الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الوحدة والتنوع في ديوان مقامات قوس قزح مازن دويكات بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-08-05
الوحدة والتنوع في ديوان مقامات قوس قزح مازن دويكات بقلم:رائد الحواري
الوحدة والتنوع في ديوان
مقامات قوس قزح
مازن دويكات
—————
عندما تتنوع الأفكار والمواضيع في ديوان الشعر أو المجموعة القصصية، فإن هذا يرهق القارئ، ويجعله في حيرة، حيث لا توجد فكرة/موضوع يركز عليه، وهذا ما يجعل القراء يميلون نحو الديوان/المجموعة المتجانسة في فكرتها/موضوعها، الشاعر "مازن دويكات" يقدم في هذا الديوان مجموعة مواضيع، من السياسي العربي والفلسطيني، إلى الفساد الاجتماعي وفساد النظام العربي الرسمي والتنظيمات السياسية والطوائف ونظام القبيلة والعشيرة، إلى الفساد الفرد/المواطن، ويتحدث عن همومه الشخصية، ويقدم المرأة المخلصة، ونجد حضور للمكان، عكا، يافا، دمشق، القدس.
هذا على صعيد فكرة الموضوع/المضمون، أما على صعيد الاسلوب، فهناك أكثر من اسلوب استخدمه الشاعر، من الساخر إلى الواقعي مرورا بالرمزي إلى التأملي، فبعض المقاطع يلتقطها القارئ من الوهلة الأولى، وأخرى بحاجة إلى وقفة، ووقفة طويلة من التأمل قبل هضم الفكرة، فيبدو الديوان (خليط) غير متجانس، لا في الأسلوب ولا في الأفكار، فكيف استطاع "مازن دويكات" أن يجد منفذاً لهذه المعطلة؟.
اعتماد الشاعر على شكل الومضة هو المخرج من هذا (المأزق) الأدبي، فالديوان بمجمله جاء على شكل الومضة، وهذا الشكل يمثل وحدة وانسجام الديوان، وكأن الشاعر أراد أن يقول أن لكل نظرية مخرج ما، ولا يمكن أن تكون مطلقة.
سنأخذ مجموعة مما جاء في الديوان لنبين وحدة وتنوع الديوان:
أنا المتكلم
بعض الومضات جاءت بصيغة المتكلم، أنا،
"7
أترك وطنك وأرحل
قلت لهم: ظهري..
شارة استفهام تسأل
كيف سأتقدر حمل المستقبل
والأسياء..
بعيدا عن وطني لا تعمل!!" ص8،
هناك صوتان، ورغم (قصر) الحوار إلا أن القارئ يتوقف عنده، لماذا جعل الشاعر المتحدث غائب، وجاء بفقرة واحدة، بينما الاجابة جاءت أطول؟، اعتقد أن هذا له علاقة (باشمئزاز/قرف/رفض) الشاعر للمتكلم/الآمر، فجعله غائب، وجعل كلامه في مقطع واحد، بينما (الاطالة) في الكلام جاءت كرد على فعل "أترك وطنك وارحل (القذر).

الحكم
كلنا يعلم أن فن الومضة من أصعب أنواع الكتابة، حيث يحتاج إلى تكثيف واختزال ولغة جامعة للفكرة المطروحة، هناك العديد من الحكم قدمها الشاعر في الديوان، منها:
"8
الهزيمة لن تكون هزيمة
إلا إذا انكسرت فيك الروح
ودونها .. ليس له أي قيمة
ما هي إلا بعض جروح" ص8،
رغم ان الخطاب مباشر وصريح ـ وهذا مزعج للقارئ ـ إلا ان الشاعر تجاوزه من خلال طريقة تقديمة الفكرة، فبدا الخطاب المباشر كأنه نصيحة من صديق/قريب لنا، لهذا تقبلناه بصدر رحب، واعتقد ان استخدام الشاعر ل "إلا، إذا، فيك، ليس، أي، ماهي" ساهمت بقدر ما بالتخفيف من شدة فعل الأمر، فقد اختصرت الكثير من الكلمات.
"10
المزرعة احوج
لعجل صغير
لأن الخط الأعوج
من الثور الكبير!!" ص9،
حكمة يعرفها الجميع، هي مثل شعبي، لكن البوح بها في ظل النظام الرسمي صعب ومؤذي، ومع هذا يتجرأ "مازن دويكات" ويبوح بها، ليس بفكرتها المعروفة فحسب، بل يضيف إليها جمالية التقديم.
"15
حامل المغرفة
أبدا لا يجوع
وحامل المعرفة
له..
صليب يسوع!" ص10،

أهمية هذه هذا القول تكمن في تهيئة العارف/العالم المبدئي بضرورة أن يكون كالأنبياء، يتحمل الأذى، وحتى الموت، لكنه لا يكفر/يتماشى مع الواقع، وأعتقد أن الشاعر استحضر "يسوع" ليس لجمالية شكل فحسب، بل لجمالية الفكرة/المضمون وضرورته في زمن (الواقعية).
"48
انتصارك على أخيك
هزيمة لأمك وأبيك" ص20،
اهمية هذه الحكمة انها تصلح للأفراد وللجماعات/للتنظيمات، فرغم قلة كلماتها إلا أنها عظيمة الثراء والخصب.
"300
من لا يملك حد السيف
سيموت بداء الخوف!" ص96،
حكمة تناولها أجدادنا من القدم، فهناك حكمة تراثية تقول: ما غزى قوم في عقر دارهم إلا وذلوا" واعتقد ان الشاعر اختزل ما وهو مختزل، وقدمه بشكل جديد مواكب للعصر، فجمل بين الحداثة والمعاصرة معا.

السياسي، الاجتماعي، الديني، الحزب
المحرمات في الوطن العربي هي الدين، السياسية، الجنس، فالسياسة من المحرمات في النظام الرسمي العربي، ومع هذا لا بد تناول هذا المحرم، وتقديمه بكل ما فيه من سوء، حتى لو كان قاسيا:
"11
الدكتاتور الآن .. بطبعته الألف
لا شيء تغير حتى لون الطيف
لا شيء سوى منسوب الزيف
أصبح أعلى من هذا السقف" ص9،
يحاول الشاعر التخفيف من قسوة الواقع وحدة المباشرة من خلال استخدمه للمترادفات "الألف، الطيف، الزيف، السقف" وكأنه بالشكل الجميل (يمحو) قذارة الواقع وقسوته.
"24
هزائمنا الناجحة
هي كفتنا الراجحة
وانتصارتنا قبور
تذكرنا بقراءة الفاتحة"ص13،
"مازن دويكات" شاعر منتمي لهذا يتشارك معنا في توصيف حالتنا: "هزائمنا، كفتنا، انتصارتنا، تذكرنا" وكأنه عندما استخدم "ي" المشاركة أراد بها أن لا يبرر/يخرج نفسه من جريمة القبول بالواقع، فهو شريك معنا في مأساتنا، وهذا يحسب له، فهو لا يخاطبنا من برج عاجي، من من الواقع، فهو منا ومعنا ولنا.
"38
لو ان حجارة الرجم
أصابت الشيطان
ما صارت بهذا الحجم
خارطة الأوطان"ص17،
دور رجال الدين في خراب المنطقة لا يقل عن دور النظام الرسمي العربي وعن دور الأعداء، والشاعر النبي، يقع عليه تنبيه الشعب إلى خطورة دور رجال الدين فما آلت إليه أحوالنا من خراب وموت وتشرد.

"انظر في الطائفيين
بالمجهر والميكرسكوب
لن ترى ذروة دين
لا شيء سوى الميكروب!" ص74،
أيضاً تناول الدين عند الناس، فهم يتمسكون بشكل الدين وليس بجوهره، وجاء استخدام "الميكرسكوب" لمشاهدة الناس، يعطي صورة كاركاتيرية لحقيقة وجود الدين عند الطائفيين، من هنا الشاعر لا يقدم فكرة ناقدة فحسب، بل يقدمها بشكل جميل وطريقة مثيرة.
"277
وكانت (غزة) داحس
و(الضفة) الغبراء
ارتدوا الملابس
ما اقبح..
عورة الأخوة الأعداء" ص88،
يعيدنا الشاعر إلى التاريخ البائس، إلى زمن الحروب والاقتتال بين الأهل لكن ليس لنتعرف عليه فحسيب، بل ليبين جهرنا الآن، فهو ينقد فكرة القبيلة قديما والآن.
الأمل
الشعراء يتماثلون مع الانبياء، فهم يتألمون، ومع هذا يحملون الأمل والإيمان بالخلاص من الكفرة وتحرير الناس من الوهم والكفر، لهذا تجدهم ـ رغم بؤس الواقع ـ يحملون شعلة الأمل، يعطينا الشاعر "مازن دويكات جرعة من هذا الإيمان:
"19
نجمة الفجر إن غابت
تضيء القلب
وإن أخطأت أو أصابت
لا تحيد عن الدرب" ص11،

تستوقفنا الألفاظ البياض التي جاءت في الومضة "نجمة، الفجر، تضيء، القلب، أصابت" وعلاقتها بفكرة الأمل/البياض الذي يريد تقديمه الشاعر/النبي، وكأنه من خلال الألفاظ المجردة يريد أن يقدمنا من الأمل/الخلاص، ويثبت إيماننا في زمن الردة والعذاب.
" 193
زهرة آذار
تتشكل دون مطر
ستشب بها النار
ويصير العطر شرر!" ص64،
هناك مجموعة من الألفاظ البيضاء "زهرة، آذار، تتشكل، مطر، ويصير، العطر" وهي تخدم فكرة الأمل التي أرادها الشاعر، كما أنها تخدم المضمون الإيجابي، فرغم وجود "دون، النار، ستشب، شرر" إلا أن الفكرة تبقى بيضاء، ففكرة التمرد/الثورة على الواقع البائس هو فعل أبيض جميل.

الرمز
من الأشكال الأدبية التي جاءت في الديوان استخدام الرمز:
"28
الدرج للصعود
والدرك للهبوط
فاختر يا ملك الجنود
العلو أم السقوط؟!" ص14،
رغم الرمزية التي جاءت، إلا أن الفكرة وصلت، ووصلت للجلاد وللأداة للضحية، فكم نحن بحاجة إلى مثل هذه الجرأة!، فالجمالية بين "الدرك" التي تعطي مدلول مزدوج، الأسفل، والجنود، وهذا الصفة للجنود الرسمين الذين لا يفلحون في تحقيق (الانتصارات) ويجيدون التصويب إلا على شعوبهم، تمثل الوقفة التي يجب أن يتوقف عندها كل المعنيين في الدرك، النظام، الدركي، المواطن.

السخرية
"مازن دويكات" من الذين يتقنون فن استخدام الأدب الساخر، وله في هذا الشكل مجموعة من الأعمال الشعرية والنثرية، وها هو يقدم نماذج في ديوانه "مقامات قوس قزح":
"58
مقدمة بن خلود
للمدينة الفاضلة
ومؤخرة الدكتاتور
للكرسي
والشعوب المناضلة!!" ص22،
التقدم من التراث الفكري والثقافي ومقارنته بما وصلنا إليه يحبطنا، ويصبنا باليأس، لكن دور الشاعر ليس تقديم الواقع كما هو، بل عليه أن يحفز المتلقي على الفعل، وان يقدم له الواقع بطريقة ادبية، وهذا ما فعله "مازن دويكات" فهذا الشكل الساخر يخفف من وطأة بؤس الواقع.
"205
إذا نطقت يوما الشجرة
ستقول أسرقوني بطريقة متحضرة
أتركوا أخشابي وخذوا الثمرة
وإذا نطلق ابنها الكرسي الخشيبي
سيقول: يا سادتي المعذرة
لا أريد أي مؤخرة" ص67،
رغم ان الومضة (طويلة) نسبيا إلا أنها ممتعة، وجاءت كفاكهة لذيذة وسهلة الهضم، كما ان إنطاق الجماد فيه من الإثارة وتجعل المتلقي يتوقف عنده، فما بالنا أن كان هذا الكلام ساخر؟.
"220
كلما انخفض في الخزينة
عدد القروش
ارتفع في المدينة
منسوب الكروش" ص71،
أهمية السخرية التي يقدمها الشاعر، أنها مرتبطة بهموم المواطن العادي، فكأنه يتحدث عنه، لكنه بلغة الشاعر الساخر، وجمالية هذه الفقرة تكمن في الحركة المتعاكسة "انخفاض عدد القروش، وارتفاع منسوب الكروش، وأيضا الترادف بين القروش والكروش، كما ان علاقة المكان "الخزينة" وهو مكان محدود المساحة، الذي تقل فيه القروش، بالمدينة الواسعة تجعلنا نعرف حجم الجريمة التي يقترفها "أصحاب الكروش" فهم يأخذون من مكان صغير/محدود إلى مكان واسع وكبير.

الدهشة

اهمية الشاعر تكمن في إحداث دهشة/صعقة عند المتلقي، واعتقد ان انسب وأسرع طريقة لإحداثها يكمن في الومضة، فهي خاطفة، تدخل الجسد/الفكر كالإبرة تماما:
"108
أضرحة الأحياء
مفردات ذل وانحاء
ومراقد الشهداء
أدراج أرواحنا
نحو السماء" ص38، المذهلة في الومضة أن الشاعر قلب وعكس المفاهيم، فجعل من الأحياء أضرحة، وذل وانحناء، وجعل الأموات/الشهداء أدراج نحو السماء، أهمية هذا التقديم لا تكمن في الألفاظ وطريقة التقديم فحسب، بل في الفكرة التي تحملها.
"191
نحن لا نعرف من نحن
ولا نعرف من هم
ولم يعزفنا اللحن
فهل يسمعنا الصم!" ص63، تكرار حرف "لا" النفي، وثم تقديم "فهل" تثيرنا وتدهشنا، فقد وصلنا إلى الحجم من اليأس، وعلينا ان نتقدم، واعتقد ان "لا نعرف" لها وقع على المتلقي الذي سيقر بعدم وجود معرفة كلية، لا منه ولا من النظام ولا من الأحزاب/حركة التغيير، فكان السؤال/فهل بمثابة امتحان له/لنا، وبالتأكيد كانت النتيجة رسبونا فيه.
"200
إذا أطفأت الشعلة
يراك القاتل بوضوح" ص66، الحكمة، والدهشة تكمن في هذه الكلمات، وكأنها جاءت من خرج الانتاج البشري، ست حروف تصعقنا، وترشدنا وتثبتنا على الإيمان وضرورة مواصلة الطريق، وهنا يكمن الابداع والتألق الذي يقدمه "مازن دويكات".

المكان
الفلسطيني متعلق بالمكان، فهما كيان واحد، ويتعرضان لنفس المحو والإزالة، لهذا نجده دائم الحضور:
"178
من زمن في وطني يحكى
أنه دك المدينة دكا
فسبحان الذي ابكى
نابليون على أساور عكا"ص60،
الجميل في الومضة أن يحكى، دكا، أبكى، عكا" تنتهب بحرف الألف، وهذا يعطي استمرارية والحدث، وايضا يخدم فكرة ترابط وتواصل الأحداث في الومضة، كما ان "دكا، ابكى" لهذا تناص مع القرآن الكريم، وهذا يخدم فكرة الإيمان التي يريد توصيلها الشاعر/النبي.
"326
قبل ذهابك للمنفى
فكر.. لا يرحم الله
من يترك حيفا!" ص105،
بالتأكيد الشاعر لا يتحدث عن حيفا الآن، لأنها متروكة، لكنه يذكرنا بأولئك الذي تركوها وما حل بهم، وما دعوته إلا لمن يفكر بترك وطنه لأي سبب كان.
"329
والشام نكهة جنة الله السليبة
والكون قبل وبعد .. غابة
الابجدية من هنا سالت خصيبة
اقرأ، وقد قرأت وعلمت الكتابة" ص105و106،
ليس انحيازا للفلسطيني، بل هو واقع موضوعي، فالفلسطيني قومي بطبيعته، ويؤمن ان التجزئة والقطرية مرض تعانه الأمة، وان خلاصه وخلاص العرب يكمن في الوحدة، ومن هنا نجده يتأثر بالألم العربي كما يتأثر بألم فلسطين، "مازن دويكات" لا يدعو إلى وقف الحرب والاقتتال بطريقة مباشرة، من خلال التغني بالتاريخ والحضارة التي أوجدتها دمشق والشام، فهي من أوجد أول ابجدية في العلم، وهي من أنشأ أول مدن العالم، أليس هذا كاف لنتوقف عن حربنا الداخلية، ونتقدم من الحياة السوية، وهنا يكمن أهمية ما يقدمه "مازن دويكات" من شعر.

لعبة الحروف
جمالية النص الأدبي إثارة المتلقي، وجعله يفكر فيما يقدم له، "مازن دويكات" له طريقة في إثارة القارئ، فمن خلال (لعبة الحروف) يستوقفنا:
"230
وعلمتني الاسماء
وأنا عجينة من طين
وقبل الألف .. قبل الياء
أول نطقي كانت ..فلسطين" ص74،
مثل هذا التلاعب بالحروف لتقديم فكرة، يعد ابداع وتألق، فما بالنا ان كانت الفكرة نبيلة، فكرة فلسطين.

فلسطين كبيرة وكبيرة جدا، فوجودها يكتمل بوجود الفلسطيني، ووجود الفلسطيني يكون بها وفيها وعليها، يتغنى الشاعر "مازن دويكات" بها فقدم (أطول) ومضة في الديوان يتغنى بها:
"283
بين "الفاء" وبين "النون"
رأيتك يا كاملة الأوصاف
كان المتوسط بين يديك
يقبل أغصان الزيتون
ويداعب أوراق الصفصاف
ورأيت "اللام"
على شفتيك تحول "لا"
و"السين" المسنونة سهم
في الاحشاء وفي الأطراف
و "الطاء" طيور جارحة
تنفر من الليل
عيون الحرس الأجلاف
و "والياء" يمام يهدل فوق الشرفات
وعلى الأعراف
جئت وفي شفتي كلمة
وأخاف إذا بحت بها كاملة
والله أخاف
فلذا سأهربها حرفا حرفا
كالسلع الممنوعة والعمالة
حين يهربها الصراف
اقترب يا سيدتي واستمعي

ألف .. حاء . باء .. كاف" ص90و91،
ابتعاد الشاعر عن المباشرة يُجمّل القصيدة، فهو يعمل على تقديم حبه وتعلقه بفلسطين بطريقة جديدة، محفزا عقل القارئ على التوقف والتفكير فيما يقدم له، فحروف "الفاء، والنون، والألم، والسينن والطاء، والياء، تتشكل منها كلمة فلسطين، وهو لا يقتصر الاسم فحب، بل يتناول طبيعتها وجغرافتها، من خلال المتوسط، والزيتون ، واليمام، وقد اشار إلى ما تعرض له من خطر: "طيور جارحة" كما (برر) هذا التلاعب بالحروف من خلال قوله:
"وأخاف إذا بحت بها كاملة
والله أخاف"
وكمل جمالة القصيدة عندما قطع كلمة "أحبك" فبدا هذا الحب طويل ومتواصل، واعتقد ان (طول/حجم) القصيدة له علاقة بفكرة الحب التي يكنها الشاعر لفلسطين، لهذا كانت هذه أطول قصية في الديوان.
"292
أحب الحرب في وطني
نظيفة من (راء) الآخرين
فليتركوا طفولة المدن
كما قمطها الله بالياسمين" ص 93،
جمالية الومضة تكمن في تحويل الحرب إلى حب، وإلى رمزية "الياسمين/الشام، فالشاعر هنا يستخدم (لعبة الحروف) والرمز معا، وهذا يشير إلى ثقته بالقارئ وقدرته على الوصول للفكرة.
"299
من قائمة الشرف
سقط حرف الفاء
احتجاجا وليس سهوا" ص96،
مثل هذا التقديم يؤكد على أن الشاعر يتقدم بالقارئ إلى أكثر وابعد ما هو عادي/متداول، لهذا نجد لعبة (حذف) الحروف لعبة جميلة وشقية رغم فكرتها القاسية، وكأنها بهذه الطريقة يريد أن يخفف من وطأة القسوة على المتلقي

المرأة
المرأة، الكتابة، الطبيعة، التمرد، عناصر يلجأ إليها الأديب ليتحرر من وطأة وثقل الواقع عليه، والشاعر "مازن دويكات" يقدم لنا المرأة بأكثر من صورة:
"9
في خريف ابتسامتها
غيمة لا تريد الهطول
وفي الليل .. ليل وسامتها
قمر لا يحب الأفول" ص9،
ربط الطبيعة بالمرأة من خلال "الخريف وابتسامتها، غيمة هطول، الليل، القمر، يشير إلى ان المرأة خلقت/أوجدت عنصر مخفف آخر يتمثل بالطبيعة، فهي مفتاح لأبواب الفرح والسكون الأخرى.
"65
في الضوء تكبر .. أمنية
في الظل تحضر .. أغنية
مدي يدك وساعديني
كي تفيض الأقنية" ص24،
جمالية هذه الومضة في انها مطلقة البياض، فالألفاظ بمجملها بيضاء "الضوء، تكبر، امنية، الظل، تحضر، أغنية، يدك، تفيض، الأقنية" وتخدم فكرة الحب والعطاء عند المرأة، وهنا يأخذنا الشاعر إلى رمزية الخصب عند الربة "عشتار"، وهذا أعطا الومضة بعدا رمزيا جماليا.
"90
ومنك امتلأت قبيل انتصافي
وفوق هضابك فاض انعطافي
وأنا النهر مالي سواك مصب
وحيث تكونين تمشي ضفافي" ص33،
البعد الجمالي يتمثل في فكرة العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة، لكننا لا نجد أي شيء صريح أو مباشر، فكل ما هناك "فوق، هضابك، نهر، فاض، مصب، تمشي، ضفافي" ومع هذا فكرة الجسد حاضرة من خلال الطبيعة، وهذا الاستخدام لا يأتي إلا ممن يتقن فن (الصناعة الشعرية).
"128
وقبلت صمتك
وكتفيت
وشربت صوتك
فارتويت!" ص46،
ما يلفت النظر في هذه الومضة استخدام واو وفاء الوصل، وهذا يشير إلى أنها تحفز الشاعر على التقدم وبشكل متواصل منها. وعلى أنها تمتلك قوة جذب لا يمكن مقاومتها.
————
الديوان من منشورات ملتقى بلاطة الثقافي، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 2019
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف