أرواحنا فدا الوطن
_____________
من بين آلآف الشبّان بهذا العالم الكبير ، ومن بين مئات الرجال ببلادي، وعشراتٌ من طلابِ الجامعة ، لم يُلفت إنتباهي ويسرق قلبي سوا ذلك الشاب المتواضع ، حيث كان يحمل حقيبةً على كتفه وبيده اليمنى قبعةُ بدلته العسكرية ، خطف نظراتي بزيّه الرجولي ، بهيبته الشامخة ، بجسده المنحوت صبراً ، حتى وجههُ الأبلق عشقته ، وأحببته بكل ما فيه من بين الجميع .
فبعد وابل من النظرات وقع بقلبي ووقعتُ بحبه ، يعاملني وكأنني وطنه ، يسهر على حمايتي لساعات ، ويضحي بنفسه لإسعادي ، يزأرُ بكل من يحاول الإقتراب مني وكأنهُ أسدٌ يرفض إحتلال عرينه ، يحارب وينتصر بكل مرةٍ .
زاد وضع البلادِ سوءاً ولم أعد اراه كثيراً ، أيامٌ متتاليةٌ من فتق الإشتياق على شرفة الإلهام بحضرته ، أعلم بأنهُ يبادلني السهر على حدود الوطن وأركان العزة ، تشرق وتغيب شمس بلادي كل يوم ، وهو يجابهُ الغفوة ، يرتدي بدلته التي تشعل جسدهُ بالحرارة ولكنها على قلبه كبرد السلام ، بالقيظ ، والسلاح الوبيل بيده ، واقفٌ تحت الودق يرتجف برداً ، يلقى من النصب برضى كالصنديد ، يأبى الإنكسار.
رأيته بعد عدة أشهر، قال بأنه سيغيب أكثر هذه المرة ، دعوتُ له بالخير وأنا أخفي لوعتي بإبتسامة بأن يعود لي بصحة وعافية كما إعتدتُ قوامه ، ألبسني قبعته ، قّبل جبيني ، أخذ حقيبته وانطلق لخوض حربٍ تفدي البلاد ، وأنا في المنزل بجسدي ، لكن قلبي يخفق بصدره ، أرتجف خوفاً ، أسجدُ تارةً وأشهق من البكاء تارةً أخرى فقد حلمتُ في فجر غفوتي بأنه قبل التراب شهيداً .
تأكدتُ من الخبر بعد أن عانقت روحي السماء حُزنا ، ولكنني اليوم على يقين بأن الحياة تضحية ، فروحه هدية لتراب وطنه ، وعطر الثرى برائحة دمه ، وسقى به ياسمين الأمل ، فاستشهاده هو رمزُ الإستقلال بحد عينه ، ليستقل الوطن بعد وداعي ويرقد تحت التراب وللأبد بأمان ،
وها أنا كل يوم أنثر على أجداثه الياسمين المعطّر بدمه ، وأستنشق رائحة المسك به ، أبكي من شوقي له وابتسم لإنتصار بلادي بسببه، أقف الآن بعزم وإنتصار ، فأنا أرتدي قبعةَ الشهيد الملطخةِ بالعزّة ، أحتضن سلاحه ، وأقف بعزٍّ وشموخ ، ولمعة عيناي تترجم حجم حبي ، تتخالط دموعي بالحزن على فقده ، وفرحةِ حبٍّ وانتصار في آن واحد ، إستشهد لبلاده وما زال حياً بداخلي ، فها انا الآن أفتخر بك يا عزيزي الراحل ، ورحم الله ترابك الطاهر فلطالما رددت على مسمعي بأن وراء كل أسدٍ لبؤة .
_____________
من بين آلآف الشبّان بهذا العالم الكبير ، ومن بين مئات الرجال ببلادي، وعشراتٌ من طلابِ الجامعة ، لم يُلفت إنتباهي ويسرق قلبي سوا ذلك الشاب المتواضع ، حيث كان يحمل حقيبةً على كتفه وبيده اليمنى قبعةُ بدلته العسكرية ، خطف نظراتي بزيّه الرجولي ، بهيبته الشامخة ، بجسده المنحوت صبراً ، حتى وجههُ الأبلق عشقته ، وأحببته بكل ما فيه من بين الجميع .
فبعد وابل من النظرات وقع بقلبي ووقعتُ بحبه ، يعاملني وكأنني وطنه ، يسهر على حمايتي لساعات ، ويضحي بنفسه لإسعادي ، يزأرُ بكل من يحاول الإقتراب مني وكأنهُ أسدٌ يرفض إحتلال عرينه ، يحارب وينتصر بكل مرةٍ .
زاد وضع البلادِ سوءاً ولم أعد اراه كثيراً ، أيامٌ متتاليةٌ من فتق الإشتياق على شرفة الإلهام بحضرته ، أعلم بأنهُ يبادلني السهر على حدود الوطن وأركان العزة ، تشرق وتغيب شمس بلادي كل يوم ، وهو يجابهُ الغفوة ، يرتدي بدلته التي تشعل جسدهُ بالحرارة ولكنها على قلبه كبرد السلام ، بالقيظ ، والسلاح الوبيل بيده ، واقفٌ تحت الودق يرتجف برداً ، يلقى من النصب برضى كالصنديد ، يأبى الإنكسار.
رأيته بعد عدة أشهر، قال بأنه سيغيب أكثر هذه المرة ، دعوتُ له بالخير وأنا أخفي لوعتي بإبتسامة بأن يعود لي بصحة وعافية كما إعتدتُ قوامه ، ألبسني قبعته ، قّبل جبيني ، أخذ حقيبته وانطلق لخوض حربٍ تفدي البلاد ، وأنا في المنزل بجسدي ، لكن قلبي يخفق بصدره ، أرتجف خوفاً ، أسجدُ تارةً وأشهق من البكاء تارةً أخرى فقد حلمتُ في فجر غفوتي بأنه قبل التراب شهيداً .
تأكدتُ من الخبر بعد أن عانقت روحي السماء حُزنا ، ولكنني اليوم على يقين بأن الحياة تضحية ، فروحه هدية لتراب وطنه ، وعطر الثرى برائحة دمه ، وسقى به ياسمين الأمل ، فاستشهاده هو رمزُ الإستقلال بحد عينه ، ليستقل الوطن بعد وداعي ويرقد تحت التراب وللأبد بأمان ،
وها أنا كل يوم أنثر على أجداثه الياسمين المعطّر بدمه ، وأستنشق رائحة المسك به ، أبكي من شوقي له وابتسم لإنتصار بلادي بسببه، أقف الآن بعزم وإنتصار ، فأنا أرتدي قبعةَ الشهيد الملطخةِ بالعزّة ، أحتضن سلاحه ، وأقف بعزٍّ وشموخ ، ولمعة عيناي تترجم حجم حبي ، تتخالط دموعي بالحزن على فقده ، وفرحةِ حبٍّ وانتصار في آن واحد ، إستشهد لبلاده وما زال حياً بداخلي ، فها انا الآن أفتخر بك يا عزيزي الراحل ، ورحم الله ترابك الطاهر فلطالما رددت على مسمعي بأن وراء كل أسدٍ لبؤة .