الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رؤية في رواية كرنفال المدينة بقلم: ناهده الكسواني

تاريخ النشر : 2019-08-10
رؤية في رواية كرنفال المدينة بقلم: ناهده الكسواني
رؤية في رواية كرنفال المدينة الصادرة عن دار الجندي للعام 2019
للكاتبة نزهة الرملاوي
تقديم الدكتورة: ناهده الكسواني، أستاذ مشارك،
جامعة القدس المفتوحة.
اعتبر باختين الرّواية ظاهرة متعدّدة الأسلوب واللّسان والصّوت، ورأى أنّ المحلّل يعثر فيها على بعض الوحدات الأسلوبية اللّا متجانسة التي توجد أحيانا على مستويات لسانية مختلفة، وخاضعة لقواعد لسانية متعددة. ومن هنا نقول أنّ تحليل أيّ رواية ونقدها يختلف من ناقد لآخر .
كرنفال المدينة بمتناقضاته المفرحة والمحزنة، بلحظات الفرح التي حاول المحتفلون اقتناصها على معبر قلنديا أثناء محاولتهم الدخول إالى مدينة القدس، وساعات الحزن التي تملأ حياة الفلسطيني في محاولته الدخول إليها وما يواجهه من منغّصات من قبل الاحتلال .
كرنفال المدينة رواية المكان بامتياز قادتنا الروائية نزهة الرملاوي إلى رحلة داخل مدينة القدس، بأزقتها وحواريها وشوارعها ، بكنائسها ومساجدها ، بفرحها وحزنها وآلامها ، بريشة فنّان عارف لدروب المدينة وأسواقها وأزقّتها . لكننا قبل ذلك عرفتنا على البيئة المكانية القاسية التي انطلق منها بطل الرواية تامر، ألا وهو المخيم بما يمثل من بؤس وفقر ، فأزقة المخيم متهالكة وبيوته بسيطة ، يعيش في هذا المخيم أناس تسحقهم متطلبات الحياة وبنادق الاحتلال. ورغم ذلك انجب المخيم أبطالا مثل والد تامر أحد مناضلي القدس وشهدائها، وبالمقابل وعلى النقيض منه شخصية ربحي - زوج والدة تامر - الذي انزلق في وحل المسكرات والمخدرات وحاول أن يجرّ معه تامر لكنه فشل..ومع ذلك نجد تطوّرا في شخصيّته، تمثل ذلك في ندمه ورجوعه عن ذلك، وتطوّرا في شخصية تامر، التي تحوّلت من الخوف إلى الجرأة والتّحدي.
فالمكان ( المخيم ) هنا رمز لفلسطين بما تحوية من تناقضات. فلسطين التي لم تعد فضاء للاستقرار، بل أضحت فضاء للتوتر والصراع، أمكنة تسيطر على الشخصيات، وتعلن حبها اتجاهها، لكنها عاجزة عن تغيير واقعها المؤلم . والمفارقة في كرنفال المدينة أن أحداث الرواية بدأت من المخيم وخروج تامر منه ومحاولته تسلق الجدار للدخول الى مدينته التي يعشقها، وانتهت احداثها بعودة تامر إلى المخيم بعد خروجه من السجن وهذه النهاية لها بعد رمزي.
أما الشخصية المحورية في الرواية فهي شخصية تامر الذي قادنا في رحلة من داخل المخيم الى معبر قلنديا حيث يبيع الوسائد، إلى جدار الفصل العنصري ومن ثم إلى مدينة القدس بأزقتها وحواريها وبيوتها وشوارعها، تعرفنا من خلال تامر على الكثير من الأحداث التي تضج بها مدينتنا بفرحها وحزنها بليلها ونهارها. وبأسلوب الراوي السارد العليم بكل شيء تعرفنا على الواقع الاجتماعي الذي يعيشه أبناء مدينة القدس، وعلى الجدار الذي يخنق المدينة والحواجز التي تحيط بمعصمها والشهداء والجرحى والأسرى ومن خلالها تعرفنا على أوجاع المقدسيين وعلى همومهم ، دون أن تجردهم من حسهم الإنساني ، فرغم المعاناة يحاولون بمختلف أطيافهم اقتناص الفرح والبهجة .
رسمت الكاتبة كل تلك الأحداث التي صاحبت تامر بطريقة مشوقة ، فمن يقرأ الأحداث يرى صورة حيّة تعجّ بالحركة والألوان والأصوات. رسمت لوحة مفعمة بالمشاعر والأحاسيس ،لوحة إنسانية تعكس واقع حياة الفلسطيني في القدس وما يتعرض له من مضايقات ومنغصات من الاحتلال . رسمت كل هذا من خلال الشخصية المحورية تامر ومن خلال الشخصيات الأخرى في الرواية التي تميزت بالبساطة والعفويّة، وصراعها الوحيد البارز والذي ظلّ محتدما هو مع المحتل.
اما بالنسبة للغة الرواية فتمزج الكاتبة بين اللغة الشعرية الرمزية أحياناً ،وبين الأسلوب الذي يرتكز نوعاً ما على الصور والتشبيهات والاستعارات . ونجد أن شخصية الراوي السارد العليم تتماهى كلية مع شخصية الكاتبة وضمير المتكلم، إذ يهيمن في تصريف الكلام وتوجيهه، فيفصح عن ذلك حتى عندما يكون الآخرون هم مصدر التلفظ، فيظل السارد/الكاتبة موقع البؤرة، إليه يوجه الكلام وبسببه وعنه يقال، هو ذات الكلام وموضوعه في آن واحد، وهو من يقوم في البدء والمنتهى بوظيفتي التنظيم والتأويل، ضمير الأنا يطفوا على النص، كأن المؤلفة / ذاتها هي السارد، هي الموزعة للأدوار السردية، بشكل منظم ومتقن.
فلغة كرنفال المدينة بأسلوبها الرمزي والإيحائي المكثف بلورت فعل تداخل الأزمنة وتعددها، مما يجعل الزمن يفقد أهم خصائصه وهي التتابع، والتطور الكرونولوجي،( تقسيم الزمن الى فترات؛ تأريخ الأحداث؛ تعيين التواريخ الدقيقة للأحداث وترتيبها وفقا لتسلسلها الزمني ) ليغدو بذلك زمنا مبهما خاضعا للانكسار، وتصير الأحداث في بعدها الزمني خاضعة لتجاوز فضائي يفقدها تماسكها الدلالي، أزمنة متشابكة ومختلطة في أحيان كثيرة يستعصي على القارئ وضع الحدود. وهذا ما تتسم به كرنفال المدينة فقد تداخلت الأعياد الإسلامية بالأعياد المسيحية وتداخلت المواسم الزراعية ببعضها البعض ، وتداخلت الأحداث، فبعض الأحداث، والتي حدثت في أشهر وربما في سنوات متباعدة، تحصل في عدة أيام. فالطفل الذي يخطفه المستوطنون ويحرقونه، وتسريب العقارات، ووضع البوابات الإلكترونية على بوابات الأقصى وإزالتها، ونقل السفارة الامريكيّة إلى القدس وغيرها .وربما هذا التداخل نوع من السرد العجائبي الذي يجعل القارئ يتوه بين ثنايا الزمان .وهو تجسيد للمذهب التجريبي الواقعي في الرواية، الذي يتعدى حدود السرد التقليدي .
أما عنصر التشويق نجد أنفسنا تائهين معه يحتاج عنصر التشويق والحبكة إلى تنظيم، ربما السبب يعود إلى كثرة الأحداث وتداخلها، وكثرة الشخصيات الثانوية. لكن هذا لا ينفي وجود عنصر التشويق في كرنفال المدينة فنحن كقراء كنا نتوق لمعرفة مصير تامر في رحلته الطويلة داخل مدينه القدس؟ وأحيانا كنا نحسّ بالخوف عليه خصوصا عندما دخل بعض أحياء القدس الغربية وعندما دخل ساحة البراق، وعندما داهم الجنود المشفى، وعندما ألقي القبض عليه.
أما بالنسبة لتقسيم الرواية إلى فصول وأقسام تتبع هذه الفصول لا ضرورة له .
وختاماً نستطيع القول أن الكاتبة، بكرنفال المدينة الصاخب المليء بالحيوية والتناقضات والتحدي والإصرار والعزيمة، استطاعت أن تنقل لنا بواقعية حقيقة الحياة في مدينة القدس وما يعانيه الناس في محاولة الوصول إليها .
ومرة ثانية أقول هي رواية المكان بامتياز .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف