الأخبار
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفلسطينيين يواجهون تصعيداً إسرائيلياً مكثفا، سواء في الضفة الغربية والقدس، أو قطاع غزة

تاريخ النشر : 2019-08-23
الاوضاع الفلسطينيين يواجهون تصعيدا إسرائيليا مكثفا، سواء في الضفة الغربية والقدس، أو قطاع غزة بقلم / عصام سمير دلول

ان الفلسطينيين يواجهون تصعيدا إسرائيليا مكثفا، سواء في الضفة الغربية والقدس، أو قطاع غزة، ولكن أجواء التصعيد هذه لن تصل لحالة حرب وفق التهديدات التي يطلقها قادة الاحتلال والتي تأتي من باب التخويف والدعاية الانتخابية.خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء الاعتداءات والحصار الإسرائيلي
نتيجة للاعتداءات والاغلاقات والحصار الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى تعمل إسرائيل جاهدة لتدمير الاقتصاد الفلسطيني وتكيفه لخدمة الاقتصاد الإسرائيلي المتطور.
فقد لحقت بالاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة، فبالرغم من التفاوت والتباين في حجم الخسائر المباشرة وغير مباشرة التي لحقت بالاقتصاد والمجتمع الفلسطيني حسب المصدر والطريقة التي يلجأ إليها المصدر المعني في حساب كميته وحجم الخسائر وهو على كل حال يضر بمصداقية المصادر الفلسطينية، نقول رغم ذلك إن هذه الخسائر قياساً بالناتج المحلي الإجمالي تعتبر جسيمة للغاية، ففي تقرير مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة يقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة في المتوسط 50.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال أربعة شهور من المواجهات ويستثنى التقرير الدمار المادي والخراب الواسع الذي لحق بالممتلكات لصعوبة تقديرها ويستنتج أن متوسط الخسائر اليومية حوالي 11 مليون دولار، أما تقديرات وزارة العمل ووزارة الصناعة الفلسطينية فتقدر الخسائر في جميع القطاعات الاقتصادية بحوالي 20 مليون دولار يومياً، في حين تقدرها النقابات الفلسطينية بما يزيد عن 23 مليون دولار يومياً، وتقدر الجهات المشار إليها الأضرار والخسائر الإجمالية على مدى الثلاثة شهور الأولى بالإضافة إلى مليار دولار خسائر غير مباشرة، أما وزارة التخطيط والتعاون الدولي فتقدر كافة الخسائر مجتمعة خلال ثلاثة شهور بحوالي 2 مليار دولار.

وفي تقرير شامل صادر عن وزارة المالية الفلسطينية يعالج الخسائر الإجمالية خلال الشهور الست الأولى من انتفاضة الأقصى، ويقدر إجمالي الخسائر بحوالي 3.868 مليون دولار موزعة على أربعة مجالات وهي 2.521 مليون دولار خسائر قوى الأفراد، 633 مليون دولار خسائر الثروة الوطنية، 554 مليون دولار الأعباء الإضافية، 160 مليون دولار الأموال المحجوزة لدى الطرف الإسرائيلي، أما الخسائر البشرية والنفسية فمن الصعب تقديرها وتحديد نتائجها.
ويقول السيد محمد جرادة وكيل وزارة المالية خلال ندوة في غزة بتاريخ 9/5/2001 إن استمرار الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على الشعب الفلسطيني منذ حوالي ثمانية شهور وحتى الآن وما رافقه من تدمير للبنى التحتية في مختلف القطاعات الإنتاجية إضافة إلى أعمال القتل والتشريد وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، كبد السلطة الوطنية خسائر فادحة بلغت حوالي 5.8 مليار دولار ويدلل هذه الرقم بالنسبة للخسائر أن المعدل اليومي للخسائر الإجمالية الفلسطينية حوالي 26 مليون دولار.
وفي محاولة أخرى ضمن المحاولات التي بذلتها الجهات المعنية لتقدير خسائر الاقتصاد الفلسطيني، سوف نتبع فيها منهجية محددة آملين أن نصل إلى قيمة تقريبية حقيقية للخسائر الفلسطينية ضمن المؤشرات التالية:
ـ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية 5.400 مليون دولار (وزارة المالية).
ـ نسبة الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي 66% على أساس أن الانخفاض في القطاعات الاقتصادية المكونة للناتج المحلي هي:
الزراعة 90%، الصناعة 60%، الإنشاءات 90%، التجارة 50%، النقل 90%، الوساطة المالية 25%، الإدارة العامة والدفاع 50%، الخدمات 50%، أخرى 90%.
متوسط انخفاض الناتج المحلي الإجمالي 66%، أيام العمل السنوية 312 يوم، أيام العمل في إسرائيل 23 يوم في الشهر، معدل الأجر اليومي في إسرائيل 27.5 دولار،
إجمالي الناتج القومي = إجمالي الناتج المحلي + صافي العوامل من الخارج

أولاً: الخسائر الجارية
أ: متوسط إجمالي الناتج المحلي اليومي = إجمالي الناتج المحلي السنوي / أيام العمل في السنة. 5,400,000,000 / 312 = 17,307,692$ لذا فان حجم الخسارة اليومية في الناتج المحلي الإجمالي 17,307,692 × 66% = 11,423,077$ إذاً الخسارة الإجمالية في الناتج المحلي الإجمالي خلال ثمانية شهور 11,423,077 × 245 = 2,798,653,865$

ب: احتساب تحويلات العاملين الفلسطينيين
الدخل الناتج عن العمال نظير عملهم داخل إسرائيل هو: 130,000 × 27.5 = 3,575,000$ يومياً، 3,575,000 × 184 = 657,800,000 إذاً الخسائر الناجمة في الناتج القومي الإجمالي = الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي خلال ثمانية شهور + الخسائر الناتجة من التحويلات خلال ثمانية شهور 2,798,653,865 + 657,800,000 = 3,456,453,865$

ثانياً: خسائر الثروة القومية
بالاعتماد على التقارير من الجهات ذات العلاقة يمكن تقدير خسائر الثروة القومية وعلى مدى ثمانية شهور كالأتي:
ـ في مجال الثروة الزراعية: وبسبب عمليات تجريف وقلع الأشجار المثمرة وتدمير آبار المياه وشبكات الري والبيوت البلاستيكية الزراعية وخسائر الثروة الحيوانية وتدمير مزارع بأكملها، تقدر هذه الخسائر بحوالي 205 مليون دولار.
ـ في المباني السكنية والحكومية: حيث طال الدمار أكثر من 400 وحدة سكنية بالإضافة للمباني العامة التي طالها القصف الصاروخي من مستشفيات ومدارس وكليات، حيث قدرنا هذه الخسائر بحوالي 235 مليون دولار.
ـ في المنشآت الصناعية: حيث تم تدمير أكثر من 57 مصنعاً، وتقدر هذه الخسائر بأكثر من 85 مليون دولار.
ـ في البنى التحتية، تمثلت الخسائر بتدمير جزء من الطرق الرئيسة والفرعية ومحطات الكهرباء وتقدر هذه الخسائر بحوالي 80 مليون دولار.
ـ وسائط النقل المتعددة: التي تعرضت إلى عدوان سافر نتيجة إحراق الشاحنات والباصات والسيارات الصغيرة إضافة إلى المعدات الزراعية وسيارات الإسعاف وتقدر خسائرها بأكثر من 50 مليون دولار.
ويصبح إجمالي خسائر الثروة والموارد الوطنية حوالي 650 مليون دولار.

ثالثاً: خسائر الفرص الضائعة
وتقدر بأكثر من 400 مليون دولار وذلك فيما يخص المبالغ التي صرفت لتشجيع الاستثمار وترويج فلسطين عالمياً بالإضافة لإلغاء أو تأخير تنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية التي كانت ستستوعب أعداد كبيرة من العمال وبذلك تكون فلسطين قد فقدت فرص الاستثمار وستحتاج لعدة سنوات لتعويض ما خسرته نتيجة العدوان الإسرائيلي.

رابعاً: الأعباء المالية الإضافية
حيث تحملت السلطة أعباءً إضافية في المجال الصحي تمثلت في نقل وعلاج الجرحى والمصابين وإنشاء مستشفيات متنقلة بالإضافة للأعباء المالية نتيجة ارتفاع نسبة الفقر الناجمة عن توقف الأيدي العاملة وتوقف الإنتاج، بالإضافة للأعباء الناجمة عن إعالة أسر الشهداء والجرحى والمعاقين والأسرى وتأمين المأوى للأسر التي تعرضت بيوتها للدمار. وأيضا زيادة كلفة الواردات الفلسطينية المحتجزة في الموانئ الإسرائيلية، كل هذا إنفاق زائد على السلطة الوطنية، ونقدرها بأكثر من 800 مليون دولار.
وبذلك تقدر خسائر الاقتصاد الفلسطيني وعلى مدى ثمانية شهور بأكثر من 5.3 مليار دولار، بالإضافة إلى الخسائر البشرية والنفسية التي من الصعب تقديرها وتحديد نتائجها.

انعكاس الحصار والسياسات الإسرائيلية على قطاعات الاقتصاد الفلسطيني

قطاع العمال
تسبب الإغلاق والحصار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بالشلل مختلف قطاعات العمل وأوجه النشاطات الاقتصادية المفعلة لعمليات التشغيل في محافظات الوطن، فقد دفع الحصار والإغلاق الإسرائيلي قرابة 335 ألف عامل إلى البطالة من أصل 668 ألف ناشط اقتصادي من مجموع السكان أعمارهم من 18 سنة فما فوق وقد نتج عن هذا الحصار:
ـ منع قرابة 130 ألف عامل عن العمل في إسرائيل منهم حوالي 45 ألف عامل بتصاريح والباقي بدون تصاريح مما تسبب في انقطاع دخلهم الذي يقدر بحوالي 3.5 مليون دولار يومياً على أساس أن متوسط الأجر اليومي للعمال داخل إسرائيل هو 27.5 دولار للعامل الواحد، بجانب ما تفقده السلطة من الضرائب وبدل التأمين الصحي التي كانت تجبي من هؤلاء العمال والتي تقدر بحوالي 5 مليون دولار شهرياً.
ـ توقف ما يقارب عن 132 ألف عامل في محافظات الوطن في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي الفلسطيني عن العمل نتيجة عدم تمكنهم من الذهاب إلى العمل بسبب الحصار والإغلاق الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي والذي أدى إلى فصل القرى والمدن عن بعضها البعض، بالإضافة لعدم مقدرة بعض أصحاب العمل إلى مواصلة أعمالهم نتيجة فقدان المواد الخام.
وقد وصل حجم الخسائر لهؤلاء العمال المحليين نتيجة فقدان أعمالهم حوالي 3 مليون دولار يومياً على أساس أن متوسط الأجر اليومي هو 25 دولار يومياً للعامل.
ـ هنالك حوالي 73 ألف عامل متعطلين عن العمل قبل بداية الأحداث وكان لهم الأمل في الحصول على عمل ولكن الآن قد فقدوا الأمل نتيجة ارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 50%. وإذا تم احتساب توقف قطاع العمال بنسبة متوسطة تقدر بـ 80%، فإن قطاع العمال خسر أكثر من مليار دولار. حيث يعتبر هذا القطاع الأكثر تضرراً نتيجة الاعتداءات والحصار، فقد بلغت الخسارة اليومية لهم حوالي 7 مليون دولار، ونتيجة توقفهم عن العمل وصل معدل البطالة إلى حوالي 58% واتساع دائرة الفقر إلى أكثر من 65%.

قطاع الزراعة
يعتبر قطاع الزراعة من القطاعات الاقتصادية الهامة في الاقتصاد الفلسطيني حيث يساهم بنسبة 12% من إجمالي الناتج المحلي ويستوعب ما نسبته 13% من مجمل الأيدي العاملة الفلسطينية، ومنذ بدء الانتفاضة أدى الحصار الإسرائيلي إلى إحداث أضرار كبيرة في هذا القطاع الحيوي من أبرزها:
ـ تجريف واقتلاع وحرق الأشجار المثمرة والتي تقدر بأكثر من 374 ألف شجرة، منها حوالي 109 آلاف شجرة زيتون و113 ألف شجرة حمضيات بالإضافة إلى تدمير المنشآت الزراعية، وتقدر الخسائر في هذه الحالة حوالي 92 مليون دولار.
ـ مصادرة آلاف الدونمات لصالح المستوطنات وإقامة الطرق الالتفافية.
ـ إغلاق المعابر أثر على الصادرات الزراعية للخارج، كما أثر بصورة سلبية على حرية نقل وتسويق السلع الزراعية داخل الوطن حيث تعرضت بعض هذه السلع وخاصة الخضراوات والفواكه للتلف مما أدى إلى تدني أسعارها.
ـ أدى القصف العشوائي إلى تدمير كثير من مزارع الماشية والدواجن ومنع كثير من المزارعين من الوصول إلى مزارعهم الأمر الذي انعكس سلباً على قدرة تلبية طلب السوق المحلي في الفترة القادمة.
ـ إغلاق ميناء الصيد والحد من حركة الصيادين أوقع حوالي 2 مليون دولار خسارة في الثروة السمكية.
هذه الاعتداءات والحصار الإسرائيلي أثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على القطاع الزراعي وكبده خسائر جسمية، ويعني هذا أن القطاع الزراعي سيحتاج إلى عدة سنوات ليعود إلى ما كان عليه قبل الحصار الإسرائيلي وخاصة فيما يخص الأشجار المعمرة والمثمرة من الزيتون والحمضيات.
وقد قدرت وزارة الزراعة خسائر القطاع الزراعي جراء الحصار والقصف الإسرائيلي على مدى ثمانية شهور بأكثر من 288 مليون دولار.

قطاع الصناعة
شهد هذا القطاع بشقيه الاستراتيجي والتحويلي نمواً ملحوظاً منذ قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية حيث ازداد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في هذا القطاع، وارتفع عدد المنشآت الصناعية ليصل إلى 14,471 منشأة. ويساهم قطاع الصناعة بنسبة 13% من إجمالي الناتج المحلي كما يستوعب ما نسبته 13% من الأيدي العاملة الفلسطينية.
و أدت الاعتداءات والحصار الإسرائيلي إلى تراجع ملحوظ في نمو هذا القطاع وألحق به أضراراً كبيرة تمثلت في:
ـ أدى الإغلاق إلى منع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة مما أدى إلى توقف بعض المصانع عن العمل بشكل جزئي أو كلي.
ـ منع خروج المواد المصنعة المعدة للتصدير مما أدى إلى ازدياد كبير في المخزون.
ـ حجز إسرائيل لعدد كبير من الحاويات (بضائع ومواد خام) مما ترتب على ذلك دفع غرامات تأخير وجودها في الموانئ الإسرائيلية.
ـ القصف الإسرائيلي للعديد من المنشآت الصناعية وانقطاع التيار الكهربائي أدى إلى شلل تام في بعض المصانع الفلسطينية.
ـ عدم تمكن العمال من الوصول لأعمالهم وعرقلة العمل داخل المناطق الصناعية.
ـ أدى الحصار إلى تعطيل حركة التجارة بين المدن الفلسطينية مما أثر على تسويق المنتجات الصناعية بالإضافة لمنع تصديرها إلى الخارج بسبب إغلاق المعابر، كل هذا أدى إلى إحجام المستثمرين عن الاستثمار في هذا القطاع.
وحسب وزير الصناعة فان 90% من المصانع الفلسطينية تعتمد على المواد الخام المستوردة وهذا يفسر الانخفاض التدريجي الذي تعرضت له القدرة الإنتاجية لكثير من الصناعات الفلسطينية مثل صناعة الأغذية والصناعات الجلدية والكيماوية والبلاستيكية والخشبية وصناعة الحجر، ونتيجة كل هذه الإجراءات والحصار الإسرائيلي انخفض الإنتاج بحوالي 60% في المتوسط مما كبد هذا القطاع خسائر جسيمة حيث يحتاج إلى عدة سنوات لتعويض ما خسره، فهذا المخطط الإسرائيلي يعمد إلى ضرب الصناعة الفلسطينية لأن غيابها يشكل أحد أهم عوامل النجاح للصناعة الإسرائيلية. وقد قدرت خسائر قطاع الصناعة اليومية المباشرة بحوالي 2.7 مليون دولار، وتقدر إجمالي خسائر قطاع الصناعة بحوالي 898 مليون دولار منها خسائر مباشرة في الإنتاج 664.2 مليون دولار وخسائر في الثروة القومية 20 مليون دولار وخسائر إضافية طارئة 9 مليون دولار، أما خسائر الفرص الضائعة 204.75 مليون دولار.

قطاع الإنشاءات
تأثر هذا القطاع بصورة ملحوظة منذ بدء الانتفاضة حيث كان يساهم بما نسبته 10% من إجمالي الناتج المحلي ويستوعب أكثر من 18% من الأيدي العاملة الفلسطينية وهذا يدل على دوره الهام في توفير فرص العمل الجديدة لدعم الاقتصاد الوطني، ونتيجة للوضع الراهن من إغلاقات وقصف بالصواريخ أدى إلى شلل تام في هذا القطاع لعدم وصول المواد الخام كالحصمة والأسمنت الذي يعتمد عليها هذا القطاع بصورة كلية كما أدى إلى توقف العديد من المستثمرين في هذا القطاع عن الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك مما أدى إلى إلغاء كثير من المشاريع الإنشائية أو تأجيلها بالإضافة إلى ازدياد نسبة العاطلين عن العمل مما كبد هذا القطاع خسائر كبيرة تقدر بحوالي 208 مليون دولار.

قطاع التجارة
أدت سياسة الإغلاق التي تمارسها إسرائيل إلى تقييد حرية تنقل الأشخاص كما أدت إلى تعطيل حركة التجارة الفلسطينية سواء بين المدن أو مع العالم الخارجي. فقد أغلقت إسرائيل منذ الأيام الأولى للانتفاضة الحدود والمعابر الدولية مما أدى إلى توقف الصادرات الفلسطينية وخاصة إلى إسرائيل التي تستوعب 85% من إجمالي الصادرات الفلسطينية، حيث تساهم بنسبة 16% من إجمالي الناتج المحلي.
أما الاستيراد من الخارج والتبادل التجاري مع دول العالم، فنتيجة الحصار الإسرائيلي أنه أدى إلى فقدان الخزينة الفلسطينية الدخل الناتج عن الجمارك والضرائب والمقدر بحوالي 190 مليون دولار مما راكم العجز في الموازنة العامة.
وتقدر خسائر قطاع التجارة بأكثر من 402 مليون دولار نتيجة الاعتداءات والحصار الإسرائيلي المفروض على المناطق الفلسطينية منذ ثمانية شهور.

قطاع النقل والمواصلات
يشكل هذا القطاع ما نسبته 4.8% من مجموع الأيدي العاملة الفلسطينية حيث أنه يوجد حوالي 23.4 ألف مركبة تجارية مسجلة لدى وزارة النقل والمواصلات (وتشكل حوالي 17% من إجمالي عدد المركبات) منها حوالي 8,770 سيارة عمومية، ووجود 80 شركة تمتلك نحو 741 حافلة ويقدر الدخل اليومي للحافلة بحوالي 250 دولار وفي ظل الحصار الإسرائيلي يعمل هذا القطاع بقوة 10% من طاقته العادية. وتقدر خسائر هذا القطاع الذي أصيب بشلل تام بحوالي 154 مليون دولار.

قطاع السياحة
القطاع السياحي هو القطاع الوحيد الذي بدأ في التكون مع نشوء السلطة الفلسطينية، ويعتمد هذا القطاع بالدرجة الأولى على المواقع السياحية الهامة التي تمتاز بمكانتها الدينية والتاريخية وخاصة مدينتي بيت لحم وأريحا بالإضافة لشاطئ بحر غزة، ويساهم هذا القطاع بحوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تضرر بصورة مباشرة نتيجة الوضع الراهن فغياب الاستقرار والأمن جراء الاعتداءات الإسرائيلية على شعبنا الفلسطيني أدى إلى ضرب الموسم السياحي، فقد تبين أن نسبة الإشغال في القطاع الفندقي قبل الأحداث كانت 40% فقط من طاقة الفنادق بينما انخفض إلى الصفر في ظل الأحداث لعدم وجود نزلاء أو أية نشاطات أخرى مما لحق به خسائر فادحة، ناهيك عن تعطل مئات العاملين وامتداد الأضرار إلى قطاع النقل السياحي. وتقدر خسائر القطاع السياحي بأكثر من 150 مليون دولار.

قطاع الكهرباء
تكبدت كل من شركة كهرباء القدس وشركة كهرباء غزة خسائر فادحة نتيجة العدوان الإسرائيلي حيث قدرت هذه الخسائر خلال الشهرين الأولين بحوالي 5 مليون دولار ممثلة في القصف الإسرائيلي لبعض المحولات الكهربائية والشبكات وانقطاع التيار الكهربائي من قبل شركة الكهرباء الإسرائيلية بالإضافة لاستبدال الأجهزة والمعدات التي دمرت بأجهزة جديدة، أيضاً عدم تمكن غالبية المواطنين من سداد فواتير الكهرباء نتيجة ظروفهم الاقتصادية الصعبة. أما محطة توليد الكهرباء والتي تم إنشاؤها في غزة لتغطية جزء من احتياجات القطاع من الكهرباء فقد توقف العمل فيها نتيجة والمعوقات الإسرائيلية، وسيكلف تأخير تشغيلها مبالغ كبيرة.

قطاع البريد والاتصالات
تعطل قطاع البريد بشكل كامل بسبب الحصار الإسرائيلي حيث لم تتمكن سيارات البريد من القيام بعملها كما تعطل البريد مع الخارج جراء إغلاق المعابر والحدود الدولية كما تلقت البنية التحتية لقطاع الاتصالات خسائر فادحة نتيجة التجريف العشوائي الذي تمارسه جرافات الاحتلال في محافظات الوطن حيث بلغت حجم الخسائر لقطاع الاتصالات خلال شهرين فقط حوالي 8 مليون دولار.

القطاع المصرفي
تراجع أداء القطاع المصرفي الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى من حيث تعطل عمليات نقل الشيكات وإعاقة عمل المقاصة الفلسطينية ووقف نقل الأموال السائلة بين المدن واقتصار عمل البنوك على أنشطة السحب والإيداع والحوالات بحيث أصبحت تعمل بأقل من 40% من طاقتها وتمثلت الأضرار في:
ـ توقف التحويلات الخارجية.
ـ ما يزيد عن 65% من أصول ودائع البنوك الوطنية الموجودة كودائع في البنوك الإسرائيلية محتجزة مع أرباحها منذ بدء الانتفاضة.
ـ ارتفاع نسبة الشيكات المرجعة ورفض كثير من التجار الإسرائيليين التعامل مع هذه الشيكات.
السوق المالي
حقق سوق فلسطين للأوراق المالية أفضل أداء بين أسواق المال العربية في الربع الأول والتسعة شهور الأولى من العام 2000، ومع بداية الانتفاضة وما ترتب عليها من اعتداءات وحصار إسرائيلي تراجع أداء السوق المالي بشكل ملحوظ، حيث انخفضت الأسعار بنسبة 24.7% وانخفضت أحجام التداول وقيمها بنسبة 93% و92% على التوالي وهذا بدوره أدى إلى انخفاض مؤشر القدس بنسبة 27% مما يعني أن السوق فقد حوالي 71% من أدائه مما أدى إلى إحجام كثير من المستثمرين من الاستثمار في السوق المالي.

قطاع الاستثمار
أصيب قطاع الاستثمار في فلسطين بانتكاسة كبيرة حيث أن ضرب هذا القطاع هو أحد أهم أهداف السياسة الإسرائيلية الراهنة والذي يعد من أسوأ الخسائر غير المباشرة التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني وتتمثل هذه الخسائر في:
ـ هروب العديد من الشركات الأجنبية العاملة في المجال الاستثماري.
ـ إلغاء استثمارات كانت تحت الإعداد النهائي.
ـ تأخير تنفيذ وتعطيل توسيعات في المناطق الصناعية الحرة.
ـ خسارة كل ما أنفقته السلطة الفلسطينية لتسويق فلسطين عالمياً وتشجيع الاستثمار لجذب المستثمرين، ونتيجة للسياسة الإسرائيلية الحالية فقد ذهبت كل هذه الجهود والنفقات أدراج الرياح وسيحتاج الأمر لعدة سنوات لإعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الثقة لدى المستثمرين في المناخ الاستثماري الفلسطيني.

نتائج وتوصيات
مهما اختلفت المعطيات الإحصائية فإنها تؤكد أن هناك مشاكل اقتصادية بنيوية وهيكلية ميزت الوضع الاقتصادي العام في فلسطين ابتداء بالاختلالات الهيكلية وانتهاء بفشل السياسة الاقتصادية العامة بكل أنواعها، مما يؤكد افتقار الانسجام الموضوعي والذاتي مع الخصوصية الاقتصادية أثناء المرحلة الانتقالية سواء من حيث الأداء أو النمو الاقتصادي، إلا أن هناك فشلاً واضحاً في طريقة التحكم والحفاظ على هذا التحسن من الناحية الموضوعية والتي تشكل جزءاً رئيساً للسياسة الاقتصادية لانتفاضة الأقصى والتي عكست نفسها بموضوعية بمدى صحة ذلك.
فالخسائر المضطردة بإحصاءاتها سواء من الناحية الكلية أو الجزئية التي مر بها الاقتصاد الفلسطيني يجعله غير قادر إلا بعد فترة طويلة من الزمن على استعادة قدرته في البقاء اقتصادياً، فعندما نتكلم عن أكثر من خمس مليارات دولار خسائر الاقتصاد الفلسطيني خلال ثمانية أشهر فهذا معناه أن أكثر من 66% خسارة في الناتج المحلي الإجمالي، وعندما نتكلم عن أكثر من 50% نسبة بطالة واتساع دائرة الفقر لتتجاوز نسبة 65% خلال بضعة أشهر فهذا يدل على أن هناك أزمة بنيوية.
أن الخسائر الاقتصادية تصل إلى أرقام قياسية مع كل حصار، والسبب بالدرجة الأولى تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي. فقد كشفت انتفاضة الأقصى عدة حقائق نجملها فيما يلي:
ـ إن الحصار الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية لم يكن نتيجة انتفاضة الأقصى إنما هو سياسة ضمن مخطط مدروس ومبرمج تطبقها الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1967 وذلك لضرب أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
ـ الارتباط الكلي للاقتصاد الفلسطيني وتبعيته للاقتصاد الإسرائيلي الأكثر تفوقاً، وحتى اتفاق باريس الاقتصادي لم يغير الكثير في نمط العلاقات الاقتصادية الفلسطينية ـ الإسرائيلية.
ـ اعتماد 130 ألف عامل فلسطيني على مصدر دخلهم من بيع قوة عملهم في سوق العمل الإسرائيلي جعلهم مهددين تحت رحمة السياسات الإسرائيلية.
ـ السيطرة الإسرائيلية الكاملة على مفاصل ومفاتيح الاقتصاد والتجارة الفلسطينية.
ـ لم تشكل السياسة التوظيفية للسلطة الفلسطينية أسلوباً أو منهجاً كافياً أو شافياً لمعالجة آفة البطالة والفقر.
ـ قدمت انتفاضة الأقصى الدلائل والبراهين الكافية على عدم إمكانية تنمية حقيقية مستدامة ما دام الاحتلال قائماً.
وفي ضوء ما سبق يمكن أن نقترح بعض التوصيات الهامة للتخفيف من حدة الأزمة التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني ونجملها فيما يلي:

البعد المرحلي
ـ وضع خطة طوارئ تعالج آثار الحصار.
ـ تعديل بنود الموازنة السنوية باتجاه ترشيد وتوجيه الموارد المتاحة لتعزيز الصمود والمقاومة.
ـ وأولوية الموازنة التطويرية يجب أن تتجه نحو إصلاح الدمار الواسع الذي ألحقه الاحتلال بالبنية التحتية، وتشجيع القطاع الزراعي والصناعي.
ـ إنشاء صندوق وطني للتكافل الاجتماعي لدعم البطالة والفقر.
ـ دفع استقطاعات رواتب الموظفين 5% للعمال.
ـ مقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي لها بديل وطني.
ـ تشجيع المنتج الوطني والإقبال عليه.
ـ فتح قنوات الدعم العربي والإسراع في تحويل أموال المساعدات.
ـ شفافية في المسائلة ومحاسبة من يقومون بتبذير المال العام وسوء استخدام السلطة.
ـ إلزام إسرائيل بدفع تعويضات عن الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني.

البعد الاستراتيجي
ـ عدم التقيد باتفاق باريس الاقتصادي.
ـ الانسحاب التدريجي من الارتباط مع إسرائيل خاصة في التجارة والعمالة.
ـ وضع برنامج اقتصادي فلسطيني يتضمن سياسة الأولويات في الموازنة الحكومية وإعادة توزيع الدخل بشكل عادل.
ـ تحديد أولويات التنمية على ضوء الخصوصية الفلسطينية ومصادر التمويل المتوفرة والضغط على البنوك العاملة لتوسيع دورها في الإقراض.
ـ إعطاء دور فاعل وحقيقي للقطاع الخاص من خلال القوانين وتسهيل الإجراءات الإدارية له في معاملاته مع المؤسسات العامة.
ـ إنشاء جهاز تصديري تتوفر لديه كافة المعلومات المتعلقة بالأسواق الخارجية.
ـ فتح الأسواق العربية أمام المنتجات الفلسطينية.
ـ تأسيس نظام معلوماتي يسهل التعامل بين كافة الوزارات والمنشآت الاقتصادية.
ـ الإسراع في إنشاء ميناء غزة والمنطقة الصناعية لاستيعاب العمالة الفلسطينية.

المراجـع
1ـ د.فاروق دواس: آثار العقوبات الجماعية والحصار والاعتداءات الإسرائيلية على البنى الاقتصادية جمعية مركز الدراسات العمالية، أبريل 2001.
2ـ الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين: نتائج الحصار وانعكاساته على الطبقة العاملة الفلسطينية، المكتب الإعلامي، غزة 28/4/2001.
3ـ مركز الميزان لحقوق الإنسان: الوضع الاقتصادي للأراضي المحتلة في ظل الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ديسمبر 2000.
4ـ المركز الوطني للمعلومات: الخسائر الاقتصادية الفلسطينية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي خلال الفترة 28/9 حتى 4/12/2000 الهيئة العامة للاستعلامات.
5ـ التقرير الاقتصادي العربي الموحد، يوليو 2000.
6ـ سامي مقداد: استراتيجية التنمية في فلسطين، الدائرة الاقتصادية، أكتوبر 1999.
7ـ سامي مقداد: أضواء على الاتفاق الاقتصادي الفلسطيني الإسرائيلي، الدائرة الاقتصادية مايو 1999.

وزارة الصناعة تقرير خسائر الزراعة، 29 سبتمبر 2000 ـ 31 مايو 2001.

عصام سمير دلول
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف