محمد ولد طالب
امشي إليك
التخفيف/التهدئة تتمثل في المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد، فعندما تضيق بنا السبل غريزيا نتجه إلى هذه العناصر أو إلى بعضها، وهذا ما فعله "محمد ولد طالب" عنوان القصيدة يشير إليها، حالة من التوتر تسيطر على الشاعر، لهذا نجده يستنجد وأحيانا يستعطفها لمساعدته على الخروج من أزمته فمخاطبتها ب "أمشي إليك، وأصرخ، لعلي أراك" كل هذا يستوقفنا فالمرأة تبدو شبه إله:
"وأمشي إليك مداءات عينيك تيه
تصوف فيها الضياء
وأمشي وكنت عجولا..
وأصرخ أصرخ خلف مداءات عينيك علي
أصادف في لحظات انطفائي حلولا
لعلي أراك ولو مرة
على ضفة الفجر تغتسلين،
فأدعوك هندا وأدعوك سلمى وأدعوك حينا بتولا"
فهي الوحيدة الظاهرة في المقطع، واعتقد أن عطاءها ثلاثة اسماء ـ وهي أسماء لنساء لهن مكانتهن في التراث العربي ـ يمثل حالة تعظيم لها. تستوقفنا التسميات "هندا، سلمى، بتولا" التي جاءت بعد فعل الاغتسال، بمعنى أن هناك فعل مقدس/الاغتسال مهد الدخول إلى حالة فكرية واجتماعية جديدة، فجاءت التسميات على أثر هذا الفعل المقدسي/الاغتسال.
والشاعر يقدم لنا مزيدا عن حالته البائسة ليس من خلال فعل المشي فحسب، بل نجد حالة اضطرابه وانزعاجه في "عجولا، يصرخ، منطفئ"
"أيا امرأة،
تقمصني حبها في الأباريق يوم انتشيت،
ويوم بأبواب صمتي تسمرت أبغي الدخولا..
وأمشي وكنت عجولا
وكانت مداءات عينيك سفرا من الموت..
يتلو على الليل من سورة الشوق كي ما يطولا "
والشاعر يتقرب منها حتى نجده يريد التوحد معها، ليس حبا فيها فحسب، بل لأنها ستمنحه الخلاص من البؤس وتزيل عنه الضغط، واعتقد أن القدسية المرأة تكمن في "تقمصني حبها، يتلو سورة الشوق" وهنا يكون الشاعر قد استخدم عنصر تخفيف آخر، التمرد، عندما قال: "سورة الشوق" فهو يمس ما هو مقدس، الدين.
وإذا ما توقفنا عند سبب ال"مشي"
" وكانت مداءات عينيك سفرا من الموت.." إليها، نجد فيه بعض الصفات المتعلقة بالإله، واهب الحياة موجد الموت، لهذا نقول أن المرأة هنا أكثر من عادية، وهي اقرب إلى الربة "عشتار".
" وأمشي إليك..
وخلفي المجابة والصمت والبوح؛
خلفي العشائر من نعرات ومن نزوات تدق الطبولا
تشيد تاريخ حقد وثأر على قلق..
تتوارث فيه الخيول الخيولا "
الواقع البدوي الصحراوي: "العشائر، نعرات، نزوات، تتوارث،، حقد، ثأر، الخيول" يعكر صفوة الحالة التجلي التي يعيشها الشاعر معها من هنا جاء المقطع قاتم وغارق في السواد، من هنا سيلتجئ إلى المخلص، إليها من جديد:
"وأمشي إليك.. وأسلك من قبسات التجلي سبيلا
يدثرني الشجو لحنا..
تهشم فيه رؤوس الحروف إذا أينعت..
ويصبح برد المسافات بيني وبينك عبئا ثقيلا..
ومن وله تحاصرني الطعنات..
لدى وطن عزفت به الوتر المستحيلا..
تحاصرني الطعنات وينتابني ألق من جراحي
وتوشك بالحبر أوردتي أن تسيلا"
تستوقفنا الألفاظ القاسية التي جاءت بعد فعل "يدثرني" وهي: "تهشم، عبثا، ثقيلا، تحاصرني، الطعنات، وينتابني، ألق، جراحي، أوردتي" وكأن فعل "يدثرني" هو الذي حمى الشاعر من كل هذه الألفاظ القاسية، فمكانة المرأة رفيعة، وما تمنحه لا يزول: من هنا ختم الشاعر القصيدة بقوله:
"وأمشي إليك
على قدر من تناثر عمري
إذا رجع المبحرون
وأبصرت فوق المشانق رأسي
وسطرت فوق المفارز ترنيمة
وطنا..
منع القلب أن يستقيلا"
أليس هذا الاصرار على المشي إليها يجعلها أكثر من تلك المرأة العادية التي نعرفها ونشاهدها؟، فهي تبقى حاضرة في القلب حتى لو أصبح رأس الشاعر معلق فوق المشانق، وهذا الانتماء والإخلاص لا يكون لمرأة بل لإله.
امشي إليك
التخفيف/التهدئة تتمثل في المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد، فعندما تضيق بنا السبل غريزيا نتجه إلى هذه العناصر أو إلى بعضها، وهذا ما فعله "محمد ولد طالب" عنوان القصيدة يشير إليها، حالة من التوتر تسيطر على الشاعر، لهذا نجده يستنجد وأحيانا يستعطفها لمساعدته على الخروج من أزمته فمخاطبتها ب "أمشي إليك، وأصرخ، لعلي أراك" كل هذا يستوقفنا فالمرأة تبدو شبه إله:
"وأمشي إليك مداءات عينيك تيه
تصوف فيها الضياء
وأمشي وكنت عجولا..
وأصرخ أصرخ خلف مداءات عينيك علي
أصادف في لحظات انطفائي حلولا
لعلي أراك ولو مرة
على ضفة الفجر تغتسلين،
فأدعوك هندا وأدعوك سلمى وأدعوك حينا بتولا"
فهي الوحيدة الظاهرة في المقطع، واعتقد أن عطاءها ثلاثة اسماء ـ وهي أسماء لنساء لهن مكانتهن في التراث العربي ـ يمثل حالة تعظيم لها. تستوقفنا التسميات "هندا، سلمى، بتولا" التي جاءت بعد فعل الاغتسال، بمعنى أن هناك فعل مقدس/الاغتسال مهد الدخول إلى حالة فكرية واجتماعية جديدة، فجاءت التسميات على أثر هذا الفعل المقدسي/الاغتسال.
والشاعر يقدم لنا مزيدا عن حالته البائسة ليس من خلال فعل المشي فحسب، بل نجد حالة اضطرابه وانزعاجه في "عجولا، يصرخ، منطفئ"
"أيا امرأة،
تقمصني حبها في الأباريق يوم انتشيت،
ويوم بأبواب صمتي تسمرت أبغي الدخولا..
وأمشي وكنت عجولا
وكانت مداءات عينيك سفرا من الموت..
يتلو على الليل من سورة الشوق كي ما يطولا "
والشاعر يتقرب منها حتى نجده يريد التوحد معها، ليس حبا فيها فحسب، بل لأنها ستمنحه الخلاص من البؤس وتزيل عنه الضغط، واعتقد أن القدسية المرأة تكمن في "تقمصني حبها، يتلو سورة الشوق" وهنا يكون الشاعر قد استخدم عنصر تخفيف آخر، التمرد، عندما قال: "سورة الشوق" فهو يمس ما هو مقدس، الدين.
وإذا ما توقفنا عند سبب ال"مشي"
" وكانت مداءات عينيك سفرا من الموت.." إليها، نجد فيه بعض الصفات المتعلقة بالإله، واهب الحياة موجد الموت، لهذا نقول أن المرأة هنا أكثر من عادية، وهي اقرب إلى الربة "عشتار".
" وأمشي إليك..
وخلفي المجابة والصمت والبوح؛
خلفي العشائر من نعرات ومن نزوات تدق الطبولا
تشيد تاريخ حقد وثأر على قلق..
تتوارث فيه الخيول الخيولا "
الواقع البدوي الصحراوي: "العشائر، نعرات، نزوات، تتوارث،، حقد، ثأر، الخيول" يعكر صفوة الحالة التجلي التي يعيشها الشاعر معها من هنا جاء المقطع قاتم وغارق في السواد، من هنا سيلتجئ إلى المخلص، إليها من جديد:
"وأمشي إليك.. وأسلك من قبسات التجلي سبيلا
يدثرني الشجو لحنا..
تهشم فيه رؤوس الحروف إذا أينعت..
ويصبح برد المسافات بيني وبينك عبئا ثقيلا..
ومن وله تحاصرني الطعنات..
لدى وطن عزفت به الوتر المستحيلا..
تحاصرني الطعنات وينتابني ألق من جراحي
وتوشك بالحبر أوردتي أن تسيلا"
تستوقفنا الألفاظ القاسية التي جاءت بعد فعل "يدثرني" وهي: "تهشم، عبثا، ثقيلا، تحاصرني، الطعنات، وينتابني، ألق، جراحي، أوردتي" وكأن فعل "يدثرني" هو الذي حمى الشاعر من كل هذه الألفاظ القاسية، فمكانة المرأة رفيعة، وما تمنحه لا يزول: من هنا ختم الشاعر القصيدة بقوله:
"وأمشي إليك
على قدر من تناثر عمري
إذا رجع المبحرون
وأبصرت فوق المشانق رأسي
وسطرت فوق المفارز ترنيمة
وطنا..
منع القلب أن يستقيلا"
أليس هذا الاصرار على المشي إليها يجعلها أكثر من تلك المرأة العادية التي نعرفها ونشاهدها؟، فهي تبقى حاضرة في القلب حتى لو أصبح رأس الشاعر معلق فوق المشانق، وهذا الانتماء والإخلاص لا يكون لمرأة بل لإله.