الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دعوى التعويض عن حكم البراءة بقلم:نور الدين عطايا رجب أبو زر

تاريخ النشر : 2019-08-22
نقابة المحامين الفلسطينيين لجنة التدريب

بحث بعنوان

" التعويض عن البراءة "

إعداد المحامي تحت التدريب :
نور الدين عطايا رجب أبو زر

1439 هـ - 2018 م

بسم الله الرحمن الرحيم
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)
صدق الله العظيم
البقرة:194

الإهداء ....
إلى الذين لم تسعفهم العدالة في عدلٌها
... المدُانينَ الأبرياء ...

إلى كل ضحايا الاشتباه ..والتوقيف
... مُداني الاكتفاء بمدة التوقيف ...

وإلى ضحايا المحاكمات السريعة
... مذنبي إغلاق الملفات ...

إلى أصحاب البراءة المنقوصة


(ب)

أهمية البحث :
الأصل في الأنسان البراءة , انطلاقاً من هذا النص تنطلق اهمية البحث حيثُ أنه يتناول في فحواه , ضرراً قليلاً ما يلتفت اليه أحد , فلا يسلط عليه التعويض , حيثُ أننا نجد ان المتهم يبذل قصارى جهده ليثبت براءته مما نسب إليه من اتهامات كيدية , ويكتفي بهذه البراءة , ويكتفي القضاة باستصدار هذا الحكم دون التطرق لزاوية أخرى غائبة عن ذهب الجميع , لا يشعر بها سوى المتهم البريء وذويه فكثيراً ما يٌشتبه بـ أشخاص ويتم توقيفهم أو كثيراً ما يحدث تلفيق الاتهامات وكيديته، مما تسبب الضرر المادي والمعنوي والنفسي والاجتماعي للبريء من خلال الإجراءات الجنائية التي تتخذ ضده، تفتيشا وقبضا وحبسا احتياطيا ومهانة واهدارا للكرامة ومثوله امام المحاكمة , وتلك الحالات موجودة في الواقع للأسف لوجود بعض الأشخاص المجحفين الظالمين دون خلق يمنع او دين يردع , وحيث ان توقيف المتهم لفترة طويلة وتوجيه له تهمة فأنه يضير بسمعته وكيانه وربما وظيفته وعلاقته الاجتماعية اضافة الى تقييد حريته فترة ليست ببسيطة من الزمن , فمن سيكون مسؤول عن تعويض هذا المتهم الذي ثبتت براءته .
أهداف البحث :
يتناول الفقه القانوني مبدئ التعويض عن البراءة وذلك على اساس :ـ
أولاً / التعويض لجبر الضرر

وذلك لأن فكرة التعويض بالأساس تقتضي التعويض لجبر الضرر الذي لحق بالأخرين
ولما كان المتهم البريء متضرراً من اتهامه ضرراً مادياً ومعنوياً فحق له القانون
تعويضاً يجبر الضرر الذي لحق به .


وثانياً / ردع صاحب التهمة الكيدية عن فعلته

وحيثُ أن ثبوت براءة المتهم من التهمة الكيدية التي وجهت له فإنها تثبت بشكل ضمني أن التهمة الكيدية بحد ذاتها هي فعل مجرم وغير مشروع , ولذلك صاحب التهمة الكيدية لما يضطر لأن يقوم بتعويض البريء وهذا يعتبر بمثابة عقوبة رادعه له كي لا يعود لمثل تلك التهم الكيدية.


أسباب البحث
1- بيان أهمية التعويض عن البراءة
2- بيان انواع البراءة التي يجوز فيها التعويض
3- بيان الطرق القانونية لردع أصحاب التهم الكيدية .
4- بيان الدوافع الرئيسية للمشرع لتعويض المتهم البريء
5- توضيح شروط وأركان التعويض عن البراءة .
(جـ )
إشكاليات البحث :
1- دور التعويض عن البراءة في جبر الضرر عن المتهم الذي ثبتت براءته .
2- انواع البراءة التي تستحق التعويض .
3- الرجوع بالتعويض عن البراءة على المدعي بالحق المدني
4- الرجوع بالتعويض عن البراء على الدولة


منهجية البحث :
من أجل الإلمام بالتعويض عن البراءة فقد تم اعتماد المنهج النظري الوصفي التحليلي فيما يتعلق بموضوع التعويض عن البراءة .

خطة البحث :
• المقدمة
• المبحث الأول: التعويض عن البراءة.

المطلب الأول : تعريف التعويض وماهيته .
المطلب الثاني : شروط التعويض وأركانه .
المطلب الثالث : تعريف البراءة وماهيتها .
المطلب الرابع : أنواع البراءة .

• المبحث الثاني/ دعوى التعويض عن البراءة

المطلب الأول : شروط وأركان دعوى التعويض عن البراءة
المطلب الثاني : الرجوع بالتعويض عن البراءة من المدعي بالحق المدني
المطلب الثالث : الرجوع بالتعويض عن البراءة من الدولة
المطلب الرابع : سوابق قضائية
نتائج البحث
توصيات البحث
مصادر البحث


(هـ )


المقدمة /

كثيراً ما نسمع بتلفيق الاتهام وكيديته، لذلك يعد من أخطر الاتهامات التي تؤذي البريء لما فيه من معاناة شخص بريء من رهبة الإجراءات الجنائية التي تتخذ ضده، سواء تفتيشا وقبضا وحبسا احتياطيا ومهانة واهدارا للكرامة ومثوله امام المحاكمة مكبلا بلباس السجن او بحضوره امام المحاكمة بعد خروجه بكفالة مادية، وتلك الحالات موجودة في الواقع للأسف لوجود بعض الأشخاص المجحفين الظالمين دون خلق يمنع او دين يردع. وحتى انه قد يكون قد تسبب في انقطاع مصدر رزقه , وتفكك اسرته أو تفويت العديد من الفرص عليه سواء أكانت فرص علمية أو فرص عملية أو ربح أو تجارة أو على غرار الضرر المعنوي الذي يلحق بنفسيته وبنفسية ذويه , ونظرة المجتمع لهم ,
ولما كان التعويض في طبيعته جبراً لضرر الحاصل للمتضرر نتاج , و يكفل القانون في جميع أنحاء العالم حق التعويض في حال تعرض شخص لضرر ألحق به الأذى النفسي أو البدني، سواء من قبل أشخاص، أو مؤسسات، حيث أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض وهذا ما دفعنا لأن نسأل هل يحق للمتهم البريء أن يرجع بالتعويض لمن أدانه باتهام كيدي؟
وهل للمتهم البريء أن يرجع بالتعويض على الجهات الحكومية ان كان توقيفه نتيجة اشتباه؟


(1)
المبحث الأول
التعويض عن البراءة

التعويض عن البراءة /
هو التعويض عن ما سبق حكم البراءة من اجراءات الحقت الضرر به سواء من توقيف أو اتهام او تحقيق وتبعاتها على حياته الشخصية بشكل معنوي ومادي .
نطاق تحقيق العدالة ورفع الظلم وبيان للبراءة يتجسّد في جل القوانين والدساتير في العالم فالبراءة التي تقرر بحكم محكمة هي الغاية التي يبحث عنها كل شخص في حال الاتهام، ليأتي بعدها التساؤل: هل البراءة تلزم التعويض؟
إعلان البراءة بالحكم القضائي قد يكون على سبيل القطع عندما تثبت المحكمة تماما باليقين والادلة براءة المتهم او يكون على سبيل الترجيح فما يميز الأولى أنها براءة قاطعة بالموضوع بعدم إدانة المتهم .
أما الثانية
فهي ترجح عدم قناعة المحكمة وتشككها في الادانة، فدائماً نجد القاعدة القانونية في احكام المحكمة بتفسير الشك لمصلحة المتهم لكي تقضي بالبراءة إذ إن مرجع الأمر يرجع الى ما تطمئن اليه في تقدير الدليل ما دام انه أحاط الدعوى عن بصر وبصيرة، فالغاية منها اصل الانسان بريء حتى تثبت إدانته هو الحرص والحذر في زج الناس في السجون، وأخذا بحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): (ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم، فلئن يخطئ القاضي في العفو خير أن يخطئ في العقوبة) قد علمنا ان الجرائم التي نص عليها القانون هي جريمة تقليدية والمعروفة من الأزل، وهي على سبيل المثال القتل والسرقة وغيرها، الا ان بعد تطور الجرائم جاء المشرّع البشري لتنظيم العلاقات ان ينظم لنا أنواعا جديدة من الجرائم، وعلى سبيل المثال: تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية وغسل الأموال والجرائم الالكترونية وجرائم الاتجار بالبشر وجرائم الارهاب وغير ذلك من الجرائم التي تظهر مع ظهور التكنولوجيا او بظهور أفعال دخيلة لينظم لها تشريعا مستقلا ليجرم بعض الأفعال التي تعود بالضرر على أمن المجتمع وحفاظا على العدالة المجتمعية ؛ فالاتهامات التي تدين بها الفاعلين بناء على نص قانوني صريح وواضح حفاظا على عدم انتهاك حرية الإنسان وانطلاقا بحماية حقوق الانسان وكرامته وعدم تعريضه للخطر جاء التنظيم التشريعي منظماً الى آليات التحقيق والاجراءات القانونية في القبض والتفتيش والملاحقة والحبس الاحتياطي والتحقيق الابتدائي وضبط الأشياء المرتكب بها الجريمة ونظر الجرائم في دوائر المحكمة بين دائرة جنايات وجنح وتنظيم الجلسات والطعون وتنفيذ الأحكام الجزائية، ليكون المشرع اكثر عدالة في تطبيق القانون وادانة الناس والحصول على محاكمة عادلة يأمن الناس على حرياتهم ولا يترك مجالا للتلاعب والكيد والفساد.. والحصول على البراءة هنا يكون بمثابة براءة منقوصة وذلك لتحقق الضرر المادي والمعنوي للمتهم الذي حصل على البراءة ومن هذا المنطلق كان لابد من التعويض عن حكم البراءة .

(2)

المطلب الأول
تعريف التعويض وماهيته


تعريف التعويض وماهيته /

لم يثار جدل فقهي كبير حول تعريف التعويض في القانون كما ثار الجدل في تعريف موضوعات قانونية أخرى وذلك يرجع لأن فقهاء القانون لم يتعرضوا لتعريف التعويض من خلال وضع نصوص محددة تبين تعريفه ، وانما تعرضوا مباشرة لبيان طريقته وذلك عند تعرضهم للحديث عن جزاء المسئولية ، وذلك ربما يرجع الى ان التعويض معناه واضح لا يحتاج الى زيادة ايضاح ، ومع ذلك حاول بعض فقهاء القانون المدني تعريف التعويض ومن هذه التعريفات :
(ان التعويض هو ما يلتزم به المسئول في المسئولية المدنية تجاه من اصابه ضرر فهو جزاء المسئولية.)

أي انه اذا وقع عمل غير مشروع ، نشأ عنه حق في تعويض الضرر الذى نجم عنه.
وعلى هذا ينبغي مقابلة هذا الضرر بمال عوض عنه
وعرفه صاحب معجم المصطلحات القانونية ( بأنه ما يعطى للمرء مقابل ضرر لحق به )،ويقدر في المسئولية غير التعاقدية طبقا لحجم الضرر مبدأ الموازنة بين الضرر والتعويض.
وعرف ايضا بأنه: (جبر الضرر الذى لحق المصاب) واذا كان التعويض هو جزاء المسئولية فأنه يجدر بنا التعرض للمسئولية بوجه عام ،فهي تعبير شائع عند رجال القانون لا يقصد منه سوى المؤاخذة على فعل ضار ،وعرفوها بأنها : (التعويض عن الضرر الناشئ عن فعل غير مشروع ) .كما عرفت ايضا (بانها تحمل التزام او جزاء قانوني نتيجة فعل او تصرف يرتب عليه القانون اثارا شرعيه ولا تعدو المسئولية بوجه عام عند بعضهم عن كونها المؤاخذة والتبعية.)
ومن ما سبق من تعريفات يمكن ان نخلص الى ان التعويض في القانون هو : جبر وازالة الضرر الناشئ عن المسئولية المدنية واعادة المضرور الى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر.
وبذلك يرتبط التعويض بالضرر ، ويقيم على اساسه اعمالا للقاعدة فالضرر يزال
والحكم بالتعويض يكون بإعادة المضرور الى ما كان عليه قبل وقوع الضرر ما امكن ، والا كانت الإعادة بالتضمين ، وهو الحكم بالضمان وذلك يكون بالزام المعتدى بمثل ما اتلفه من المال او بقيمته


المطلب الثاني
شروط التعويض وأركانه.


وقبل التطرق لشروط التعويض علينا معرفة وتمييز أنواع التعويض بشكل عام
حيثُ ان التعويض بشكل عام له ثلاثة أنواع وهي

• التعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي:

هو اتفاق مسبق بين المتعاقدين على تقدير التعويض المستحق في حالة عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو التأخر فيه .
أو هو الشرط الذي يورده المتعاقدان في الاتفاق ويحددان فيه مقدار التعويض المستحق للدائن، عند عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو التأخير في هذا التنفيذ

• التعويض القانوني:

هو التعويض الذي يتكفل المشرع بتحديد مقداره في نصوص تشريعية ، ومن أمثلته:

1/ التعويض القانوني عن التأخير في الوفاء بالتزام مالي (فوائد التأخير):
تعتبر فوائد التأخير تعويض قانوني عن التأخير في الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ من النقود بصرف النظر عن المصدر المنشئ للالتزام ، وقد نصت عليها المادة رقم 226 من القانون المدني:
"إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية. وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره".

2/ التعويضات القانونية المقدرة في قانون العمل:

مثل التعويض المنصوص عليه في قانون العمل بخصوص تشغيل العامل في يوم الراحة، والمنصوص عليه في المادة رقم 85 من قانون العمل:
".......... ، فإذا وقع التشغيل في يوم الراحة استحق العامل مثل أجره تعويضاً عن هذا اليوم، ويمنحه صاحب العمل يوماً آخر عوضاً عنه خلال الأسبوع التالي، .........".


• التعويض القضائي:

هو التعويض الذي يقدره القاضي كجزاء مدني ناشئ عن إخلال شخص بالتزام قانوني أو بالتزام عقدي نشأ عنه ضرر لشخص أو ناشئ عن مسؤولية تقصيرية أو عن فعل ضار أحدثه شخص تسبب بالضرر لشخص أخر وهذا يكون تقديره للقاضي ولا يستحق ألا بعد المطالبة به من خلال دعوى قضائية يتقدم بها الشخص المتضرر ضد من تسبب له في الضرر .

وما يعنينا في هذا المقام هو التعويض القضائي لأن التعويض عن البراءة لا يمكن أن نتصوره في شكل تعويض اتفاقي أو شرط جزائي ولم ينص عليه القانون بشكل واضح وصريح في نصوصه القانونية كما نص على التعويض في قانون العمل , كي يستحق بقوة القانون بمجرد تحققه
وعليه من هنا سنتطرق للحديث في شروط واركان التعويض القضائي

شروط التعويض وأركانه

ان شروط التعويض واركانه هي ذاتها شروط المسؤولية المدنية بصفة عامة
حيثُ حتى يُستحق التعويض يجب أن يتحقق الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما
حيثُ انه لا يكفي لأن يحدث الخطأ حتى يستوجب التعويض
بل يجب أن يتحقق الضرر وتتحقق العلاقة السببية بين فعل الخطأ و الضرر الذي لحق به
وليس أي ضرر يستحق التعويض بل هناك شروط لضرر حتى يستوجب التعويض
حيثُ أن الضرر الضرر هو الأذى الذي يصيب الإنسان في جسمه أو ماله أو شرفه أو عاطفته.
وهو الركن الثاني من أركان المسؤولية يسبقه الخطأ وتلحقه العلاقة السببية وبغير توفره لا تتوفر المسؤولية ولا يمكن للقضاء الحكم بالتعويض.
الضرر القابل للتعويض
باعتبار الضرر هو المساس بحق أو لمصلحة مشروعة للإنسان سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة متعلقة بسلامة جسمه أو عاطفته أو ماله أو حريته أو شرفه أو اعتباره أو غير ذلك.
فالضرر هو الشرط الثاني اللازم لتحقيق المسؤولية إذ بدونه لا تنجح دعوى التعويض. وسواء كان الضرر ماديا أو معنويا فإنه لا يكون قابلا للتعويض عنه إلا توافرت فيه شروط معينة بأن يكون ضرر مباشرا ومحققا وشخصيا ناشئا عن الإخلال لمصلحة مشروعة .
الشرط الأول:
أن يكون الضرر شخصيا حيث جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 264 من ق.ل.ع: "الضرر هو لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فته من كسب..."
وهذا يعني أن المطالبة بالتعويض حق للمضرور المباشر وحده لارتباط ذلك بمصلحته إذ كما هو معلوم فإن المصلحة هي مناط الدعوى ولا يشترط في المضرور أن يكون شخصا طبيعيا فهو قد يكون شخصا اعتباريا أيضا كالشركات والجمعيات والمؤسسات العمومية .

الشرط الثاني:
أن يكون الضرر محققا حيث بمقتضى هذا الشرط يجب أن يكون الضرر قد وقع حالا. وهو ما يسمى بالضرر الحال وإذا كان الوضع المألوف في ميدان المسؤولية التقصيرية هو وقوع الضرر دفعة واحدة إلا هناك بعض الحالات الأخرى التي يحصل فيها الضرر على مراحل متباعدة فيما بينها. إلا أن سببها الحقيقي يكون قد نشأ منذ البداية .

الشرط الثالث:
أن يكون الضرر مباشرا قد ينتج عن دعم تنفيذ الالتزام سلسلة من الأضرار يعقب بعضها البعض الآخر، فهل يسأل المدين عنها جميعا أم يسأل عن بعضها؟ الحقيقة أن المدين لا يسأل مبدئيا إلا عن الضرر المباشر أما الضرر غير المباشر فإنه يمكن أن يأخذه القاضي بعين الاعتبار إذا اخل المدين بالتزامه عن عمد أو اقترف خطأ جسيما أو غشا.

المطلب الثالث

تعريف البراءة وماهيتها

فالبراءة :
هي الحكم الذي بموجبه يعود الفرد إلى ما كان عليه قبل الاتهام من براءة ذمته مما وجه إليه من اتهام وذلك اما عند انتفاء الادلة أو عدم كفايتها .

فأساس الحكم بالبراءة يجب ان يكون متوافقاً واحكام القانون‏ بناءً عليه : أنه لا يجوز تحريك الدعوى العامة مجدداً وكذلك لا يجوز اقامة دعوى مدنية حيث ان قرينة البراءة تعني افتراض براءة الشخص اساساً ولا تسقط هذه القرينة إلا بصدور حكم نهائي بالإدانة وهذا هو الأصل‏
ولا شك أن حكم البراءة هو حق مكتسب للمتهم أو المدعى عليه حتى لو تبين لاحقاً إن المحكمة مصدرة القرار كانت قد اخطأت بتطبيق القانون أو ظهرت ادلة جديدة ضده , وإن الحكم بإعلان البراءة يستدعي عدم الحكم بأي تعويض وللمتضرر الحق بإقامة دعوى مدنية ‏ ويجب التنويه ان حكم البراءة لا يكون حكماً مبرماً إلا بعد أن يستنفذ كافة طرق الطعن العادية والاستثنائية , وعند أبرامه فإنه يلغي المسؤولية الجزائية والمالية عن المتهم , حيث أن نقض الحكم من قبل محكمة النقض أو فسخه من قبل محكمة الاستئناف يؤثر في المسؤولية الجزائية وبالتالي يصبح المتهم مسؤولاً بالتعويض ايضاً‏.

المطلب الرابع
أنواع البراءة
أنواع البراءة :ـ
ان البراءة بصورتها البسيطة تعني انتفاء مما نُسبَ أو وجه للمتهم من اتهامات , ولكن قد تتجلى أمامنا عدة صور أخرى للبراءة حيثُ ان ليس كل أنواع البراءة تستوجب التعويض فمنها ما يستوجب التعويض ومنها ما لا يستوجب التعويض حيثُ أن أنواع البراءة ثلاثة وهي :ـ
(براءة موضوعية كاملة , براءة موضوعية لعدم كفاية الأدلة , وبراءة شكلية لبطلان الإجراءات )

اولاً / براءة موضوعية كاملة:

تثبت عدم توافر أركان الجريمة كما ذكرها نص التجريم في حق المتهم، فالبراءة هنا تغني المتهم من وقوع التعسف او التسرع او الإجحاف في إدانته واتهامه ومحاكمته، فيحق للمتهم البريء بالنوع الأول الرجوع على الشاكي او من كاد له بالتعويض الجابر للضرر، كون سوء حظه العاثر وبغير ذنب جناه وقع في مركز اتهام.

ثانياً / براءة موضوعية لعدم كفاية الأدلة:
فهي البراءة التي تكوّنها عقيدة المحكمة بسبب عدم كفاية أدلة الاتهام، ولأن الشك دائما يفسر لمصلحة المتهم فالمحكمة تبرّئ المتهم لعيب في الإثبات، ولا تكون براءته تامة وليس له تعويض.

ثالثاً / براءة شكلية لبطلان في الإجراءات:

ببطلان الإجراءات التي تؤسس قاعدة شرعية مستقرة، ما بني على باطل فهو باطل،
ولا خلاف حول تلك القاعدة كون البراءة هنا جاءت بسبب اجراء باطل اقدم عليه أفراد الشرطة من قبض وتفتيش وعدم وجود حالة تلبس وغيرها من الدفوع الشكلية والإجرائية والموضوعية التي تؤثر في سلامة الإجراءات التي كان على أفراد الامن او المباحث او النيابة او التحقيق الأخذ بها،
فغاية المشرع هنا ضمان صيانة الحقوق والحريات الفردية ضد إجراءات رجال الأمن، فالعدالة القضائية لا يضيرها إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها تجاوز حقوق الناس وحرياتهم، والقبض عليهم ومعاقبتهم بغير وجه حق.
وهذه البراءة لا تلزم المتهم البريء تعويضا , كون البراءة هنا بحذ ذاتها تعويض وذلك لبطلان الإجراءات حيثُ ان الجريمة تكون ثابتة الى حدا كبير ولكن بطلان الإجراءات أوجب البراءة كرد اعتبار عن خلل الاجراءات .

المبحث الثاني
دعوى التعويض عن البراءة

تُعرف الدعوى القضائية بأنها وسيلة للمطالبة بحماية لحق أو مركز قانوني وقع عليه الاعتداء. ولا يخلو هذا التعريف من نقد أو استثناء إلا أن ذلك مجاله الفقه ولا يسع المقام لسرده. وإحدى وسائل حماية الحقوق هي دعوى التعويض التي يقيمها المدعي للمطالبة بجبر الضرر الواقع عليه نتيجة الاعتداء علىة حقه

المطلب الأول
شروط وأركان دعوى التعويض عن البراءة


شروط دعوى التعويض عن البراءة /
وحيثُ ان دعوى التعويض مثلها مثل باقي الدعاوي القضائية لها شروط وأركان لأقامتها فلذلك لا يتصور قيام دعوى التعويض إلا بالأركان الاساسية الثلاثة وهي: ركن الخطأ، وركن الضرر، وركن علاقة السببية التي تربط بينهما والقاعدة الفقهية المستقر عليها أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه التعويض

1 ــ الركن الأول / الخطأ

فإنه لابد أن يكون ثمة خطأ أو تعدٍ من قبل المدعى عليه على حق أو مركز قانوني للمدعي، وهذا التعدي يكون في صورة غير مشروعة أي بمعنى أن يكون تصرفا مخالفا لمسلك الرجل المعتاد في التصرفات ويكون خارج حدود القانون، ويكون الخطأ في العقود بصورة مخالفة شروط العقد وهو ما يستتبعه ما يسمى بالمسؤولية العقدية وفي مسلك الأفراد الطبيعيين يأتي الخطأ في صورة المسؤولية التقصيرية والتي يأتي فيها بصورة التعدي على الغير بقصد أو بغير قصد، ففي كلا الحالين يكون المتعدي مقصرا ولا يشكل ذلك فرقاً إلا في ما يتعلق بالمساءلة الجزائية وأما بشأن ركن الخطأ في قرارات الجهات الإدارية فيكون بصورة إصدار قرارات إدارية غير مشروعة، أي بمعنى أن تقوم الجهة الإدارية بإصدار قرار اختلت أحد أركان صحته وهي الاختصاص والشكل والمحل والسبب والغاية ، فيصدر القرار معيباً ويؤثر على مركز قانوني للموظف أو أحد ذوي الشأن ويتم إلغاء هذا القرار عن طريق القضاء فبذلك يكون هذا القرار غير مشروع وتنعقد مسؤولية الجهة الإدارية عن قراراتها غير المشروعة، وهناك صورة أخرى للخطأ لا تكون نتيجة فعل وهي حالة الخطأ المفترض بنص القانون كمسؤولية المتبوع عن اعمال تابعه ومسؤولية حارس الحيوان .


(8)
2ـ الركن الثاني / الضرر


وهو الركن الثاني من أركان دعوى التعويض حيثُ لا يكفي للقول بوجوب التعويض لمجرد وجود خطأ، فلا بد أن يكون هناك ضرر أصاب المدعي من ذلك الخطأ، والضرر هو الركن الثاني من أركان دعوى التعويض، وللضرر صورتان هما: الضرر المادي والضرر المعنوي

فالصورة الأولى هي الضرر المادي

و الضرر المادي هو الأضرار التي تنصب على الأشياء المادية المحسوسة التي لها كيان مستقل واضح، وهي التي بالإمكان تقديرها بالمال، ولا بد من أن يثبت المدعي وجود هذه الأضرار المادية التي أصابته وقيمتها وقيمة التعويض المطالب به عنها، ويدخل من ضمن الأضرار المادية ما فات المدعي من كسب وما لحقه من خسارة وهذه أيضاً يتوجب إثباتها بالأدلة والمستندات حتى يتسنى للمحكمة تقييمها

وأما الصورة الثانية هي الضرر المعنوي

والضرر المعنوي وهو الضرر الذي يصيب المرء في شعوره ووجدانه ويمس بسمعته بين الناس وما يسببه له من لوعة وكمد، والضرر المعنوي هو وليد النظم القانونية الحديثة، فالأحكام الشرعية لم تكن تعوض عن الضرر المعنوي وإنما اقتصرت على الأضرار المادية، والضرر المعنوي هو ضررمفترض وجوده إذ لا يمكن إثباته بالأدلة والمستندات بحكم أنه مسألة حسية وليس لها كيان مادي مستقل ولكن يمكن إثبات أماراته ودلائله الخارجية من الظروف المحيطة بالفعل.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام : ـ
هل يتم التعويض عن كل خطأ من المدعى عليه وكل ضرر وقع على المدعي؟
والجواب عن هذا الأمر بالنفي المطلق، إذ لا يتم التعويض إلا عن الضرر الواقع كنتيجة مباشرة للفعل الخاطئ، وهو ما يعرف بعلاقة السببية


الركن الثالث / علاقة السببية
علاقة السببية بين الخطأ والضرر
وهذا الركن يعتبر أهم ركن في الأركان الثلاثة فعلاقة السببية هي الرابطة التي تربط بين الخطأ والضرر، ويكون بها هذا الأخير نتيجةً حتمية للفعل الأول، فاذا انعدمت الرابطة السببية انتفت المسؤوليـة لانعدام ركن من أركانها، والسببية هي الركن الثالث من اركان المسؤولية وهي ركن مستقل عن ركن الخطأ ويبدو استقلال السببية عن الخطأ عندما يكون الأخير مفترضا كما هو الحال في المسؤولية عن عمل الغير ففي مثل هذا الحالة فان الخطأ مفروغ منه ولا يكلف المضرور بإثباته اما السببية فيمكن نفيها بإثبات السبب الأجنبي.
واذا كانت العلاقة السببية تعني ان الخطأ يجب ان يكون هو السبب في الضرر فان رجع الضرر الى سبب أجنبي انعدمت السببية، وتنعدم السببية ايضاً حتى لو كان الخطأ هو السبب ولكنه لم يكن السبب المنتج او كان منتجاً ولكنه غير مباشر.
المطلب الثاني
التعويض عن البراءة من مدعي الحق المدني


لاشك ان تحريك الجريمة الجزائية قائم على اساسين
الأساس الأول تحريك الدعوى بناء على شكوى مقدمة من المتضرر يدعي فيها تضرره من شخص اعتدى عليه بفعل ما او سلوك أو لفظ وما إلى ذلك سبب له الاذى وكان هذا السلوك مما يجرمه
القانون وأما الأساس الثاني
هو تحريك الدعوى الجزائية بذاتها ومن نفسها دون شكوى من احد , ويكن ذلك بناء على تحريات من الاجهزة الامنية أو نتاج حدث ما دعا النيابة العامة لمباشرة التحقيقات وتوقيف المشتبه بهم ونرى هنا وبشكل واضح وجلي أن دعوى التعويض في الحالة الاولى تقام ضد المشتكي الذي تقدم بالشكوى الجزائية ضد المشكو ضده ( المتهم ) الذي ثبتت براءته مما نسب اليه وهنا يطبق قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 وقانون الإجراءات الجزائية الفلسطينية رقم 3 لسنة 1 2001 حيث أن المادة 3 من قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 نصت على/
من له الحق في النصفة
الحق في النصفة بسبب المخالفات المدنية) تعتبر الأمور التالية بيانها في هذا القانون مخالفات مدنية، ومع مراعاة أحكام هذا القانون، يحق لكل من لحق به أذى أو ضرر، بسبب مخالفة مدنية ارتكبت في فلسطين، أن ينال النصفة التي يخوله إياها هذا القانون من الشخص الذي ارتكب تلك المخالفة ....).

وكما نصت المادة 27 من ذات القانون
الحبس بغير حق
(الحبس بغير حق هو حرمان شخص من الأشخاص من كامل حريته على غير وجه شرعي مدة من الزمن بإحدى الوسائل المادية أو بإظهار السلطة ) ومن هنا نرى وبشكل واضح أن الحبس بغير حق يعتبر ضرر نص عليه قانون المخالفات المدنية أن التسبب في هذا الضرر يوجب التعويض بعد ثبوت براءة الشخص أو ثبوت ان حبسه كان بوجه غير مشروع ولا يتصور الرجوع في التعويض إلا على الشخص الذي تقدم بالشكوى سواءً تقدم بها بنفسه او بواسطه وكيله أو وليه أو من ينوب مكانه وذلك نراه بشكل جلي الوضوح حسبما وضحت النصوص القانونية في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001
حيثُ نصت المادة (200) من ذات القانون ( إذا صدر قرار بحفظ التهمة أو صدر حكم بالبراءة، فللمتهم أن يطالب المدعي بالحق المدني بالتعويض أمام المحكمة المختصة إلا إذا كان الأخير حسن النية. ) ونفهم من هذا النص أن كل من وجهت له تهمة وتم حفظها فيما بعد أو صدر حكم ببراءته
مما نسب اليه من اتهامات أن يرجع بالتعويض على المدعي بالحق المدني ( المجني عليه ) وبالتحديد مقدم الشكوى الجزائية .
حيثُ ان هذه الدعاوي الجزائية التي تحرك بناء على شكوى من المجني عليه أو المتضرر , وليس بالضرورة أن تكون هذه الجرائم من الجرائم التي نص عليها القانون صراحة بأنها لا تحرك إلا بناء على شكوى ولكن يقصد بذلك ان الشكوى التي قدمها أحدهم هي التي كانت سبباً مباشر في تحريك الدعوى الجزائية وتوجيه التهمة لـ المتهم الذي ثبتت براءته فيما بعد , وحتي يستحق التعويض من مقدم الشكوى اشترط شرطين /
أولاً / أن يكون هو الذي شكواه المقدمة بحق المتهم هي التي تسببت في الاضرار المعنوية والمادية للمتهم جراء توقيفه ومحاكمته وما ترتب عليها فيما بعد من أثار نفسية ومعنوية ومجتمعية .

وثانياً / أن لا يكون صاحب الشكوى حسن النية أي أن يكون قد تقدم بالشكوى بشكل كيدي قاصداً الاضرار بالمتهم وذلك حسب نص المادة (200) من قانون الاجراءات الجزائية التي سبق ذكرها حيثُ أكدت على أن الرجوع بالتعويض على المدعي بالحق المدني يستحق إلا اذا بين أن المدعي بالحق المدني كان حسن النية , وذلك حتى تتحقق علاقة السببية ما بين الخطأ والضرر
وكذلك نص القانون الاردني رقم 9 لسنة 1961
• في المادة 62 منه على :ــ

1- اذا كان التحقيق قد جرى بحق شخص معين بناء على اتخاذ المشتكي صفة المدعي الشخصي وفقا للمادة (52) وانتهى بقرار منع المحاكمة فللمشتكى عليه ان يطالب الشخص المدعي بالتعويض امام المرجع المختص.
2- ولا يحول ذلك دون اقامة دعوى الحق العام بجريمة الافتراء المنصوص عليها في قانون العقوبات.
• وكذلك نصت المادة 178 منه على /
( اذا تبين ان الفعل لا يؤلف جرما او ان الظنين بريء منه قررت المحكمة عدم مسؤوليته او اعلنت براءته وتقضي على المدعي الشخصي في الوقت ذاته بطلب الظنين التعويض اذا ظهر لها ان الدعوى اقيمت عليه بصورة كيدية.)
ومن ذلك نرى أن المشرع الاردني كان له نفس الوجهة التي سلكها المشرع الفلسطيني بشأن التعويض من المدعي بالحق المدني مباشرة بمجرد صدور حكم البراءة أو حفظ الدعوى او حفظ الشكوى بحقه



المطلب الثالث
التعويض عن البراءة من الدولة

ان الاصل أن تباشر النيابة العامة في تقسي الحقائق وتحريك الجزائية بنفسها , حيثُ أن المادة رقم 1 و رقم 2 من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 م
نصت على ان تحريك الدعوى الجزائية يكون من قبل النيابة بذاتها ومن نفسها
حيثُ أن المادة رقم ( 1 )
نصت على (تختص النيابة العامة دون غيرها بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها ولا تقام من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون.
ولا يجوز وقف الدعوى أو التنازل عنها أو تركها أو تعطيل سيرها أو التصالح عليها، إلا في الحالات الواردة في القانون .
و قد نصت المادة ( 2 ) أيضاً على ( يباشر النائب العام الدعوى الجزائية بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة. )
وهنا نقف أمام السؤال الجوهري فهل يجوز المطالبة بالتعويض في مثل هذه الجرائم التي تحركها النيابة العامة بنفسها دون وجود شكوى من المجني عليه , فهل الحكومة او النيابة تكون مسؤولة عن التعويض ؟
ان النصوص القانونية القديمة في فلسطين التي وضعت في زمن الانتداب البريطاني
حظرت رفع دعاوي التعويض على حكومة فلسطين آن ذاك حيثُ ان الحكومة كانت تتبع الانتداب البريطاني في حينه ولدواعي سياسية حظرت بشكل قطعي رفع دعاوي التعويض على الدولة ممثلة بالحكومة حيثُ نص قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 أنه لا يجوز الرجوع بالتعويض على الجهات الحكومية ولا تقام دعوى التعويض إلا اذا كانت مقامة بشكل شخصي على احد الشخصيات التي تعمل في الوظيفة العمومية بصفة شخصية خاصة لا بصفته الوظيفية ,
حيثُ نصت المادة (4 ) في الفقرة الأولى والثانية من قانون المخالفات المدنية على
حظر إقامة الدعاوى على بعض الأشخاص حيث ُ نصت على /
1 ـ باستثناء ما ورد النص عليه صراحة بخلاف ذلك، لا تقام الدعوى لمخالفة مدنية على ذات صاحب الجلالة أو على حكومة فلسطين.
2ـ يتحمل خادم جلالته والموظف العمومي تبعة ما يأتيه من مخالفات مدنية، وإذا أقيمت الدعوى عليه فإنما تقام عليه بصفته الشخصية .

وهنا نرى أنه لا يجوز اقامة دعوى المخالفات المدنية على ذات صاحب جلالة او من في حكمه أو على حكومة فلسطين ويقصد بالحكومة السلطة التنفيذية بكل أركانها وتشكيلاتها وأي موظف عمومي في الدولة بصفته الوظيفية وانما أجاز أن تقام الدعوى عليه بصفته الشخصية .
واما مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية فقد جاء ت بالقانون الاساسي الذي يكفل
عدم المساس بحرية الانسان وذلك في نص المادة 11 من القانون الاساسي الفلسطيني
حيثُ نصت المادة [11] في فقرتها الأولى والثانية على
[1] الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس.
[2] لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد او منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون.
ولم تطرق أي من نصوص القانون الأساسي على وجوب التعويض وجبر الضرر أن كان هناك توقيف أو حبس أو حجز خلاف القانون كما تطرق لها قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001 إلا في حالة واحدة نص عليها القانون بشكل أساسي , وهي في حالة تفتيش المنازل وذلك حفاظاً على حرمة السكن
حيثُ نصت المادة [17] من القانون الأساسي الفلسطيني على أن:
( للمساكن حرمة، فلا تجوز مراقبتها أو دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ووفقاً لأحكام القانون يقع باطلاً كل ما يترتب على مخالفة أحكام هذه المادة، ولمن تضرر من جراء ذلك الحق في تعويض عادل تضمنه السلطة الوطنية الفلسطينية.)
وأما قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001 فقد جاء بنصوص صريحة يوضح فيها أنه يمكن الرجوع بالتعويض على الدولة في حالة ثبوت براءة المتهم من تهمة نُسبت اليه في حالة واحدة وحيدة فقط وهي بعد اعادة المحاكمة
حيثُ نصت المادة 387 في الفقرة الأولى على (حق لمن حكم ببراءته بعد قبول إعادة المحاكمة أن يطالب الدولة بتعويضه عن الضرر الناشئ له من الحكم السابق.)
من هنا نرى أن وهي أن يكون استحصل على حكم البراءة بعد اعادة المحاكمة فيحق له التعويض عما لحق به من ضرر جراء الحكم السابق , ولم تتطرق هذه المادة ولا أي مادة أخرى تفصيلاً على وجوب تعويض الدولة للمتهم الذي ثبتت براءته من أول حكم براءة استحصل عليه


وكما أن المشرع قد منح الدولة حق الرجوع على المدعي بالحق المدني أو المبلغ أو شاهد الزور اذا ما طالب المتهم الذي ثبتت براءته بعد اعادة المحاكمة التعويض عما لحق به من ضرر من الحكم السابق ويقصد هنا حكم الادانة ,
حيثُ نصت الفقرة 3 من ذات المادة 387 من ذات القانون
على (يجوز للدولة أن ترجع بالتعويض على المدعي بالحق المدني أو المبلغ أو شاهد الزور الذي كان سببا في صدور الحكم بالعقوبة )
وهنا نرى وجود فراغ تشريعي بخصوص النص على جواز المطالبة بالتعويض من الدولة في حالة الحكم بالبراءة من اللحظة الأولى .

المطلب الرابع
السوابق القضائية

ولما كانت تعتبر السوابق القضائية هي احدى اسانيد القانون التي يرتكز لها العرف القضائي في الفصل في الدعاوي المنظورة امامه في القضايا التي نكون فيها امام فراغ تشريعي او عدم وضوح النص بخصوصها ,
وحيثُ أن مثل هذه الدعاوي تعتبر من الدعاوي النادرة التي ترفع في المحاكم , وبعد البحث عن مثل هذه القضايا قد استحصلنا على حكم من محكمة بداية غزة يقضي برد الدعوى وذلك لأن البراءة كانت لعدم كفاية الأدلة , وكما ذكرنا سابقاً أن البراءة لعدم كفاية الأدلة لا توجب التعويض .


نتائج البحث
خلصنا في هذا البحث الى عدة نتائج
حيثُ ان القانون قد كفل للإنسان حقوقه الشخصية من أي اعتداء يمارس عليه في أن يرجع على المتسبب بالضرر بالتعويض المدني وجبر الضرر النفسي والمعنوي الذي لحق به من جراء التعذيب او التوقيف أو اذى مادي او معنوي لحق به وبسمعته وبعمله وبأسرته

أولاً /
أن القانون الاساسي الفلسطيني وقانون المخالفات المدنية وقانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني
قد كفلت جميعها للمتهم الذي ثبتت براءته الحق بالرجوع بالتعويض على المتسبب في الضرر الناتج عن الاتهام الكيدي او الادعاء الكاذب او التبليغ او الشكوى بغير حق وبسوء نية التي أدلى بها الي الجهات المختصة لتحريك الدعوى الجزائية ضده .

ثانياً /
ان الرجوع بالتعويض على المتسببين في توجيه التهم الكيدية او الادعاءات الكاذبة او الشكاوي بغير حق فيه اعادة رد اعتبار للمتهم البريء وجبر لضرر الذي حصلَ له , وعقوبة رادعة لمن يلقي بالتهم والشكاوي والبلاغات الكيدية والكاذبة على الابرياء دون وجه حق وبسوء نية قاصداً الاضرار بهم .

ثالثاً /
إن القوانين الفلسطينية لم تتكفل بأي حق للمتهم الذي ثبتت براءته بالرجوع على الدولة بالتعويض , إلا في حالة واحدة ووحيدة وهي في حالة براءته بعد اعادة المحاكمة له مرة أخرى , فيحق لهذا المتهم الذي ثبتت براءته الرجوع على الدولة بالتعويض عن الضرر الحاصل عن الحكم السابق فقط ’ ومن ثم يحق لدولة الرجوع على المدعي بالحق المدني بهذا التعويض .

توصيات البحث / نوصي المشرع الفلسطيني بـ

1 ــ ضرورة اعادة صياغة قانون المخالفات المدنية لتنظيم دعاوي التعويض بما يتلاءم مع الحالة الحالية ومستحدثات المخالفات المدنية والجرائم الجزائية حيثُ ضرورة وحصر المطالبة بالتعويض في حالة سوء النية .

2 ــ ضرورة النص على وجوب التعويض من قبل الدولة في القضايا التي تباشر فيها النيابة واجهزة الشرطة التوقيف وتوجيه التهم بنفسها او بناء على اشتباه أو تحقيقات أو استحالة الرجوع على المدعي بالحق المدني وذلك حتى يقلل من التعسف في استخدام الحق في القبض او التحقيق او التفتيش بل ويجبر الضرر الذي يلحق بالمتهم الذي ثبتت براءته حتى وان كانت اجراءات النيابة والشرطة وفق القانون ودون كيد او سوء نية .
3 ـ تعديل مادة 387 من قانون الإجراءات الجزائية الفقرة الثالثة ليصبح امكانية الرجوع على الدولة بالتعويض في حالة الحكم بالبراءة من دون حصرها في البراءة بعد اعادة المحاكمة ( البراءة بعد الادانة ) ليصبح التعويض عن كل ضرر سبق الحكم وليس عن الضرر الناشئ عن حكم الادانة السابق الذي تمت التبرئة منه بعد اعادة المحاكمة .
4 ـ ضرورة نشر ثقافة المطالبة بالتعويض سواء في حالة الرجوع على الدولة أو على المدعي بالحق المدني وذلك للحد من الادعاءات الكيدية والبلاغات الكاذبة والتعسف في استخدام الحق من قبل الجهات الحكومية المتمثلة في أجهزة الشرطة والنيابات


(23)
مصادر البحث /

1ــ الوسيط فى شرح القانون المدني ــ عبد الرازق احمد السنهوري
2ــ مصادر الالتزام ـــ عبد المنعم فرج الصده ص 518.
3ــ معجم المصطلحات القانونية ــ احمد زكى بدرى ص 29 .
4ــ الوجيز في أحكام الالتزام - دكتور أحمد شرف الدين ودكتور ثروت فتحي إسماعيل - ص 45
5ــ النظرية العامة للالتزام - أحكام الالتزام والإثبات -الدكتور/ أحمد شوقي محمد عبد الرحمن

6 ــ الوسيط في شرح القانون المدني - الجزء الثاني - نظرية الالتزام بوجه عام - المجلد الثاني - آثار الالتزام - الدكتور / عبد الرزاق أحمد السنهوري - ص 1149

7ــ مفهوم البراءة والافراج في القانون العراقي ـ الدكتور سالم روضان الموسوي

8 ــ مجلة قبس الإلكتروني ـ تعويض البراءة ـ أ. عذراء الرفاعي

9ــ بحث المحامي / فارس عبد الكريم (الخطأ والضرر والرابطة السببية في المسؤولية عن الفعل الشخصي كأساس لتقدير التعويض (التضمين)
10ــ قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 م
11ــ القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003م وتعديلاته لعام 2005
12ــ قانون المخالفات المدنية مادة 4 ومادة 27
13ــ قانون الاجراءات الجزائية الاردني رقم 9 لسنة 1961


(24)
الفهرس

التعويض عن البراءة
الآية القرآنية أ
الإهداء ب
أهمية البحث ج
أهداف البحث ج
خطة البحث ه
المقدمة 1
التعويض عن البراءة 2
تعريف التعويض وماهيته 3
شروط التعويض وأركانه 4
تعريف البراءة وماهيتها 6
أنواع البراءة 7
دعوى التعويض عن البراءة 8
شروط وأركان دعوى التعويض عن البراءة 8
التعويض عن البراءة من مدعي الحق المدني 10
التعويض عن البراءة من الدولة 12
السوابق القضائية 14
نتائج وتوصيات البحث 23
مصادر البحث 24
الفهرس 25

تم بحمد الله

(25)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف