعين من حولك لكنها أبدا لن تفلح في حل مشاكل الوطن والمواطن في ظل احتباس سياسي خاصة إذا سيطر ذوي الأسوة والقدوة السيئة على قيادة الدفة الميدانية.
لا يكفي أن تكون شخصية القائد تتمتع بكاريزما عالية، وله تقدير كبير في الأوساط الإسلامية داخل الوطن وخارجه، كي يكون له بصمة وأثراً في الفهم وحيوية الأداء في تنظيمه، اللهم إلا إذا نجح في ترجمة هذه المميزات إلى برامج عمل ومدونات سلوكية ملزمة تحكم العمل الوطني العام فضلا عن العمل التنظيمي الخاص.
تحقيق نقلة في مشروع المقاومة يختصر علينا طريق التحرير لا يكون بالسير على خطى الفاشلين من الفصائل والقوى التاريخية السابقة.
كما لا يمكن أن يكون كذلك عبر تحويل حماس وجناحها العسكري إلى امتداد لكيانات وجيوش دول أخرى ذات توظيف سياسي وأحلام توسعية، بل عبر توظيف هذه العلاقة لخدمة اولوياتنا الفلسطينية بالتحرير والعودة.
يتطلع الفلسطينيون الى قيادة تتحمل تبعة من تقود، عبر الافلاح في ابداع مخارج إذا لم يكن عبر إنهاء الانقسام فعبر تخطيه لينحصر في طبقة المنتفعين المنبوذين شعبيا ووطنيا.
بناء الوحدة الوطنية تستدعي القفز عن صخرة الانقسام لصالح اعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، واعادة بناءه، خاصة وان لدينا ملايين الطاقات الحرة في شعبنا المنتشر على امتداد بقعة العالم وهم أكبر من أي تنظيم وأعظم من أي قيادة تقبع تحت بساطير عدوها.
صناعة نقلة كبرى في مشروع المقاومة والمواجهة مع الاحتلال على طريق التحرير يتطلب التحرر من تركيز اغلب العلاقات مع الأنظمة لصالح توسيعها مع الشعوب ولكن بشكل أكثر تنظيما وحيوية لجهة تجنيد الجهود والطاقات ليصب في جهد التحرير، فضلا عن فتح علاقات موسعة مع الدول المتقدمة في جنوب شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية.
الملفات التي تشكل أولوية على اجندة حماس باتت معلومة كما عبر عنها رئيسها إسماعيل هنية مؤخرا وهي:
- التصدي لصفقة القرن والتمسّك بالحقوق والثوابت غير القابلة للتصرف أو التنازل أو التفريط، وحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين.
- تحرير الأسرى، التي تمتلك حماس فيها أوراقا قوية تحرص على عدم افلاتها من يدها تتمثل بعدد من جنود الاحتلال الاسرى لديها منذ عدوان 2014.
- العمل على استعادة الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة على أساس الاتفاقات الموقّعة ومبدأ الشراكة بين كل المكوّنات الفلسطينية.
- العمل من أجل حماية مشروع المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، الشعبية، المسلّحة، الدبلوماسية، الإعلامية، في الداخل والخارج.
- تعزيز علاقاتنا بالمحيط العربي والإسلامي، ففلسطين هي قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم، والانفتاح على كل مكونات المجتمع الدولي رسميًا وشعبيًا، ورفض الصفقات المشبوهة.
لكن هذه الملفات ستراوح مكانها ما لم تعمل حماس على صناعة استدارة استراتيجية، ربما كانت زيارة قيادة حماس الموسعة الأخيرة لإيران أولى معالمها، والتي ربما تشمل العودة الى الساحة السورية بعد جهود مصالحة تبذلها إيران، على ألا تكون هذه العلاقات على حساب علاقات مع دول أخرى ما زالت داعمة لشعبنا.
اما ملف الانقسام، فقد أثبتت 12 سنة عجفاء من المحاولات لإنهائه أن القرار ليس في رام الله بل في عواصم أخرى، وأن التمسك بثوابت شعبنا وحقوقه الوطنية ليس على اجندة من ربطوا مصيرهم ببقاء الاحتلال، وأن لا حلول إبداعية لإنهائه ربما الا بانتهاء حقبة من يقتاتون من استمراره.
ربما بات على حماس أن تمسح من سماءها غيوم المتشائمين، فلسنا محشورين في زاوية أحد ما دامت المقاومة القابضة على زناد بنادقها غصة في حلق كل المنبطحين المتنازلين والمطبعين.
وأيدينا ليست مكبلة فمن قصف تل ابيب وما بعد تل ابيب قادر على قلب الطاولة في وجه جميع المتآمرين.
وخياراتنا ليست محدودة أو مقيدة، ونحن ننتمي لشعب منتشر على امتداد رقعة العالم بقدراته وامكاناته واستثماراته إن أحسنا توظيفها.
ومساراتنا ليست اضطرارية، لكنها ربما تحتاج بين الفينة والأخرى إلى التوقف والتأمل والمراجعة والتعديل.
أعتقد أنه من الأولويات كذلك انفتاح حماس على صفها الداخلي وعلى جيل الشباب الذي يمثل أغلبية فيها، وأن يأخذ الالاف من الشباب الذين خرجتهم حماس من معاهد السياسة والإدارة دورهم بالمشاركة في تجديد الفكر السياسي ليواكب كافة المستجدات التي تترى كموج البحر، على قاعدة الأصول والثوابت، بما يشرع الأبواب أمام مئات الالاف من الفلسطينيين المنتشرين على امتداد بقعة العالم ليلعبوا دورا مركزيا في استعادة القضية الفلسطينية لأولويتها عند الأمة وأحرار العالم، عبر إحداث اختراقات مؤثرة على المستوى الدولي إعلاميا بحجز مقعد متقدم على منصات التواصل الاجتماعي، وقانونيا بملاحقات واسعة لجرائم الاحتلال، وجمع ذلك كله من بوابة الاقتصاد عبر توسيع سياسة المقاطعة ودعم أنشطة BDS بشكل كبير.
وبالتوازي مع ذلك يقع عبئ تاريخي على قيادة حماس وهو استعادة الثقة بين الحركة والشعب، ومحاربة الفساد بأشكاله كافة، كأقصر الطرق واكثرها فاعلية لكسب معركة قلوب وعقول الشعب الفلسطيني لضمان التفافا أكثر قوة خلف الحركة، ما سيشكل رافعة لها لمقاومة كل الهجمات والمؤامرات التي تستهدفها.
قاعدة حماس كما الشارع الفلسطيني متعطش لمثل هذه القرارات، ويتطلعون لرؤية قيادة تتقاسم معهم الهم، لا أن تحتفظ بامتيازاتها المالية والبروتوكولية بينما تطالب الشعب المحاصر لـ12 سنة بالصمود في وجه الضغوط الخارجية.
القيادة مع الشعب جنباً الى جنب يمكنهما خوض أي مواجهة، وإلا ستكتشف القيادة بعد فوات الأوان أنها تخلت عن الطرف الأقوى في المعادلة، وهو حاضنتها الشعبية التي تريد أن ترى إصلاحاً حقيقياً واجتثاثاً للفساد بأشكاله المختلفة.
كتب: عماد عفانة
عشر سنوات مرت ما بين احكام حماس سيطرتها على قطاع غزة في 2007م كردة فعل مبرمجة بعد استدراجها إلى مربع الدم، وما بين آخر دورة انتخابية تنظيمية يونيو 2017.
عشر سنوات وحماس في مشهد الحكم شهدت فيها تغيرات سلبية في قسمات سلوكها وفي تجاعيد طلتها، انعكس بشكل جلي على انتخاباتها التي نالت من نزاهتها المعهودة، ما شكل طعنة نجلاء لمنظومتها القيمية التي ربت عليها أبنائها لعشرات السنين.
