
نبض الحياة
القرار وغياب ردة الفعل
عمر حلمي الغول
جميعنا يعرف، أو يفترض ان يعرف قانون نيوتن الثالث القائل " لكل فعل رد فعل، يساويه في الشدة، ويعاكسه في الاتجاه". الذي يجد صداه وحضوره في مختلف الظواهر والعمليات الإجتماعية والطبيعية، ومن الصعب ان يحدث فعل ما ولا يوازيه ردة فعل موازية له في القوة والثقل ومعاكسة له من القوة المتعرضة للفعل، وحتى عندما يتم ضبط ردة الفعل للحظة معينة، فإن ذلك لا يعني ان الجسم، أو الخصم المستهدف غير مبالي، أو مستهتر بالفعل، إلآ إذا كان لا يملك القدرة على الفعل، أو معتقدا أن صاحب الفعل لا يقصد فعله، ولا يوجد ما يهدده من الفعل.
ما تقدم مرتبط بقرار القيادة الفلسطينية بوقف الإتفاقات الموقعة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، الذي إتخذته القيادة يوم الخميس الموافق 25 تموز/ يوليو 2019 وغياب رد الفعل الإسرائيلي عليه، مما أثار إستغراب وتساؤل عند العديد من الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية والعربية وحتى العالمية، وتبرع بعض الإسرائيليين بالإدعاء "أن الرئيس ابو مازن إتخذ قرارات عدة، ولم يطبقها؟!" والرأي الآخر، قال " في حال تم تنفيذ القرار، فإن الخاسر الأكبر الفلسطينيين". وإتجاه آخر يعتقد، ان القيادة الفلسطينية تحاول من خلال قرارها إستشراف ردة الفعل الإسرائيلية الأميركية، وإستكناه أبعاد ردود فعلها، وما إذا كانت موغلة في توجهاتها الإستعمارية والمعادية للسلام، أم أنها خطوة غير مدروسة وإنفعالية ودعاوية ومرتبطة باللحظة الإنتخابية. ولكن اين هو التقدير الصحيح؟ وهل حكومة تسيير الأعمال غير معنية بالرد؟ هل لديها تطمينات، بأن القيادة الفلسطينية عموما، والرئيس محمود عباس غير معني بالرد، أم ما هو السر والسبب؟
هناك أكثر من إفتراض وتقدير لعدم الرد الإسرائيلي، منها الأول وجود إطمئنان لدى حكومة نتنياهو، بأن القرار الفلسطيني، هو مجرد مناورة من قبل الرئيس عباس، يريد منه الضغط على إسرائيل من جهة إعلاميا، ولإمتصاص ردة فعل الشارع الفلسطيني على جرائم دولة الإحتلال الإسرائيلية، وبالتالي لا داعي للخوض في الموضوع والنفخ به؛ الثاني ان حكومة إئتلاف اليمين المتطرف كونها تعيش وضعا إنتقاليا، وعشية إنتخابات برلمانية، وبعد أن نفذت جريمتها في وادي الحمص بقرية صور باهر، وحققت ما تريده لصالح حملتها الإنتخابية، فإنها لا تملك ردا مقنعا، أو يمكن انها تعيش حالة من التشوش والإرباك في خضم معمعان الحملة الإنتخابية، ولا تريد الإندفاع نحو مآلات غير حميدة؛ الثالث انها تخشى من اية ردة فعل حادة على الرئيس ابو مازن واللجنة التنفيذية والمركزية، بأن تضعهم أمام تحد حقيقي يضاعف من فلتان الأمور، ودفع رئيس منظمة التحرير للذهاب بعيدا في قراره السياسي. لا سيما وأنهم جربوه من قبل، وأدركوا جيدا، انه في حال إتخذ قرارا، فإنه لا يتردد في تنفيذه ولو بعد حين، وإرتباطا بالشرطين الذاتي والموضوعي.
ولديهم امثلة على هذا الصعيد، منها رفض ورشة البحرين، وما آلت إليه من فشل. وايضا قراره بمقاطعة الولايات المتحدة، وحشرها في الزاوية، وشعور إدارة ترامب وحكومة نتنياهو بأن واقع النظام السياسي العربي ضعيف، ولا يمكن الرهان عليه في الضغط على الفلسطينيين، لإن غالبيتهم مقتنع علنا وسرا، أن دولة الإستعمار الإسرائيلية، هي المعتدية، وعليها أن تدفع ثمن السلام، ولخشيتها من المساس بالقضية الفلسطينية، وإنعكاس ذلك على الأنظمة السياسية لاحقا. بالإضافة لإمثلة أخرى في الذهاب للأمم المتحدة والحصول على دولة مراقب عام 2012، والذهاب لليونيسكو، والإنضمام للعديد من المعاهدات والإتفاقات والبرتوكولات الدولية، التي حذرت الإدارات الأميركية وإسرائيل من الإنضمام لها، ووضعت أمامها فيتو، والذهاب لمجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة الجنايات الدولية، وإنتزاع قرارات مؤيدة للحقوق الفلسطينية .. إلخ
والأهم أن حكومة نتنياهو وكل المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي يخشى الف مرة من سقوط الضوابط الناظمة للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وبالتالي لديهم رعب من فلتان الأمور، لذلك إختاروا عدم اللجوء لردة الفعل على القرار الفلسطيني، حتى يقطعوا الطريق على أية خطوات غير محسوبة. بالإضافة إلى انهم ينفذوا ما يردوا، وليسوا بحاجة لردود أفعال. لكن هذة السياسة، والتي تعكس ردة فعل غير صاخبة، أو إن جاز التعبير صامتة، لن تدوم، لإن الفعل الفلسطيني ماض قدما للأمام دون تردد، ولكن بالتدريج، ووفق المصالح الوطنية،إن لم تتراجع إسرائيل وأميركا عن خيارهم العدواني للسلام.
[email protected]
[email protected]
القرار وغياب ردة الفعل
عمر حلمي الغول
جميعنا يعرف، أو يفترض ان يعرف قانون نيوتن الثالث القائل " لكل فعل رد فعل، يساويه في الشدة، ويعاكسه في الاتجاه". الذي يجد صداه وحضوره في مختلف الظواهر والعمليات الإجتماعية والطبيعية، ومن الصعب ان يحدث فعل ما ولا يوازيه ردة فعل موازية له في القوة والثقل ومعاكسة له من القوة المتعرضة للفعل، وحتى عندما يتم ضبط ردة الفعل للحظة معينة، فإن ذلك لا يعني ان الجسم، أو الخصم المستهدف غير مبالي، أو مستهتر بالفعل، إلآ إذا كان لا يملك القدرة على الفعل، أو معتقدا أن صاحب الفعل لا يقصد فعله، ولا يوجد ما يهدده من الفعل.
ما تقدم مرتبط بقرار القيادة الفلسطينية بوقف الإتفاقات الموقعة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، الذي إتخذته القيادة يوم الخميس الموافق 25 تموز/ يوليو 2019 وغياب رد الفعل الإسرائيلي عليه، مما أثار إستغراب وتساؤل عند العديد من الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية والعربية وحتى العالمية، وتبرع بعض الإسرائيليين بالإدعاء "أن الرئيس ابو مازن إتخذ قرارات عدة، ولم يطبقها؟!" والرأي الآخر، قال " في حال تم تنفيذ القرار، فإن الخاسر الأكبر الفلسطينيين". وإتجاه آخر يعتقد، ان القيادة الفلسطينية تحاول من خلال قرارها إستشراف ردة الفعل الإسرائيلية الأميركية، وإستكناه أبعاد ردود فعلها، وما إذا كانت موغلة في توجهاتها الإستعمارية والمعادية للسلام، أم أنها خطوة غير مدروسة وإنفعالية ودعاوية ومرتبطة باللحظة الإنتخابية. ولكن اين هو التقدير الصحيح؟ وهل حكومة تسيير الأعمال غير معنية بالرد؟ هل لديها تطمينات، بأن القيادة الفلسطينية عموما، والرئيس محمود عباس غير معني بالرد، أم ما هو السر والسبب؟
هناك أكثر من إفتراض وتقدير لعدم الرد الإسرائيلي، منها الأول وجود إطمئنان لدى حكومة نتنياهو، بأن القرار الفلسطيني، هو مجرد مناورة من قبل الرئيس عباس، يريد منه الضغط على إسرائيل من جهة إعلاميا، ولإمتصاص ردة فعل الشارع الفلسطيني على جرائم دولة الإحتلال الإسرائيلية، وبالتالي لا داعي للخوض في الموضوع والنفخ به؛ الثاني ان حكومة إئتلاف اليمين المتطرف كونها تعيش وضعا إنتقاليا، وعشية إنتخابات برلمانية، وبعد أن نفذت جريمتها في وادي الحمص بقرية صور باهر، وحققت ما تريده لصالح حملتها الإنتخابية، فإنها لا تملك ردا مقنعا، أو يمكن انها تعيش حالة من التشوش والإرباك في خضم معمعان الحملة الإنتخابية، ولا تريد الإندفاع نحو مآلات غير حميدة؛ الثالث انها تخشى من اية ردة فعل حادة على الرئيس ابو مازن واللجنة التنفيذية والمركزية، بأن تضعهم أمام تحد حقيقي يضاعف من فلتان الأمور، ودفع رئيس منظمة التحرير للذهاب بعيدا في قراره السياسي. لا سيما وأنهم جربوه من قبل، وأدركوا جيدا، انه في حال إتخذ قرارا، فإنه لا يتردد في تنفيذه ولو بعد حين، وإرتباطا بالشرطين الذاتي والموضوعي.
ولديهم امثلة على هذا الصعيد، منها رفض ورشة البحرين، وما آلت إليه من فشل. وايضا قراره بمقاطعة الولايات المتحدة، وحشرها في الزاوية، وشعور إدارة ترامب وحكومة نتنياهو بأن واقع النظام السياسي العربي ضعيف، ولا يمكن الرهان عليه في الضغط على الفلسطينيين، لإن غالبيتهم مقتنع علنا وسرا، أن دولة الإستعمار الإسرائيلية، هي المعتدية، وعليها أن تدفع ثمن السلام، ولخشيتها من المساس بالقضية الفلسطينية، وإنعكاس ذلك على الأنظمة السياسية لاحقا. بالإضافة لإمثلة أخرى في الذهاب للأمم المتحدة والحصول على دولة مراقب عام 2012، والذهاب لليونيسكو، والإنضمام للعديد من المعاهدات والإتفاقات والبرتوكولات الدولية، التي حذرت الإدارات الأميركية وإسرائيل من الإنضمام لها، ووضعت أمامها فيتو، والذهاب لمجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة الجنايات الدولية، وإنتزاع قرارات مؤيدة للحقوق الفلسطينية .. إلخ
والأهم أن حكومة نتنياهو وكل المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي يخشى الف مرة من سقوط الضوابط الناظمة للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وبالتالي لديهم رعب من فلتان الأمور، لذلك إختاروا عدم اللجوء لردة الفعل على القرار الفلسطيني، حتى يقطعوا الطريق على أية خطوات غير محسوبة. بالإضافة إلى انهم ينفذوا ما يردوا، وليسوا بحاجة لردود أفعال. لكن هذة السياسة، والتي تعكس ردة فعل غير صاخبة، أو إن جاز التعبير صامتة، لن تدوم، لإن الفعل الفلسطيني ماض قدما للأمام دون تردد، ولكن بالتدريج، ووفق المصالح الوطنية،إن لم تتراجع إسرائيل وأميركا عن خيارهم العدواني للسلام.
[email protected]
[email protected]