
الوقائع الغريبة في حتمية اختفاء مسيرات السلك
د. رياض عبدالكريم عواد
لم نكن بحاجة لرؤية قوات الحدود التابعة لحماس وهي تقف مصطفة تمنع الشباب، الذي كانت بالأمس تسميه الشباب الثائر، أو تلاحقه لمنعه من الوصول إلى السلك الشائك، مساهمة في حقن دماء ابنائنا، كما يقول البعض ويستشهد بالآية القرآنية "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، بعد ان حذرت اسرائيل من مغبة هذا الوصول، وغيرت من أوامر إطلاق النار الحي على كل من يفعل ذلك مباشرة، بعد العملية اليتيمة التي لم يتسابق أحد، على غير العادة، ليتبنى الشهيد الجديد، ويزف العريس لامه على وقع الموسيقى والطبول لتتويج اباه بلقب: ابو الشهيد، ليضاف إلى الألقاب الكثيرة التي يتداولها المناضلون في بلادنا، في بلاد تعشق الخطابة والألقاب، من اسير سابق إلى اسير محرر إلى جريح انتفاضة إلى جريح حرب، مع ذكر السنة التي وقعت فيها الحرب، أو اسمها بالعربي او العبري.
كما لم نكن بحاجة إلى خطاب السلك والطربقة والتفسيخ ولا إلى ترجمة اسرائيل السريعة لهذا الخطاب إلى كل لغات الدنيا الرئيسية ولا إلى تحليل موقع "ولا" العبري عن الفوائد المجانية التي قدمها هذا الخطاب الاهوج.
لم نكن بحاجة إلى كل هذا لنعرف الحقيقة ونحدد وجهتنا، كما أننا لم نكن بحاجة إلى كل هذا الوقت والألم والقتل والبتر حتى نعرف مآل هذه المسيرات.
قبل أن تبدأ هذه المسيرات وتنتحل اسمها بأيام طويلة كنا ندور ونلف بين الفصائل والمثقفين، عقدنا مؤتمرا من أجل ذلك في قاعة الشهيد الدكتور حيدر عبدالشافي في جمعية الهلال الأحمر بقطاع غزة، وصرخنا بأعلى وأوضح صوت واشرنا فيما أشرنا إليه من محظورات إلى ثلاث محظورات أساسية:
هدف المسيرات، من المحظور الوطني والأخلاقي استخدام حق العودة من أجل أي أهداف أخرى مهما عظمت أو صغرت؟
الوسيلة، هذه مسيرات سلمية في الشعار والوسيلة والأدوات، ومن الخطورة على فكرة المسيرة وحياة شعبنا واستمرارية هذا الشكل النضالي، الانجرار إلى أو استخدام أي شكل من أشكال العنف، بما فيه العنف الكلامي والخطاب الفج.
قيادة الفصائل، أي تعدي لهذه الفصائل، التي تزين صدورها بحمل السلاح، على هذا النضال الجماهيري سيفقده شعبيته وسلميته وستجير هذه الفصائل أهداف هذا النضال لتكتيكاتها ومساوماتها وأهدافها الضيقة، التي تضاءلت وتقزمت رويدا رويدا، من العودة إلى رفع الحصار، من الدولار والسولار إلى التفاهمات، ومن التفاهمات إلى التنسيق الميداني، أو كما يدعي العدو فتح مكاتب للتنسيق الأمني، والسماح لعناصر الأمن للاقتراب 100 متر من السلك دون التعرض لهم، طبعا مع التأكيد ان هذا التنسيق الحلال ليست بمستوى التنسيق الحرام الذي تمارسه السلطة، كما ينافح أو يناطح المدافعون، فالحلال بين والحرام بين، هكذا يفتون؟!
النهاية الحتمية لهذه المسيرات هو مزيدا من الفصل السياسي بين غزة والضفة، واخذ غزة في مسار سياسي بعيدا عن الهدف الوطني العام.
كما تعرفون فإن أي طبخة حتى تستوي بحاجة إلى النار، والنار بحاجة إلى حطب، والحطب بحاجه لمن يدفعه ويطعمه للنار، اذن ليس غريبا، أن تنضج الحفلة الختامية لهذه الطبخة البائسة والحزينة على نيران الحرب القادمة؟! لكن يبقى السؤال: من سيطعم الحطب للنار؟!
خسارة، أو كما يقولون بلغة الاعداء "حفال" على الدماء والجروح
خسارة على الشهداء والمعوقين الجدد، الذين اضيفوا إلى هذا المجتمع المعاق، دون رعاية ولا حماية أو حتى احترام وعدم نكران؟! وهنا من الممكن أن يتدخل البعض ويسأل بخبث: متى توقف شعبنا عن دفع الدماء والشهداء والجرحى، بالتأكيد لم ولن يتوقف، ولكن ليس من أجل تخريج كوادر في السياحة والخطابة والكتابة والتجوال؟!
ملاحظتان لابد منها:
الاولى، لا نهدف من صراخنا في هذه البورة الطرشة، نحن وامثالنا الذين شاركنا منذ البدء في حملة الصراخ دون مجيب، من تسجيل سبق معرفي، أو الأدعاء بالاستشعار المبكر للخطر، أو ادعاء البطولة لا سمح الله في زمن نغرق فيه كلنا في مستنقع الهزيمة الاسن وفقدان الامل وتوهان البوصلة. اننا نريد أن نقول ببساطة وبهدوء ايضا، أن جادة الصواب كانت ومازالت بين ايدنا ومن الممكن اتباعها وإعادة الكرة مرة بل مرات، لأننا لا نملك خيار الا خيار مواصلة النضال.
الثانية، دفعة الشؤون للغلابة لم تنزل مع مرتبات الموظفين، تأجلت إلى بعد العيد، حزن الغلابة بعد أن فرحوا، فرصة نكثف مزيد من المسبات على السلطة، دون أن نكلف انفسنا حتى ان نسأل سؤالا صغيرا: كم من المأسي يجب أن تتحمل هذه السلطة، ومن كان سببا في خلق كل هذه المآسي التي تنوء عن حملها الجمال أو الجبال، ولماذا ومن كان سببا في تحويل شعبنا إلى مجموعة من العجزة والفقراء والشحادبن، وما هو الهدف من وراء ذلك. دون اغفال مسؤولية العدو، فان السبب والهدف كان ومازال واضحا لكل ذي بصيرة، لنا الله!!!!
د. رياض عبدالكريم عواد
لم نكن بحاجة لرؤية قوات الحدود التابعة لحماس وهي تقف مصطفة تمنع الشباب، الذي كانت بالأمس تسميه الشباب الثائر، أو تلاحقه لمنعه من الوصول إلى السلك الشائك، مساهمة في حقن دماء ابنائنا، كما يقول البعض ويستشهد بالآية القرآنية "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، بعد ان حذرت اسرائيل من مغبة هذا الوصول، وغيرت من أوامر إطلاق النار الحي على كل من يفعل ذلك مباشرة، بعد العملية اليتيمة التي لم يتسابق أحد، على غير العادة، ليتبنى الشهيد الجديد، ويزف العريس لامه على وقع الموسيقى والطبول لتتويج اباه بلقب: ابو الشهيد، ليضاف إلى الألقاب الكثيرة التي يتداولها المناضلون في بلادنا، في بلاد تعشق الخطابة والألقاب، من اسير سابق إلى اسير محرر إلى جريح انتفاضة إلى جريح حرب، مع ذكر السنة التي وقعت فيها الحرب، أو اسمها بالعربي او العبري.
كما لم نكن بحاجة إلى خطاب السلك والطربقة والتفسيخ ولا إلى ترجمة اسرائيل السريعة لهذا الخطاب إلى كل لغات الدنيا الرئيسية ولا إلى تحليل موقع "ولا" العبري عن الفوائد المجانية التي قدمها هذا الخطاب الاهوج.
لم نكن بحاجة إلى كل هذا لنعرف الحقيقة ونحدد وجهتنا، كما أننا لم نكن بحاجة إلى كل هذا الوقت والألم والقتل والبتر حتى نعرف مآل هذه المسيرات.
قبل أن تبدأ هذه المسيرات وتنتحل اسمها بأيام طويلة كنا ندور ونلف بين الفصائل والمثقفين، عقدنا مؤتمرا من أجل ذلك في قاعة الشهيد الدكتور حيدر عبدالشافي في جمعية الهلال الأحمر بقطاع غزة، وصرخنا بأعلى وأوضح صوت واشرنا فيما أشرنا إليه من محظورات إلى ثلاث محظورات أساسية:
هدف المسيرات، من المحظور الوطني والأخلاقي استخدام حق العودة من أجل أي أهداف أخرى مهما عظمت أو صغرت؟
الوسيلة، هذه مسيرات سلمية في الشعار والوسيلة والأدوات، ومن الخطورة على فكرة المسيرة وحياة شعبنا واستمرارية هذا الشكل النضالي، الانجرار إلى أو استخدام أي شكل من أشكال العنف، بما فيه العنف الكلامي والخطاب الفج.
قيادة الفصائل، أي تعدي لهذه الفصائل، التي تزين صدورها بحمل السلاح، على هذا النضال الجماهيري سيفقده شعبيته وسلميته وستجير هذه الفصائل أهداف هذا النضال لتكتيكاتها ومساوماتها وأهدافها الضيقة، التي تضاءلت وتقزمت رويدا رويدا، من العودة إلى رفع الحصار، من الدولار والسولار إلى التفاهمات، ومن التفاهمات إلى التنسيق الميداني، أو كما يدعي العدو فتح مكاتب للتنسيق الأمني، والسماح لعناصر الأمن للاقتراب 100 متر من السلك دون التعرض لهم، طبعا مع التأكيد ان هذا التنسيق الحلال ليست بمستوى التنسيق الحرام الذي تمارسه السلطة، كما ينافح أو يناطح المدافعون، فالحلال بين والحرام بين، هكذا يفتون؟!
النهاية الحتمية لهذه المسيرات هو مزيدا من الفصل السياسي بين غزة والضفة، واخذ غزة في مسار سياسي بعيدا عن الهدف الوطني العام.
كما تعرفون فإن أي طبخة حتى تستوي بحاجة إلى النار، والنار بحاجة إلى حطب، والحطب بحاجه لمن يدفعه ويطعمه للنار، اذن ليس غريبا، أن تنضج الحفلة الختامية لهذه الطبخة البائسة والحزينة على نيران الحرب القادمة؟! لكن يبقى السؤال: من سيطعم الحطب للنار؟!
خسارة، أو كما يقولون بلغة الاعداء "حفال" على الدماء والجروح
خسارة على الشهداء والمعوقين الجدد، الذين اضيفوا إلى هذا المجتمع المعاق، دون رعاية ولا حماية أو حتى احترام وعدم نكران؟! وهنا من الممكن أن يتدخل البعض ويسأل بخبث: متى توقف شعبنا عن دفع الدماء والشهداء والجرحى، بالتأكيد لم ولن يتوقف، ولكن ليس من أجل تخريج كوادر في السياحة والخطابة والكتابة والتجوال؟!
ملاحظتان لابد منها:
الاولى، لا نهدف من صراخنا في هذه البورة الطرشة، نحن وامثالنا الذين شاركنا منذ البدء في حملة الصراخ دون مجيب، من تسجيل سبق معرفي، أو الأدعاء بالاستشعار المبكر للخطر، أو ادعاء البطولة لا سمح الله في زمن نغرق فيه كلنا في مستنقع الهزيمة الاسن وفقدان الامل وتوهان البوصلة. اننا نريد أن نقول ببساطة وبهدوء ايضا، أن جادة الصواب كانت ومازالت بين ايدنا ومن الممكن اتباعها وإعادة الكرة مرة بل مرات، لأننا لا نملك خيار الا خيار مواصلة النضال.
الثانية، دفعة الشؤون للغلابة لم تنزل مع مرتبات الموظفين، تأجلت إلى بعد العيد، حزن الغلابة بعد أن فرحوا، فرصة نكثف مزيد من المسبات على السلطة، دون أن نكلف انفسنا حتى ان نسأل سؤالا صغيرا: كم من المأسي يجب أن تتحمل هذه السلطة، ومن كان سببا في خلق كل هذه المآسي التي تنوء عن حملها الجمال أو الجبال، ولماذا ومن كان سببا في تحويل شعبنا إلى مجموعة من العجزة والفقراء والشحادبن، وما هو الهدف من وراء ذلك. دون اغفال مسؤولية العدو، فان السبب والهدف كان ومازال واضحا لكل ذي بصيرة، لنا الله!!!!