لم تفوز حماس في انتخابات 2006م إلا لما رأى الناس من طهارتها الحركية في مقابل مستنقع الفساد الذي غرقت فيه السلطة، ولكن على ما يبدوا عشر سنوات فقط كانت كفيلة وبتخطيط محكم من أعدائها لتلويث شرفها بعدما علق فيها كل وصولي باحث عن الفرصة والمصلحة والمغانم.
مثلت الممارسات الخاطئة لهذه العوالق الذين باتوا يتصدرون المشهد على حساب ذوي الوجوه التاريخية، والطهارة الحركية، مثلت قدوة سيئة لكثير من أبناء حماس الذين انزلقوا في هذه المستنقع رويدا رويدا في أجواء غلب عليها التستر والتبرير.
البراعة في الخطابة وامتلاك ناصية الكلام أو البراعة في نسج خيوط العلاقات العامة في محيطك كقائد أو مسؤول قد تنجح في تكثير المناصرين المنتفعين من حولك لكنها أبدا لن تفلح في حل مشاكل الوطن والمواطن في ظل احتباس سياسي خاصة إذا سيطر ذوي الأسوة والقدوة السيئة على قيادة الدفة الميدانية.
لا يكفي أن تكون شخصية القائد تتمتع بكاريزما عالية، وله تقدير كبير في الأوساط الإسلامية داخل الوطن وخارجه، كي يكون له بصمة وأثراً في الفهم وحيوية الأداء في تنظيمه، اللهم إلا إذا نجح في ترجمة هذه المميزات إلى برامج عمل ومدونات سلوكية ملزمة تحكم العمل الوطني العام فضلا عن العمل التنظيمي الخاص.
تحقيق نقلة في مشروع المقاومة يختصر علينا طريق التحرير لا يكون بالسير على خطى الفاشلين من الفصائل والقوى التاريخية السابقة.
كما لا يمكن أن يكون كذلك عبر تحويل حماس وجناحها العسكري إلى امتداد لكيانات وجيوش دول أخرى ذات توظيف سياسي وأحلام توسعية، بل عبر توظيف هذه العلاقة لخدمة اولوياتنا الفلسطينية بالتحرير والعودة.
يتطلع الفلسطينيون الى قيادة تتحمل تبعة من تقود، عبر الافلاح في ابداع مخارج إذا لم يكن عبر إنهاء الانقسام فعبر تخطيه لينحصر في طبقة المنتفعين المنبوذين شعبيا ووطنيا.
بناء الوحدة الوطنية تستدعي القفز عن صخرة الانقسام لصالح اعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، واعادة بناءه، خاصة وان لدينا ملايين الطاقات الحرة في شعبنا المنتشر على امتداد بقعة العالم وهم أكبر من أي تنظيم وأعظم من أي قيادة تقبع تحت بساطير عدوها.
صناعة نقلة كبرى في مشروع المقاومة والمواجهة مع الاحتلال على طريق التحرير يتطلب التحرر من تركيز اغلب العلاقات مع الأنظمة لصالح توسيعها مع الشعوب ولكن بشكل أكثر تنظيما وحيوية لجهة تجنيد الجهود والطاقات ليصب في جهد التحرير، فضلا عن فتح علاقات موسعة مع الدول المتقدمة في جنوب شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية.
الملفات التي تشكل أولوية على اجندة حماس باتت معلومة كما عبر عنها رئيسها إسماعيل هنية مؤخرا وهي:
- التصدي لصفقة القرن والتمسّك بالحقوق والثوابت غير القابلة للتصرف أو التنازل أو التفريط، وحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين.
- تحرير الأسرى، التي تمتلك حماس فيها أوراقا قوية تحرص على عدم افلاتها من يدها تتمثل بعدد من جنود الاحتلال الاسرى لديها منذ عدوان 2014.
- العمل على استعادة الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة على أساس الاتفاقات الموقّعة ومبدأ الشراكة بين كل المكوّنات الفلسطينية.
- العمل من أجل حماية مشروع المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، الشعبية، المسلّحة، الدبلوماسية، الإعلامية، في الداخل والخارج.
- تعزيز علاقاتنا بالمحيط العربي والإسلامي، ففلسطين هي قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم، والانفتاح على كل مكونات المجتمع الدولي رسميًا وشعبيًا، ورفض الصفقات المشبوهة.
لكن هذه الملفات ستراوح مكانها ما لم تعمل حماس على صناعة استدارة استراتيجية، ربما كانت زيارة قيادة حماس الموسعة الأخيرة لإيران أولى معالمها، والتي ربما تشمل العودة الى الساحة السورية بعد جهود مصالحة تبذلها إيران، على ألا تكون هذه العلاقات على حساب علاقات مع دول أخرى ما زالت داعمة لشعبنا.
اما ملف الانقسام، فقد أثبتت 12 سنة عجفاء من المحاولات لإنهائه أن القرار ليس في رام الله بل في عواصم أخرى، وأن التمسك بثوابت شعبنا وحقوقه الوطنية ليس على اجندة من ربطوا مصيرهم ببقاء الاحتلال، وأن لا حلول إبداعية لإنهائه ربما الا بانتهاء حقبة من يقتاتون من استمراره.
ربما بات على حماس أن تمسح من سماءها غيوم المتشائمين، فلسنا محشورين في زاوية أحد ما دامت المقاومة القابضة على زناد بنادقها غصة في حلق كل المنبطحين المتنازلين والمطبعين.
وأيدينا ليست مكبلة فمن قصف تل ابيب وما بعد تل ابيب قادر على قلب الطاولة في وجه جميع المتآمرين.
وخياراتنا ليست محدودة أو مقيدة، ونحن ننتمي لشعب منتشر على امتداد رقعة العالم بقدراته وامكاناته واستثماراته إن أحسنا توظيفها.
ومساراتنا ليست اضطرارية، لكنها ربما تحتاج بين الفينة والأخرى إلى التوقف والتأمل والمراجعة والتعديل.
أعتقد أنه من الأولويات كذلك انفتاح حماس على صفها الداخلي وعلى جيل الشباب الذي يمثل أغلبية فيها، وأن يأخذ الالاف من الشباب الذين خرجتهم حماس من معاهد السياسة والإدارة دورهم بالمشاركة في تجديد الفكر السياسي ليواكب كافة المستجدات التي تترى كموج البحر، على قاعدة الأصول والثوابت، بما يشرع الأبواب أمام مئات الالاف من الفلسطينيين المنتشرين على امتداد بقعة العالم ليلعبوا دورا مركزيا في استعادة القضية الفلسطينية لأولويتها عند الأمة وأحرار العالم، عبر إحداث اختراقات مؤثرة على المستوى الدولي إعلاميا بحجز مقعد متقدم على منصات التواصل الاجتماعي، وقانونيا بملاحقات واسعة لجرائم الاحتلال، وجمع ذلك كله من بوابة الاقتصاد عبر توسيع سياسة المقاطعة ودعم أنشطة BDS بشكل كبير.
وبالتوازي مع ذلك يقع عبئ تاريخي على قيادة حماس وهو استعادة الثقة بين الحركة والشعب، ومحاربة الفساد بأشكاله كافة، كأقصر الطرق واكثرها فاعلية لكسب معركة قلوب وعقول الشعب الفلسطيني لضمان التفافا أكثر قوة خلف الحركة، ما سيشكل رافعة لها لمقاومة كل الهجمات والمؤامرات التي تستهدفها.
قاعدة حماس كما الشارع الفلسطيني متعطش لمثل هذه القرارات، ويتطلعون لرؤية قيادة تتقاسم معهم الهم، لا أن تحتفظ بامتيازاتها المالية والبروتوكولية بينما تطالب الشعب المحاصر لـ12 سنة بالصمود في وجه الضغوط الخارجية.
القيادة مع الشعب جنباً الى جنب يمكنهما خوض أي مواجهة، وإلا ستكتشف القيادة بعد فوات الأوان أنها تخلت عن الطرف الأقوى في المعادلة، وهو حاضنتها الشعبية التي تريد أن ترى إصلاحاً حقيقياً واجتثاثاً للفساد بأشكاله المختلفة.