الأخبار
الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح دون إعلان رسميالخارجية القطرية تتحدث عن آخر مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار بغزةبايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاء
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من حج لله فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه بقلم:د.تيسير رجب التميمي

تاريخ النشر : 2019-08-22
من حج لله فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه  بقلم:د.تيسير رجب التميمي
هذا هو الإسلام

((( ... من حج لله فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه ... )))

الشيخ الدكتور تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس

ها قد وصلت طلائع وفد الرحمن إلى أرض الوطن ، عادوا مغفوراً لهم بإذن الله ، عادوا كيوم ولدتهم أمهاتهم ، فهنيئاً لكم يا حجاج بيت الله الحرام فضل ربكم عليكم ، هنيئاً لكم أن أتممتم مناسككم وأديتم فريضتكم ، وحمداً لله على سلامة عودتكم ، والعقبى لكل مسلم بعدكم أن يبلغ الديار المقدسة التي بلغتم .

الحج عبادة روحية وبدنية ومالية ، زَيِّنها الشرع بمحاسن الأخلاق والآداب والفضائل ، وأولها أن الحاج ينبغي له أن يكون بعد عودته خيراً مما كان عليه قبل ذهابه , بازدياد صلاحه وإقباله على الخير والبعد عن الشر , فهذا من علامات قبول حجه ، فإن لصلاح العمل آيات ولقبوله علامات ، وعلامة بر الحج أن يزداد الحاج بعده خيراً ، وألاَّ يعاود المعاصي ، فهذا هو الحج المبرور الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم { الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } رواه البخاري .

ومن علامات الحج المبرور الخالص المقبول عند الله تعالى أن يرجع الحاج زاهداً في الدنيا راغباً بالآخرة ، كيف وقد عاهد الله في المشاعر المقدسة على الاستقامة في القول والعمل والنية والعزيمة ، وعاهده على سلوك كل سبيل يرضيه وتجنب كل ما يغضبه ، فقد أعلن بالتلبية إقباله على الله وانقياده له ، وبالطواف أعلن تصميمه على التمسك بدينه والعمل على إعلاء كلمته ، وبرمي الجمار أعلن محاربته لقوى الشر والبغي والطغيان والعدوان ، وبالنحر أعلن استعداده للتضحية والفداء في سبيل ربه ودينه ووطنه وقضاياه العادلة ، وبتقبيله الحجر الأسود عاهده على الالتزام بشرعه وهديه .

فليحرص الحاج على إرضاء ربه وطاعة أمره واجتناب نهيه ، وليحذر أن يبطل عمله أو يضيع أجره ، وليحفظ ما أكرمه الله به من مغفرة الذنب وقبول التوب ، وليداوم على استقامته وعبادته ، وليلتزم بالتقوى في القول والعمل ، قال سبحانه وتعالى { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } المائدة 93 ، فالتقوى خير زاد للروح والقلب ، ويتأكد ذلك إذا بلغ بها درجة الإحسان ، وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم الإحسان في العبادة بقوله { أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } رواه مسلم ، أما الإحسان في المعاملة فهو مقابلة الإساءة بالإحسان ومقابلة الإحسان بأحسن منه ، قال سبحانه وتعالى { هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ } الرحمن60 .

وليعلم الحاج أن تجديد المعاصي والذنوب والآثام بالإصرار على نقض التوبة هو من أكبر الكبائر في كل الأوقات ، ويتأكد ذلك بعد أداء فريضة الحج ؛ وبالأخص بعد قوله صلى الله عليه وسلم { من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه } رواه البخاري أي رجع بلا ذنب باستثناء حقوق العباد .

وليبدأ الحاج الذي أحرم متمتعاً أو قارناً إن لم يقدر على ذبح الهدي في منى بصيام سبعة أيام تكملة العشرة ، وذلك لقوله تعالى { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } البقرة 196 .

وليكثر من الدعاء والذكر والشكر ، قال تعالى { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } البقرة 200-202 .

أما أبرز أحكام عودة الحاج إلى الأهل والوطن والبلد فمنها :

* يستحب للحاج إذا رأى بلدته أن يقتدي في ذلك برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد كان إذا قفل من الحج أو العمرة { يكبر ثلاثاً ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون } رواه البخاري .

* ويحسن بالحاج ألاَّ يَقْدِمَ على أهله ليلاً إلاَّ إذا بلَّغهم بذلك وأخبرهم بوقت قدومه لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً } رواه البخاري ، وما أيسر ذلك اليوم مع توفر وتطوُّر وسائل الاتصال وتنوعها .

* ويندب له أن يبتدئ بالمسجد الذي بجوار بيته ويصلي فيه ركعتين ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يقدم من سفر إلا في الضحى فيبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين ويقعد فيه } رواه البخاري .

* فإذا دخل بيته يستحب له أن يدعو الله تعالى بقوله { توباً توباً لربنا أَوْباً لا يغادر علينا حوباً } رواه أحمد .

* ويستحب له أن يلاطف الأطفال والصغار من أهل بيته وجيرانه ، وأن يحسن إليهم إذا استقبلوه ، قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقاه صبيان أهل بيته ، وإنه قدم من سفر فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابْنِيْ فاطمة فأردفه خلفه حتى دخلنا المدينة } رواه مسلم .

ويسن لمن يأتي للسلام على الحاج وتهنئته بسلامة عودته :

* أن يصافحه ويعانقه - إن لم يكن في ذلك ضرر - فقد كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا ، وإذا قدموا من سفر تعانقوا ، وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما { وجّهَ جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة فلما قدم منها اعتنقه النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه } رواه الحاكم .

* ويندب له أن يدعو للحاج بقوله { تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك } رواه عبد الرزاق .

* ويستحب له أيضاً أن يطلب منه الاستغفار له . ويستحب للحاج أن يجيب طلبه فيدعو له بالمغفرة فإنه مرجوّ الإجابة لقرب عهده بالتوبة والغفران ، قال صلى الله عليه وسلم { اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج } رواه البيهقي .

ويستحب للحاج تقديم الهدايا وبالأخص للأطفال والخاصة من الأهل والأصحاب لما فيها من إدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم ، وتعميق المودة والمحبة وتطييب النفوس وإزالة الشحناء والبغضاء , ويستحب قبولها والإثابة عليها بالدعاء للحاج , ويكره له ردها لغير مانع شرعي ، قال صلى الله عليه وسلم { تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء } رواه مالك ، ولكن ينبغي تجنب الإسراف والمغالاة فيها أو تكليف النفس فوق طاقتها ، والأفضل تخير الهدية مما ينتفع به .

لكن معظم القادمين من الحج أو العمرة اعتادوا تقديم كثير من الهدايا غير النافعة للوفود التي تحضر لتهنئتهم والسلام عليهم ، والتي تكثر بكثرة ما يهنئون من الحجاج ؛ كالمصاحف الصغيرة التي تتعذر القراءة منها فتصبح مهجورة ، وهذا ما حذر منه القرآن الكريم بقوله تعالى { وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } الفرقان30 ، وكسجاجيد الصلاة التي تتكدس عند الزوار الذين يندر استخدامهم لها في صلاتهم ، وكالمسابح والمساويك التي لا يواظب كثيرون اليوم على استعمالها ، وفي هذا ومثله إهدار للأموال العامة والخاصة بغير طائل إلاَّ الدعاء الآنيّ للحاج ، مما يؤثر على الوضع المعيشي للناس عموماً ، فالمال عصب الاقتصاد الوطني الذي يسهم في النهوض بالبلاد وأهلها .

ويسن للقادم من الحج جمع الأقارب والأرحام والجيران والأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر { فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزوراً أو بقرة } رواه البخاري . ولكن ينبغي للحاج ألاَّ يغالي في هذه الوليمة أو يبالغ في نفقاتها أو يجعلها للرياء والمباهاة .

وفي هذه الظروف الاقتصادية والحصار الظالم المفروض على شعبنا حري بنا الاتصاف بالتوسط والاعتدال في هذه النفقات ، وبالأخص أن كثيراً من الناس في الظروف العادية يحجمون عن أداء فريضة الحج ويحرمون أنفسهم ثواب هذه العبادة العظيمة بسبب التكاليف الباهظة التي ترافقها من هدايا وولائم ونفقات لا مبرر لها إلاَّ العادات والتقاليد التي ألزموا أنفسهم بها بحيث أصبحت من الواجبات التي تثقل كاهلهم وتعرضهم للانتقاد إن هم قصروا فيها ، بل وتكلفهم ما لا يطيقون ، قال تعالى { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } البقرة 286 .

ومن أراد الثواب من الله تعالى ومضاعفة الجزاء منه سبحانه فلينفق هذه المبالغ على المساكين والفقراء الذين يعانون البأساء والضراء ، فهذا هو التكافل بين المؤمنين الذي أوجبه عليهم الدين في الطوارئ والكوارث والنوازل ،

ومما اعتاد عليه الناس المحتفلون بعودة الحجاج أو الأعراس إطلاق أعيرة الذخيرة الحية أو الألعاب النارية والمفرقعات ، فنناشد الجميع الإقلاع عن هذا السلوك السلبي الخطير ؛ الذي يدخل الفزع في قلوب المرضى من المسنين والأطفال ، ويرعب الآمنين ، فإطلاق النار واستعمال السلاح إنما هو للجهاد ، ولا يكون في الأمن والأفراح ، هذا بالإضافة إلى ما تخلفه من إصابات بين المشاركين والحاضرين بل حتى المجاورين .

وختاماً نتمنى على الله عز وجل لإخواننا الحجاج عوداً محموداً ونقول لهم : جعل الله حجكم مبروراً وسعيكم مشكوراً وذنبكم مغفوراً وتجارتكم لا تبور إن شاء الله .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف