الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سلطان الدنيا بقلم:آمنه شريف

تاريخ النشر : 2019-08-23
اعلم يا سلطانَ الدنيا أنّ اللهَ أنعم عليك نعمًا كثيرة يتعيّنُ عليك حفظها و إذاعتها و نشرها فمن لم يشكر نِعَم الله جلّ ثناؤه و لم يحفظها فقد عرّضها للزوالِ و عرّض نفسه للمحاسبةِ و سوء المآل، و أنّك لراحلو أن دنياك منازل فأولُ منازلِك بطنُ أمّك و آخرُهَا لحدُ قبرِك و ما بعد تلك المنازل يكون استقرارك و مكثك فالدنيا ليست بدارِك و لا قرارك، فالإنسان العاقل هو من يدّخر من زادِ يومه لغدِه فلا يجوعُ في يومِه و لا يعرى في غدِه ...

و اعلم أن اللهَ موجودٌ منذ الازل و موجودٌ للغد كما كان موجودًا بالأمس كما هو موجودٌ اليوم فإنه باقٍ و ليس لبقائه فناء و لا انتقال ، منزّهٌ عن الكم و الكيف و عن لماذا و متى و أين ، فكل ما في العالم تحت قبضةِ قدرتِه و مشيئته فإنّ جميع الأشياء بقدرته ظهرت فوجود كلّ شيءٍ به ،فهو عالمٌ لكل معلوم و سميعٌ لكل مسموع و بصيرٌ لكل مُبصَر و أنه قد حرّم الظلم على نفسه و كلّ ما ملك ..

و اعلم أن السلطةَ نعمةٌ من نعمِ الله التي أنعمها عليك فيجب عليك حفظها و حسن التصرف بها و شكرها و أن تعرف قدرها و تعلم خطرها فمن قام بحقها نال السعادة و ضمن الآخرة و من انتهك حرمتها و استغلها بغير حقها حصل على شقاء ليس بعده شقاء و ندلل على عظمة تلك السلطة و خطرها قول نبينا الكريم و خير المرسلين النبي محمد"صلّى الله عليه و سلّم""أحبُّ الناس إلى الله تعالى و أقربهم إليه السلطان العادل و أبغضهم إليه و أبعدهم منه السلطان الجائر "

فاعتبر نفسك من الرعية و أن السلطان غيرك فكلّ ما لا ترضاه لنفسِك لا ترضى به لأحدٍ من رعيتِك و أهلِك فلا ترضى لهم بالظلم و الهوان فإنّك تُسأل عن ظلمهِم كما تُسأل عن عمرِك فيما أفنيته ، فعاملوا رعاياكم و أهلَكم خيرًا فإذا سألوكم الرحمةَ ارحموهم و إذا حكموكم اعدلوا فيهم ،فيُحكى عن عمر بن عبد العزيز أنه سئل ما كان سبب توبتك قال كنت أضرب يومًا غلامًا فقال لي اذكر الليلة التي تكون صبيحتها القيامة فعمل ذلك الكلام في قلبه .

و إن وَقَفَ ببابك من كان من أصحابِ الحوائج فلا تحتقر من حلِّ أمره و لا تنشغل عن قضاء حاجته فمن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم ، فقضاء حاجة العباد من أجلِّ العبادات وأكرمها، فكن لينًا هيّنا في الأمور التي تحتاج الرفقَ و لا تكن شديدًا فظّا في كل أمورك دقها و جلّها فتحلّى بكظم الغيظ و اقتدِ بقول النبي محمد عليه السلام :" من كظم غيظه و هو قادر على ألّا يكظمه ملأ الله قلبه بالإيمان " فبكم تسعد الرعية و تزهى ..

و اعلم يا سلطانَ الدنيا أن العالِم الحقيقي هو من ينصفك بالوعظِ و النصحِ صادحًا في الحقِّ لا يخافُ في الله لومةَ لائم لا يداهن و لا يتزلّف يحفظ للدين هيبته يثبث في وجه الظلم يستشعر بعظمة المسؤولية الواقعة على عاتقه بالوفاء لعهد الله و نصرة دينه و إنصاف أهله و أخذهم لبرِّ الأمان فقال تعالى " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ" ، تشوّف لذاك العالِم قرّبه منك اجعله حاشيتك الصالحة خذ بعين الاعتبار أوامره و نواهيه ، واحذر من عالم السوء الذي يحرص على متاع الدنيا ببيع دينه و آخرته بدنياه ، يستنبط الحيل ويلوي أعناقَ النصوص ليصل إلى مراده من الشهوات فيغرّك و يجمّل الظلم في عيونك فهو بهكذا يسعى لهلاكه و هلاكك لأجل حطام الدنيا الزائلة ...

و اعلم يا سلطان الدنيا أنّ العقل جند الخير و أنّ الجهل جند الشر، فالعقل يجعلك ترى ماهيّة الأشياء و حقائق بواطنها فلا تغتر بالظاهر ،والعاقل من نظر في أرواح الأشياء و حقائقها لا من اكتفى بالظاهر ، أمّا إذا غلب عليك الجهل والغضب فإنّك ماثلت البهائم فينبغي أن تميل في أمورك إلى جانب العفو أن تتعود على الكرم و التجاوز أن تقتدي بالرحماء.

كن سامي الهمّة عزيز النفس قنوعًا زاهدًا في ثيابِك و طعامك و شرابك و جميع أشيائك مترفعًا عن متاع رعيتك فلا تجعل الطمع قائدًا لحياتك و سلطتك فيقول الشاعر :

لو كنت تقنع بالكفاية لم يكن

بالدهر أرفه منك عيشًا فيه

أو كنت يوما فوق ذلك طامعا

لم تكفك الدنيا بما تحويه

و اعلم يا جبّارَ الأرض إن تعاليت و عثت الفساد فلا مهرب لك من جبّار السماء فاتعظ و ارجع لطريق الحق الذي لا يحيد و لا تتهاون بمعاصيك تجرّد منها و أعد الحقوق لأهلها و كن سلطانًا باسط اليدين إلى الخير ناشر الأمن و العدل الذي يحرر الناس من الخوف ، فتعلّم من هارون الرشيد فيحكى أن رآه بعض الأكابر في عرفات و هو حافٍ حاسر قائم على الرمضاء الحارة و قد رفع يديه و هو يقول :"إلهي أنت أنت و أنا أنا الذي دأبي كل يوم أعود إلى عصيانك دأبك و أن تعود إليّ برحمتك "فقال أحد الكبراء :انظروا إلى تضرع جبار الأرض بين يدي جبّار السماء..

و نختم بحكاية لنتفكر بها جيدًا ،حيث أُعطي الحجاج بن يوسف الثقفي في بعض الأيام قصة مكتوبًا فيها "اتقِ الله و لا تجر على عباد الله كل هذا الجور "فرقى الحجاج المنبر و كان فصيحًاا فقال :"أيّها الناس إنّ الله سلّطني عليكم بأعمالكم فإن أنا مت فلا تخلصون من الجور مع هذه الأعمال السيئة فإن الله تعالى خلق أمثالي كثيرًا و إذا لم أكن أنا كان من هو أكثر شرًا .قال الشاعر:

و ما من يد إلّا الله فوقها

و لا ظالم إلّا سيبلى بظالم
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف