ولماذا العندليب لا يغيب ؟
بقلم : ميرفت السنوسي
العندليب لا يغيب .. عنوان لكتاب يؤكد حقيقة يحملها عنوان كتاب اختاره بذكاء شديد وشفافية وجدان وعمق ضمير مؤلفه المبدع الصديق والأخ الأديب إبراهيم خليل إبراهيم ومهما تكن الإجابة فالأمر لن يختلف حول حقيقة نعيشها ونلمسها بل ونسعد بها ، ولست أبالغ حين أضيف ما أؤكد به حقيقة أن ( العندليب لا يغيب ) ستظل لأجيال عديدة تأتي بعدنا فيعيشونها ويسعدون بها تماما مثلما نعيش نحن بقاء الكثير من أبناء هذا البلد الجميل المعطاء بداخلنا مشكلين جزء هام و مضيئ بوجداننا رغم رحيلهم منذ سنوات .. فرحيل الرموز الإنسانية البارزة لا يعني أبدا رحيل ما يمثلون من قيمة معهم .
ولأنني اعلم أن الصديق المبدع إبراهيم خليل إبراهيم هو واحد من أبناء هذا الوطن الغالي النبيل الباحثين المجتهدين والمجدين في كل ما تحويه جذور هذه الأرض المعطاءة من قيم و شخوص يترجمونها لأجل إبرازها وإهدائها مقطرة إلى الأجيال القادمة ، لذلك لم يكن مستغربا عليه أن يقوم بالبحث عن الجديد حول العندليب ( عبد الحليم حافظ ) والذي يربط فيما بينهما القربى والانتماء لنفس المحافظة التي جادت علي هذا الوطن بالكثيرين من المعطاءين في كافة المجالات ألا وهى محافظة الشرقية .
ورغم سعادتي كواحدة ممن يعيش حليم بداخلهم حين شرفني الصديق إبراهيم خليل إبراهيم بطلب هذه الكلمة عن حليم .. وجدتني في مأزق وضعني فيه هذا الصديق الطيب المهذب الذكي .. فماذا يمكن أن يقال عن العندليب بعد كل ما قيل عنه وحوله ؟
ولكن .. لما الحيرة ؟
فالحديث عن حليم يتجدد بداخلنا مثلما يتجدد إحساسنا وانفعال وجداننا مع أغانيه رغم مضي سنوات طويلة علي رحيله .
فمن منا حين أحب لم يكن صوت حليم وأغانيه هو اصدق أصداء لما بداخلنا ؟
فقد عاش صوت حليم وإحساسه رفيقا لكل العاشقين الصادقين .. يحمل عنهم رسائلهم إلى من يحبون .. يتحدث عنهم حين يجمعهم اللقاء فيغني سعادتهم ، ويبكي معهم هزائمهم وانكساراتهم كذلك ، ورغم أن حليم لم يكن أجمل الأصوات بين أبناء جيله ولم يكن أكثرهم قوة و لكنه كان يملك حسا وإنسانية حميمة انفرد بها وحده ، وربما يكون هذا هو التفسير لنجاح حليم وخلوده رغم كل موجات التحول في ساحة الغناء .
ولأن زمن حليم كان زمنا مكتمل العناصر التي يتطلبها صنع الفن الخالد الجميل فقد صاحبته نخبه متميزة من المؤلفين والموسيقيين الذين تعاملوا معه بكل صدق موهبتهم الخلاقة بنفس القدر الذي تعاملوا به مع غيره من أصحاب الأصوات القوية الحساسة الجميلة في ذلك العصر الجميل بكل ما كان به ، وهذا في حد ذاته يطرح سؤالا تكمن إجابته بداخله وهو : لماذا لم يتحقق نفس القدر من النجاح والتألق للأغنيات لغير صوت حليم رغم توحد الروافد التي كان ينهل من فيضها مع غيره من أبناء جيله و كذلك كثيرين ممن أتوا بعده و حققوا بموهبتهم نجاحات لا تخفي ولا ينكرها الناس ؟
فقد امتزج حليم بنسيج وجداننا وتفاعلنا مع كل ما عايشناه معه من أحداث فغنانا واسمعنا أصداءنا كان من ابرز أمثلة نجاح الفن في تبني المبادئ القومية والدعاية لها ولما يمثلونها من رموز فبجانب أغنياته التي يمكن أن نطلق عليها أغنيات دعائية بما تدور حوله من التغني بشخص يرمز لما ينادي به من مبادئ و التي ربما لا يتفق الكثير حول ما ترمز إليه إلا انه لأحد يملك إلا الإعجاب والانبهار بمدي صدق أداء حليم ، وكانت هناك أيضا الأغنيات التي غني بها الهم القومي العام الذي جمعنا معه في باقة إحساس واحدة وما زلنا نعيشها ومازال يعيشنا بداخلها .. فما زال صوت العندليب يأتينا بذلك الأمل في تحقيق الآمال التي يصبو إلى تحقيقها أبناء امتنا .. ومازال صوتهم يردد عبر نبراته :
احلف بسماها وبترابها
ما تغيب الشمس العربية
طول ما أن عايش
فوق الدنيا
ذلك القسم الذي حرص على أن يبدأ به حفلاته حتى يتحقق النصر .. و قد كان .
و مازلنا ننظر إلى فلسطين و نسال بصوته :
تفضل تضيع فيكي
الحقوق لأمتى ؟
يا طريق الآلام
فنفس هذا الصوت الذي مازال يبكي ما بداخلنا من انكسارات رغم يقينه بأنه حتما سيكون النهار حليفنا .. فيأتينا من أعماقنا :
لو مت يا أمي
ما تبكيش
راح أموت
علشان بلدي
تعيش
هو نفسه الذي يهدر في قوة يقين مؤكداً لنا ما نصدقه :
أبدا بلدنا للنهار
بتحب موال النهار
لما يعدي
و يغني قدام
كل دار
هذا هو حليم ، وان كان ليس هذا هو كل ما يقال عنه .. و لكنه يتجدد فينا .. يسكننا .. يبكينا .. يغنينا .. يفرح لنا .. وحين تهزمنا أحلامنا نسرع ثانية وندعه كي يبكي بإحساسه عنا .. و دوما نجده بداخل ما يومض بداخلنا من إحساس يؤكد حقيقة أن ( العندليب لا يغيب ) .
بقلم : ميرفت السنوسي
العندليب لا يغيب .. عنوان لكتاب يؤكد حقيقة يحملها عنوان كتاب اختاره بذكاء شديد وشفافية وجدان وعمق ضمير مؤلفه المبدع الصديق والأخ الأديب إبراهيم خليل إبراهيم ومهما تكن الإجابة فالأمر لن يختلف حول حقيقة نعيشها ونلمسها بل ونسعد بها ، ولست أبالغ حين أضيف ما أؤكد به حقيقة أن ( العندليب لا يغيب ) ستظل لأجيال عديدة تأتي بعدنا فيعيشونها ويسعدون بها تماما مثلما نعيش نحن بقاء الكثير من أبناء هذا البلد الجميل المعطاء بداخلنا مشكلين جزء هام و مضيئ بوجداننا رغم رحيلهم منذ سنوات .. فرحيل الرموز الإنسانية البارزة لا يعني أبدا رحيل ما يمثلون من قيمة معهم .
ولأنني اعلم أن الصديق المبدع إبراهيم خليل إبراهيم هو واحد من أبناء هذا الوطن الغالي النبيل الباحثين المجتهدين والمجدين في كل ما تحويه جذور هذه الأرض المعطاءة من قيم و شخوص يترجمونها لأجل إبرازها وإهدائها مقطرة إلى الأجيال القادمة ، لذلك لم يكن مستغربا عليه أن يقوم بالبحث عن الجديد حول العندليب ( عبد الحليم حافظ ) والذي يربط فيما بينهما القربى والانتماء لنفس المحافظة التي جادت علي هذا الوطن بالكثيرين من المعطاءين في كافة المجالات ألا وهى محافظة الشرقية .
ورغم سعادتي كواحدة ممن يعيش حليم بداخلهم حين شرفني الصديق إبراهيم خليل إبراهيم بطلب هذه الكلمة عن حليم .. وجدتني في مأزق وضعني فيه هذا الصديق الطيب المهذب الذكي .. فماذا يمكن أن يقال عن العندليب بعد كل ما قيل عنه وحوله ؟
ولكن .. لما الحيرة ؟
فالحديث عن حليم يتجدد بداخلنا مثلما يتجدد إحساسنا وانفعال وجداننا مع أغانيه رغم مضي سنوات طويلة علي رحيله .
فمن منا حين أحب لم يكن صوت حليم وأغانيه هو اصدق أصداء لما بداخلنا ؟
فقد عاش صوت حليم وإحساسه رفيقا لكل العاشقين الصادقين .. يحمل عنهم رسائلهم إلى من يحبون .. يتحدث عنهم حين يجمعهم اللقاء فيغني سعادتهم ، ويبكي معهم هزائمهم وانكساراتهم كذلك ، ورغم أن حليم لم يكن أجمل الأصوات بين أبناء جيله ولم يكن أكثرهم قوة و لكنه كان يملك حسا وإنسانية حميمة انفرد بها وحده ، وربما يكون هذا هو التفسير لنجاح حليم وخلوده رغم كل موجات التحول في ساحة الغناء .
ولأن زمن حليم كان زمنا مكتمل العناصر التي يتطلبها صنع الفن الخالد الجميل فقد صاحبته نخبه متميزة من المؤلفين والموسيقيين الذين تعاملوا معه بكل صدق موهبتهم الخلاقة بنفس القدر الذي تعاملوا به مع غيره من أصحاب الأصوات القوية الحساسة الجميلة في ذلك العصر الجميل بكل ما كان به ، وهذا في حد ذاته يطرح سؤالا تكمن إجابته بداخله وهو : لماذا لم يتحقق نفس القدر من النجاح والتألق للأغنيات لغير صوت حليم رغم توحد الروافد التي كان ينهل من فيضها مع غيره من أبناء جيله و كذلك كثيرين ممن أتوا بعده و حققوا بموهبتهم نجاحات لا تخفي ولا ينكرها الناس ؟
فقد امتزج حليم بنسيج وجداننا وتفاعلنا مع كل ما عايشناه معه من أحداث فغنانا واسمعنا أصداءنا كان من ابرز أمثلة نجاح الفن في تبني المبادئ القومية والدعاية لها ولما يمثلونها من رموز فبجانب أغنياته التي يمكن أن نطلق عليها أغنيات دعائية بما تدور حوله من التغني بشخص يرمز لما ينادي به من مبادئ و التي ربما لا يتفق الكثير حول ما ترمز إليه إلا انه لأحد يملك إلا الإعجاب والانبهار بمدي صدق أداء حليم ، وكانت هناك أيضا الأغنيات التي غني بها الهم القومي العام الذي جمعنا معه في باقة إحساس واحدة وما زلنا نعيشها ومازال يعيشنا بداخلها .. فما زال صوت العندليب يأتينا بذلك الأمل في تحقيق الآمال التي يصبو إلى تحقيقها أبناء امتنا .. ومازال صوتهم يردد عبر نبراته :
احلف بسماها وبترابها
ما تغيب الشمس العربية
طول ما أن عايش
فوق الدنيا
ذلك القسم الذي حرص على أن يبدأ به حفلاته حتى يتحقق النصر .. و قد كان .
و مازلنا ننظر إلى فلسطين و نسال بصوته :
تفضل تضيع فيكي
الحقوق لأمتى ؟
يا طريق الآلام
فنفس هذا الصوت الذي مازال يبكي ما بداخلنا من انكسارات رغم يقينه بأنه حتما سيكون النهار حليفنا .. فيأتينا من أعماقنا :
لو مت يا أمي
ما تبكيش
راح أموت
علشان بلدي
تعيش
هو نفسه الذي يهدر في قوة يقين مؤكداً لنا ما نصدقه :
أبدا بلدنا للنهار
بتحب موال النهار
لما يعدي
و يغني قدام
كل دار
هذا هو حليم ، وان كان ليس هذا هو كل ما يقال عنه .. و لكنه يتجدد فينا .. يسكننا .. يبكينا .. يغنينا .. يفرح لنا .. وحين تهزمنا أحلامنا نسرع ثانية وندعه كي يبكي بإحساسه عنا .. و دوما نجده بداخل ما يومض بداخلنا من إحساس يؤكد حقيقة أن ( العندليب لا يغيب ) .