
نبض الحياة
درس عملية دوليب
عمر حلمي الغول
ربطت القيادات الصهيونية تاريخيا بين مشروعها الكولونيالي الإجلائي والإحلالي وبين الإستيطان الإستعماري، وإعتبرته أحد أهم أدواتها لتكريس وتعزيز مشروعها الإستعماري في محطاته التاريخية المختلفة وحتى الآن. لإنه يؤمن لها أكثر من هدف في آن، أولا أداة إحلال وإجلاء في وقت واحد؛ ثانيا خندق أمامي للمشروع الإستيطاني الصهيوني؛ ثالثا مركز أمني متقدم في المربع الديمغرافي، الذي يقع تحت سيطرته؛ رابعا مركز إقتصادي تجاري، يساهم في تمويل ذاته، والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ويساهم في تعزيز الإقتصاد الإسرائيلي ككل؛ خامسا مركز ديني وإجتماعي وثقافي في الأرض الفلسطينية المغتصبة؛ سادسا عنوان من عناوين تعزيز الكراهية والحقد والعنصرية البغيضة، وإستيلاب حقوق ومصالح المواطنين الفلسطينيين، وهو أداة تهديد للحياة الأدمية الفلسطينية في كل مناحيها.
وعليه الإستيطان الإستعماري الصهيوني لايقبل القسمة على الحياة مع الشعب الفلسطيني. كان وسيبقى خطرا داهما، وشرا ووباءا مرفوضا، وملعونا بكل اللغات واللهجات والأعراف والقوانين الوضعية والشرائع الدينية الإسلامية والمسيحية. وهو أداة تفجير للعنف والإرهاب، والتخريب، ولن يكون يوما مصدر أمن، أو أمان لا للدولة الصهيونية، ولا للدولة الفلسطينية، ولا لإستقرار وتنمية وتطور المنطقة عموما.
ما ورد اعلاه مرتبط بما جرى صباح أمس حينما ألقى أحد الفلسطينيين عبوة ناسفة على مجموعة من المستوطنين بالقرب من مستعمرة دوليب (دوليف) بجانب عين ماء "بونين"، أو كما اشارت المصادر الأمنية الإسرائيلية، انها عبوة محلية الصنع وضعت على طريق عين الماء، وبغض النظر عن كيفية حدوث العملية الفدائية، كانت النتيجة قتل مستوطنة إسرائيلية (18 عاما) وإصابة والدها (46 عاما) وأخوها (21 عاما) إصابات خطرة، مما اثار ردود فعل أمنية وسياسية إسرائيلية، ودعت لعقد إجتماع أمني عاجل برئاسة رئيس حكومة تسيير الأعمال، وأطلق عتاة الفاشيين أمثال سموطريتش مواقف فاشية تتنافى مع ابسط معايير حقوق الإنسان، وتتناقض مع خيار السلام والتعايش، وتصب الزيت على النيران المتقدة تحت الرماد في الشارع الفلسطيني. كما وإنتشرت الحواجز العسكرية لجيش الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلي في محيط محافظة رام الله والبيرة من الغرب والشمال، وقامت بعمليات تفتيش واسعة، وإعتدت على المواطنين بحثا عن منفذ (أو منفذي العملية الفدائية)، لعلها تعتقل الفدائيين، ولكن على فرض انها تمكنت من ذلك؟ هل سينتهي الصراع؟
ودون التوقف امام تفاصيل العملية الفدائية، فإني أدعو القيادات والنخب السياسية والأمنية العسكرية والثقافية الإسرائيلية إلى محاولة قراءة درس العملية الفدائية، وكل عمل يمكن ان يحدث كتداعيات في اوساط المجتمعين، والبحث عن مخارج واقعية وعقلانية لبلوغ لحظة السلام الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات التسوية السياسية، والخروج بالنتائج القابلة للحياة، وتنسجم مع مصالح الجميع، ومنها: أولا أن ردود الفعل العنصرية والفاشية والعمليات الإرهابية المنظمة من الجيش وقطعان المستعمرين، أو تعزيز الإستيطان الإستعماري في الأرض الفلسطينية، لا يقدم أي خدمة للأمن الإسرائيلي، بل العكس صحيح؛ ثانيا البحث الجدي في الإسراع بإزالة كافة المستعمرات المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967، لإن هذا الخيار أفضل الف مرة من أية غطرسة همجية إسرائيلية، لا تسمن ولا تغني من جوع، والقبول بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، الذي تم تبنيه في مؤتمر مدريد عام 1991؛ ثالثا الكف عن إنتاج، وإعادة إنتاج الأساطير الوهمية والكاذبة في "الحق" بالأرض الفلسطينية، والعودة لجادة الحل السياسي، والإبتعاد عن خيار الحل الديني؛ رابعا عدم الرهان على الوضع العربي والدولي القائم الآن، فهذا وضع مؤقت، وغير ثابت، وبالتالي من مصلحة إسرائيل وأميركا والعالم بناء جسور السلام العادل نسبيا، والمقبول، وإغتنام الفرصة الراهنة بوجود قيادة فلسطينية جاهزة ومستعدة لبناء صرح السلام وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، وبناء مرتكزات التعايش والتطبيع وفق قرارات مبادرة السلام العربية، والمساواة والمواطنة الكاملة لإبناء الشعب الفلسطيني داخل إسرائيل، وإعادة النظر بكل القوانين العنصرية المغرضة.
على القيادة الإسرائيلية ان تنزل إلى الأرض، وان لا تذهب بعيدا في تغولها العنصري والإستعماري، وتؤصل لبناء قاعدة السلام الممكن والمقبول، والتخلي عن التحريض الأسود، والمسمم للإجواء، أكثر مما هي مسممة.
[email protected]
[email protected]
درس عملية دوليب
عمر حلمي الغول
ربطت القيادات الصهيونية تاريخيا بين مشروعها الكولونيالي الإجلائي والإحلالي وبين الإستيطان الإستعماري، وإعتبرته أحد أهم أدواتها لتكريس وتعزيز مشروعها الإستعماري في محطاته التاريخية المختلفة وحتى الآن. لإنه يؤمن لها أكثر من هدف في آن، أولا أداة إحلال وإجلاء في وقت واحد؛ ثانيا خندق أمامي للمشروع الإستيطاني الصهيوني؛ ثالثا مركز أمني متقدم في المربع الديمغرافي، الذي يقع تحت سيطرته؛ رابعا مركز إقتصادي تجاري، يساهم في تمويل ذاته، والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ويساهم في تعزيز الإقتصاد الإسرائيلي ككل؛ خامسا مركز ديني وإجتماعي وثقافي في الأرض الفلسطينية المغتصبة؛ سادسا عنوان من عناوين تعزيز الكراهية والحقد والعنصرية البغيضة، وإستيلاب حقوق ومصالح المواطنين الفلسطينيين، وهو أداة تهديد للحياة الأدمية الفلسطينية في كل مناحيها.
وعليه الإستيطان الإستعماري الصهيوني لايقبل القسمة على الحياة مع الشعب الفلسطيني. كان وسيبقى خطرا داهما، وشرا ووباءا مرفوضا، وملعونا بكل اللغات واللهجات والأعراف والقوانين الوضعية والشرائع الدينية الإسلامية والمسيحية. وهو أداة تفجير للعنف والإرهاب، والتخريب، ولن يكون يوما مصدر أمن، أو أمان لا للدولة الصهيونية، ولا للدولة الفلسطينية، ولا لإستقرار وتنمية وتطور المنطقة عموما.
ما ورد اعلاه مرتبط بما جرى صباح أمس حينما ألقى أحد الفلسطينيين عبوة ناسفة على مجموعة من المستوطنين بالقرب من مستعمرة دوليب (دوليف) بجانب عين ماء "بونين"، أو كما اشارت المصادر الأمنية الإسرائيلية، انها عبوة محلية الصنع وضعت على طريق عين الماء، وبغض النظر عن كيفية حدوث العملية الفدائية، كانت النتيجة قتل مستوطنة إسرائيلية (18 عاما) وإصابة والدها (46 عاما) وأخوها (21 عاما) إصابات خطرة، مما اثار ردود فعل أمنية وسياسية إسرائيلية، ودعت لعقد إجتماع أمني عاجل برئاسة رئيس حكومة تسيير الأعمال، وأطلق عتاة الفاشيين أمثال سموطريتش مواقف فاشية تتنافى مع ابسط معايير حقوق الإنسان، وتتناقض مع خيار السلام والتعايش، وتصب الزيت على النيران المتقدة تحت الرماد في الشارع الفلسطيني. كما وإنتشرت الحواجز العسكرية لجيش الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلي في محيط محافظة رام الله والبيرة من الغرب والشمال، وقامت بعمليات تفتيش واسعة، وإعتدت على المواطنين بحثا عن منفذ (أو منفذي العملية الفدائية)، لعلها تعتقل الفدائيين، ولكن على فرض انها تمكنت من ذلك؟ هل سينتهي الصراع؟
ودون التوقف امام تفاصيل العملية الفدائية، فإني أدعو القيادات والنخب السياسية والأمنية العسكرية والثقافية الإسرائيلية إلى محاولة قراءة درس العملية الفدائية، وكل عمل يمكن ان يحدث كتداعيات في اوساط المجتمعين، والبحث عن مخارج واقعية وعقلانية لبلوغ لحظة السلام الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات التسوية السياسية، والخروج بالنتائج القابلة للحياة، وتنسجم مع مصالح الجميع، ومنها: أولا أن ردود الفعل العنصرية والفاشية والعمليات الإرهابية المنظمة من الجيش وقطعان المستعمرين، أو تعزيز الإستيطان الإستعماري في الأرض الفلسطينية، لا يقدم أي خدمة للأمن الإسرائيلي، بل العكس صحيح؛ ثانيا البحث الجدي في الإسراع بإزالة كافة المستعمرات المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967، لإن هذا الخيار أفضل الف مرة من أية غطرسة همجية إسرائيلية، لا تسمن ولا تغني من جوع، والقبول بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، الذي تم تبنيه في مؤتمر مدريد عام 1991؛ ثالثا الكف عن إنتاج، وإعادة إنتاج الأساطير الوهمية والكاذبة في "الحق" بالأرض الفلسطينية، والعودة لجادة الحل السياسي، والإبتعاد عن خيار الحل الديني؛ رابعا عدم الرهان على الوضع العربي والدولي القائم الآن، فهذا وضع مؤقت، وغير ثابت، وبالتالي من مصلحة إسرائيل وأميركا والعالم بناء جسور السلام العادل نسبيا، والمقبول، وإغتنام الفرصة الراهنة بوجود قيادة فلسطينية جاهزة ومستعدة لبناء صرح السلام وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، وبناء مرتكزات التعايش والتطبيع وفق قرارات مبادرة السلام العربية، والمساواة والمواطنة الكاملة لإبناء الشعب الفلسطيني داخل إسرائيل، وإعادة النظر بكل القوانين العنصرية المغرضة.
على القيادة الإسرائيلية ان تنزل إلى الأرض، وان لا تذهب بعيدا في تغولها العنصري والإستعماري، وتؤصل لبناء قاعدة السلام الممكن والمقبول، والتخلي عن التحريض الأسود، والمسمم للإجواء، أكثر مما هي مسممة.
[email protected]
[email protected]