الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التلولي: لا يجوز أسر الثقافة ولا تقزيمها وفرض أجندة الانقسام وطغيانه عليها

التلولي: لا يجوز أسر الثقافة ولا تقزيمها وفرض أجندة الانقسام وطغيانه عليها
تاريخ النشر : 2019-08-08
شفيق التلولي كاتب وشاعر وروائي فلسطيني، وعضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، مفعم بحب الثقافة، مهموم بالمشهد الثقافي وتجلياته في فلسطين... حاورته "دنيا الوطن" في حوار صريح وشفاف حول قيام لجنة حماس الإدارية بإلغاء وزارة الثقافة، والتحضير لانتخابات اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وعن المشهد الثقافي في غزة وقضايا ثقافية أخرى.
هنا حوار لـ (دنيا الوطن) مع الأستاذ شفيق التلولي

استهدف الاحتلال الإسرائيلي المؤسسات الثقافية الوطنية في غزة، وقَصف مقر المكتبة الوطنية الفلسطينية، ودَمّرَ مركز عبد الله الحوراني، كما دمر مبنى مؤسسة سعيد المسحال وسواه بالأرض .. الثقافة الوطنية مستهدفة، كيف يمكن تجاوز ومواجهة محاولات الاحتلال لعرقلة وتعقيد الحياة الثقافية؟ 

إن قيام الاحتلال الإسرائيلي بقصف مراكز ومعالم ثقافية، مراراً وتكراراً لهو جريمة نكراء تضاف لسجله الإجرامي،  فقد أقدم الاحتلال الأعوام الماضية على قصف العديد من دور الثقافة منها المكتبة الوطنية وقرية الفنون والحرف ومكتبة جامعة الأزهر ومؤسسة سعيد المسحال، ومقر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطنيين، ومؤخراً مركز عبد الحوراني للدراسات والتوثيق.

هذه السلسلة من عمليات القصف والتدمير الهمجية والمُمنهجة ليست المرة الأولى التي ينفذها الاحتلال، بل هي استكمال لجرائمه التي يهدف من خلالها لضرب ثقافتنا الوطنية من خلال قصف هذه المنابر والصروح الثقافية، ظناً منه أنه يطمس هويتنا ويغتال ثقافتنا الوطنية.

فالاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف المراكز الثقافية؛ لأنه يخشى الكلمة والمعرفة، ويسعى إلى تجهيل شعبنا، وفرض ثقافة بديلة لا عمق ولا أصالة لها، وتاريخ الاحتلال حافل وبشع فيما يخص استهدافه للثقافة ورموزها، فقد اغتال العديد من سدنتها وكتابها وأدبائها، وقام بسرقة تراثنا وآثارنا، ظناً منه أنه يلغي إرثنا وتاريخنا الوطنيين الكبيرين.

والهدف الأساسي من استهداف بيوت الثقافة، هو تدمير المشهد الثقافي في فلسطين وإخفاء الهوية الفلسطينية وطمسها، فالمراكز الثقافية، حاضنة لكافة الكتاب الأدباء والفنانين وكافة المبدعين والمثقفين، ويوفر لهم المصادر الثقافية التي يبحثون عنها، ويتبنى الكثير من أعمالهم.

وحتى نتصدى لأهداف الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى شطب ثقافتنا فإنه يتوجب على جمهرة المثقفين تشكيل جبهة ثقافية لمواجهة هذا التوحش والتغول، والعمل على فضح هذه الجرائم وعلى المؤسسة الرسمية أن تعمل على إعادة بناء ما دمره الاحتلال من مؤسسات ثقافية، وأن تقوم بتقديم شكاو للهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية التي تختص بذلك مثل (اليونسكو) وغيرها وصولاً لإدانة الاحتلال في المحافل الدولية، واستصدار قرارات بوقف جرائمه ولجمه ومحاكمته على تلك الأفعال.

- قبل أيام طالبت وناشدت بإعادة بناء مبنى مؤسسة سعيد المسحال، وتشكيل مجلس أمناء.. هل تم التجاوب معكم؟ 

نعم ناشدت وطالبت بإعادة بناء مؤسسة سعيد المسحال للثقافة والعلوم وتشكيل مجلس أمناء لرعاية المؤسسة واستمرارها وعدم اندثارها، وذلك ليس تفضيلاً لمؤسسة ثقافية على أخرى، وإنما لما تكتسبه هذه المؤسسة من أهمية كبيرة بالنسبة لمثقفي المحافظات الجنوبية بما تضم هذه المؤسسة من مرافق تكاد تكون الوحيدة في غزة كمسرح عسقلان والمركز الثقافي للجالية المصرية وقاعات العرض والمكتبة وغيرها، وما زالت المناشدة قائمة ومستمرة، وهناك العديد من الأصوات التي دعمت هذه المناشدة حتى أضحت مبادرة التف وما زال يلتف حولها ويتبناها ويساندها المثقفون من كتاب وأدباء وفنانين وصحفيين ومؤسسات إعلامية وغيرهم من قطاعات شعبنا المؤثرة، وأنا واثق وكلي أمل بأن السيد الرئيس وبرغم انشغاله في الهم السياسي الكبير ومجابهته قوى الشر والبغي التي تستهدف مشروعنا الوطني من خلال صفقاته التصفوية لقضيتنا الفلسطينية العادلة وبرغم الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الوطنية وحكومتها، إلا أنه لن يدخر جهداً في تبني ذلك المطلب، والإيعاز لمن يلزم بإعادة بنائها وإصدار مرسوم خاص بتشكيل مجلس أمناء، خاصة بعد أن توفى المهندس سعيد المسحال، مؤسس وراعي وداعم هذه المؤسسة.

- كيف يرى اتحاد الكتاب قيام لجنة حماس الإدارية بإلغاء وزارة الثقافة ودمجها مع وزارة التربية والتعليم؟

لا يجوز أسر الثقافة ولا تقزيمها ولا احتوائها والاستئثار بها وفرض أجندة الانقسام وطغيانه عليها، وبالتالي فلا معنى ولا قيمة لأي قرار يتخذ في غزة في إطار ما يُسمى حكومة أو وزارات، فالأصل أن تسلم كل هذه الملفات للحكومة السابقة أو الحالية كامتداد وطني وشرعي لها بحسب الاتفاق الأخير اتفاق تشرين الأول/ أكتوبر 2017م وما سبقه من اتفاقات كاتفاق الشاطئ وغيره، أما المساس بالثقافة فيأتي في إطار المساس بكل المنظومة الوطنية الممسوسة أصلاً بسبب ما أنتجه الانقسام من تغريد خارج سرب الشرعية الوطنية الفلسطينية.

كل ما نتمناه في معرض ما يسمى مجازاً بإلغاء وزارة الثقافة في غزة ودمجها في وزارة التعليم أن تكون مناسبة وفرصة سانحة لإطلاق يد وزارة الثقافة في الحكومة الفلسطينية الحالية للعمل بغزة؛ لعل وعسى أن تصون ثقافتنا وتحفظها وتؤسس لخطاب ثقافي وحدوي ولوجاً لتمكين حقيقي لعمل الحكومة الحالية بغزة، وإرساء لوحدة وطنية شاملة على قاعدة- إن فرقتنا السياسة فالثقافة توحدنا- وأنه لا اختلاف حول ثقافتنا الوطنية بكل مفرداتها وتجلياتها، هي الهوية والذات وسر وجودنا، وفي هذا السياق فإننا ندعو وزارة الثقافة في الحكومة الفلسطينية إلى الاستمرار برسالتها الثقافية في المحافظات الجنوبية- وأظنها فاعلة ذلك- والمضي قدماً نحو تنفيذ مشاريعها التي تحفظ وتصون الثقافة الوطنية القائمة، وإرساء القيم الوطنية والإنسانية النبيلة، وحشد كل الطاقات لمواجهة ثقافية لكل ما يتحين بالمشروع الوطني، على قاعدة أن الثقافة أكبر وأعمق وأشمل من حدود الجغرافيا بخاصة أن الشعب الفلسطيني ينتشر في أرجاء العالم، وتوحده ثقافته على اختلاف التنوع الثقافي الذي يُواجهه خلال رحلة الشتات.

كيف ترى المشهد الثقافي في غزة وفي فلسطين؟

المشهد الثقافي في غزة وفي عموم فلسطين مشهد حي وثري برغم كل أشكال الاحتلال والحصار ومحاولات الإقصاء والتهميش، لكن الانقسام وما أنتجه من تداعيات أثر على حضور المشهد الثقافي في غزة وربما جعله بعيداً عن المنظومة الوطنية إلى حد ما، حيث غيب الانقسام المؤسسة الرسمية المتمثلة بوزارة الثقافة عن أخذ دورها المباشر مما أثر على أدائها في غزة وعدم قدرتها على تنفيذ مشاريعها وبرامجها على النحو المأمول، بيد أنها حاولت وما زالت تحاول العمل في غزة حتى لا يغيب المشهد الثقافي فيها بشكل قاطع، وقد تكون أفلحت إلى حد ما في إشراك القطاع الثقافي في غزة بمكوناته المختلفة في بعض النشاطات والفعاليات إلا أن الاحتلال، يحول دون ذلك من خلال منع المشاركين من غزة الخروج منها وفرض الحصار عليهم لعدم تمكنهم من السفر والمشاركة في الفعاليات الثقافية التي تعقد سواء في الضفة الغربية أو في خارج فلسطين وهذا أسهم في عزل المثقف وحال دون نقل منتجه الثقافي للعالم أدباً كان أم فناً أو أي شكل من أشكال الإبداع، فمهما كان حجم النشاط الثقافي في غزة كبير، وأظنه كذلك،  إلا أنه يظل يتراوح في هذه البقعة الضيقة، صحيح أن الكلمة والكتاب والقلم والريشة تخترق الحدود وأن الشبكة العنكبوتية وما أنتجته التكنلوجيا في ظل عصر الفضاء الإلكتروني المفتوح، استطاع أن ينقل المنتج الثقافي من غزة إلى الخارج، ولكن يظل المثقف يحتاج أن ينتقل لبراح أوسع ليؤثر ويتأثر بشكل مباشر في عملية التثاقف المتبادل الذي يعزز حضور الثقافة الوطنية الفلسطيني بالشكل الذي يليق بها.

- هناك محاولات جادة من اتحاد الكتاب في غزة لإنعاش الحياة الثقافية الوطنية بغزة .. آخرها كان ورشة عمل بالتعاون مع جامعة القدس.. هل تُوجد مشاريع أخرى؟

منذ انتخاب الأمانة العامة الحالية للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين وبخاصة في غزة، أخذت على عاتقها تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة الثقافية وعملت كخلية نحل لتنفيذ الخطة التي وضعتها لتطال شتى المناحي التي تهم الكتاب والأدباء الفلسطينيين، ونفذت العديد مما كان يطمحون له ويطالبون به وفي المقدمة من هذه المطالب نقل مقر الاتحاد إلى مكان آخر يليق بهم وجرى ذلك بالفعل، وكذلك أصدرت بطاقات ممغنطة جديدة للكتاب الأعضاء عوضا عن البطاقة الورقية، فيما قامت الأمانة العامة بعقد العديد من اللقاءات والاتفاقيات مع المراكز الثقافية والمؤسسات والجامعات ونفذت وإياهم العديد من البرامج والأنشطة الثقافية كان آخرها ورشة العمل الثقافية التي نفذها الاتحاد بالتعاون مع جامعة القدس المفتوحة بغزة حول الرواية المعاصرة تناولت رؤى إبداعية ونقدية، كما وبموجب اتفاقيات عدة مع وزارة الثقافة في الحكومة الفلسطينية فقد نفذت الأمانة العامة في غزة عدة فعاليات ثقافية أهمها إحياء فعاليات يوم الثقافة الوطنية في غزة التي استمرت لعدة أيام كما وأصدرت العديد من الكتب الأدبية لأعضاء الاتحاد ولكتاب وأدباء من الشباب الواعدين واليوم وقعت الأمانة العامة مع الوزارة اتفاقية جديدة لتنفيذ التظاهرة الثقافية الكبيرة القدس عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث أفردت لغزة جانباً كبيراً من النشاطات الثقافية ستشمل الأدب والفن والمسرح وغيره من الأشكال الثقافية، كما وأن اليوم تم تجهيز مقر الاتحاد بغزة بمكتبة وقاعة ندوات وبعض مرافق الاتحاد الأخرى وذلك بحسب اتفاقية وقعتها الأمانة العامة بغزة مع مجموعة الاتصالات الفلسطينية التي تبرعت بذلك بعد أن كان أثاث الاتحاد ومكتبته بالية لا ترتقي بالمستوى الذي يجب أن يكون عليه الاتحاد وكتابه وأدباؤه، وكذلك حصلنا على عرض اتصالات مغر ومفيد لأعضاء الاتحاد. كثيرة هي الندوات والفعاليات التي نفذها الاتحاد من دورات وقراءات وإطلاق أعمال لكتاب وأدباء وكان آخرها أيضاً تنظيم مهرجان الشعر العالمي بالتزامن مع أكثر من 160 دولة في العالم بإشراف الاتحاد ومشاركة المراكز الثقافية في غزة وما زال في جعبة الأمانة العامة للاتحاد العديد مما يمكن تقديمه للكتاب والأدباء ستعمل على تحقيقها ضمن خطة استراتيجية يعدها الاتحاد الآن بمساعدة أخصائيين ومؤسسات داعمة أخرى، ستشتمل على نشاطات ومؤتمرات وبرامج تدريبية ودعما للمنتج الثقافي ومشاريع ثقافية كبيرة سترى النور قريباً، وذلك صونا للأمانة وحفظا لمسيرة الاتحاد برغم شح الإمكانيات وانعدام الدعم المالي الذي يعد مهماً لتحقيق ما نصبو إليه، لكننا عقدناالعزم على المضي قدًما لبلوغ غاياتنا وسننجح بفضل التفاف كتابنا حولنا.

- كان هناك حديث عن التحضير لانتخابات في اتحاد الكتاب نهاية العام.. إلى أين وصلت التحضيرات؟

من المهام التي أنيطت بالأمانة العامة للاتحاد أيضا هو العمل على إعادة بناء فروع الاتحاد في الوطن وفي الشتات وتشكيل لجان تحضيرية لها لعقد مؤتمراتها ولإجراء انتخابات لهيئاتها الإدارية ولوجاً لعقد مؤتمر توحيدي تمثيلي للاتحاد لكل كتابه وأدبائه حيثما تواجدوا، واستطاع الأمانة العامة أن توحد فرع الاتحاد داخل فلسطين المحتلة ومؤخرا شكلت لجنة تحضيرية لفرع الاتحاد في جمهورية مصر العربية وجاري تشكيل لجان مماثلة في فروع الاتحاد الأخرى والعمل على التوصل لصيغ توافقية مع بعض الساحات المهمة مثل سورية ولبنان كما وسيكون هناك لجنة خاصة لإعادة ترتيب مؤتمرات فروع الاتحاد في أوروبا بما يضمن ويكفل رعاية الاتحاد بصفته التمثيلية وبالتشاور مع المرجعيات الفلسطينية ذات الاختصاص في الوطن والشتات وستعمل على إنجاز هذه المهمة في وقت قياسي، كما وأن الأمانة العامة ستعكف على صياغة مسودة للنظام الأساسي بعد دراسة الأنظمة واللوائح المعمول بها وتقديمها للمؤتمر حال عقده لاعتماده وتشكل لجنة خاصة تقر في الأمانة العامة وبالتشاور أيضا مع المرجعيات المختصة، نحن نتسابق مع الزمن ونحاول إنجاز كل ما أوكل إلينا وما أخذناه على عاتقنا لكن الظروف الخاصة بنا كفلسطينيين تُعيقنا أحياناً وهذا بالتأكيد لن يثنينا عن المضي في مسيرتنا لنحقق أهدافنا ونعمل على تذليل ما أمكن منها، إننا لا نقلل من شأن إجراء الانتخابات الدورية للاتحاد لكننا لا نعتبرها غاية إنما وسيلة لضمان سير الحياة النقابية السليمة وفقاً لما يحدده النظام وهو بالنسبة لنا سيد الأحكام وما ترتئيه أطر الاتحاد كافة ومرجعياته مناسباً.

- غياب المثقف العربي عن التطورات المتلاحقة في المنطقة العربية وتحديداً فيما يخص القضية الفلسطينية ومحاولة تصفيتها عبر ما يسمى بـ (صفقة القرن).. أين المثقف ودوره في المواجهة، والذي يكاد يكون معدوماً؟

بعد التطورات المتلاحقة في المنطقة العربية، وما أنتجته بما سُمي بثورات الربيع العربي، وظهور أزمة الدولة الوطنية وانشغال جل المثقفين العرب في قضايا بلدانهم الخاصة وانقسامهم على أنفسهم جراء ما أحدثته تلك التطورات الدراماتيكية من انقسامات وصراعات بتنا نعاني من غياب المثقف العربي العضوي واعتكافه عن أخذ دوره الطليعي والمشتبك مع قضايا الأمة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وانعدمت المواجهة الثقافية الجمعية للمثقفين العرب للتصدي لما يسمى بصفقة القرن التي تتهدد المشروع العربي التحرري وصولا لتصفية القضية الفلسطينية بعد إغراق المنطقة العربية في آتون الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية وتهديد حتى السلم الأهلي فيها ونشر ثقافة التطرف والتوحش والإرهاب تحت مسميات مختلفة وأشكال غريبة عن قيم التسامح والمحبة والسلام، وانتشار ظاهرة هجرة النخب والشباب، ولعل من أخطر ما تسعى إليه تلك الصفقة المشؤومة هو استهداف المشروع الثقافي من خلال ظهور بعض المطبعين من العرب الذين علت أصواتهم في الآونة الأخيرة وباتوا يجاهرون بأفكارهم المسمومة التي تتساوق مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي وهذا يتطلب من المثقفين العرب إعادة رص صفوفهم وتوحيد كلمتهم وتشكيل جبهة عريضة لإسقاط كل هذه المشاريع المشبوهة.

وأختم بتوجيه تحية كبيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، أول المثقفين الذين جابهوا تكريس مفهوم (صفقة القرن) فرفض تسميتها بذلك، وأسماها بـ (صفقة العار) ورفع (اللاء) الكبرى في وجه مروجيها؛ لإيمانه العميق بأهمية تعزيز وتكريس الخطاب الثقافي الوطني بكل مفرداته الذي يحفظ الذات، ويصون الهوية ويحمي المشروع الوطني الفلسطيني.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف