الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دور يبحث عن جيل عربي جديد بقلم:صبحي غندور

تاريخ النشر : 2019-08-25
دور يبحث عن جيل عربي جديد بقلم:صبحي غندور
دور يبحث عن جيل عربي جديد

صبحي غندور*

Twitter: @AlhewarCenter

Email: [email protected]

يخطئ من يعتقد أنَّ الواقع السّيئ في المنطقة العربيّة هو حالة مزمنة غير قابلة للتغيير. فقانون التطوّر الإنساني يفرض حتميّة التغيير عاجلاً أم آجلاً. لكن ذلك لن يحدث تلقائيّاً لمجرّد الحاجة للتغيير نحو الأفضل والأحسن، بل إنّ عدم تدخّل الإرادة الإنسانيّة لإحداث التغيير المنشود قد يدفع إلى متغيّرات أشدّ سلبيّة من الواقع المرفوض. إذن، التغيير حاصل بفعل التراكمات المتلاحقة للأحداث كمّاً ونوعاً في المجتمعات العربيّة، لكن السؤال المركزي هو: التغيير في أي اتّجاه؟ هل نحو مزيد من السوء والتدهور والانقسام أم سيكون التغيير استجابةً لحاجات ومتطلّبات بناء مجتمع عربي أفضل؟!  وحتّى يحدث التغيير للأفضل، فإنّ المراهنة تكون دائماً على الأجيال الشّابة ودورها الفاعل في صناعة المستقبل. فأيُّ جيلٍ جديد هو الذي نأمل منه إحداث التغيير؟. المشكلة الآن في الواقع العربي الرّاهن هي أنّ معظم "الجيل القديم" يحمل أفكاراً مليئة بالشوائب والحالات الذهنيّة المرَضيّة الموروثة، التي كانت في السابق مسؤولة عن تدهور أوضاع المجتمعات العربيّة وتراكم التخلّف السياسي والاجتماعي والثقافي في مؤسّساتها المختلفة.

فالمفاهيم المتداولة الآن في المجتمعات العربيّة هي التي تصنع فكر الجيل الجديد وهي التي ترشد حركته. لذلك نرى الشّباب العربي يتمزّق بين تطرّف في السلبيّة واللامبالاة، وبين تطرّف في أطر فئويّة بأشكال طائفيّة أو مذهبيّة بعضها استباح العنف بأقصى معانيه وأشكاله.

وحينما يبحث بعض الشّباب العربي المعاصر عن أطر فاعلة للحركة، فلا يجدون أمامهم إلّا جماعات تزيد في أفكارها وممارساتها من حال الانقسام بالمجتمع، أو قد يدفع بعضها بالعناصر الشّابة إلى عنف مسلّح ضدّ "الآخر" غير المنتمي لهذه الجماعة أو طائفتها أو مذهبها!.

إنّ المفاهيم التي تحرّك الجيل العربي الجديد الآن، هي مفاهيم تضع الّلوم على "الآخر" في كلّ أسباب المشاكل والسلبيّات، ولا تحمل أي "أجندة عمل" سوى مواجهة "الآخر". وهي بذلك مفاهيم تهدم ولا تبني، تفرّق ولا توحّد، وتجعل القريب غريباً والصّديق عدوّاً!.. فيصبح الهمّ الأوّل للجيل العربي الجديد هو كيفيّة التمايز عن "الآخر" لا البحث معه عن كلمة سواء.

لذلك نرى الشّباب العربي يتمزّق بين تطرّف في السلبيّة واللامبالاة، وبين تطرّف في أطر فئويّة بأشكال طائفيّة أو مذهبيّة بعضها استباح العنف بأقصى معانيه وأشكاله. وقد أصبح فهم الدّين بالنسبة لبعض الشّباب العربي يعني "عمليات انتحارية" تقتل الأبرياء، أو في الحدّ الأدنى، انغماساً كلّياً في العبادات فقط وفي المظاهر الشكليّة للالتزام الديني دون أي حركة إيجابيّة فاعلة بالمجتمع تدخل أصلاً في واجبات أي مؤمن. هذه الحركة الإيجابيّة التي وصفها الله تعالى ب"العمل الصّالح" الذي هو شقيق الإيمان الديني والوجه العملي للتعبير عنه. مشكلة الشّباب العربي المعاصر أنّه لم يعش حقبات زمنيّة عاشها من سبقه من أجيال أخرى معاصرة، كانت الأمّة العربيّة فيها موحّدةً في مشاعرها وأهدافها وحركتها رغم انقسامها السياسي على مستوى الحكومات. مراحل زمنيّة كان الفرز فيها بالمجتمع يقوم على اتّجاهات فكريّة وسياسيّة، لا على أسس طائفيّة أو مذهبيّة أو حتّى إقليميّة. لكن سوء الممارسات والتجارب الماضية، إضافةً إلى العطب في البناء الدّاخلي والتآمر الخارجي، أدّى كلّه للإساءة إلى المفاهيم نفسها، فاُستبدل الانتماء القومي والوطني بالهويّات الطائفيّة والمذهبيّة والمناطقيّة، وأضحى العرب في كل وادٍ تقسيميٍّ يهيمون، ويقولون ما لا يفعلون!.

فجيل الشّباب العربي يعيش فقط الآن حالة سوداويّة من الصّراعات العربيّة ومن غياب الأطر الجامعة ومن محدودية عدد القيادات السّليمة داخل الأمّة مجتمعة. جيل الشّباب المعاصر يفتقد حالياً ما كان في الأمّة العربية بالقرن الماضي من إيجابيّات، رغم سوء الممارسات أحياناً أو نواقص الفكر أحياناً أخرى. فالمشكلة اليوم هي في الفكر والأساليب معاً. في الحكومات والمعارضات، في الواقع والبدائل المطروحة له. هي فرصة هامّة، بل هي مسؤوليّة واجبة، للجيل العربي الجديد المعاصر الآن، أن يدرس ماضي أوطانه وأمّته بموضوعيّة وتجرّد، وأن يستخلص الدروس والعبر لبناء مستقبل جديد أفضل له وللجيل القادم بعده. إنّ وسائل المعرفة والإعلام المتوفّرة الآن بالإضافة إلى العلم المعاصر تتيح للجيل الجديد آفاقاً واسعة لدراسة خلاصات تجارب شعوب وأمم أخرى، عانت أكثر ممّا يعانيه العرب الآن، وكان فيها احتلال خارجي وتمزّق داخلي وتخلّف ثقافي واجتماعي، لكن رغم ذلك استطاعت التقدّم والنهوض بل والمنافسة مع من كانوا يهيمنون عليها. لكن في كل عمليّة تغيير هناك ركائز ثلاث متلازمة من المهمّ تحديدها أولاً: المنطلق، الأسلوب، والغاية. فلا يمكن لأي غاية أو هدف أن يتحقّقا بمعزل عن هذا التّلازم بين الرّكائز الثلاث. أي أنّ الغاية الوطنيّة أو القوميّة لا تتحقّق إذا كان المنطلق لها، أو الأسلوب المعتمد من أجلها، هو طائفي أو مذهبي أو مناطقي. ولعلّ في تحديد (المنطلقات والغايات والأساليب) يكون المدخل السليم لدور أكثر إيجابيّة وفعاليّة للشباب العربي اليوم. إنَّ " الجيل القديم" في أيّ مجتمع هو بمثابة خزّان المعرفة والخبرة الذي يستقي منه "الجيل الجديد" ما يحتاجه من فكر يؤطّر حركته ويرشد عمله. فيصبح "الجيل القديم" مسؤولاً عن صياغة "الفكر" بينما يتولّى "الجيل الجديد" صناعة "العمل والحركة" لتنفيذ الأهداف المرجوّة.

 هنا يظهر التلازم الحتمي بين الفكر والحركة في أي عمليّة تغيير، كما تتّضح أيضاً المسؤوليّة المشتركة للأجيال المختلفة. فلا "الجيل القديم" معفيّ من مسؤوليّة المستقبل ولا "الجيل الجديد" براء من مسؤوليّة الحاضر. كلاهما يتحمّلان معاً مسؤوليّة مشتركة عن الحاضر والمستقبل معاً. وبمقدار الضّخ الصحيح والسليم للأفكار، تكون الحركة صحيحة وسليمة من قبل الجيل الجديد نحو مستقبلٍ أفضل.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Twitter: @AlhewarCenter
Email: [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف